الأقباط متحدون - هل تسمح الدولة بجامعة مسيحية؟
  • ١٨:٠٣
  • الخميس , ٢٦ ابريل ٢٠١٨
English version

هل تسمح الدولة بجامعة مسيحية؟

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٠١: ١١ م +02:00 EET

الخميس ٢٦ ابريل ٢٠١٨

سحر الجعارة
سحر الجعارة

من جديد يفتح النائب محمد أبوحامد، عضو مجلس النواب، قضية توحيد نظام التعليم فى مصر عبر دمج التعليم الأزهرى بالعام.. وهى القضية التى تزعج الأزهر، خاصة مع اتهامات كثيرة لمناهج الأزهر التى تحتوى على مواد تكفيرية خرّجت أجيالاً من الإرهابيين، ومهما دشن الأزهر من حملات إعلامية خادعة لتجميل دور الأزهر والحديث عن وسطيته، أو جنّد الأزهر بعض العلماء والإعلاميين ممن يتسللون فى المجتمع مثل «حية ملساء».. لا يمكن أن تضبطها متلبسة بالخدعة الكبرى أو تتهمها بتضليل المجتمع وبث «الأفكار الداعشية» فيه.. ومهما أنفق الأزهر على تجميل صورته إعلامياً، وبذل من جهود ستبقى عدة حقائق مهمة:

أولاً: ما ذكره النائب «أبوحامد» من أن (الأزهر مؤسسة من مؤسسات الدولة، ويخضع لدستور الدولة، والدستور حدد للأزهر دوره المعلوم، وهو الحفاظ على علوم الشريعة واللغة العربية ونشرهما).

وأضاف «أبوحامد» أن (الكليات المدنية مثل الصيدلة والزراعة والطب ليست لها علاقة بدور الأزهر الشريف، والأزهر يصرف على 10 آلاف معهد أزهرى، و95% من هؤلاء الطلبة لن يدخلوا إلى التخصصات الشرعية، ولكن سيتوجهون للتخصصات المدنية العلمية والأدبية).. وهذا إن لم يكن إهداراً للمال العام فهو سوء استخدام لما تخصصه الدولة من ميزانية للأزهر.

علماً بأن «المجلس القومى لحقوق الإنسان» كان قد اقترح دمج التعليم الأزهرى بالتعليم العام، واقتصار التعليم بالأزهر على تدريس علوم الدين فقط، وذلك قبل عام، وحينها قال النائب عماد جاد إن (تعدد أنظمة التعليم فى الدولة لا يحقق المساواة بين الطلاب لأن الكليات العملية فى الأزهر تقبل من 80% أما الكليات العادية فتقبل من 99%، وبالتالى هناك إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص الذى نص عليه الدستور).

ثانياً: هناك دعوى قضائية رفعها الباحث هشام حتاتة، أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة، لفصل الكليات المدنية عن جامعة الأزهر، وتحمل الدعوى رقم 33994.. وقال هشام حتاتة إن (قانون تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 مخالف لمبدأين فى الدستور المصرى وكل المواثيق الدولية التى وقّعت عليها مصر؛ الأول مبدأ المساواة فى المواطنة لقصر التعليم فيها للمسلمين فقط، رغم أن ميزانية الجامعة تمول من خزينة الدولة التى يشارك فيها المسيحى والمسلم).

وأضاف «حتاتة»: (أما المبدأ الثانى فهو تكافؤ الفرص، حيث يُقبل حامل الثانوية الأزهرية بكليات الطب والهندسة والتجارة والشريعة والقانون بمجموع أقل من زميله فى الثانوية العامة).. وهو ما سبق أن ردده عماد جاد.

وهو ما أكده الأستاذ محمود الزهيرى، المحامى بالنقض والإدارية العليا والدستورية العليا، حيث قال إن (الفقرة 4 من قانون تنظيم الأزهر تتعارض مع المواد 7، 8، 19، 21، 24، 48، 53، 64، 81، 82، 92، 93، 177، 214، 238 من الدستور المصرى وتعديلاته).

ثالثاً: بحسب «بوابة فيتو» فإن لجنة الشئون الدينية والأوقاف فى مجلس النواب، برئاسة الدكتور أسامة العبد، طالبت وزارتى التخطيط والمالية بالاستجابة لطلبات جامعة الأزهر فى مشروع الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالى الجديد 2018/2019.. وطالب ممثلو جامعة الأزهر بدعم النشاط الرياضى والاجتماعى، وتوفير سيارات لنقل الطلاب وعربات الإسعاف، ودعم مالى لاستكمال مشروع الجامعة الذكية لربط الفروع بالجامعة الأم وميكنة الإدارة والامتحانات والمناهج إلكترونياً، والدعم المالى للمبانى غير السكنية!.

ودعا ممثلو الأزهر إلى ضرورة توفير مبلغ 133 مليون جنيه من الخزانة العامة للإنفاق على 86 كلية فرعية، وإنشاءات منها (6 كليات طب)، وأشاروا إلى أن الجامعة تتحمل 133 مليوناً و643 ألف جنيه تمويلاً ذاتياً.. قطعاً دون الإشارة إلى مصادر «التمويل الذاتى أو الخارجى».

وأوضح ممثلو جامعة الأزهر أن إجمالى المدرج للجامعة فى موازنة 2018/2019، 945 مليون جنيه، وكان 675 مليوناً فى 2017/2018، كما أشاروا إلى أنه فى بند الاستثمارات تم إدراج نحو مليار جنيه فى موازنة 2018/2019، وكان 861 مليون جنيه فى موازنة 2018/2019.. هذه مجرد أمثلة لما تنفقه الدولة على «جامعة الأزهر» من ضرائب يدفعها المسلم والمسيحى.. دون أن يشعر أحد بأى غضاضة أو عنصرية.. أو يسأل: هل تسمح الدولة بإنشاء جامعة مسيحية؟

«التعليم الدينى» هو تعليم عنصرى بالأساس، يهدر مبدأ المواطنة، فإن افترضنا أن «الأزهر الشريف» هو منارة الإسلام ومصدر من مصادر قوتنا الناعمة.. فهو لم يعد كذلك، بل تحول إلى «مصنع تفريخ للإرهابيين» بفعل محتوى مناهج الأزهر المفخخة بالفتاوى التكفيرية.. وهو ما قد أتحدث عنه فى مقال لاحق.

لكن المعادلة الآن أصبحت كالتالى: إننى كموظفة فى الدولة أمول من ضرائبى «مؤسسة دينية» أصبحت فوق الدستور، تحاصر حرية الفكر والإبداع، وتسجن المفكرين.. ومهما روجت ثعابينهم الناعمة لغير ذلك لا تصدق أكاذيبهم.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع