الأقباط متحدون - رحلتي من الأصولية إلى العلمانية
  • ١١:٠٩
  • الاثنين , ٣٠ ابريل ٢٠١٨
English version

رحلتي من الأصولية إلى العلمانية

مؤمن سلام

مساحة رأي

١٦: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ٣٠ ابريل ٢٠١٨

مؤمن سلاّم
مؤمن سلاّم

مؤمن سلاّم
مثل أي إنسان طبيعي تطورت فكريا بتطور قراءاتي التي كنت شغوفا بها منذ نعومة أظافري منذ مرحلة ميكي وتان تان والشياطين 13 وحتى وقتنا هذا وأنا أسبح في فضاء الثقافة المصرية والعالمية منفتحا على الفكر بكل أنواعه بعد أن تعلمت أن كل شيء نسبي وان ما قد أراه الآن خطأ قد يكون هو الصواب في المستقبل والعكس بالعكس. ولعل هذا ما يثير قضية الجمود الفكري لدى أمتنا، حيث ينظر الكثير من الناس إلى انتقال شخص من فكر إلى فكر على أنه نوع من التلون وليس تطور طبيعي يمر به الإنسان الذي يستخدم عقله، فأصبحنا باسم الثبات على المبدأ نتحول إلى أصنام خشبية تظن أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، لذلك مازلنا نراوح في مكانا مدعين النقاء والإخلاص الذي لا يتعدى كونه جمود وتعصب.

رحلتي من الأصولية إلى العلمانية مرت بمراحل كثيرة يمكن سردها في كتاب كامل، إلا أنني لست بقاص ولا أديب حتى اسرد حكايتي سردا، ولذلك سأكتفي بذكر نقط التحول التي نقلتني من شاب محب للقراءة فأصولي إخوانجي فإسلامي مستقل ثم أخيرا علماني، يعتقد أن فصل الدين عن السياسية، والتفكير في النسبي بما هو نسبي، وأن العقل مقدم على النقل هو المخرج للأمة المصرية من حالة الجمود والتخلف التي تعاني منها منذ قرون.

1- عندما قررت نصرة الإسلام
في مرحلة الثانوي دخلت عالم الكتب الثقافية الحقيقي. ولكن للأسف أهداني أحد الأشخاص كتاب لروجية جارودي اقتنعت بسببه بالمؤامرة الكونية الصهيوصليبية على الإسلام والأمة الإسلامية العظيمة!!! وبما أنى كنت لسه عيل فى تانية ثانوي صدقت هذه الأساطير واندفعت للمنافحة عن الإسلام وكانت النتيجة أنى دخلت الإخوان أخر ثانوية عامة.

ولعل أكبر دليل على سذاجتي في هذا الوقت أنى لم أفكر للحظة أنى أدرس في كلية سان مارك وهى مدرسة كاثوليكية يشرف عليها رهبان معظمهم أوروبيين والباقيين من الشام لم يهتم أحد منهم أن يبشرنا بالمسيحية أو أن يدمر عقولنا بل على العكس لقد تلقينا على أيديهم أفضل تعليم وخضعنا لأفضل طرق التربية بل أنى أُرجع الفضل في قدرتي على التفكير المستقل للمهارات التي اكتسبتها من هؤلاء الرهبان ومن المرحوم والدي.

2- عندما اكتشفت أن الإخوان لا تمتلك مشروع وأنها مجرد شعارات
حدث هذا مع حرب الخليج الأولى، عندما وقع التنظيم الدولي في حيص بيص بين أيديولوجيته القائمة على الأمة الإسلامية الواحدة وبين الانتماء للوطن فانقسم التنظيم. إخوان الخليج انحازوا للوطن (ثبت لاحقا أنهم كانوا مجبرين على ذلك لأسباب براجمتيه) وإخوان الأردن وحماس والسودان واليمن وسوريا مع صدام وأيدوا احتلال الكويت ووقف إخوان مصر محتارين من يرضون؟ إخوان الخليج مصدر التمويل الأساسي أم الإخوان الآخرين مصدر الرجال والأقدم في التنظيم وربما الأقرب لفكر إخوان مصر فحاولوا مسك العصايه من المنتصف. فرفع إخوان مصر شعار “صدام باغي وبوش محتل والإسلام هو الحل” كما بدأوا يروجوا أن هذه هي البداية لتأسيس إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وان إسرائيل تحضر لغزو الأردن للوصول إلى العراق.

في هذه الأثناء ذهبنا للقاهرة والتقينا مأمون الهضيبي عضو مكتب الإرشاد في هذا الوقت في المقر القديم بسوق التوفيقية، فكان سؤالي له حول موقف الإخوان إذا اجتاحت إسرائيل الأردن فأخذ يتحدث ويتحدث ولم أخرج منه بجملة واحدة مفيدة ووجدته يحلل الموقف كله تحليل ينم عن الغباء وعدم إدراك الواقع.

التجربة الأخرى، كانت عند تصاعد مشاكلي مع الإخوان وتحويلي لكعب داير على قيادات الإخوان في الإسكندرية لعل احدهم يشفيني من جنوني فأخذنى المسئول عني إلى إبراهيم الزعفراني وطلعت فهمي ومدحت الحداد حتى وصل عصام الحداد (مستشار مرسي للشئون الخارجية) من انجلترا فاعتقدوا أن هذا هو المخلص اللى حيجيب معايا من الأخر، ما هو عايش في انجلترا بأه ودماغه لوزعية الماعية. المهم ذهبت إليه وتحاورنا وكان أول سؤال لي هو عن الحزب الشيوعي في ظل حكم الإخوان فكان رده أسوأ مما أتخيل إذ قال “يا أخ مؤمن مش عايزين نبقى أرأيتيين” ما أن سمعت هذا الرد حتى صمت تماما حتى اتركه يقول ما يحفظه لانصرف سريعا فالنقاش لن يزيد الجلسة إلا طولا ونفخا. يومها عرفت أن هؤلاء ليس لهم مشروع ولا يعرفون ماذا سيفعلون إذا تولوا السلطة.

لهذا توقعت من أول لحظة انهيار حكمهم بفضل غبائهم وجهلهم وليس بفضل أي شيء أخر

3- عندما عرفت الفكر الإرهابي للإخوان
دايما الإخوان كانوا بيقولوا انهم ضد العنف فى العلن وفى الإعلام، لكن داخل التنظيم كان حاجة تانية خالص واليكم هذه اللقطات:

– أيام انتخابات اتحاد الطلبة كان يتم استدعاء أعضاء الجماعة من لاعبي الرياضات القتالية للتواجد فى الكلية حتى لو مش طلبة وبيكونوا مجهزين الجنازير والمنشاكوا

– معظم زمايلنا اللي تم اعتقالهم كانوا بيخرجوا بعد شهر أو شهر ونص وعندهم حالة إعجاب شديد بالجهاديين اللى قابلوهم فى السجن.

– كان يشار دائما فى الأسر إلى بطولات وجهاد التنظيم الخاص

– إذا جاء ذكر خالد الاسلامبولي قاتل السادات لأى سبب يذكر مقترن بلقب “الشهيد”

-أدبيات الإخوان المسلمين فى سوريا لا تقل إرهابا وعنفا عن كتاب معالم فى الطريق لسيد قطب وعلى رأسها كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية لمنير الغضبان وكذلك كتابات سعيد حوى.

4- يا عزيزي كلهم متطرفون مستبدون يعشقون القوة المسلحة.
سألنى صديقي، هو القرضاوى ماله قلب مرة واحدة كده؟

قلت: مقلبش ولا حاجة هو طول عمرة كده هو مجرد ان الاعلام بتاعنا ركز عليه لما المصالح تضاربت.

انا قابلته مرتين في حياتي مرة فى بيته الخاص وهو مبنى من 3 أدوار فى شارع متفرع من عباس العقاد في القاهرة، كنا مازلنا داخل الإخوان ولكن لنا اعتراضتنا وملاحظتنا على أداء التنظيم، فأيدنا فيما قلنا ولكنه رفض أن نترك التنظيم وطلب أن نظل داخله والعمل على إصلاحه من الداخل. ويومها كال المديح لنظام البشير والترابي وكان منتشي جدا بالتجربة السودانية وعلى خلاف الإخوان كان يؤيد فكرة الانقلابات العسكرية. وكان يرى أن الانضمام للجماعات الإسلامية هى البديل العصري للهجرة من أجل إقامة الدولة الإسلامية.

والمرة التانية في شقته في اسكندرية كانت في الدور الـ 16 تقريبا مطلة على البحر عند محمد نجيب وفى اليوم ده سألته مباشرة هل لو تولينا الحكم سنسمح بوجود حزب شيوعي إعمالا للديمقراطية؟ فرفض رفضا شديدا، حتى عندما جادلته من منطلق ديني وليس سياسي أننا يمكن اعتبار الشيوعيين مثل المنافقين الذين تركهم الرسول وشأنهم، إلا أن الرجل اصر على رفضه وجود حزب شيوعي إذا تولى الإخوان الحكم.

ولهذا أنا لا اعترف بفكرة إسلامجى معتدل وإسلامجى متطرف. ولهذا لا أصدق أى إسلامجي يقول انه يؤمن بالديمقراطية.

5- الفساد الأخلاق للإخوان
من الحاجات اللى نبهتني للفساد الأخلاقي لدى الإخوان بعيدا عن السياسة والفكر والدين، قصة شركة لينة للكمبيوتر، شركة كمبيوتر فى أواخر الثمانينات يعنى من أوائل شركات الكمبيوتر فى إسكندرية يعنى بيزنس جامد ومربح جدا مش زى دلوقتى، يمتلكها قيادى إخواني كان يقوم بعمله الإخواني في أفغانستان وترك إدارتها لإثنين واحد تجارة (هارب فى تركيا الأن) والتاني مهندس أصبح من الأسامي التقيلة فى نقابة المهندسين بس مش عارف مصيره اية دلوقتى. المهم سعادتكم الاتنين مسكوا الشركة وأداروها واكتسبوا خبرة فى مجال كان لسه جديد على مصر ودخلوا سوق لسه وليد، وبعد ما اخذوا الخبرة وتعرفوا على الشركات والسوق والعملاء، اخدوا ده كله وخلعوا وعملوا شركة لنفسهم وأصبحوا مليونيرات لاحقا، وسقطت لينة وأفلست وخسر القيادي الإخوانجي أمواله بسبب خيانة أبناء الدعوة الربانية.

6- الفرق بين فساد الإخوان وفساد الحزب الوطنى
كثيرين كانوا يقولون انهم مع الإخوان ضد الحزب الوطنى لأنهم بتوع ربنا ومش فاسدين زي بتوع الحزب الوطنى.

يا حبيبي الاتنين فاسدين بس الفرق بينهم ان بتوع الحزب الوطنى بيحطوا في جيوبهم الخاصة وبتوع الإخوان بيحطوا في جيب الجماعة وخد القصتين دول.

– كنا فى اتحاد الطلاب بنجيب فواتير بأعلى من السعر الحقيقي للأشياء لكن ماكناش بنحط الفرق في جيبنا ولكن بنصرف بيها على أنشطة الجماعة الغير رسمية افطارات، رحلات دعوية، الأسابيع الثقافية الغير رسمية، المنشورات. وحتى الحاجات الرسمية كنا بنشغلها لحساب الجماعة يعنى رحلات الاتحاد ما كانش بيعلن عنها واللى يحجز الأول يطلع، كنا بنطلع الناس اللى القريبة من الجماعة او المطلوب تجنيدهم.

– مرة من المرات اللى طلعت فيها رحلة العمرة مع اتحاد طلاب جامعة الاسكندرية، اللى طبعا بتطلع مع شركة سياحة إخوانية، والشيخ اللى بيطلع معاها بيكون مش شيخ بيكون احد قيادات الإخوان، يعنى أكتر من مرة طلع جمعة أمين (عضو مكتب إرشاد وهربان في لندن) بمراته وابنه. فى المرة دى انا كالعادة طالع بفلوسي او بالأحرى فلوس المرحوم أبويه، اكتشفت وانا هناك انى مكتوب مشرف يعنى المفروض أكون طالع مجانا، وواحد دكتور المشرف الفعلي مكتوب انه طالع على حسابه وده معناه ان فلوسي اتحطت للأخ ده عشان يطلع العمرة.

7- شوفنية الإخوان
يرى أعضاء جماعة الإخوان انهم الأفضل والأعلم والأكثر خبرة والأكثر جهادا والأكثر حكمة من باقي الاسلاميين سواء كانوا أفراد أم جماعات. باسثناء الجماعات الجهادية

فقد كانت السخرية من المفكريين الاسلاميين أمثال محمد عمارة وطارق البشري وفهمى هويدي أمر معتاد باعتبارهم “اعدين فى التكييف بياكلوا تفاح وينظروا”

اما السلفيين فكانوا بالنسبة لنا مجموعة من المتخلفيين عقليا، واتذكر معركتنا الشهيرة معهم التى استمرت على مدار اسبوع على إمامة الصلاة فى مسجد كلية التربية باعتباره اكبر مساجد مجمع نظري وكونه يتوسط المجمع، فقد كان امام صلاة الظهر دائما مسئول مجمع نظري او من ينوب عنه في حالة غيابه، لسبب ما قرر السلفيين التمرد على هذا الوضع وكسر سيطرة الإخوان على المسجد وان يتولى مسئول السلفيين فى المجمع امامة الصلاة وكان الحجة انه لا تجوز إمامة الحليق، واشتعلت المعركة وحدث تشابك بالأيدي أكثر من مرة داخل المسجد ما دفع الادارة لإغلاق المسجد حتى تسوية الأمر، فكانت التسوية بتعيين أحد موظفي رعاية الشباب بكلية التربية إماما لصلاة الظهر ففرح السلفيين لانه ملتحي وضحك الإخوان وشعروا بالنصر لأنه إخوانجي مستتر.

حاسس بيكوا وانتوا بتقولوا ايه العالم الهايفة دي؟ خناقة عشان دقن؟ لا يا سيدى وستى انها الرغبة فى الزعامة فإمامة الصلاة فى فكر هؤلاء هى رمز القيادة والزعامة

8- عندما تعرضت للفاشية الإخوانية
ذكرت لكم الموقف الحقيقي للإخوان من الديمقراطية، ولكن كان هذا في مقابل الأخر والأن مع موقفين حدثوا لي داخل التنظيم.

بعد أن أصبحت اخ عامل اصبحت عضو في أسرة فكنا نجلس ونضع برنامج العمل ونخطط للأيام القادمة ونأخذ القرار بأغلبية الحضور ونروح، نيجي تاني يوم نلاقي حاجات تانية خالص مطلوب مننا نعملها ولما نسأل مسئول الكلية (أمير الجماعة بألفاظ السبعينات) مش اتفقنا على كذا يقول لا أصل الإخوة شايفين كذا وطلبوا نعمل كذا وهو غير اللى اتفقنا عليه تماما. مع الوقت كان غضبي بيزيد من هذا التصرف الاستبدادي، فصككت لفظ “القرارات اللى بتنزل علينا بالباراشوت”. وبدأت اعمل مشاكل بسبب الموضوع ده وحصل تأزم فى الكلية نتيجة انضمام اخين تانيين لي كانوا متصعدين معي. بعد فترة مسئول الكلية اقترح (طلعت اوامر بعد كده) اننا نعمل رحلة مع نفسنا احنا 8 او 9 اخوة عاملين في كلية التجارة فقط ورحنا فعلا انطونيادس لعبنا كرة وروقنا لكن على نص اليوم حضر عبد العزيز زويل وطبعا فهمنا اللعبة على طول، البيه جه مخصوص علشانا فضل يلك ويعجن لكن لفت نظرى انه انتقد جملة “القرارات اللى بتنزل علينا بالباراشوت” لحظتها عرفت ان اللى بيكح فينا القيادة بتتبلغ بكحته.

عشان كده لو إخوانجي قالك احنا جماعة شورية اديله على قفاه وقوله امشي يا خروف.

اتذكر رد فعلي اول ما عرفت فى نادي الطباء “وبتهاجموا عصر عبد الناصر عشان الأخ كان بيبلغ عن أخوه؟ ما انتوا بتعملوا زيه أهو”

9- عندما تم إعطائي شلوط إلى أعلى
مع تزايد المشاكل بيني وبين الإخوان تم “ترقيتي” من مسئول اللجنة الثقافية بجامعة الاسكندرية والتى كانت تتشكل من 2 من كل كلية يعنى حوالي 20 واحد إلى مسئول عن تثقيف أعضاء الجماعة وهو منصب تم اختراعه لركنى على الرف وعزلي عن بقية أفراد الجماعة حتى لا أنقل لهم افكاري المريضة عن الشورى والحرية وأهمية الثقافة والفكر. وغالبا ما كانوا لا يتركوني استفرد بأعضاء الجماعة فقد كان يحضر أحد القيادات ليعارض ما اقول ولأنه كان مسطح الفكر مفلطح العقل كانت هذه المعارضة تقوم على الاستهزاء والسخرية وليس العقل والمنطق والدليل والبرهان. كما تم نقلي مع اثنين أخرين إلى أسرة جديدة من باب جمع البيض الفاسد في سلة واحدة فقد كان نقيب الأسرة أيضا من مثيرى الشغب.

10- عندما عرفت بأنه كان هناك اعتراض على تصعيدي.
عندما تم نقلي إلى الأسرة الجديدة من باب جمع البيض الفاسد في سلة واحدة، فاجئنى النقيب الجديد انه كان معترض على تصعيدي لرتبة أخ عامل وان من اصر على تصعيدي هو نقيبي السابق (هارب حاليا فى تركيا). فلما سالته لماذا كان الاعتراض. قال لأنك تنظر إلى الجماعة على أنها حزب سياسي وليست جماعة اسلامية. لأن هذا النقيب كان من القلة التى كانت تصدق أن الإخوان جماعة دعوية في الأساس وان ممارسة السياسة تأتي من باب شمولية الإسلام، فلما اكتشف الحقيقة انها حزب سياسي انتهازي مكيافلاوي بدأت مشاكله وانسحب هو أيضا.

ساعتها شعرت بالارتياح واننى لم أكن حمار تماما.

11- عندما عرفت أن الإخوان ليسوا فزاعة وأن أجهزتنا الأمنية مهلهلة
ايام 25 يناير وقفت ورفضت فكرة ان الإخوان مجرد فزاعة يستخدمها مبارك، مؤكدا خطرهم وانهم سيكونوا البديل لمبارك، فنحن نستبدل السيئ بالأسوء. فشتمنى من شتمنى ومسحني من مسحنى وبلكني من بلكنى وقطع علاقته بي من قطع.

أتى يقينى من أن ما نراه من الإخوان هو مجرد قمة جبل الجليد، عندما حضرت أحد المعسكرات لتصعيدي لدرجة عامل فكانت المفاجأة برؤية معيدين واستاذة جامعة يحضرون المعسكر استعدادا لتصعيدهم أيضا، ففرحت طبعا (وقتها) ان الجماعة تخترق هيئة التدريس بهذه القوة وبشخصيات لا يعرفها أحد كذلك، في أحد الاجتماعات التنظيمية إذا بأحد الطلاب في قسم الاقتصاد يحضر معنا وهو كان بالنسبة لنا مجرد طالب متدين هادئ متفوق، فاتضح انه اخ عامل ولتفوقه تم إخفاءه استعدادا للتعيين كمعيد.

أما الكارثة الكبرى فعندما تم تجنيد أحد أعضاء الجماعة العاملين ورئيس اتحاد طلاب كلية تجارة ظابط احتياط، خدم الثلاث سنوات كاملة دون ادنى مشكلة وخرج في سلام وامان، طبعا بخلاف من تم تجنيدهم كعساكر فهم تقريبا كل اعضاء التنظيم. يومها عرفت ان أجهزتنا الأمنية تعمل منفصلة عن بعضها وان أمن الدولة ليست على اتصال بالمخابرات الحربية او التحريات العسكرية.

عرفتوا ليه كنت رافض موضوع ان الإخوان فزاعة وكنت متأكد انهم حيمسكوا البلد بعد مبارك، وعرفتوا ليه بقول ان مبارك والعادلي شاركوا فى تسليم مصر للإخوان؟

أخ عامل دفعتى وعضو اتحاد طلاب كلية تجارة، اعتقل وأثناء الاعتقال حل موعد الكشف الطبي فطبعا مرحش، بعد ما طلع راح منطقة التجنيد فسألوه ماجتش مع دفعتك تكشف لية، فقالهم اصلي كنت معتقل، فبعتوه المخابرات الحربية وبعدها أخد الاعفاء. السؤال هنا ماذا لو لم يعترف الأخ انه كان معتقل وقال انه كان مريض او مسافر؟ ملحوظة هو اعترف لانه مكانش عايز يدخل الجيش فقط لا غير.

12- مع الإسلاميين المستقلين أو المستنيرين
بعد أن تركت الجماعة ظللت أحمل فكر الإسلام السياسي وان الإسلام دين دولة ولكن بدأت في الاتصال مع باقي الإخوان الذين تركوا الجماعة بالمفكرين المستقلين مثل فريد عبد الخالق ومحمد فتحى عثمان وعبد الحليم ابو شقة وأحمد كمال أبو المجد وسليم والعوا وغيرهم ممن يطلق عليهم المستنيرين وتحولت إلى القراءة في أسلمة العلوم خاصة إصدارات المعهد العالمي للفكري الإسلامي في فريجينا بأمريكا. وكنت في كل مرة اقرأ كتاب عن أسلمة أحد العلوم وخاصة العلوم السياسية باعتباره تخصصي، كنت أتأكد أكثر أنه لا يوجد ما يسمى بعلم إسلامي وغير إسلامي، فهي علوم من إنتاج الإنسانية يحاول هؤلاء المدعون أسلمتها عن طريق إضافة بعض الآيات والأحاديث والقصص التاريخية إليها للقول أننا نعرف هذه الأشياء من قبل هؤلاء الغربيين الكفار. وهنا لابد أن اذكر تأثير كتاب الأحكام السلطانية للمواردي الشافعي وهو من كتب التراث الاسمي.

13- الأحكام السلطانية
من الأمور التى جعلتنى أعيد التفكير فى مفهوم “الإسلام دين والدول” قراءة كتاب الأحكام السلطانية للإمام الماوردى الشافعى. فقد اعتقدت أنى سأقرأ كتاب يأصل للسياسة الشرعية من الكتاب والسنة، فإذا بي أمام كتاب يقوم بشرعنة جرائم الخلفاء واستبدادهم، وشعرت أن الماوردي نفسه ممن يطلق عليهم فقهاء السلطان خاصة عندما وجدته يتخذ من أفعال الخلفاء أنفسهم دليل شرعي، تخيلوا أن تصبح أفعال وقرارات معاوية بن أبي سفيان أو مروان بن الحكم دليل شرعي فى حد ذاته؟

بمجرد انتهائي من الكتاب بدأت فى مراجعة هذه الفكرة “الإسلام دين ودولة” وانتهيت إلى انه دين فقط، أما الدولة “فنحن أعلم بأمور دنيانا”.

وهكذا تخلصت من أوهام الإسلام سياسي تماما في رحلة استغرق من 1987 وحتى 1999. ولكن الحق أقول لكم لست نادم على هذه الرحلة فقد استفدت منها كثيرا في التعرف على هذا الفكر الميت المميت، ما أكسبني حصانة ومن حولي من هذا الفكر وأعطاني هذه القدرة العالية على نقد أفكارهم وعدم الانخداع بقال الله وقال الرسول.

وانطلقت بعد ذلك في رحلة فكرية اعتزلت فيها العمل العام مكتفيا بعملي وأسرتي وقراءاتي الخاصة ومتابعة الأحداث عن بعد لأعود مرة أخرى في 2008 قومي مصري علماني ليبرالي.
26/10/2014

 الصورة اللي على اليمين أوائل التسعينات في مكتب أبوية في مدينة جدة كان شغال Claiming Manager في LUnion des assurances de Paris كنت لسه مخلص العمرة في الرحلة اللي كنا بنظمها في الجامعة في نص السنة، وحالق قارعة على السنة حسب المذهب الحنبلي
الصورة التانية بتكلم في ندوة في ذكرى اغتيال فرج فودة

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد