الأقباط متحدون - الأرثوذكسية و الأقزام السبعة
  • ١٦:٢٠
  • الاربعاء , ٢٨ مارس ٢٠١٨
English version

الأرثوذكسية و الأقزام السبعة

أوليفر

مساحة رأي

٢٣: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٨ مارس ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

Oliver كتبها
- الكتابة الصحفية تختلف عن الكتابة الروحية.الأولي تحاول فيها أن تكتب ما يتفق و فكر القارئ و الثانية تحاول أن تكتب ما يتفق و فكر المسيح . من السهل جداً أن نرص الكلمات بطريقة تجلب الإشادة مع أنها تخلو من الإفادة.لكن الأمانة جزء من الإيمان المستقيم.إيمان الكلمات لا يمارس عقيدة لكنه يمارس صحافة.بعدما صارت مواقع التواصل وسيلة جيدة منتشرة رأينا الكثير منها بعضها صالح و بعضها لا قيمة له. الخلافات في العقيدة مجال خصب للجدل و منها يبرز من يدافع و من يهاجم.من يقدم رأياً و من يشن حرباً.القراءة كالكتابة الروحية تتحقق بفكر منفتح علي السماء قبل الأرض.هذا مقال يختار سبعة أعداء للأرثوذكسية.يسميها أقزام.كي لا يتورط أحدنا و يمارسها حاسباً أنها فضائل و غيرة ثم يكتشف ما نبه عنه روح الله أنه توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة( اي أرثوذكسية)  و عاقبتها طريق الموت أم 16.

- القزم الأول  هو إفتراض أن المسيحى الأرثوذكسى هو المسيحى الحقيقى الوحيد الحائز على رضا الله. نعم,الأرثوذكسية  فكر و تراث و تسليم و تاريخ عريق و عمود من أعمدة الإيمان علي الأرض و إمتداد صادق من الكنيسة الأولي و لكنها ليست الإمتداد الوحيد منها.الأرثوذكسي الواعي يعيش  إيمان الإنجيل نفسه الذى ينادي بأن للرب شهود في كل جيل.أى في كل زمان و مكان.فيما كان يفكر بطرس الرسول في الأكلات الطاهرة و النجسة كان الرب يرشده لكيرنيليوس البار غير اليهودي.أع9.فيا من تعتقد في هذا أو ذاك أنه بار لأنه يشبهك أو غير بار لأنه لا يشبهك  أنصت لإرشاد الروح القدس الوديع ليرسلك فتتعلم اين كرنيليوس و كيف حاز رضا الرب من غير أن يحوز إعتماداً منك لتعترف ببره.من المطمئن جداً أن المسيح لن يأخذ راي الناس قبل أن يفتح بابه و يقبل الداخلين إلي ملكوته.فما دام ليس لأحد راي فيمن يخلص و فيمن يهلك فلماذا نتورط بالحكم علي الناس.

- القزم الثاني هو قولبة الأرثوذكسية فى كلمات لقديس عظيم أو بطريرك عملاق أو عالم قدير.الأرثوذكسية ليس لها بطل وحيد و لا مفسر حاز وحده حق التعليم.ليس في كنيستنا تفسيراً حصرياً.الأرثوذكسية نتاج جهاد أجيال كل العصور من جميع الفئات و المستويات و الرتب الكنسية. الأرثوذكسية هي إطار روحى و ضوابط  إنجيلية واضحة.هي عقيدة حمت نفسها بالممارسة و ليس بالشعارات.لم يكن قديماً فيسبوك و لا مطابع و لا صحافة تختلق الأبطال لكن الأرثوذكسية وصلتنا سالمة فى مجملها معتمدة علي الإنجيل وحده.متخطية عصور السيف و الإرهاب.عاشت الإنجيل بأسرارها السبعة فغرست العقيدة بالتعايش.لهذا يقزمها من ينسبها إلي تفسير كأن ما سواه باطل و يقولبها في كلمات معلم كأنما خلت الأرض من الأرثوذكسية قبله.البطل الحقيقى للأرثوذكسية هو الإنجيل لأن منه تعلمنا الأرثوذكسية.و إختلاف المعلمين معاً لا يعني أن أحدهم هرطوقي لكن الإختلاف مع الإنجيل هو الذى يوصل للهرطقة.فلنحب آباءنا جميعهم دون أن نحصرالعقيدة فيما كتبوه فالأرثوذكسية ليست ألفاظاً جامدة و قوالب بل هى روح تسرى في طيات التفاسير.

-القزم الثالث هو الهتاف للإرثوذكسية دون علم بها.فيأخذ البعض بمظاهر أرثوذكسية و لا يعيش أصلها في الإنجيل فيصير يجهل العقيدة ذاتها. .فحضور القداس كاف لإعتباره أرثوذكسى.و تعليق صور القديسين كاف لإعتباره يؤمن بالشفاعة.و حفظه لبعض الألحان كاف للتفاخر بأرثوذكسيته.الأرثوذكسية عميقة عميقة لكنها عند البعض سطحية  أو  و مزايدة أو تجارة. ممارسة الفريسية تحت ستار الإرثوذكسية مكشوف قدام فاحص القلوب و الكلى .الذين تتوارى ذواتهم تحت عباءة الأرثوذكسية.تعلو أصواتهم بزعم الغيرة. يمارسون نقصاً روحياً إذ يفصلون الإنجيل عن الأرثوذكسية فيهتفون للمذهب و لا يعيشون الإنجيل.مع أن الأرثوذكسية ما هي إلا وسيلة لجحد ذواتنا ونعيش الإنجيل.الإيمان يبدأ من الإنجيل المستقيم  لهذا أنا أرثوذكسى.المرجع لى هو الإنجيل و هو المصدر الذى منه تنبثق العقيدة و ليس العكس.ليتنا نتعلم من الإنجيل لمن نهتف و كيف. أرثوذكسية الإيمان بمخلصنا الصالح يسوع بالفعل لا بالصراخ.نعيش الجوهر و وقتها فقط تصبح الطقوس إلتصاق بالسمائيات.و يصبح لكل ما نمارسه قيمة.

- القزم الرابع هو الجهل بتاريخ الأرثوذكسية و إفتراض أنها لم تتأثر و لن تتأثرعبر العصور.هذا إفتراض خيالى. فلا الكنيسة الأولي  و لا كنائس العالم الكبري إستعصت علي التأثر و التأثير في زمانها و عبر كل العصور. لقد تأثرت الكنيسة الأولي بالتهويد في بدايتها حتي تم إستبعاد الختان الجسدى في مجمع أورشليم الأول  كما تأثرت الكرازة بقبول الأمم للإيمان بالرب يسوع.لا توجد كنيسة لم تتطور تفاسيرها و علومها و طقوسها .ليست الكنيسة الأرثوذكسية إستثناء .فالأرثوذكسية لم تكتمل حتي اليوم.ستنمو و تتطور كما كل فكر روحى دون أن تتبدل ثوابت عقيدتها المستمدة من الإنجيل.تاريخ كنيستنا يشهد أننا تأثرنا إيجاباً و سلباً في كل العصور و حتي اليوم.سواء في لغتنا من الفرعونية إلى القبطية المطعمة باليونانية  في بحري ثم  القبطية الصعيدية  في الصعيد مما يؤكد تأثرها بالمكان.ثم إلى عربية مما يعكس تأثرها بالزمان .أبنيتنا في معابدنا و ألحاننا التي كان بعضها فرعونياً ثم صار قبطياً و معالمه شاهدةً بتغيير العبادة ممتزجةً بآثار حضارة المكان. أيقوناتنا تأثرت بمدارس فنية متنوعة عبر الأزمنة و ما زالت إلي اليوم تخترقها مدارس فنية ليست قبطية كالفن السريالى. تفاسير آباءنا الروحية تأثرت بلغة أزمنتها و عالجت مفاهيم أزمنتها  حتي طريقة ممارسة الأسرار تأثرت بالظروف التاريخية التي عبرت على الكنيسة القبطية.أرثوذكسيتنا لم تكن كائناً متجمداً أو إنفصلت عن زمانها .كما يظن ذلك من يجهل تاريخها.ليست الأرثوذكسية منهجاً للعودة إلى الوراء لكنها تمسك بثوابت في الإيمانيات  بحسب الإنجيل دون خلل مع مرونة في كل شيء عدا ذلك ,بحكمة .هذا ما صار و سيصير.ليس في التاريخ خطاً مستقيماً لأنه مملوء دائماً بالمنعطفات و من يدخلها يقرأ كيف نتعلم المرونة.

- القزم الخامس هو الإستهانة بمسيحية الآخر.نحن الأرثوذكس يسهل علينا التعايش مع غير المؤمنين و يصعب  علي البعض التعايش مع غير الأرثوذكسيين.نتجنبهم .نخش أن نمتدح قديسين الكنائس الأخرى؟ نقلل من شأنهم كأنما تملك الكنيسة الأرثوذكسية ختم القداسة في يدها؟ هذا جرح عميق في قلب المسيح إذ تر العين أنها أفضل من اليد و ترى القدم أنها أقوى من اللسان و تتناحر الأعضاء في الجسد الواحد.و الأكثر مرارة أن نجعل للمسيح عدة أجساد.فنفصل غير الأرثوذكسي من عضويته في جسد المسيح و نحن لا نملك هذا الحق أصلاً.و الإنجيل مصدر الأرثوذكسية يحذرنا مراراً أنه في المسيح لا يهودي أو يوناني لا عبد و لا حر غل3:28.لماذا لا نتعايش بإعتبارنا واحد في المسيح و أيضاً بإعتبارنا لسنا واحد في العقيدة .هل لا توجد نقاط مشتركة تقربنا؟  فإن قلت أنك تدافع عن الأرثوذكسية أقول لك حسناً دافع كما تشاء لكن لا تهاجم أحداً أو تقلل من شأن أحد.ليس من الضروري أن يشبهني الآخر حتي أقبله؟ لماذا و نحن عائشون في المهجر نستفيد من كنائسهم و إمكانياتهم و يقدمون لنا دعماً كثيراً نفرح به و نشكرهم عليه ثم لما نكتب عنهم نسميهم هراطقة و هالكين و نتطاول علي قديسين من كنائسهم .هل هذا الإنفصام الروحى غير مكشوف قدام الله؟ هل إستصغار شأن غيرنا سيقوده للإيمان المستقيم؟ألا يحتاج الإيمان المستقيم إلى قلب مستقيم؟

القزم السادس سرقة البعض لسلطان الدينونة من الله لإعتبار الإختلاف عن الأرثوذكسية هلاك أبدى.يظن من يرتكب هذه الخطية أنه يحمي الكنيسة و يحمى الإيمان حين يوصم غير الأرثوذكسيين بالهراطقة. إتضاع المسيح الديان وحده يخجلنا و هو المثال فى إحتواء الإختلافات بين البشر و العقائد والثقافات و التقاليد.المسيح لم يحتقر هذا كله.تلاميذ المسيح أنفسهم أيقونة سمائية تعكس قبول الشخصيات المختلفة و إنصهارهم في كنيسة واحدة بفعل الروح القدس دون أن يفقد أحدهم تفرده مع إتفاقهم جميعاً في جوهر الإيمان الُمَسَلم مرة لهم ثم لنا من خلالهم. السماء ذاتها درس لقبول المختلفين حين رأي يوحنا الرسول هؤلاء المتسربلين بثياب بيض ثم عرف أنهم قادمون من كل الألسنة و القبائل و الشعوب فهل كل الألسنة و القبائل و الشعوب أرثوذكس ؟ أم أن السماء تقبل الإختلاف. كنيستنا تعلمت وصية الإنجيل.إمتحنوا كل شيء و تمسكوا بالحسن.فإمتحنت من كتبوا تاريخها حتي من الهراطقة و تمسكت بما رأته حسناً.لم تأخذ عنهم الهرطقات لكنها كانت جريئة في إعتماد ما كتبوه في التاريخ بإعتباره أدق ما كتب .لم تخش أن يقول أحد أن كاتب تاريخ الأرثوذكسية لم يكن أرثوذكسي.كانت ناضجة و جريئة تعرف أن تمتحن كل فكر و تنتقي ما هو حسن دون أن يرهبها اصحاب الصوت الزاعق و المتصيدين و أنصاف العارفين. سبقت زمانها برؤية روحية متدبرة.الأرثوذكسية تعلمنا أن الحكم بهرطقة أحد لا يتم علي صفحات الفيس و لا حتي في العظات علي المنابر.هذا حكم قاس لا يصدر بسهولة بل تسبقه مناقشات بكل حرية و فرص كثيرة للرد و التوبة.ثم إذا إستمر المبتدع لا يحكم عليه من شخص واحد و لو كان البابا  البطريرك نفسه.في الأرثوذكسية مجمع يضم جميع الآباء الأساقفة هو وحده بعد بحث مستفيض و مداولات مطولة يستطيع أن يأخذ هذا الحكم و حتي بعدها يظل يترقب رجوع الخاطئ و ليس هلاكه.فليس أرثوذكسياً أن يتجرأ شخص ما مهما ظن في نفسه أن يسرق سلطان المسيح للدينونة و لا يسرق سلطان الكنيسة للحكم على الهراطقة.السلطة في الكنيسة جماعية و لها ضوابط و ليست فردية و لها أهواء.

- القزم السابع هو من يريد أن يضع الأرثوذكسية فى قوقعة. ليس لأنه خائف علي الأيمان المستقيم بل لأنه خائف علي نفسه لسبب قلة معرفته..يسمي كل إنفتاح تفريط في الإيمان.و من يمد يده للكنائس الأخري يصبح عنده خائن .يا أخي الحبيب لننفتح بداية  في مجال البحوث و الدراسة.البعض فتح باب النقد حتي للكتاب المقدس و هو ما لا نوافق عليه  لأنه كلام الله الموحى به  لكن فلنفتح أبواب النقد لكل ما هو غير الإنجيل لنتفحصه بمعرفة.في كل معاهد البحث و العلوم اللاهوتية.ليكن لنا هدف تنقية الكتب و تحقيق التفاسير و تدقيق المخطوطات و القوانين.فنصف تاريخنا متناثر فى كتب كثيرة و الذين ترجموا كتبنا آباءنا الكبار لم يكونوا جميعهم فوق الشبهات. و الذين جمعوا قوانين الكنيسة تعثروا في الجمع بين الصحيح منها و المخالف.فليس كل قديم أرثوذكسي.و ليس كل مخطوط يصلح مرجعاً.لنخرج بأرثوذكسيتنا إلى قاعات الكليات اللاهوتية في جامعات العالم و ننبش في بطون الكتب و نستخرج جدداً و عتقاء .نمد ايادينا لمن سبقونا في الأبحاث و نتائجها فليس للمعرفة الروحية آخر و لا حتي في الأبدية. لننفتح و لا نضع الأرثوذكسية في قوقعة فلا شيء يخيفنا حتي نتستر عليه .لنتآخى مع جامعات العالم و أديرتها و نتكاتف لأننا جميعاً نريد كل ما هو حق و كل ما هو فضيلة لعل الأخوَة في قاعات البحث يتلوها خطوات أعمق من التفاهم و الإتفاق.الرب ينجي الأيمان من  تلك الثعالب الصغيرة و ينمينا في المحبة و الحكمة.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد