الأقباط متحدون - جثمان ملفوف بـ«الشاش» وصراع بين الورثة.. قصة نهاية مأساوية لـ«أنور وجدي»
  • ٢١:١٦
  • الخميس , ٢٩ مارس ٢٠١٨
English version

جثمان ملفوف بـ«الشاش» وصراع بين الورثة.. قصة نهاية مأساوية لـ«أنور وجدي»

فن | alsolta

٢٢: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ٢٩ مارس ٢٠١٨

ولد فقيرًا في 11 أكتوبر 1904، وعاش حياته باحثًا عن المال بأي طريقة، حتى إنه دعا الله أن يرزقه بجمع مبلغ مليون جنيه لكي يشتري عمارة كبيرة، مقابل أن يبتليه بكل الأمراض، وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة لاستقبال دعوته.

«أنور يحيى الفتال»، الذي أصبح فيما بعد «أنور وجدي»، أو كما لقبه الجمهور بـ«فتى الشاشة الأول»مواليد 11 أكتوبر 1904، بدأ حياته الفنية كومبارس ثم لفت نظر يوسف وهبي الذي قدمه لأول مرة في دور هام في فيلم «الدفاع» عام 1935، ثم توالت الأدوار ليكون متواجدًا في معظم الأفلام القادمة في السينما مثل «الدكتور، ليلى في الظلام، العزيمة ومصنع الزوجات» إلى أن توفى المخرج كمال سليم فجاءة وهو يستعد لإخراج فيلم «ليلى بنت الفقراء» عام 1944 ليتوسل لليلى مراد أن توافق على إخراجه للفيلم، فوافقت ورحبت.

أحبته ليلى مراد وتزوجته في آخر مشاهد الفيلم ليكونا معًا أعظم ثنائي فني في تاريخ الشاشة العربية، أثمر عن أفلام «ليلى بنت الأغنياء، عنبر، قلبي دليلي، غزل البنات، بنت الأكابر، حبيب الروح والهوى و الشباب».

 سخّر وقته وجهده لجمع الأموال من الفن، فكان هو المنتج والمخرج والمؤلف والبطل، وقيل إنه امتلك من البخل ما لم يمتلكه غيره من المنتجين، ومع ذلك شهد له جميع العاملين في صناعة السينما بالمهارة والتفوق والذكاء.

استطاع أن ينتج أفلامًا ناجحة بأقل التكاليف، إذ إنه اكتشف «الطفلة المعجزة» فيروز، وحصد من ورائها آلاف الجنيهات، ولكن الأخيرة كشفت في حوار تليفزيوني لها مع البرنامج اللبناني «خليك بالبيت»، قبل وفاتها بأنها عاشت لفترة في منزل الفنان أنور وجدي، مع زوجته آنذاك الفنانة ليلى مراد، وكانت شاهدة على صفة البخل في الفنان الراحل، والتي كانت معروفة لدى الوسط الفني، فقالت إنه كان ينقل أثاث شقته إلى استوديو التصوير، ليستغلها في تصوير 3 أفلام معًا، ثم يعيدها إلى المنزل، مما كان يثير غضب زوجته ليلى مراد، كما كان يجرد «فيروز» من ملابس التمثيل والإكسسوارات بعد انتهاء الفيلم، حتى «دبوس الشعر»، على حد قولها.

وتعد أفلام أنور وجدي علامات مضيئة في تاريخ الشاشة العربية مثل «غزل البنات، أمير الانتقام، العزيمة، قلبي دليلي، ريا وسكينة وقلوب الناس»، لم يصدق الجمهور ولا العاملون في الوسط الفني أن نهاية «فتى الشاشة الأول» ستكون بهذه الدرجة من المأساوية، فبعد أن نجح في تكوين ثروة وصلت إلى نصف مليون جنيه أو أكثر، وشراء عقار في منطقة «باب اللوق»، أصيب «وجدي» بأمراض الكلى وسرطان المعدة، وكان في ذلك الوقت قد تزوج من الفنانة ليلى فوزي، التي كان زواجه منها حلمًا بالنسبة له، حيث كان في بداية نجوميته قد تقدم لخطبتها من والدها لكن والدها اعتذر وفضل عليه المطرب عزيز عثمان.

سافر لقضاء شهر العسل في العاصمة السويدية «ستوكهلوم»، وهناك اشتد عليه المرض، وبعد 3 أيام من وصوله أصيب بالعمى، فدخل المستشفى ورقد على فراش المرض بين الصحوة والغيبوبة، إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة في 14 مايو 1955، عن عمر ناهز 44 عامًا، لتبدأ رحلة إعادته إلى مصر في صندوق خشبي بصحبة زوجته ليلى فوزي، التي استقبلها الفنانون في مطار القاهرة بالدموع.

المفارقة المحزنة هي أن الصندوق الذي حوى بداخله جثمان أنور وجدي استقر في مدخل عمارته في «باب اللوق» ولم يكن قد سكن فيها، ليبيت ليلته في مدخل العمارة وحيدًا، ولم يكن معه سوى سكرتيره، في أثناء ذلك ذهب المنشد محمد الكحلاوي إلى عمارة «وجدي» ليجده مستلقيًا في صندوق خشبي مغلق بالشمع والمسامير، أصرّ «الكحلاوي» على فتح الصندوق للتأكد من أن الجثمان بداخله يخص «وجدي»، وبالفعل فتحه بمساعدة بعض الحراس، ليفاجأ بجثمان أنور وجدي ملفوفًا في «الشاش»، فقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله، بقى ده أنور وجدي فتى الشاشة!، ثم صرخ في وجه المحيطين ووجه لهم السباب»، فقام بنفسه بإحضار كفن ونقل الجثمان لمسجد عمر مكرم، وأشرف على تغسيله مرة أخرى.

خرجت الجنازة من ميدان التحرير ليشيع الآلاف من معجبيه جثمانه في مشهد حزين، ويوارى جثمان أنور وجدي الثرى في مقبرة مجاورة لمقبرة كوكب الشرق أم كلثوم، ومن ثم قام عزاؤه في الفيلا التي كان يمتلكها في الزمالك، وأثناء العزاء نشبت مشاجرة بين أقاربه على الميراث، وتدخلت الفنانة الراحلة تحية كاريوكا لفض الاشتباك، وتم الاستقرار على بيع فيلا الزمالك، ومعمل تحميض الأفلام، الذي كان يعتبره مصدرًا كبيرًا من مصادر دخله، وتم وضع ثمنهما مع إيرادات عمارة باب اللوق في البنك، لحين فض النزاع.