أم كلثوم يا دولة.. عندما قفل عبد الناصر السكة في وش العندليب: روح للست!
فن | السلطة
الجمعة ٦ ابريل ٢٠١٨
رن جرس التليفون في منزل عبد الوهاب، فكانت أم كلثوم، قالت له: «أنا عايزة أشتكي لك تلميذك اللي اسمه عبد الحليم»، فرد: «ماله ياست خير»، فتابعت: «هو فاكر نفسه إيه بقي أستاذ خلاص.. طب هيعمل أستاذ علينا كمان.. لا خليه يفوق يا محمد قبل ما الغرور يضيعه».. فلاحقها: «طب أفهم إيه اللي حصل منه ياست».
ثومة: «روح إسأله لكن أنا هاعرف أربيه وأأدبه لازم يعرف مكانه بالظبط بس مش عاوزاك تزعل لما أقرص ودنه شوية».
عبد الوهاب: «إذا كانت الحكاية كده إقرصي على قد ما تقدري.. ما عاش اللي يقول أي كلام عنك يا ست الكل».
ثم سارع عبد الوهاب بالاتصال بعبد الحليم، وقال له: «سيب كل اللي في إيديك وتعالى عندي حالا».
وعندما وصل عبد الحليم إلى منزل عبد الوهاب، ودخل عليه وجده في حالة غريبة، قال له: «خير يا أستاذ في إيه أنا حاسس إن الدنيا اتهدت»، فرد عبد الوهاب: «فعلاً هي ممكن تتهد بس قولي أنت قلت حاجة عن أم كلثوم»، فأجاب مُندهشًا: «أنا طب إزاي دي ست الكل.. ده كان في حديث صحفي معايا فقال لي الصحفي سمعت أغنية أم كلثوم الجديدة قلتله طبعًا قالي رأيك إيه فيها.. قلته الأغنية مش في مستوي أم كلثوم ومستوي أغانيها السابقة لحنًا وكلمات».
وما كان لعبد الوهاب إلا الصراخ في وجه العندليب، قائلا: «يانهار أسود إنت اتجننت ياحليم.. ومش عايزها تزعل».
قال عبد الحليم: «تزعل ليه هي في القمة، ورأيي مش هيهز عرشها»، فأردف عبد الوهاب: «دي كلمتني وزعلانة جدًا جدًا أنت يظهر متعرفهاش كويس دي حساسه جدا، وما بتحبش النقد.. اسمع ياحليم روح اعتذر لها».. فرفض عبد الحليم وقال «أنا مغلطتش عشان أعتذر»، فلفت نظره عبد الوهاب: «بس موقفك ده ها يكلفك كتير».
عبد الحليم: «أنا والله ما اخترتش أكون في معركة ضدها لكن هي إذا حبت تعمل معركة ضدي ده مش ذنبي».. وخرج العندليب من منزل موسيقار الأجيال لتبدأ المعركة.
وما كان لحليم إلى مفاجآت تلو بعضها، من كثير من الأصدقء يتصلون به ويسألونه عما حدث بينه وبين الإذاعة، وقيل له: «الإذاعة شطبتك نهائيًا من خريطتها، ورفعت إسمك ومنعت إذاعة أغانيك».
وكان رد العندليب: «يبقي المعركة بدأت عمومًا أنا مش هاخضع لها.. الناس هم اللي هيرغموا الإذاعة إنها ترجع أغاني عبد الحليم حافظ»، ثم حاول عبد الحليم الاتصال بأحد رجال الدولة، وكان وزيرًا كبيرًا، وحكى له فوعده أنه سينتهي فورًا، ولكن لم يحدث!
اتصل العندليب بالمشير عبد الحكيم عامر، وقال له ده موضوع بسيط إن شاء الله يخلص وتسمع صوتك تاني في الإذاعة خلال يومين، ولكن لم يحدث أيضًا!
دخل عبد الحليم في نوبة اكتئاب كبيرة، ثم قال له صديقه صلاح جاهين: «اتصل بالرئيس جمال عبد الناصر هو بيحبك ومش هرفض لك طلب»، ففعل بالنصيحة وقال له: «ياريس يرضيك يتم منع إذاعة أغانيّ، وشطب لسمي من الإذاعة»، ولكن الرد كان صادمًا: «سيب اللي في إيديك وقوم روح للست أم كلثوم حالا.. مع السلامة يا حليم».
وقف عبد الحليم متأملا كلما الزعيم: «حتى جمال عبد الناصر للدرجة دي».. وحاول الاتصال بأم كلثوم التي بدأت المُكالمة بـ«أهلا بالود العاق»، فيرد: «أنا مقدرش أزعلك ياست الكل»، فتدعوه: «مستنياك بكرة الساعة 9 صباحًا».
ذهب العندليب إليها؛ ليجدها جالسة في انتظاره، دخل وقبل يدها، وبدأ كلامه في الموضوع، فقاطعته: «مش عايزة أتكلم في الموضوع ده تاني خلاص طالما جيت الموضوع انتهي.. طمني على صحتك وشك مخطوف شكلك تعبان قولي مالك»، ابتسم حليم ورد: «الحمد لله بس من وقت للتاني بيحصل لي نزيف».
تطبطب أم كلثوم على كتفه، وتقول له: «استني أنا هطلب لك الدكتور بتاعي يشوفك كويس، وإن لزم الأمر نستأذن الريس في علاجك بره مصر».. فبكى عبد الحليم وقال لها: «أنتي طيبة أوي ياست ربنا يخليكي ويديم عليكي الصحة».
يخرج من عندها لمنزله؛ ليفاجأ باتصال من الرئيس جمال عبد الناصر يقول له: «سلامتك يا حليم مالك الست أم كلثوم قلقتني عليك طمني لو في حاجة قولي، وأنا أجهز لك اللي تحتاجه»، فرد: «كتر خيرك ياريس أنت والست أم كلثوم.. الحمد لله أحسن و لو في حاجة هاكلم سيادتك».
يفتح حليم الراديو ليسمع حلقة خاصة عنه في برنامج (ما يطلبه المستمعون).. هكذا كانت أم كلثوم؛ دولة تَحكُم لا تُحكم، تأمر لا تُؤمر، وكذلك أم تقسو وتحنو وتسامح.