الأقباط متحدون | الجوع.. والقلم.. وحكاية عصام العباسي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٠٣ | الجمعة ٣ يونيو ٢٠١١ | ٢٦ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤١٣ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الجوع.. والقلم.. وحكاية عصام العباسي

الجمعة ٣ يونيو ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم:شاكر فريد حسن
عصام العباسي شاعر وطني فلسطيني وعاشق في سمفونية الشعر الفلسطيني السياسي الملتزم. لم يأخذ حقه ونصيبه الوافر من النقاد والباحثين والدارسين، أللهم إلا شذرات ونتف صغيرة هنا وهناك.

قضى عصام عمره فقيراً صامداً صابراً مكابراً مكافحاً ومنافحاً عن حق شعبه، وحق الانسان في الحرية والحياة الشريفة والكريمة.

نظم الشعر وكتب المقال الأدبي والسياسي وعمل في الصحافة، واتصف بالدماثة والطيبة وخفة الدم وروح الدعابة والفكاهة ونظافة اليد والنقاء الثوري.

امتزج بتراب الوطن، وعانق ربى الجليل والكرمل وبحر حيفا، وهتف للروابي الخضراء، وداعب أغصان الزيتون والسنديان والزعتر البري وبرتقال يافا الحزين.

حين كان يعمل في مؤسسة "البيادر" المقدسية ويكتب الكلمة الأخيرة لمجلة "البيادر" الأدبية، التي كان لها شأن في العملية الثقافية والابداعية الفلسطينية والحراك الأدبي في المناطق المحتلة، روى عصام العباسي الحكاية التالية: "تعرّفت في حياتي الصحفية على رجل أصبح في عالم الغيب، وأدهشتني موهبته الصحافية التي يتمتع بها مع انه لا يعمل في الصحافة بل في مهنة بعيدة عن الصحافة والأدب والفكر، وعرفت منه أنه منذ طفولته عشق الصحافة وتمنى العمل فيها حتى تمكن من الانخراط في إحدى الصحف الوطنية حيث أبدى مهاراته وتأكد البعض ممن اطلعوا على عمله من انه يبشِّر بمستقبل باهر، ولكن أجور الصحفيين ورواتبهم ولا سيما المبتدئين منهم كانت ضئيلة، فذهب إلى صاحب الجريدة يشرح له وضعه ويطالب بتحسين وضعه ورفع راتبه، فلم يكن من صاحب الجريدة إلاّ أن ألقى عليه محاضرة قيِّمة ملّخصها أن الكاتب لا يجود ويجيد ويبدع إلاّ إذا تضوّر جوعاً وشقى وعانى.. فنهض صاحبي رحمة الله عليه من أمام صاحب الجريدة، حقاً لقد صدق المثل أعطي الجوز لمن ليس له أسنان.. وترك الصحافة إلى غير رجعة مفضّلاً أن يتعلّم مهنة.. تقيه التضور جوعاً والشقاء والمعاناة".

صدق صاحب عصام العباسي، وحسناً ما فعل، وكان على حق وصواب حين قرر اعتزال الكتابة وترك الصحافة، التي لا تطعم ولا تسمن أو تغني عن جوع.

فكم من صاحب قلم لا يعتاش من قلمه وفكره وإبداعه؟ وكم من كاتب لا يجد في جيبه ثمن فاتورة الكهرباء؟ وكم من صحفي لم يتقاض معاشه الشهري منذ فترة، أو يتسوّل على أبواب المؤسسات الإعلامية ودور الصحافة باحثاً عن فتات وعمل يعود عليه بالمنفعة المادية ليتمكن من إعالة عائلته، التي تصحو باكراً ولا تجد ما يكفيها لسد الرمق، ومن احتياجات يومية ضرورية..!

قديماً قالت العرب: "من لا يأكل لا يفكر" و"لا تسألوا من ليس في بيته دقيق فإن عقله زائل".

تذكّرت حكاية عصام العباسي عندما التقيت بأحد المعارف القدامى، وكنت عائداً إلى بيتي مشياً على الأقدام وبيدي أكياساً ثقيلة ملأتها بالمواد التموينية، فقال وهو يبتسم: كل هذا سببه أنك كاتب وتتعاطى الكتابة.

وعلى الفور بادلته الابتسامة ووافقته الرأي.

ويظل السؤال الذي يلِّح دائماً: إلى متى يظل الكاتب يعطي ويكتب ويعاني الفقر ويتضور جوعاً ولا يتقاضى أجراً لقاء كتاباته؟!.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :