الأقباط متحدون - الأصوليات والمجتمع (56): ماذا فعل الفقهاء بالثورة الإيرانية؟
  • ١٧:٢٣
  • الاثنين , ٢ ابريل ٢٠١٨
English version

الأصوليات والمجتمع (56): ماذا فعل الفقهاء بالثورة الإيرانية؟

مقالات مختارة | بقلم : مراد وهبة

٤٦: ١٠ م +02:00 EET

الاثنين ٢ ابريل ٢٠١٨

مراد وهبة
مراد وهبة

 إثر استيلاء الثورة الإيرانية على الحكم فى فبراير 1979 قرر الفقهاء إحداث تكامل ثقافى يكون من شأنه إزالة القسمة الثنائية بين فريقين أحدهما غربى وعلمانى والآخر تقليدى وريفى. وكانت الغاية من هذه الإزالة تحقيق الوحدة الدينية التى كان ينظر إليها على أنها عامل التكامل. إلا أن الصعوبة فى استثمار هذا العامل كانت مردودة إلى سببين:

 
السبب الأول ارتفاع نسبة الأمية بوجه عام إلى أكثر من 50 فى المائة فى السبعينيات من القرن العشرين، أما نسبة أمية النساء بوجه خاص فقد ارتفعت إلى 80 فى المائة.
 
والسبب الثانى أن النظام الملكى اكتفى بنخبة متأثرة بالثقافة الغربية. ولم يجد الفقهاء إلا وسائل الاتصال المعاصرة، وفى مقدمتها التليفزيون، لكى يزيلوا هذين السببين من أجل أسلمة الثقافة. فماذا فعلوا؟ قلصوا ساعات البث التليفزيونى مع استبعاد كل ما له علاقة بالثقافة الغربية التى تروج للعنف وللتدهور الأخلاقى، وبذلك أصبحت البرامج التليفزيونية أثناء الحرب ضد العراق ضد السلام ومع الروح الثورية. ثم استوردت أفلاماً من الاتحاد السوفيتى وأوروبا الشرقية والعالم الثالث ولكن بشرط أن تكون أفلاما مدعمة لكل ما هو ثورى. وهنا يلزم التنويه بأن الدستور الإسلامى فى إيران هو أول دستور ينص فى أحد بنوده على بيان واجبات وسائل الاتصال الجماهيرية، إذ تنص المادة 175 على حرية الدعاية ولكن بشرط أن تكون محكومة بالمبادئ الإسلامية. وهنا أيضا يلزم التنويه بما قاله آية الله الخمينى عن دور الإعلام الجماهيرى مثل الراديو والتليفزيون من أن يكون فى خدمة الإسلام ومصلحة الأمة. ويلزم من ذلك أن يكون مجلس الشورى الإسلامى والمجلس الثورى والمجلس الأعلى للقضاء على وعى بأن الأسلوب الغربى فى شأن الحرية مدمر لعقول الشباب. ومع ذلك كله فإن التعليم يقع فى الصدارة، إذ فى 20 فبراير 1979، أى بعد تسعة أيام من انتصار الثورة، طالب الخمينى بضرورة إحداث تغيير جذرى فى الكتب المقررة على طلاب المرحلتين الابتدائية والثانوية من كل المفاسد الغربية والعلمانية. وقد بدأ تحقيق هذا المطلب تماماً فى عام 1986 فى مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية والدينية. أما فى مجال المعتقد السياسى فقد تم طبع كتب جديدة تعلم الأطفال عدم الفصل بين الدين والسياسة، وتحرض الجوامع على أن تكون مراكز لتدعيم عدم الفصل مع إنكار تام لكل ما هو غربى.
 
وفى الختام يلزم التنويه بأن الثورة الإيرانية قد اندلعت بعد مردود قرنين من الزمان على التحكم الغربى العلمانى وفى مضمونها ضرورة الامتداد إلى جميع الدول الإسلامية لتحريرها من ذلك التحكم لتحقيق التكامل الثقافى المنشود، بل لتحقيق الأسلمة فى جميع المجالات. وفى هذا السياق يقال عن الثورة الإسلامية فى إيران إنها النموذج الذى يلزم اتباعه فى جميع دول العالم الإسلامى بلا استثناء. وبذلك تكون هذه الثورة هى بداية تقسيم العالم إلى عالم إسلامى وعالم غير إسلامى، بل إدخال الحضارة ذاتها فى هذا الصراع، بحيث تكون الحضارة إما إسلامية أو لا تكون.
 
هذا عن الأصولية الإيرانية، فماذا عن الأصولية اليهودية فى مجال التعليم؟
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع