الأقباط متحدون | رساله إلى السيد|المشير والمجلس العسكرى (3)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٠:٣٤ | الثلاثاء ٧ يونيو ٢٠١١ | ٣٠ بشنس ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤١٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

رساله إلى السيد|المشير والمجلس العسكرى (3)

الثلاثاء ٧ يونيو ٢٠١١ - ٣٢: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: حنا حنا المحامي
حضرات الساده الاجلاء. تحية وتقديرا وإعزازا

إنى لم أتشرف بلقاء سيادتكم بعد ولكن تربطنى بكم أعز ما فى هذا الكون بالنسبه لى ولكم, والذى يتمثل فى وفاء مشترك وعرفان مشترك وولاء مشترك وحب مشترك بل وتقديس مشترك, ألا وهى "مصر".

إننا إذ نكتب فإننا نكتب متطلعين إلى مصر: ما هو فى صالحها؟ ما الذى يحقق لها الرخاء؟ ما الذى يوفر لها الحريه والمكانه والاحترام أمام كل دول العالم؟ إننا جميعا ننكر ذواتنا من أجل مصر, بل نتحمل كل مشقه وكل تضحيه من أجل مصر, ونتنازل ونترك ونهجر أى شئ قد يسئ إلى مصر أو يضر بها. إنها مصر التى تسرى فى عروقنا ودمائنا فالدماء لا يفقدها الانسان مهما بعدت به الشقه ومهما طال به الزمن, لأن الدماء هى حياة الانسان وتسرى فى كيانه ووجوده, إنها "مصر".

من هذا المنطلق أود أن أكرر ما سبق أن قلته من أنه يتعين أن أشيد بموقف جيشنا العظيم أمام ثورة اللوتس البيضاء. كان يمكن أن تسيل الدماء أنهارا فى الشوارع لولا تدخلكم الحكيم والسلمى. من هنا كان تقديرى وإعزازى لتقديسكم لمبدأ الحريات, ومنها حرية الاجتماع وحرية التعبير.

إلا أنه من ناحية أخرى, لتلك الحريات ضوابط فبالقطع هذه الحريه تقف عند الاعتداء على الغير.

من هنا تأتى رسالتى هذه مقره بكل عرفان لمجهودكم, وفى نفس الوقت لن أخلو من أى تساؤلات عما يعن فى خاطرى أو يجيش فى وجدانى. ذلك أن الابن عادة يسوده القلق على والده أو والدته فيندفع بحكم هذه العاطفه الجياشه إلى البحث عن مصلحة الام أى الوطن أى "مصر".

فتدخلكم كان هدفه الاول والاخير هو مصلحة مصر وليس مصلحة الافراد أيا كان هذا الفرد. إذن دعنا نناقش ما هى مصلحة مصر وكيف تتحقق هذه المصلحه.

ليس كل إنسان يعرف كل شئ. ولكن هناك بديهيات يعرفها العامه والكافه. فمثلا إن أى دوله يسودها الانقسام لن تتقدم لان الصراعات سوف تستنفذ الجهد والمال هذا وإن كانت هذه بديهيه, إلا أنها قاعده اقتصاديه يبنى عليها أى مجتمع يتطلع إلى التقدم والرخاء. وقد تحققت الدول الاوروبيه والامريكيه من هذه البديهيه فعملت على تلافى أى شئ أو أى عامل يسبب تلك الصراعات ويستنفذ الجهد والمال دون طائل. ومن هنا كان ازدهار تلك الدول وقوتها. فمثلا رغم الازمه الاقتصاديه الطاحنه نجد أن أمريكا مستعده لدعم مصر لتفيق من كبوتها. وكذلك أوروبا. ما معنى هذا؟ هذه الدول لها من القوه الاقتصاديه ما يساعدها على أن تمد يد المساعده للدول الضعيفه والتى تريد أن تواكب التقدم, وذلك رغم الازمات الاقتصاديه. لأنها دول قويه اقتصاديا. وسبب هذه القوه هو روح التماسك والتعاون والانكباب على العمل والانتاج بصرف النظر عن مذهب الشخص أو دولة المنشأ والميلاد أو العقيده أو الدين.

هذه الدول المتقدمه أدركت بحسها الواعى والمتقدم أن العلاقه بين الانسان وربه علاقه مباشره ليس فيها وسيط أو عميل أو مستفيد.

على عكس ما حدث فى مصر على سبيل المثال. فمصر قبل قيام الثوره كانت وحدة واحده ووطنا واحدا فكانت قبلة الشرق والغرب والعالم. كان الجنيه الاسترلينه يساوى أقل من جنيه مصرى. كان يساوى سبعة وتسعين قرشا ونصف القرش. نعم يا سيدى هكذا كان اقتصاد مصر. ماذا حقق لها الانقسام والتطاحن؟ أصبح الجنيه الاسترلينى يساوى ثمانية جنيهات تقريبا. أى أن الاقتصاد المصرى قد تقهقر ما يقرب من تسعة أضعاف.

هذه الحقيقه لها أساس. فقد سعت الاخوان المسلمين أن تديّن مصر فيقسموها, بل يكون هذا التقسيم بالعنف وبالقتل والدمار والخراب. :كانت النتيجه أن الاقتصاد ضعف, والدوله شاخت قبل الاوان, فاستنفذت مواردها. وقد استغل الفساد سريان النعره الدينيه فى الدوله فعمل على نموها كى يستشرى فى جميع أوصال الدوله. وفى ظل هذا المناخ الفاسد والشرير ضاعت مصر كدوله واستفاد مجموعه ممن باعوا الضمائر والوطن فخانوا الامانه وخانوا الوطن ومصلحة الوطن ولم يسعوا إلا إلى مصلحة العصابه ولتذهب مصر ومصلحة مصر ومصلحة شعب مصر إلى الجحيم.

من هنا كان المنطلق لثورة الشباب. أى أن الشباب النقى الطاهر قام بثورته بسبب التفتت والانقسام والصراع الداخلى والذى يخلق أولا وأخيرا المناخ لسريان الفساد. لقد أدرك هذا الشباب الطاهر والنقى أن الدين هو التكئه التى يرتكن عليها الفساد كى يحقق أهدافه الانويه والغير مشروعه. لذلك هبّ شباب مصر ليس على الفساد فحسب, بل على النزاع الدينى الذى استعمل كتكئه لنشر الفساد. أدرك هذا الشباب الطاهر أن الصراع الدينى يضعف مصر ولا يخدم إلا ثله من النتفعين على حساب الوطن وقوته وتقدمه.

لقدعلمنا التاريخ القديم والحديث أن الدين هو الاداه التى يستولى بها الحاكم على الحكم ويؤبده لصالحه وصالح ذويه وصالح ذريته. كذلك علمنا التاريخ الاسلامى أن هذا هو نهج المسلمين على طول التاريخ. فكانت النتيجه هى التخلف والتقهقر الناتجين عن التعصب. من هنا أرجو أن أسرد لكم الحقائق الآتيه:

واضح منذ البدايه أن اتجاه المجلس العسكرى إخوانى. وقبل أن أبين مظاهر هذه الحقيقه أود أن أنبه المجلس العسكرى أن الاخوان إن استولوا على الحكم أو على مجلس الشعب, سوف تكون كارثه على مصر. وسوف تكون المسئوليه على المجلس العسكرى. وهذا القول لا يجوز أن يلقى جزافا أو على عواهنه بل له دلائل وإثباتات.

تاريخيا: كانت مصر تعيش فى وحدة شامله كامله وكانت مصر فى هذه الحقبه من الزمن تشكل وطنا رائعا متكاملا قويا اقتصاديا وسياسيا ولها مكانتها فى كل بقاع العالم. حين ظهر الاخوان على السطح, وجدنا العنف بأبشع معانيه وأعتقد أن أحداث يناير سنة 1952 والدمار الذى لاحقها ومن قنابل وتفجيرات لا تزال ماثله فى الاذهان لمن عاصر هذه الحقبه القاسيه من تاريخ مصر.

إن الاحداث الدمويه التى ارتكبها الاخوان المسلمون منذ ذلك التاريخ حتى الآن لا أعتقد أنكم لا تدركونها إدراكا كاملا أو تجهلون آثارها وتبعاتها. وهذا العرض أقدمه فى أيجاز مطلق.

لذلك وحتى إذا فرض أن الود المتصل مع الاخوان المسلمين حقيقة قائمه, فأرجو أن تدركوا (ولا أخال أنكم لا تدركون) أن العاقبه سوف تكون وخيمه على مصر وعلى المصريين. ذلك أن الاخوان أجندتهم هو حكم الدوله الدينيه. حتى المسلمين المتطرفين سوف يشعرون بالندم لو استولى الاخوان على الحكم, ولكن بعد فوات الاوان. إنهم يرون أنهم المنوط بهم تنفيذ حكم الله (وهو مبدأ الحاكميه). ويتعين أن ندرك أن هذا هو السند الذى يستندون إليه من أجل الوصول إلى السلطه, تلك السلطه التى سوف تكون مطلقه ومؤبده.

وفى عجاله أقول إن هذا القول لا يستند إلى دين أو منطق. ذلك أن الاسلام دين ودوله. ففيما يتعلق بأحكام الدين فهو من الثوابت التى لا يجوز حتى مناقشتها. أما الاسلام كدوله فيتعين أن يتطور مع التقدم الانسانى حتى يواكب المقتضيات الحضاريه والعمليه والثقافيه. والقول بأن الاسلام كدوله من الثوابت شأنه شأن الدين يكون قد اعتدى على الاسلام نفسه واتهمه بالتخلف وهذا ما لا نرضاه.

نعود بنا إلى الشواهد التى استقينا منها انتماءكم الاخوانى. أولا لقد عينتم شخصيه من أكبر الشخصيات الاخوانيه المعروفه بكراهيتها الشديده للمسيحيه والمسيحيين للتعديل الدستورى. فوضع التعديل الدستورى وفق هواه التعصبى. ثم عرضتم هذا التعديل المتطرف للتصويت وطبعا حصل على الاغلبيه.

ثانيا: عملية التصويت نفسها كانت غير سليمه (وهذا اصطلاح مهذب) ولكنها وجدت فى نفوسكم الهوى طبعا. وبهذه المناسبه أقول لكم أنه لا يجوز لمجموعه أيا كانت أن تفرض أحكام دينها على معتنقى دين أخر. وإذا ارتكنت المجموعه الاولى على أنها الاغلبيه, نكون أمام مسأله أخلاقيه إذ أن الاغلبيه تستغل سلطة تعدادها لتفرض أحكام دينها على أقليه استنادا إلى وهم الاغلبيه وبذلك نكون أمام مشكله أخلاقيه. كما نكون أمام مشكله فريده تنفرد بها مصر عن كل دول العالم. إذ أن كل العالم المتحضر والمسيحى يترك للمسلمين الحق فى أن يباشروا أحكام دينهم فى حرية مطلقه.

ثالثا: وهنا لا داعى للتفاصيل ذلك أن الاعتداءات المتكرره على المسيحيين سواء أفراد أو جماعات أو دور عباده, لم تحظ منكم بالاهتمام الكافى أو أى اهتمام على الاطلاق كرجال يمسكون بمقاليد الحكم والمفروض أنهم يحرصون على سلامة الكيان الوطنىو ذلك الكيان الذى جعلمكم جريصين وحارسين عليه. أى أن أمانة المسئوليه لم تستوف وذلك لصالح المتطرفين وإن كان ضارا بالوطن (فاعتداءات السلفيين تمت فى أمان كامل). علما بأنكم المسئولون أولا وأخيرا عن سلامة هذا الوطن.

رابعا: إننا شعب يضع الاعراض فى المرتبه الاولى من كيانه رجالا ونساء. مع ذلك لم يحظ خطف البنات منكم بأية رعايه. علما بأن ابنة السادات حين اختطفت أطلقتم مائه وستين فرقه للبحث عنها وفعلا وجدت بعد ثلاث ساعات. ألا توافقونى الرأى إن قلت إن المسيحيين يحق لهم أن ينظروا إلى المجلس نظره تعصبيه لا ترعى مصلحة الوطن بكل طوائفه وأطيافه؟

خامسا: لوحتم بعصا الارهاب حين استدعيتم ثلاثة كتاب أحرار من الشباب ... الاستاذ نبيل شرف الدين والاستاذه ريم ماجد وأخر لانهم قالوا إنه واضح من تصرفاتكم أنكم تؤيدون الاخوان أو السلفيين. هنا حضر الثلاثه ومعهم عشر محامين متطوعين ليس للدفاع عنهم بل للدفاع عن مبادئ الثوره البيضاء, كما حضر أكثر من ألف شاب من أصحاب الثوره الاصليين. وعليه تراجعتم أمام الاراده الحقيقيه للشباب أصحاب الحق فى التغيير الذى يصرون عليه وقد دفعوا له ثمنا با هظا من دماء زملائهم الضحايا. حضرات الساده أرجو أن يكون قد بات جليا أن الثوره جاده وأن الشباب جادون, فمن ثم يتعين مؤازرتهم وليس مناهضتهم.

سادسا: لا تستجيبوا إلى مطالب الشعب إلا بالمظاهرات والاعتصامات كما أن الامن أصبح فى خبر كان ولم يعد أى إنسان آمنا على نفسه أو بيته أو عرضه أو ماله. والقصص لا تقع تحت حصر. ولقد بدأت بعض الاصوات تصيح أن ذلك ليس إلا ثمارا من أفعال الثوره المضاده والتى كانت تستفيد من النظام الفاسق والسابق. إن كثرة هذه الاعتصامات أضرت بمصر إضرارا بالغا اقتصاديا وأدبيا وسياسيا. إنكم يا ساده من الشعب وإلى الشعب ويتعين أن تكونوا مرآة لآلامه وأماله بلا حاجه إلى كل هذا الضجيج والعجيج فمصر هى الوحيده التى تدفع الثمن, وكذا الشعب المسكين. ولا يمكن إلقاء اللوم على الشباب بل المسئول هو من بيده تنفيذ طلبات الشباب "المشـــــــــــــــروعه".

سابعا: أنتخابات مجلسى الشعب والشورى المفروض أنها تتم بناء على نصوص دستوريه. أى أن الدستور يوضع أولا ثم الانتخابات. ولكنهم عكستم الآيه, ورغم الاعتراضات المتكرره تتشبثون بالرأى لغرض فى نفس يعقوب. ونفس يعقوب يتعين ألا تنظر إلا لصالح مصر فقط وهذا الصالح يتمثل فى وحدة الهدف بصرف النظر عن الدين أو العقيده.

ثامناا: لقد دفعتم الشباب المعتصم بميدان التحرير فى 27 مايو الى المناداه "الجيش والشعب أيد واحده, والمجلس العسكرى مش إيد واحده". وهذه العباره لها معان خطيره لا شك أنكم تدركونها. على أى حال الوقت لم يضع كى تتداركونها.

تاسعا: رغم كل هذه الحقائق والتى أقول إنكم مسئولون عنها, فلا تزال هناك فرصه لانقاذ مصر فى هذه المرحله الحاسمه. وأرجو أن أذكركم أن الوطن هو الذى يحمى الاديان وليست الاديان هى التى تحمى الوطن. على ذلك فمصر أولا ومصر ثانيا ومصر أخيرا.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والاجلال.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :