الأقباط متحدون - عن اللاعب القبطى
  • ٠١:١٤
  • الاثنين , ٢٦ مارس ٢٠١٨
English version

عن اللاعب القبطى

مقالات مختارة | أسامة غريب

٣٤: ٠٨ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٦ مارس ٢٠١٨

أسامة غريب
أسامة غريب

أثار الكاتب الكبير طارق الشناوى فى مقاله «لاعب كرة قبطى» موضوعاً مهما يتعامى الجميع عن رؤيته رغم وضوحه كالشمس، وذلك عندما تساءل عن السبب فى غياب لاعب كرة قبطى على مدى عشرات السنين بأندية الدورى. والحقيقة أن الإجابة الصادقة عن هذا السؤال مؤلمة للغاية، لهذا لن تسمعها من أحد يا أستاذ طارق. لن يقول لك أحد إن خطاب الإسلام الوسطى الجميل الذى تبثه قنوات التليفزيون حتى الآن يؤكد للناس أن القبطى هو فى حقيقته ذمى يعيش تحت رعاية المسلمين وأنه كافر سيدخل النار مهما حَسُن عمله فى الدنيا.. وبعد أن انتهينا من تثبيت فكرة الكُفر فإننا انتقلنا إلى المرحلة التالية وفيها أوضحنا للناس حُكم التعامل مع الكافر، ولم يتخلف شيخ أو داعية عن تبصير الناس بحقوقهم عند قتال الكفار، وتشتمل هذه الحقوق بالضرورة على سبى النساء والبنات وتوزيعهم على جيش المسلمين المنتصر حيث يحصل كل مقاتل على نصيبه من نسوان العدو الكافر ويصير حلالاً له أن يغتصب البنات ويفترس النساء! كما لن يخبرك أحد أن شيوخ الوهابية الذين يمرحون فى المساجد قد ملأوا قلوب الناس بكراهية الأقباط باعتبار أن كراهيتهم وإيذاءهم تمنحنا حسنات وتقربنا إلى الله. لكن بما أن المصرى (قبطى أو مسلم) ليس شريراً ولا عدوانياً بطبعه، لذلك فإن دعاوى الدعاة ودعواتهم لم تجعل من المسلم المصرى إرهابياً يقتل القبطى ويغتصب بناته، لكنها مع ذلك تركت أثراً سلبياً غائراً فى النفس تمثل فى الخوف من أن تعترينا مشاعر محبة وصداقة نحو الجار القبطى خشية أن تكون هذه المحبة مما يباعد بيننا وبين الجنة.. آه والله!.. دعاوى الدعاة ودعواتهم لم تجعل من المسلم قاتلاً لكنها جعلته ينظر للقبطى كغريب يحسن تجنبه (خاصة أن رائحته وحشة ولا يستحم كما تقول المرويات المتوارثة) كما يُفضّل عدم مساعدته والأخذ بيده لأن المسلم أولَى!.. ولما كان معروفاً أن مسؤولى النشاط الرياضى بالأندية الكبرى فى غالبيتهم من المتدينين الجدد الذين جمعوا المال من الكرة ولم يعد ينقصهم سوى السعى لدخول الجنة، فإنك لن تجد من بينهم من يرحب بطفل مسيحى ولو كان فى موهبة ميسى حيث إنهم يخشون أن يغضب عليهم الله ويمنع عنهم البركة!.. لن يقول لك أحد يا طارق إن اللاعبين المتدينين والمدربين الأكثر تديناً بعد أن ملأ الإيمان الوهابى قلوبهم فإن من الأهون عليهم ضياع البطولات ولا يستعينون بقبطى، بل إنهم قد يستوردون لاعباً مسيحياً من أفريقيا يدفعون فيه الملايين ولا يرحبون بالمسيحى المصرى، ذلك أن الأجنبى سيعود لبلاده فى النهاية ولن يحقق مجداً تستفيد منه كاتدرائية العباسية!

وأخيراً لن يخبرك أحد أن القبطى الذى لم يلعب الكرة بالأهلى والزمالك قد أخرج طاقته فى لعب الكرة بالكنيسة التى أصبحت بالنسبة له بديلاً عن الدولة، ولن يقول لك أحد إن هذا لم يُغضب الآباء والكهنة فى حقيقة الأمر لكنه دعّم صعود دولة الكنيسة وبروز مصطلح شعب الكنيسة، ولئن كان بعض القساوسة يبدون الغضب على استحياء من هذه التفرقة فإن الواقع أن خشيتهم من دولة المساواة والمواطنة لا تقل عن خشية أهل السلطة!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع