الأقباط متحدون | شهادة حمراء وشهادة بيضاء
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٨:٣٢ | الثلاثاء ٧ يونيو ٢٠١١ | ٣٠ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤١٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

شهادة حمراء وشهادة بيضاء

الثلاثاء ٧ يونيو ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

  بقلم : مدحت ناجى نجيب
إنَّ الشهادة عمل كل مُؤمِن دُعِيَ عليه اسم المسيح وقبل نِعمة المعمودية، وصار له المسيح نصيباً... فحالِة الاضطهاد التي تتعرض لها الكنيسة من وقت لآخر هي الحالة العادية والصحية للكنيسة في كل العالم حتى تنفض كل الاوراق الضعيفة كالشجرة التي تجدد أوراقها ، لذلك فالاستشهاد هو جوهر وأساس المسيحية، ما من ديانة أخرى قدمت شهداء مثل المسيحية ، ما من ديانة حسبت الموت ربح ، لقد كان الوثنيون والرومان يتعجبون من قوة ايمان وثبات شهداء المسيح وذلك لأنهم شربوا من صخرة تابعتهم والصخرة كانت المسيح ، فالاستشهاد هو إعلان عن صليب المسيح الذي صار لنا نعمة ومجد وتَبَعِيَّة فيقول السيد المسيح له المجد " من لا يحمل صليبه ويتبعنى لا يقدر أن يكون لى تلميذاً " إذا فهو شرط التبعية .فالاستشهاد موضوع علينا، وإن كان الاستشهاد بالدم هو أكمل وسيلة لتبعِيَّة المسيح وتحقيق الوجود المسيحي، فهو لن يكون الوسيلة الوحيدة لأنه ليس مُقدَّماً للجميع بل للذين أُعطِيَ لهم، والله يُتوِج خُدَّامه وهو يطلُب إيماننا العامِل., والنفسية المستعدة للأستشهاد متى طلب منها ذلك ، لذلك يقول أنبا باخوميوس أب الشَرِكَة, والذى دخل المسيحية " بالقدوة الصالحة " هى التى جذبته الى المسيحية من سلوك بعض المسيحيين : عن نوع أخر من الاستشهاد غير استشهاد الدم ،فيقول : أنه ليس فقط تقطيع الأعضاء والحرق وحدهُما هما استشهاد!! بل تعب النُسك واحتمال الآلام والأمراض واحتمالها بشُكر هو الشهادة "من أجلك نُمات كل النهار " هي المحبة الكامِلة وإنكار الذات والبذل والتكريس والعفاف والتلمذة كبُرهان على استعداد النَّفْس للاستشهاد، فالتكريس والبتولية ونذر الرهبنة صارت طُرُقاً مُماثِلة جداً للاستشهاد، والعذارى والرهبان والمُكرسين صورة مُماثِلة للشُّهداء، حتى أنَّ القلاية تُعَدْ مكان شهادِة الراهِب الدائِمة.

وفى هذا الوقت الذى تمر فيه الكنيسة من ضيق وأضطهاد ،فتقدم كل يوم شهداء للمسيح ، لكن إذا لم تكن انت من ضمن الذين يستشهدوا وينالوا هذا الشرف ، فماذا تفعل لكى تكون أنت شهيد أيضاً ، فهل تظُن أنَّ الاستشهاد على خشبة فقط او تموت بقتل المسدس او بالحرق او... هو الذي يصنع الشهيد ، لو كان ذلك لحُرِم أيوب من إكليله وهو يُماثِل بذلك ألف شهيد. في الحقيقة لن أنكر أنَّ الاستشهاد بالدم له كرامة وبركة خاصة ولكن.... الحياة النُّسكيَّة هي بمثابِة استشهاد يومي بالإرادة., العظيم أنبا أنطونيوس هو أوِّل من عاش الاستشهاد بدون سفك دم.
لذلك كل مسيحي إنما هو شاهِد وشهيد وكارز بأسم المسيح ، وعصر الاستشهاد لم ينتهِ حتى ولو انقضى زمان الاضطهاد ، لذلك أبشرك بأنك يمكنك ان تحصل على شهادة أخرى ، يمكنك الحصول عليها من حياتك اليومية من خلال قيامك ببعض المناورات الروحية ضد إبليس وملائكته وهو العدو الوحيد لنا في هذا العالم ، الحروب التى أقصدها الحروب ضد الشهوات والعادات الشريرة والصِراع ضد الرغبات بشرط أن تنتصر عليها .
لذلك يوضح لنا المُؤرِخ الكنسي يوسابيوس القيصري عن الكهنة والشمامِسة والخُدَّام الذين ماتوا بسبب كثرِة زياراتِهِم للمرضى وخدمتهُم بحُب مسيحي فانتقلت إليهم العدوى ومات البعض منهم، إنه لا يمكن أن يكون قد نَقَصهُم شئ من الاستشهاد. ويقول قداسة البابا شنودة "ذهبى الفم الجديد " ( إن النفس التى لها نفسية الشهيد ، تأخذ أجر شهيد حتى وان لم تستشهد ).

مجالات الحصول على الشهادة البيضاء :
يقول القديس يوحنا ذهبى الفم عن مجالات الشهادة ، إن احتمال الضيقات كلها ببسالة وشجاعة يُحسب لك استشهاداً“... وأضاف قائِلاً " لأنَّ كثيرين تحمَّلوا السِياط، لكنهم لم يحتمِلوا فُقدان مُمتلكاتِهِم... “. بل يعتبِر أنَّ كل احتمال له بركته ودلالته ، فكونك تحتمل الآلآم دون ان تلجأ الى اعمال السحر والشعوذة فهذا استشهاد ، لأنه كما يحتمِل الشهيد آلام العذابات بجَلَد مُقابِل أن لا يسجُد للتمثال، هكذا أنت تحتمِل ضيقات مرضك دون أن تلجأ لأعمال السِحر للشفاء منها“.. لذلك فالإنسان المسيحي شهيد بالليل، وشهيد بالنهار، شهيد يُمات كل النهار لكي تظهر حياة يسوع في جسده المائِت، شهيد في حياته اليومية، شهيد في أخلاقياته، إنها الشهادة السِّرِّية الداخلية، شهادِة الضمير التي هي وصية للجميع وكل من يتخلَّى عن مشيئته الخاصة ويرتضى بمشيئة الله فهذا يُسفك دمه بحسب قول القديس برصنوفيوس .
إذا "الشهادة البيضاء“ هي شهادِة المحبة المُضحية والبذل وحمل الصليب والنُسك والسلوك بلا عثرة... لكى يروا اعمالكم الصالحة فيمجدوا اباكم الذى في السموات تلك التي قال عنها القديس ميثوديوس الشهيد أسقف أولمباس ”إنَّ حياة التكريس والبتولية هي استشهاد ليس في لحظة واحدة قصيرة بل هي استشهاد مُمتد طوال الحياة“. فينال أولادها أكاليل بيضاء بجهادِهِم في غير زمن الاستشهاد، وينالون أكاليل قُرمُزية مُخضبَّة بدِماء شهادتِهِم في زمن الاستشهاد، عندئذٍ يكون في السماء لكلٍ منهم زهوره التي يتمجد بها مع المسيح .
" الى هنا أعاننا الرب"




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :