الأقباط متحدون - حتى فى حزنهم دبلوماسيون..
  • ١٨:٥١
  • السبت , ٣١ مارس ٢٠١٨
English version

حتى فى حزنهم دبلوماسيون..

مقالات مختارة | بقلم حمدي رزق

٢٧: ٠٤ م +02:00 EET

السبت ٣١ مارس ٢٠١٨

حمدي رزق
حمدي رزق

حتى فى حزنهم يتمتعون بالدبلوماسية فى اختيار اللفظ، مع وضوح المعنى، ودقة العبارة، ولياقة الجملة المعبرة عن قدر الحزن الساكن فينا فى الأعماق.. حتى فى حزنهم دبلوماسيون.

ينعى السفير «الريدى»، محزوناً، السفير «شاكر» إلى أمته المصرية بكلمات دبلوماسية، قطعة من الحزن الشفيف، كريم ينعى كريماً، من آخر الرجال المحترمين، رحل السفير «شاكر»، فنعاه السفير، فلم يترك لنا مساحة، وكفى المحبين مؤونة النعى، البقاء لله وآخر الأحزان.

تحت عنوان باكٍ، كتب السفير التاريخى لمصر فى واشنطن، عبدالرؤوف الريدى، أطال الله فى عمره: «وداعاً صديق العمر»، نعى أخاه، السفير محمد شاكر، السفير التاريخى لمصر فى لندن، بكلمات مؤثرة تليق بجلال الموت، ويُذكِّر بمناقب فقيد الدبلوماسية المصرية الكبير.

ومن رسالته وراء نعش صديقه، نقرأ ما تيسر من سيرة عميد الدبلوماسية المصرية، كل سطر بمعركة دبلوماسية من معارك الوطن خارج الحدود، سطوراً من كتاب المحبة فى الوطن ولله فى لله.

«رحل السفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر فى لحظة لا يكون ميقاتها معلوماً إلا حين تجىء، وقد جاءت فى الساعات الأخيرة من مساء الثامن والعشرين من مارس 2018.

رحل واحد من أعلام الدبلوماسية المصرية، فى حقبة زاخرة بالتحولات التاريخية، كان من أعظم مَن مثّل مصر وتفانى فى خدمتها، سفيراً بلندن لتسعة أعوام، ورئيساً للمؤتمر الأول لمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التى أصبحت شاغله الكبير منذ قدم دراسته المرجعية عنها لنَيْل شهادة الدكتوراه فى معهد الدراسات العليا بجنيف.

تعرفت عليه لأول مرة عندما ذهبت لاستقباله فى مطار أيدل وايلد Idle Wild بنيويورك (مطار JFK فيما بعد) فى أواخر الخمسينيات، وكانت تلك لحظة تدشين مسيرة صداقتنا، التى استمرت ستين عاماً، حتى جاءت لحظة الرحيل وودّعناه، اليوم، بمسجد السيدة نفيسة.

بعدها بعشرة أعوام، كان هو الذى استقبلنى فى مطار جنيف عندما تزاملنا سوياً فى بعثة مصر لدى الأمم المتحدة ومؤتمر نزع السلاح ومعهد الدراسات العليا بجنيف.

وفى أواخر السبعينيات، التقينا فى كامب ديفيد، فى لحظة لا أنساها، كان هو نائب السفير فى واشنطن، وكنت أنا عضواً بوفد مصر المصاحب لوزير الخارجية مع الرئيس الراحل أنور السادات. وطلبت إليه أن يتحدث مع زوج شقيقته يُثنيه عن الاستقالة، إلا أنه اعتذر، حيث تلك رغبة الوزير كامل (محمد إبراهيم كامل)، التى تمسك بها.

بعدها بعشرة أعوام أخرى أو أكثر قليلاً، كنت سفيراً لمصر فى واشنطن، عندما بدأ عمله سفيراً لمصر فى لندن لفترة استمرت لتسعة أعوام، وعندما عاد عام 99 كنت قد اتفقت معه على أن ننشئ سوياً المجلس المصرى للشؤون الخارجية، ليكون منبراً لمختلف أطياف المجتمع المهتمين بالشأن الخارجى، أحد أهم محاور الأمن القومى.

اجتمعنا فى مكتبة مصر العامة، وانضم إلينا الصديقان د. أسامة الغزالى حرب ود. بهى الدين الإبراشى، المحامى، واخترنا مائة اسم دعونا أصحابها لتأسيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، وهو ما كان فى يونيو 1999، وهكذا استمرت مسيرتنا من الزمالة فى الدبلوماسية إلى الزمالة فى العمل الأهلى لدعم المسيرة المصرية للشؤون الخارجية. كان الراحل الكريم مثالاً فى الوفاء ونقاء السريرة والغيرة على الوطن.. فقدته اليوم، وسأفتقده كل يوم».
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع