الأقباط متحدون - عوضا عن مواجهة التحقيق معه بتهم الفساد يصول ترامب ويجول آمرا بحشد غواصاته وأساطيله لمحاكمة سوريا وقصفها؟
  • ١٩:٥٤
  • الجمعة , ١٣ ابريل ٢٠١٨
English version

عوضا عن مواجهة التحقيق معه بتهم الفساد يصول ترامب ويجول آمرا بحشد غواصاته وأساطيله لمحاكمة سوريا وقصفها؟

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٠٩: ٠٤ م +02:00 EET

الجمعة ١٣ ابريل ٢٠١٨

ترامب
ترامب

ميشيل حنا الحاج
السيدة بارك جوين هاي ، رئيسة كوريا الجنوبية، اعتقلت وحوكمت وسجنت لمدة 24 عاما بتهم الفساد وتقبل الهدايا التي اعتبرت رشاوي. ومع ذلك فقد بقيت قيمة المبالغ التي اتهمت بتلقيها مع صديقتها، عدة  ملايين من الدولارات،  ولم تبلغ حدودا أعلى كثيرا . ومثلها لولا دي سيلفا، رئيس البرازيل، الذي عزل وحوكم  ووضع في السجن لمدة 12 عاما بتهمة قبوله  شقة فاخرة كهدية ليقيم  فيها علما بأنه ينكر تلقي هدية كهذه، اضافة الى كون  ثمن الشقق في البرازيل ليس  مرتفعا جدا قياسا بثمن الشقق قي نيويورك.ـ  وبالتالي فان قيمة الشقة المهداة له، قد يظل أقل من بضعة آلاف، وفي أبعد حد  مئات الآلاف من الدولارات ، بل ويرجح بأنها لا تبلغ قيمة المليون دولار كما هو الحال بالنسبة للشقق في عاصمة الولايات المتحدة الاقتصادية، أي نيويورك.

اما الرئيس الفرنسي السابق نيقولا ساركوزي، الذي تلقى معونة مالية من القذافي لدعم حملته الانتخابية،  علما بأن المبلغ الذي تلقاه ظلت قيمته بحدود ملايين الدولارات،  ولم يقترب قط من المليار دولار،  ومع ذلك فان  التحقيق القضائي يجري الآن معه على قدم وساق.   أما الرئيس جاكوب زوما، رئيس جمهورية جنوب  افريقيا الذي تم عزله في شهر  شباط بتهمة الفساد، فلا يعلم  أحد حجم الهدايا  او الرشاوى التي تلقاها، لكنها تظل في حدود المبالغ الزهيدة، وربما لا تتجاوز بضع ملايين من الدولارات،  ومع ذلك  يستعد المححققون القضائيون الآن للشروع  بالتحقيق معه تمهيدا  لمحاكمته قريبا  غير مكتفين  بعزله.

أما الرئيس ترامب الذي تلقى 83 هدية ثمينة بعضها وحده يقدر بالملايين، اضافة الى ما تلقته  زوجته وافراد عائلته من هدايا، لم يقم الادعاء الأميركي  حتى الآن، بالاستفسار من ترامب عن مصيرها ومبررات تقبله  لها، وعدم ادخالها في سجل خزينة مال الدولة، باعتبار ان الهدايا لرؤساء الدول،  تكون هدايا للدولة وليس لشخص الرئيس او الملك.

فالهدايا التي تلقاها ملوك بريطانيا في رحلاتهم عندما كانوا يجلسون على عرش امبراطورية لا تغيب عنها  الشمس، كانت جميعها توضع في متحف القصر  باعتبارها جزءا  من اموال المملكة،  وليست ملكا للملكة او الملك الذي تلقاها. أما الرئيس ترامب فقد اعتبرها ملكا شخصيا له، مما حولها على ارض الواقع كهدايا شخصية، بل رشاوى تقبلها بصدر رحب ورضى تام بهدف اضافتها الى ثروته العارمة أصلا.  والغريب في الأمر أن ذلك  يصدر  عنه  رغم انتقاده  بشدة قيام هيلاري كلينتون  قفي مرحلة سابقة،  بتقبل هدايا  ثمينة من بعض  دول الخليج،  مذكرا اياها بأنها تتقبل هدايا  من اناس  يقتلون النساء،  قلا  يجوز  تقبل الهدايا منهم لكونهم قتلة.

ومن بين  الهدايا  الثمينة التي تسلمها الرئيس  ترامب والتي  وصفت بالهدايا المجنونة، لوحة له  رسمها فنان قدير، وعمل فني نادر آخر نفذته امرأة  سعودية.ة سعودية ونشرت عدة مواقع تفاصيل عن بعض هذه الهدايا وكان من بينها موقع دايلي بيست الأميركي  الذي اورد قائمة من صفحتين تضمنت العديد منها، كما نشرتها مواقع أخرى من بينها تلفزيون السومرية العراقي وموقع المصراوية، وموقع  تيار الاخباري مع تفاوت في تفاصيل بعض الهدايا التي ورد من بينها خهرى منها  موقع ى سيف كبير من الذهب الخالص، قيل أن  وزنه  يتجاوز وزنه الخمسة عشر كيلوغراما ذهبا،  وهو سيف نادر  مرصع بالألماس والياقوت واللؤلؤ، وكذلك بعض الخناجرالمصنوعة من الذهب الخالص او الفضة الخالصة. كما تلقى ترامب يختا فاخرا كهدية له، وقيمته عدة مئات من الملايين، ذكر البعض  أنها قد تبلغ نصف مليار دولار.

وتضمنت الهدايا كما ورد في بعض  المواقع، 25  ساعة مرصعة بالألماس والجواهر الكريمة لتوزع على ترامب وعائلته.  ونظرا لكثرة الهداياة الممنوحة  للرئيس، لم يكن بوسع الطائرة الرئاسية “ايرفورص وان”   حملها كلها، فأرسل الكثير منها على طائرة سعودية خاصة.

وورد  في أحد  المواقع، أن الأمير محمد  بن سلمان قد خص الرئيس ترامب بصناعة  تمثال له من الذهعب الخالص يوضع  على  ناصية شارع رئيسي في الرياض،  واطلق عليه اسم الرئيس ترامب.

ولكن  رغم فداحة هذة  الهدايا والتي رجح البعض ان قيمتها قد تجاوزت المليار دولار،   قياسا بالهدايا القليلة والزهيدة التي حوكم عليها رؤساء كل من كوريا الجنوبية  والبرازيل وفرنسا وجنوب افريقيا، فان الرئيس ترامب ظل طليقا متربعا على كرسيه في البيت الأبيض دون أن يجري الاستقصاء منه ان كانت تلك الهدايا الممنوحة له كرئيس دولة، قد اضيفت الى  ميزانية الدولة الأميركية، أم الى ميزانيته الخاصة التي هي أصلا ميزانية دسمة جدا.  وبالتالي لم يتعرض الرئيس الأميركي  حتى الأن  الى أي استفسار أو تحقيق  أو حتى  تساؤل،  تاركين  ترامب مطمئنا في قصره، ولا يواجه  أي اتهام او استفسار  من أحد، مفسحين المجال له للتخطيط لتنفيذ  ضربات جوية في سوريا بذريعة او بأخرى، وهدفها الحقيقي افشال عملية الاستقرار التي باتت تلوح في افق سوريا بعد تطهير الغوطة واطراف دمشق منن الحركات  الاسلامية المتشددة  كجيش  الاسلام وفيلق الرحمن مثلا،  بحيث لم يبق قريبا من  العلصمة الدمشقية  الا مخيم اليرموك وما تواجد فيه من قوات داعشية يحاولون التوسع في السيطرة على حي القدم  القريب   والجاري العمل على  تطهيرهما  منه.

وهكذا بدل أن  يجري التحقيق مع ترامب ويحاكم على نوع من الفساد الواضح الذي تفوق على كل فساد ارتكب في كوريا الجنوبية او البرازيل  او فرنسا او جنوب افريقيا، تفرغ ترامب لتشجيع الدول الصديقة له على محاكمة الرئيس الاسد على انجازاته، وذلك  عبر ضربات جوية غير مبررة يخطط لها، تسعى لاحباط  انجازات سوريا بالتعاون مع روسيا الاتحادية، متذرعين بالعذر الدائم والمتكرر،  وهو استخدام سوريا للسلاح الكيماوي الذي   تدعيه مجموعة   الخوذ  البيضاء  المؤازرة للحركات الاسلامية، علما انه في ليلة المعركة الأخيرة،   ظهر على  الشاشة  طبيب غربي من مجموعة أطباء بلا  حدود،  تواجد في الغوطة وفي دوما  منذ  بدء  معركة الغوطة قبل بضعة أسابيع.  وقد نفى كطبيب وشاهد عيان استخدام الكمياوي،  قائلا أنه اذا استخدم  ففي  نطاق  ضيق ومادة مخففة جدا،  ولم  تؤد لاصابة الا  اعدادا  محدودة  جدا،  وكانت اصاباتها طفيفة جدا.

واذا كانت تحقيقات المفتش مولار حول التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، قد  استغرقت وقتا  وقد تطول لزمن أطول،   فان الشروع بالتقصي والتحقيق من قبل مفتش آخر عن قضايا الفساد والهدايا التي  بلغت حد الرشاوي،  لن تستغرق  طويلا،  وقد تفرز تحقيقا جديدا مع الفرئيس ترامب اسوة برؤساء آخرين في آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية وافريقيا، وربما هذه المرة، تؤدي لوضع الحديد في يدي ترامب، في مسعى لاطفاء جشعه  للمال وهو الجشع الذي قد يبدو بأنه لا نهاية له.

كاتب  ومحلل سياسي

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع