الأقباط متحدون | لا تلوموا الشيطان!!
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٠٨ | السبت ٤ يونيو ٢٠١١ | ٢٧ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤١٤ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

لا تلوموا الشيطان!!

السبت ٤ يونيو ٢٠١١ - ٢٠: ١٢ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاى

أذكر انه عندما كان ابننا طفلا دون الخامسة من عمره كان قد سمع منا آو فى مدارس الأحد ان الشيطان يحاول ان يقود الانسان ليرتكب الاخطاء. بعدها رأيناه يستخدم هذا لتبرير الأخطاء التى يرتكبها. وفى ذات مرة ارتكب خطأ وعندما سألناه عن السبب قال ان الشيطان هو الذى جعله يفعل هذا. فأردت فى هذه المرة ان ألقنه درسا، فبعد قوله هذا أمسكت بيده وضربتها، فنظر الى باستغراب متسائلا لماذا أضربه؟ فرديت عليه اننى اضرب اليد التى ارتكبت الخطأ. فقال باستغراب "ولكنها يدى أنا". فرديت عليه نعم هى يدك وانت الذى استعملتها فانت لك الحرية ان تستمع لكلام الشيطان ولك الحرية ان ترفضه. بعدها لم يكرر هذا العمل مع اننى لا أظن ان الشيطان قد توقف عن محاولاته للاغراء.
هذا المقال يناقش تصريح لشخصية قبطية مرموقة يحبها ويقدرها كثير من الاقباط وانا واحد منهم. وليس هدف المقال توجبه النقد، ولكن مجرد الحوارحول مبدأ قد أثير كنتيجة لهذا التصريح الذى قال فيه "خروج شباب مسلم أو مسيحى للتظاهر أمام الكاتدرائية هو مخطط يدبره الشيطان". فاذا كان التصريح يتكلم عن حدث بالذات ويخشى من ان يؤدى الى مواجهة دموية، ولذلك يعتقد انه مخطط من الشيطان، فنحن نحترم وجهة نظره، وان كنا نعلم ان الكثير من الاقباط الذين ذهبوا الى الكاتدرائية لم يذهبوا للتصادم مع احد بل ليكونوا دروعا بشرية لحماية قداسة البابا اذا حدث هجوما عليه بعد صدور تهديدات عليه وخوفا من تقاعس الأمن. أما اذا كان القصد هو التعميم وتبنى مبدا ان أى مظاهرات للمطالبة بالحقوق هى عمل شيطانى، فمع كل احترامى،أعتقد ان هذا الرأى ابتعاد عن ما هو مقبول ومعترف به فى العصر الحديث وأن الشيطان لا علاقة له بالامر من قريب أو بعيد


تغليف تصرفات الانسان برداء الدين لتحوز القبول ليس جديدا وهو يستخدم من كل البشر بغض النظر عن دياناتهم. وقد رأينا هذا فى موضوع التصويت على التغييرات الدستورية الاخيرة. فقد حاول الاخوان والسلفيون والجماعات الاسلامية التأثير على البسطاء من الناخبين بترديد شعارات دينيه لحثهم على التصويت بنعم. ومنها قولهم ان التصويت ب نعم معناه نصرة الاسلام والمسلمين خصوصا ان نعم تقابلها العلامة الخضراء وهو اللون الاسلامى والتصويت ب لا تقابلها العلامة السوداء وهو لون كل ما هو شرير . وقد نجحت هذه الدعاية فى اقناعهم بالتصويت بنعم بينما كان هناك آلاف المسلمين الواعين الذى رفضوا هذه التغييرات ولم يقتنعوا ان رفضهم لها هو اساءة للدين.


من الحقائق التى من المفروض انها لا تقبل النقاش ان الله عادل يحب العدل ويكره الظلم. واذا كان الله يكره الظلم فمن المؤكد انه أيضا لا يريد لنا ان نقبل الظلم فى حياتنا أو فى حياة الآخرين. ولذلك فمن البديهى أن الاعتراض على الظلم، فضلا عن انه عمل قانونى يتمشى مع القانون الدولى والقوانين الوضعية، فهو بالتأكيد عمل أخلاقى يتمشى مع صحيح الدين. ولكن بكيفية أو أخرى يخرج علينا من وقت لآخر من يقول لنا ان الدين يعلمنا عدم التظاهر او الاحتجاج ضد الظلم لأن التظاهر فى رأيهم هو نوع من الشغب لا يرضى عنه الله ويصورون لنا انه عمل شيطانى ينبغى ان نقاومه .
ناهيك ان وراء هذا التفكير بالنسبة للاقباط قرون من القمع والاضطهاد دفعتهم الى الخوف على انفسهم وعلى أولادهم وبالتالى الى محاولة اتباع طريق السلامة والبعد عن المخاطر حتى ولو كان الثمن ان يعيشوا مظلومين كل حياتهم. ولكى يبرروا موقفهم هذا لجأوا الى تبنى نصوصا من الكتاب المقدس خارج سياقها السليم تبدو وكأنها تمجد الالم وتدعو الى عدم مقاومة الظلم وتلقى بتبعة الامر كله على الله، فاذا كانت مشيئته انقذهم من الظام واذا لم تكن فأهلا بالاضطهد لانه سيعطيهم الفرصة لمكافئات جزيلة من عند الله. ولكن الانسان المؤمن ليس مطالبا – فى رأيهم- ان يعمل شيئا وإن فعل فهو ينفذ مخطط الشيطان، وكم من التصرفات تنسب خطأ الى الشيطان!!


يعلمنا الكتاب المقدس أن ارادة الله ومسئولية الانسان يسيران معا جنبا الى جنب لا تناقض الواحدة الاخرى بل يعملان معا لتحقيق المخطط الإلهى. وان الله مع انه قادر على كل شىء ولكنه يتوقع منا الاشتراك معه فى أعماله لاننا أولاده ولنا فكر الله ونهتم بنفس اهتمامات الله. والله طبعا فى استطاعته ان يعمل كل شىء بمفرده وبمعزل عنا وهو يعمل هذا فعلا اذا كنا عاجزون عن ان نعمل نحن شيئا. ولكن اذا كنا نستطيع المساهمة ولو بشىء يسير فالله يريدنا ان نقدم ما عندنا أولا والباقى يكون على الله. ان داوود قد استخدم المقلاع البسيط والله هو الذى قتل به جلياط الجبار (1 صموئيل 17: 45 و 46) الله استخدم سمكتين وخمسة ارغفة عند فتى ليشبع بها الآلاف (متى 14: 20) المسيح أمرنا برفع الحجر ولكنه هو الذى اقام لعازر من الموت (يوحنا 11 :43)
وهناك امثلة كثيرة فى الكتاب المقدس تدعونا للهرب من الاضطهاد ومقاومته . فالرسول بولس هرب من المكيدة التى دبرت لقتله (اعمال 9: 23- 25). والرسول بولس طالب بالاعتراف الرسمى العلنى عندما ظلم ولم يرضخ للظلم (أعمال 16: 37) والرسول بولس اعترض على ضربه بالسياط وطالب بحقه كمواطن رومانى ان لا يضرب (أعمال 22: 25)


الحقيقة الواضحة ان الشيطان يجب ان لا يلام اذا طالبتنا بالحقوق ولكن العكس. فان الشيطان يجب ان يلام اذا سكتنا عن الكلام. وهذا ما يقوله المثل المعرف " الساكت عن الحق شيطان أخرس".
هناك نص يستند اليه المتقاعسون دائما وهو ان الرب يدافع عنا ونحن صامتون. وهذا النص يؤخذ بمعزل عن النصوص الاخرى التى تطالبنا بالكلام ضد الظلم. والحقيقة ان الله فعلا يدافع عنا ونحن صامتون اذا لم يكن عندنا المقدرة على الكلام و الدفاع عن أنفسنا. ولكن الكتاب المقدس يطالبنا فى مواقع كثيرة على الكلام ضد الظلم "افتح فمك وحام عن الفقير والمسكين" أمثال 31: 8 .
ان التظاهر الملتزم الذى يطلب الحق ويرفض الظلم، للذات وللآخر، الذى لا يقبح بل يلتزم بالاسلوب المهذب، الذى لا يخرّب بل يحمى ممتلكات الغير ويصون المال العام. مثل هذا العمل إلهى ولا يجب ان ينسب خطأ للشيطان.
Mounir.bishay@sbcglobal.net




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :