الأقباط متحدون - الغاز وتصفية الحساب مع بشار
  • ٠٤:٠٦
  • الثلاثاء , ١٧ ابريل ٢٠١٨
English version

الغاز وتصفية الحساب مع بشار

مقالات مختارة | عادل نعمان

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الثلاثاء ١٧ ابريل ٢٠١٨

عادل نعمان
عادل نعمان

من يصدق أن هذه الدول الثلاث باحثة عن حرية الشعوب، ومدافعة عن الديمقراطية، والانتقال السلمي للسلطة، أو معنية بحقوق الإنسان، أو يؤرقها حصار أصحاب الفكر والرأي ومطاردتهم هنا وهناك، أو يجافى النوم عيونها من اضطهاد الأقليات الدينية، أو يهتز لها جفن من هول ما رأت عيونها من جثث لأطفال دوما بالغوطة الشرقية، أو يؤرق مضاجعها ما أصاب اليمن من خراب ودمار، أو تقلق راحتها ما يعانيه الشعب الليبي من فوضى وإرهاب.

من يصدق هذا، فهو مضلل ومخدوع وواهم، وظن بالشر خيرا، وبالشيطان هاديا وإماما ومحررا.

هؤلاء يكذبون ويضللون ويفبركون، فقد زعموا من قبل ملكية صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل في العراق ودمروه، واحتلوه، وقتلوا الآلاف صغارا وكبارا، وشردوا شعبه، ونهبوا ثرواته البترولية، حتى آثاره نقلوها إلى إسرائيل، ودفنوها في أراضيها، ثم اعتذر الرئيس الأمريكي الأسبق، بوش الصغير، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق تونى بلير عن حربهما ضد العراق واحتلاله، واعتمادهما على بيانات مغلوطة، وتقارير استخباراتية كاذبة عن امتلاك صدام حسين أسلحة الدمار الشامل.

وقد لفقوا تهمة إلقاء براميل المتفجرات للنظام السوري على مدينة حلب، ذريعة لتسليح المعارضة السورية بأسلحة متطورة للرد على بشار، وكانت هذه الكذبة الأخيرة، وهى استخدام بشار الأسلحة الكيماوية في "دوما" الغوطة الشرقية، لضربه والاعتداء عليه وإنهاكه، حتى تعود المنظمات الجهادية والتكفيرية إلى الساحة مرة أخرى، تعاونهم وتساعدهم في ضرب سورية، وهؤلاء المقاتلون بالآلاف، خرجوا سالمين غانمين من حلب والغوطة، ومناطق حررتها القوات النظامية السورية، بأسلحتهم وعتادهم وأموالهم وعائلاتهم تحت حماية أمريكية تركية، يعيدون ترتيب صفوفهم، و بناء جيوشهم في كنف وحماية قاعدة "الدنف" التي تتمركز فيها القوات الأمريكية جنوب سورية، وهم على يقين أن بشار لم يستخدم سلاحا كيماويا، فهو ليس في حاجة إليه، وقد دانت له كل الأراضي السورية وتحت سيطرته، إلا القليل منها.

هؤلاء لم تهتز ضمائرهم لحظة واحدة، أمام صور الموت الذي حصد أرواح الآلاف من أطفال اليمن من سوء التغذية، وندرة الدواء ولبن الأطفال، ولا أقلق راحتهم وباء الكوليرا الذي حصد منهم الآلاف، فلماذا لم تهتز ضمائرهم، وترتجف أوصالهم كما اهتزت، وارتجفت من هول ما رأوا من جثث الأطفال في دوما بالغوطة الشرقية؟ ولماذا لم تتحرك ضمائرهم على موت مئات الألوف في غزو العراق، وأفغانستان وليبيا وسورية، وعلى آلاف المهاجرين والعالقين على حدود العالم يطلبون الأمان من جراء أفعالهم وظلمهم، وجثثهم عالقة على رمال بحارهم، تبحث عن مأوى يضم رفاتهم، في صورة من الظلم لم تتعرض له البشرية يوما؟

إنها المصلحة والمنفعة وحسابات المكاسب والخسائر ليس إلا، فلم ينعم العراق بالديمقراطية بعد موت صدام، ولم تنهض ليبيا بعد موت القذافي، ولم تنج اليمن من الظلم والديكتاتورية بعد موت على عبدالله صالح، فإذا كانت كل هذه السيناريوهات ماثلة أمام أعيننا ونتداولها في مجالسنا وخطبنا على المنابر، فلماذا هذا التأييد المخجل، والتعاون من دول عربية في غزو وضرب سورية؟ إنها تصفية الحسابات الشخصية، على حساب شعب بائس منهك من الإرهاب، يعانى من ويلات حرب مع فرق تكفيرية لأكثر من سبع سنوات، دمرت فيه البنية التحتية، وشردت فيها الملايين في بلاد الله، وقتل منهم مئات الآلاف، وأصيبت الملايين، ولما بدأت سورية تشتد عزيمتها، وتنتصر لكرامتها، وتنجح في السيطرة على ما يقرب من كامل أراضيها، كانت الأكذوبة الكبرى وهى استخدام الكيماوي في دوما بالغوطة، وكانت الذريعة لضرب سورية، ليس للقضاء على بشار، لكن لاستكمال تصفية الحسابات للبعض، والسيطرة على منابع الغاز الطبيعي والحقول السورية على البحر الأبيض من البعض، واحتلال الخط الشمالي وعزله عن حزب العمل الكردستاني والدولة الكردية الوليدة من تركيا، قالوا تتقابل المصالح مع تصفية الحسابات والانتقام وتتشابك وتتآمر وتتعاون.

سورية ستكون ثالث دولة على مستوى العالم في إنتاج الغاز الطبيعي، قوة اقتصادية هائلة لا يستهان بها، وتخشى الدول كلها ومنها المؤيدة للضربة من العرب وغيرهم ثراء هذا الشعب، فربما يعيد الضربة لمن ضربه، ويرد الصاع صاعين، ويثأر لنفسه من سبع سنوات عجاف، بل، يطالب بأرضه المحتلة من تركيا قديما، لواء الإسكندرونة، وحديثا كافة حدوده الملاصقة لتركيا، ومنها عفرين، وهذه هي المعضلة السورية، فهو يحارب ثلاث قوى، قوى عربية تصفي حساباتها معه، وقوى أوروبية وأمريكية تطمع في ثرواته ، وقوى تركية تطمع في حدوده، فكثر أعداؤه والمتآمرون عليه، قريبا ستنتصر سورية قوية صامدة تأخذ بحقها وتثأر من كل المتآمرين .
نقلا عن مصراوى

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع