آمنة نصير: «العيال السلفيين» خطفوا الشارع بـ«الجلابية» وشيوخهم نصابون.. «حوار»
أخبار مصرية | أمان
الاثنين ٧ مايو ٢٠١٨
- اعتبرتْ ابن تيمية مجددًا فقهيًا.. وصفتْ سعد الهلالى بـ«المجتهد الشجاع».. وشددت على ضرورة تقوية الأزهر
- بطانة» شيخ الأزهر عبء عليه ولا دور لها وأؤيد بقاءه فى منصبه مدى الحياة
- التكنولوجيا «فتنة العالم».. ولا أناقش رسائل علمية منذ 5 سنوات بسبب «الكوبى بيست»
- زيادة رواتب الوزراء تافهة «لكن مش وقتها» والحكومة والبرلمان «حبايب»
وصفت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، عضو مجلس النواب، مردود الزيارات الخارجية لشيخ الأزهر إلى الخارج بـ«الكبير للغاية»، معتبرة أنه يؤدى دوره على الوجه الأكمل لتحقيق الأمر الإلهى بالتقارب بين الناس.
واعتبرت، فى حوارها مع «أمان»، أن الأمة الإسلامية جاهلة، لا تقرأ ولا تتعلم، وهو ما استغله السلفيون فى ترويج أفكارهم المتشددة بين الشعب، الذى يخشى الله ويفكر دائمًا فى الأخذ بــ«الأحوط» من الدين.
ورأت أنه لا حل للقضية الفلسطينية، لأنها «دينية وسياسية»، ولن يتراجع أىٌّ من طرفيها «العرب واليهود» عنها، خاصة فى ظل متاجرة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والحكومة الإسرائيلية بها.
وإلى نص الحوار:
■ بداية.. ما تعليقك على الجولات الخارجية لشيخ الأزهر؟
- مردودها كبير للغاية، وأنصح من يريد معرفة قيمة ومكانة الأزهر بالسفر إلى الخارج، وخصوصًا إفريقيا، ولا أنسى تلك المرأة التى أتت إلى مقابلتى فى النيجر، وأرادت أن تقبل رأسى أو يدى، ليس لشىء سوى أننى «من ريحة الأزهر»، فهناك نظرة رفيعة جدًا للأزهر فى الخارج.
■ كيف يؤثر ذلك علينا؟
- الإمام أحمد الطيب يسعى إلى التقارب مع الغير، لذلك يسافر إلى آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهذا دوره الرائع جدًا، تنفيذًا للأمر الإلهى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا».
النداء هنا شمل الناس، وشيخ الأزهر يكثر من سفرياته، لأنه إمام المسلمين، وهذه مسئوليته، ولا بد أن يذهب إلى هؤلاء ليشعرهم بدور الأزهر الحيوى، وكيف يشعر بآلامهم وأفراحهم، وأنا أبارك كل هذه الزيارات، وأتمنى أن ينتفع أهل هذه البلاد بها.
■ لماذا يوجد أكثر من خطاب دينى فى مصر؟
- هذه طبيعة الإنسان المسلم، الذى دائمًا ما يحدث نفسه بأخذ «الأحوط فى الدين».
■ أىُّ المذاهب «الأحوط» فى الدين؟
- رجل الشارع العادى يتخيل أن السلفيين هم «الأحوط»، لأنه ليس عالما ولا مفكرا ولا فيلسوفا، لذا وللأسف يـتأثر بهؤلاء المتشددين، الذين ابتلينا بهم، وكأنهم هم الذين يملكون الصواب فقط.
نحن أمة جاهلة، ولدينا نسبة أمية كبيرة، بين الرجال والنساء.. و«العيال السلفيين» أكثر شىء اعتمدوا عليه هو «الجلابية والطاقية»، وأغروا الشعب المصرى بهذا المظهر وهذا الفكر، الذى تبناه العديد من الشباب، من باب «الأحوط»، رغم أنه من ثقافة وهابية، غير ثقافتنا.
■ لماذا لم يواجه «الأزهر» تلك الأفكار المتشددة وترك المصريين ضحايا لها؟
- لأنه ليس بالقوة الكافية الآن، على عكس ما كان عليه خلال الـ١٠٠٠ سنة الماضية، وتحديدًا مثلما كان قويًا أيام الشيخ المراغى، وغيره من الأئمة العظام السابقين، الشيخ عبدالحليم محمود، والشيخ محمود شلتوت، والشيخ عبدالرحمن بيصار، الذى ناقشنى فى رسالة الماجستير الخاصة بى، وقتما كان شيخًا للأزهر.
وكان «بيصار» أول أستاذ أزهرى يدخل جامعة عين شمس، بسببى، لأن رسالتى كانت فى تلك الجامعة، رغم تعيينى فى جامعة الأزهر، ما عرضنى إلى الملامة من رئيس «عين شمس» وقتها، لكن قلت له: «هتعين فى الأزهر، لازم اللى يقيمنى يكون أزهرى، لأن رسالتى كانت عن أبى الفرج عبدالرحمن بن الجوزى، رأس السلفية الصح، مش سلفية النصابين، بتوع اليومين دول».
■ ما سبب تراجع «الأزهر» عن مواجهة السلفيين؟
- لأنه «عمل حساب» شيوخهم وانخداع الناس فيهم، لذلك فضل عدم التصادم معهم، لأن أفكارهم «الوهابية» منبعها السعودية، بلاد النبى محمد «صل الله عليه وسلم».
■ يبدو أنك لست راضية عن دور الأزهر فى هذا الشأن؟
- طبعًا، غير راضية.
■ لماذا؟
- لأنه ضعيف، ولا يتمتع بالقوة التى تحتاجها المرحلة، وبصراحة، أنا لا أعادى أحدًا، وأكبر دليل على ذلك أننى ثمنت سفريات شيخ الأزهر إلى الخارج واعتبرتها محمودة، لكن الأزهر ليس قادرا الآن على التصدى للأفكار المتشددة ومروجيها.
ومن وجهة نظرى، أسباب الضعف تنحصر فى تراجع دور الجامعة والمعاهد الأزهرية، بالإضافة إلى بطانة شيخ الأزهر، التى لا دور لها على الإطلاق.
■ ما الذى فعلته «بطانة» شيخ الأزهر؟
- رغم كرهى الهجوم على أىّ أحد، لأنى أعتبر الهجوم هدما، إلا أن هذه «البطانة» لم تتمتع بالقوة ولا بالذكاء ولا بالعلم، ولم تحم دور الأزهر ولا شيخه، وأظن أنها عبء على الإمام وليست عونا له.
■ ما رأيك فى منهج الدكتور سعدالدين الهلالى؟
- ممتاز، يخدم تجديد الخطاب الدينى، وفيه اجتهاد وشجاعة.
■ لماذا هاجمه إذن مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر؟
- لا أعلم، شخصيًا أكره الهجوم، مهما كانت دوافعه، ولكن أحب التقييم والتدقيق، ومع هذا أحترم وجود الأزهر، ولا أهدمه، وأكبر دليل على ذلك، رفضى المقترح الذى قدمه بعض أعضاء البرلمان، بتحديد مدة شيخ الأزهر.
■ لكن ألا يخالف عدم تحديد مدة شيخ الأزهر مبدأ التغيير الديمقراطى؟
- لا، ليس ضد الديمقراطية، لأن منصبه ليس سياسيا، بل دينيا، وأنا شخصيا أفضل أن تبقى مدة شيخ الأزهر غير مقيدة بزمن.
■ لكن يعترض البعض على ذلك ويعتبرونه ضد فكرة تجديد دماء المؤسسات.. ما رأيك؟
- بوضوح، وللمرة الثانية، أنا مع بقاء مدة الإمام الأكبر مفتوحة، له وحده، وليس لبطانته.
■ ما رأيك فى دعوات دمج التعليم الأزهرى بالعام؟
- لا، لست معها، وعارضتها بشدة فور طرحها للنقاش.
■ لكن البعض يرى أن عدم الدمج يكرس للتمييز وعدم تكافؤ الفرص؟
- أنا ضد دمج التعليم الأزهرى مع العام، لأن لكل منهما خصوصياته، إذ يخرج من الأزهر من يؤم آلاف المساجد، ومن يقدم الفتاوى، وبصراحة أريد هؤلاء أن يكونوا أهلًا لذلك.
ولتحقيق ذلك، طالبت الأزهر بأن يعيد حساباته، وينظر فى مناهجه وينقيها، لتأهيل أولاده وبناته، للقيام بالدور المنوط بهم، سواء فى الدعوة ونشر الإسلام الوسطى الجميل، أو فى الارتقاء بثقافة المجتمع.
■ إذن هناك تقصير فى الدعوة؟
- بالتأكيد، ولا ينكر هذا إلا أعمى، وأنا أطلب الإصلاح من المؤسسة الأزهرية نفسها.
■ هناك من يعادون الأزهر ويكرهون وجوده.. كيف ترينه؟
- حساباتى غير حسابات هؤلاء، فأنا أظن أن الأزهر - مهما خفت دوره ومهما تناولناه بالنقد- حمى أمرين لم يحمهما غيره، أولهما، اللغة العربية، التى لولاه لاندثرت وتلاشت، وثانيهما أنه كان وما زال الحصن الحصين للمصادر الإسلامية، فهو الذى حمى مصادرنا، التى لا يوجد فى أى حضارة أخرى مثلها، فى التفاسير والحديث والثقافة والفكر والسير.
■ لكن الأزهر أعلن تنقية مناهج التعليم لديه.. ما رأيك؟
- أتمنى أن يكون حدث هذا، وحريصة أن يعلو الأزهر ويتجدد، لكن أنا لم أرَ هذا فى الحقيقة، ولو رأيته لكنت أول واحدة تشد على أيديهم، وتدعمهم.
■ ما رأيك فى أفكار كتب «ابن تيمية» التى اعتبرها الكثيرون غريبة؟
- «ابن تيمية» عاش فى فترة صعبة من تاريخ الإسلام، وهى فترة الصليبيين والتتار، وفتاواه كانت حادة مثل مواقفه التى كانت كذلك، لذا تجد أن أغلب فتاواه عن القتل والإبادة، لأنها كانت مرحلة عانى منها العالم العربى والعالم الإسلامى معاناة رهيبة، وهؤلاء التتار كانوا هم الدواعش الحقيقيين.
■ معنى ذلك أن «ابن تيمية» برىء من الهجوم المعلن ضده الآن؟
- حتى نكون منصفين، «ابن تيمية» تتم دراسته وفتاواه بالحال الذى كان عليه فى زمانه وظروفه.
■ هل تعتبرينه مجددًا وعالمًا؟
- دون شك هو أضاف للفكر الفقهى ما لم يضفه كل الفقهاء، وما جاء فى بعض فتاواه التى يهاجمها بعض الجهال فى الإعلام، لا يجعلنا نهيل التراب عليه وعلى علمه الوفير، لأنه عاش فى مرحلة صعبة، كان لا بد للفقيه وقتها أن يقدم هذه النوعية من الفتاوى.
وأستشهد هنا بأيام الحروب الصليبية، وبالرجوع إلى تاريخ الكنيسة، نلاحظ أن الأوروبيين كانوا أكثر تشددًا من فقهائنا ألف مرة، ومن المفروض أن نأخذ فتاوى ابن تيمية بزمنها ومناسباتها.
■ كيف نواجه تلك التحديات؟
- بالعلم، وللأسف، نحن لا نملك العلم، مشكلتنا الحقيقية أننا أميون، نجهل الأبجدية والثقافة والفلسفة، والغريب، أن الإلكترونيات والتكنولوجيا خربت عقولنا، على عكس ما فعلته فى العالم، وأنا أعتبرها «فتنة هذا العصر»، لذلك اتخذت قرارا منذ ٥ سنوات، بعدم الإشراف على أىّ رسالة ماجستير أو دكتوراه، لأن الباحث ينقل رسالته من على مواقع الإنترنت، بطريقة «الكوبى بيست».
■ وماذا عمّا يسمى «الحرب على الدين»؟
- أظن أن ما تم تخريبه فى الـ٥٠ سنة الأخيرة يحتاج إلى ١٠٠ عام أخرى، كى يتم إصلاحه، لكن كل خوفى أن يكون القادم أسوأ.
■ ما أسباب ذلك؟
- تمزقنا أولا، وجهلنا ثانيا، وعدم إدراك أعدائنا لتاريخهم وتاريخنا، وأقول على من يعترض على بعض نصوص القرآن الكريم، تعالوا نرجع للموجود فى العهد القديم: «إذا مكنك الرب من البلدة فأحرقهم حرقًا وأبسلهم أبسالًا، ولا تُبق لهم حيا، حجرا ولا شجرا»، فكما يدعى البعض أن هناك نصوصًا فى القرآن تدعو إلى سفك الدماء والقتل، هناك أيضًا فى كتبهم الدينية آيات مشابهة، ويجب أن ننظر إلى هذه الآيات ليس بمعناها المباشر، ولكن إلى جوهرها الحنيف.
■ من وجهة نظرك.. تراثنا كنز لنا أم حجر عثرة؟
- للأسف، نحن لا نجيد التعامل معه، لا نعرف كيف نأخذ ما يلائم عصرنا، وأنا أتذكر أننى كنت ذات مرة فى مجلس جامعة الأزهر، وقتما كان يرأس الجامعة الدكتور عبدالفتاح الشيخ، فقلت: «يا عمداء الجامعة - وكانوا ٦٧ عميدًا - هل نحن قادرون على ألا نقتلع من جذورنا، ولا نغترب عن مستجدات عصرنا؟، بمعنى الجمع بين الأصالة والمعاصرة».
أظن أن من يُقتلع من جذوره يتيه، ما بين عدم الاقتلاع وعدم التجديد، لكن الغريب أن أحدًا لم يجب عن السؤال الذى طرحته حتى اليوم، وقتها قال رئيس الجامعة للسادة العمداء: «ما تردوا»، وإلى هذا اليوم لم يجب أحد عن سؤالى المطروح منذ ١٥ سنة، ولن يجيبوا، يا خسارة، نحن فى حالة غيبوبة.
■ «القدس».. قضية سياسية أم دينية؟
- الاثنتان معًا، هى قضية دينية وسياسية، دينية لأننا نحن العرب لن نتركها، وكذلك اليهود، لن يتركوها، وسياسية لأن ترامب وإسرائيل يتاجران بها.
■ وكيف سيتم حلها؟
- لن يتم حلها إلا إذا رجعنا وتوحدت صفوفنا، لنصير أقوياء كما أمرنا ربنا، الذى منحنا ثروات تكفى كوكب الأرض بأكمله، لكن «فلوس العرب» ضائعة على «ترامب» وغيره من حكماء الغرب.
ولو سخرنا تلك الأموال لتدعيم صفوفنا لتغيرت الرؤية كاملة، والولايات المتحدة تستخدم «فزاعة» إيران لترهبنا بها، ويروج حكامها فكرة «لولانا لأكلتكم إيران»، وأنا أقول: «لماذا لا نجعل إيران فى صفوفنا بدلا من الخوف منها؟».
■ هل يعنى ذلك أنك تؤيدين التقارب مع إيران؟
- لعنة الله على المذهبية، أظن أنها سبب تمزيق العرب وضياع ثرواتهم، منذ معركة «صفين» وحتى قيام الساعة.
ما رأيك فى قانون زيادة رواتب الوزراء؟
- «مكنش وقته دلوقتى»، لأن الناس موجوعة من الغلاء وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى أننى لا أراها مسألة ضرورية فى هذا الوقت، ذلك على الرغم من أن الزيادة ضئيلة جدًا تكاد تكون «تافهة».