الأقباط متحدون - رسالة وداع لأبونا يغيشيه
  • ٠٧:٥٦
  • الاثنين , ٣٠ ابريل ٢٠١٨
English version

رسالة وداع لأبونا يغيشيه

باسل قس نصر الله

مساحة رأي

١٢: ٠٣ م +02:00 EET

الاثنين ٣٠ ابريل ٢٠١٨

صوره_أرشيفية
صوره_أرشيفية
بقلم المهندس باسل قس نصر الله مستشار مفتي سورية
لم نكن صديقين مقربين جداً ...
 
لم أكن أعرف الكثير عن أعمالك ونشاطاتك ...
 
لم أعرفك تماماً إلا منذ سنتين فقط أو أكثر بقليل
 
سمعت بك أبونا يغيشيه بشكل بسيط ولم أهتم بمعرفتك في البداية، لكن تردد الإسم كثيراً وفي مطارح متعددة، جعلني أسأل من هذا "اليغيشيه"؟
 
عرفتك واقتربت منك قليلاً بحياء، وأصبحت أتابعك من بعيد، فَلَفَتَني أن هذا الإنسان المتواجد داخل لباس الكهنوت هو ظاهرة في فضائنا، لا بل أنها تجاوزت فضاء مدينة حلب، وانطلقت الى فضاءات سورية والعالم، بسرعة ولكن بثقة.
 
لن أنس أبداً أنك لازمت ابني اميل لدى اجراء عمليته الجراحية واقامته في المستشفى، وأنك صديقه، حتى أن والدتك المصعوقة بغيابك، أخبرتني عندما جئتها معزياً، بأنها تعرف حتى تاريخ ميلاد ابني، فكم كنتما مقربين جداً.
 
الكثير من الناس حزن لغيابك المفجع، والكثير من أصدقائك - الذين بهرني عددهم الكبير -، حزنوا لفقدانك، وعزفوا وأنشدوا لحن غيابك وأنت الذي تابعت معهم لحن الحياة.
 
لن أنسى أنني كلما اقتربت منك، كنت أنبهر بلطفك وابتسامتك لا بل ضحكتك المدوية.
 
كان سحرك بهذه الضحكة التي تدخل بها القلوب دون استئذان
 
وكان نشاطك – غير الطبيعي – في مجالات الموسيقى والرعيّة والإعلام المرئي وغيرها الكثير، ومشاريعك المستقبلية التي كنت تفكر فيها، كأن كل ذلك الإندفاع كان لقدر لم يمهلك كثيراً، فوضعت بَصْمَتك على الكثير ... ورحلت.
 
أبونا الغالي، لا يحق لك أن تغادرنا فجأة
 
كنيستك وأهلك وأصدقائك وجميع محبيك، صُعقوا لغيابك، وأعرف أنك ستسألني لمذا أستخدم الغياب وليس الموت؟
 
ومن قال أن من عرفك سيصدق أنك مت؟
 
أعتذر عن استخدامي كلمة "نشاط"، لأن الأدق هو "إبداع".
 
كانت حياتك القصيرة - بمفهومنا الأرضي – هي بحد ذاتها إبداع، فقد كنت مبدعاً بلطفك، ومبدعاً بضحكتك، ومبدعاً بأعمالك الموسيقية والإعلامية وأهمها الكهنوتية.
 
لن أطيل عليك، فأنا أعرف أن الفارس عندما يترجل، يكون متعباً، وأنت لا شك تريد أن ترتاح.
 
لأنك شعلة وأشعلت الجميع من حولك بنشاطك مسيحيين ومسلمين، وأنا واثق أن هذه الشعلة لن تخبو، لأنك عملت بصدق وعملت لأجل الإنسان في وقت صعب وفي وقت كان الموت يحيط بالجميع، فزرعت الحياة والأمل والرجاء، وعندما اطمأنيت على أن الطريق أصبح آمناً، غادرتنا
 
الأب يغيشيه الياس جانجي، صديق ابني اميل وصديقي، ارقد بسلام.
 
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد