الأقباط متحدون - من يستطيع إلغاء سعاد حسنى؟
  • ١٤:٣٧
  • السبت , ١٤ ابريل ٢٠١٨
English version

من يستطيع إلغاء سعاد حسنى؟

مقالات مختارة | بقلم:كريم عبد السلام

١١: ٠٤ م +02:00 EET

السبت ١٤ ابريل ٢٠١٨

سعاد حسنى
سعاد حسنى

 سعاد حسنى، أو السندريلا، أيقونة السينما المصرية، لا قبلها ولا بعدها حتى الآن، هى من هى فى وجدان المصريين، لا يمكن أن تتجاهلها عندما تهل عليك من شاشة التليفزيون، فتثير بداخلك جميع المشاعر، الفرح والحزن، التفاؤل والتشاؤم، الحنين إلى الماضى بالأبيض والأسود والرغبة فى عيش الحياة أكثر من مرة، هى حواء الأولى، تلخيص جميع النساء أو رمز الأنوثة المتكاملة وممثلة المرأة فى جيلها وجميع الأجيال.

 
من يجرؤ إذن على إيذاء سعاد حسنى؟ من يجرؤ على اغتيالها مرة أخرى باغتيال تراثها الفنى واغتيال وجداننا الذى تشكل به ومازال؟ من يجرؤ على حذف مشاهد من أفلامها أو أغانيها بدعوى الدفاع عن الأخلاق؟ الشائعة التى انتشرت خلال الأيام الماضية بحذف أحد مشاهد أغنية «الدنيا ربيع» من فيلم «أميرة حبى أنا» بعد أكثر من أربعين عاما على إنتاجه وعرضه، هى دلالة على بؤس فكرى وإدارى وثقافى مازلنا نعانى منه، نعم هذا البؤس الفكرى والثقافى والإدارى هو ما أوصلنا إلى حالة الفقر الروحى والثقافى والفنى، ما أدى بنا إلى تصحر الوجدان وتبلد المشاعر وتراجع الإنتاج الثقافى والفنى بعامة، وتحولت القاهرة المحروسة من قبلة الفن والإبداع والثقافة إلى مجرد دولة تستقبل المنتجات الفنية الرديئة من الخليج وتركيا وأمريكا اللاتينية.
 
صحيح أن المخرج شكرى أبو عميرة عضو الهيئة الوطنية للإعلام نفى شائعة حذف مشاهد من تراث سعاد حسنى أو أن تكون الهيئة الوطنية قد أصدرت أى قرار فى هذا الشأن، إلا أن الشائعة تظل مدوية ولها تأثير التهديد المبطن الذى يجرنا إلى أوقات قريبة كانت فيها عقليات الدواعش تحكم التليفزيون والسينما والجهات الرقابية، الأمر الذى أدى إلى تراجع كبير فى الإنتاج الفنى والإبداعى المصرى، وكذلك إلى تراجع تأثير تلك القوة الهائلة على المحيط العربى والإقليمى، مع ما يعنيه ذلك من خسائر اقتصادية وسياسية كبيرة.
 
وسواء كانت هذه الشائعة الخبيثة مقصودا بها إثارة البلبلة أو اختبار رد الفعل تجاه التعامل الإرهابى مع تراثنا الفنى الرفيع، نقول لمصدر الشائعة أو مطلقيها، إنكم مجرمون أغبياء، لأنكم لا تعرفون لغة العصر، ولا تدركون أنكم خارج الزمن بتفكيركم المريض الجاهل، ما لا تعرفونه أن آلية الحذف والرقابة والتسلط على العقول والوجدان، انتهت إلى غير رجعة، أنتم لا تستطيعون حذف مشهد واحد من تراث سعاد حسنى أو من أى تراث أى فنان آخر.
 
يمكنكم أن تتسلطوا على مشاهدى التليفزيون المصرى وتمنعوا عرض هذا المشهد أو ذاك أو تحجبوا تراث هذا المطرب إلى حين، ولكن هل معنى ذلك أنكم حذفتم وحجبتم ومنعتم؟ الإجابة لا، لأن المشاهد سيجد هذا التراث كاملا على تليفزيونات أخرى وفضائيات أجنبية، وحتى لو فرضنا أنكم قادرون على التأثير فى كل الفضائيات العربية، وهذا طبعا غير صحيح، سيتوجه المشاهدون إلى مشاهدة ما يريد على الكمبيوتر وعلى الموبايلات بفضل اليوتيوب، وستكونون أنتم الخاسرون لأن المشاهدين سينفضون عنكم، وأنتم تعرفون معنى انفضاض المشاهدين عنكم فى صناعة الميديا، أى الخسارة الفادحة فى الإعلانات والأضرار الكبيرة فى البراند وما يصحبه ذلك من سلسلة خسائر لا تنتهى.
 
زمن المنع والحذف والاستبعاد والقمع والرقابة، انتهى أيها السادة، نحن فى زمن جديد بأدوات جديدة للسيطرة والاستحواذ، حاولوا أن تتعلموا هذه اللغة الجديدة وأن توظفوها فى تعظيم التأثير الفنى والثقافى المصرى بدل أن تلجأوا إلى مواجهة الطائرات النفاثة بالسيوف والحجارة!
نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع