الأقباط متحدون - الإبداع وأهل الوصاية
  • ١٠:٠٥
  • السبت , ٢٨ ابريل ٢٠١٨
English version

الإبداع وأهل الوصاية

مدحت بشاي

بشائيات

٢٦: ٠٣ م +02:00 EET

السبت ٢٨ ابريل ٢٠١٨

 الإبداع وأهل الوصاية
الإبداع وأهل الوصاية
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
منذ 3 أعوام طالعتنا وكالات الأنباء والعديد من مواقع الإنترنت بصور وتعليقات حول خبر نشر إعلان تم إعداده على شكل لافتات ضخمة مثبتة على أكثر من 800 حافلة تجوب شوارع لندن يحمل عبارة واحدة " الله قد لا يكون موجوداً ، كفوا عن القلق وتمتعوا بحياتكم " .. وهي عبارة بالطبع لا تنطلق إلا من بشر ملحد يحمل دعوة كافرة بوجود الله حتى لو أضاف للعبارة " قد " عبر تشكيك غير مقبول من أي مؤمن ينتسب إلى أي دين أو عقيدة ، بل هي تحمل رسالة أكثر كفراً وبشاعة عبر تصوير أن الحياة بعيداً عن الله العلي القدير يمكن أن تكون ـ وحاشا لله ـ ممتعة وكأننا أمام صوت الشيطان متجسداً في لافتات تجوب العاصمة البريطانية ليل نهار .. ورغم رفضي ورفضك عزيزي القارئ للعبارة وناشروها وممولوها حتى لو كان هناك إدعاء بأن تلك الفعلة الشريرة جاءت بدعوى العمل على فصل الكنيسة عن الدولة في بريطانيا ، وأنهم يدعون أنها مجرد عبارة تثير الابتسام وكأنها بمثابة دُعابة ، فإنه أمر بشع وممجوج ، ولكن دعونا  تتأمل ردود الفعل في الشارع الانكليزي كما ورد في الخبر .. تحركت 800 جمعية مسيحية لحقتها جمعيات إسلامية للمطالبة بمنع هذه الإعلانات التي تنفي وجود الله ، وتلقت هيئة مراقبة الإعلانات دعاوى بلغ عددها 110 دعوة سيتم نظرها في القريب العاجل ، وإن كان هناك رأي مختلف للبعض مثل الكاهن الميثودست " ستيفن غرين " الذي قال أنه أمر جيد للنقاش حول المسائل الكبرى في الوجود ، أما الجمعية الإنسانية البريطانية التي ساهمت في تمويل تلك الحملة الإعلانية فقد قال ممثلوها أنهم يشفقون على هيئة مراقبة الإعلانات التي ستضطر إلى إصدار حكم في ما إذا كان الله موجوداً أم لا !!
 
هكذا كان رد الفعل فبي بلاد الفرنجة أما في بلاد الشرق السعيد ، وفي نفس الفترة تقريبا  تنادى الكهنة بسرعة لإعلان غضبهم العارم في مظاهرة تذهب إلى الكاتدرائية والتأكيد على رفضهم  لإنتاج وعرض فيلم مثل فيلم " بحب السيما " ويعتبرونه إساءة مباشرة للعقيدة المسيحية ، وعبر حالة هياج غير مسبوقة يتم ـ للأسف ــ الاستجابة وإيقاف عرض فيلم بديع ينادي بالتسامح والحب والاقتراب من أطفالنا وتصويب الخطاب الديني والروحي .. قالوا بغير مشاهدة .. لم يفهموا الفرق بين الرسالة المسيئة والرسالة الداعمة للعقيدة وتقريبها للعباد عبر الوسائط الإبداعية ..حتى أنهم لم يدركوا معنى الآية " اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَيَزُولُ". وكأنما يوجهون رسالة عكسية مفادها أن من شأن فيلم يعرض في دار الخيالة يمكن أن يؤثر على مسار وعقيدة دينية لدى جماعات المؤمنين ..
 
وعلى صعيد أخر وفي موقف مختلف تابعنا منذ سنوات أيضًا  قرار إهدار زعيم الجماعة السلفية  أبو مصعب عبد الودود دم الفنان المصري عادل إمام  بسبب انتقاده لحركة حماس ، وأكد في بيان تم تداوله عبر مواقع إلكترونية جاء فيه " في ظل هذا المصاب الجلل الذي تعيشه أرض الرباط في غزة يحلو لبعض المشركين والكفار الاستهزاء بدم الشهداء من الأطفال والنساء والمرابطين في سبيل الله وقد فعلها المرتد الكافر عادل إمام وقد استحق هدر دمه"!.. ووصفت مواقع إسلامية في الجزائر والمغرب وفرنسا عادل إمام "بالزنديق والكافر والمرتد" على خلفية اتهامه لحركة حماس بالتسبب فيما يتعرض له سكان قطاع غزة واستهزائه بالشعوب العربية التي خرجت للتظاهر مناصرة لسكان غزة.. مرة أخرى نتابع رد فعل عجيب ومشين .. يحدث هذا رغم تأكيد الفنان أنه مع المقاومة الفلسطينية ومع الحق في الدفاع عن الأرض ضد المحتل بكل الطرق، وهو الحق الذي لا يمكن أن يتوافر بغير اتحاد كل الفصائل والقوى الفلسطينية، وبينهم أصدقاء له من فصائل مختلفة، يوجه لهم النداء لكي يتحدوا وينسوا كل الخلافات، وعليهم توحيد صفوفهم حتى تصبح قوتهم مؤثرة في وجه الاحتلال.. 
      بعيدا عن كل وصاية نود أن نعيش المواطنة الحقة التي تحركنا نحو التدافع من أجل تحقيق الغايات الإنسانية الأروع والنفع العام و استكمال السعي في دروب التطور الاجتماعي التاريخي ..لابد أن نفيق فالتاريخ لايرحم الغافلون أو المتغافلون  ..