مشروع الوزير شوقى: هل يصلح التعليم؟!!
مقالات مختارة | محمد أبو الغار
الثلاثاء ٨ مايو ٢٠١٨
التعليم أولوية كبرى فى جميع العائلات المصرية بغض النظر عن مستواهم الاقتصادى ويدفعون الغالى والرخيص فى محاولات مختلفة لإعطاء أولادهم الفرصة فى تعليم جيد.
أعلن وزير التعليم عن البرنامج المزمع تطبيقه لتطوير التعليم وقد أعلن الرئيس مسبقاً عن وجود خطة طموحة لدفع التعليم للأمام. وكان مانشيت «المصرى اليوم» (مصر تستعد لانطلاق «ثورة التعليم» فى سبتمبر) موضحاً بدقة تفاصيل التطوير. بالتأكيد أنا أؤيد إنقاذ التعليم من الوضع الكارثى الحالى. ولكن جموع الشعب انتابها قلق كبير ووسائل التواصل الاجتماعى وهو أهم وسيلة تواصل بين الناس الآن مليئة بالتعليقات والخوف على أولادهم من مصير لا يعرفون عنه الكثير. الخوف الشعبى من قرارات الحكام أمر له جذور فى مصر بسبب عدم الثقة فى قرارات الحكومات عبر مئات السنوات.
هناك انطباعات عامة أولها أن المشروع كان عنوانه توحيد التعليم الأساسى فى مصر ولكنه فى النهاية استثنى التعليم الدينى (الأزهرى) والتعليم الخاص فى المدارس الأجنبية (متعددة اللغات والهيئات والأفراد) وبذا انتفى الغرض الأساسى الذى سبق أن أعلنه وزير التعليم ولكن واضح أن الضغوط كانت أقوى منه فتنازل عن جوهر المشروع وهو أن يتعلم المصريون جميعاً تعليماً أساسياً موحداً عن تاريخ وجغرافيا مصر وكذلك اللغة العربية سواء كانت المناهج تدرس بالعربية أو بلغة أجنبية. الأزهر سوف يستمر فى مناهجه وكذلك المدارس الأجنبية فكأنك با أبو زيد ما غزيت.
الأمر الثانى: هو أن التغيير سوف يحدث أساساً فى مدارس الدولة المجانية (نظرياً) وإلغاء مناهج اللغات فى التعليم الأساسى وهو أمر جيد لأن هؤلاء التلاميذ لا يتعلمون العربية والكثير منهم لا يستطيع القراءة والكتابة بعد انتهاء التعليم الأساسى ولكننى لم أجد فى النظام المقترح طريقة لتفادى هذه الكارثة لأنها مرتبطة بأعداد التلاميذ ونوعية المدارس وجديته فى تعليم الطلاب وهى أمور لا أعرف كيف سيغيرها النظام الجديد. لا أعرف كيف سوف يخفض الوزير أعداد التلاميذ فى الفصل وكيف يمنع التسرب وكيف يصبح مستوى المدرس جيداً وما هى نوعية المدرس وحياده فى تقييم التلميذ بعد إلغاء الامتحانات.
الأمر الثالث هو إلغاء تعليم اللغات فى المدارس الحكومية بما يسمى بمدارس اللغات وهذه المدارس بمصاريف معقولة وكانت الفرصة الوحيدة للطبقة الوسطى لتعليم أولادهم تعليماً جيداً مع لغة أجنبية بدرجة معقولة ولم تكن هناك مشكلة فى تعلم اللغات فى هذه المدارس بل كانت فرصة لأن يتقدم ويرتقى بعض أفراد الطبقة الوسطى فى السلم المجتمعى. إلغاء تعليم اللغات فى هذه المدارس تدعيم للطبقية فهو يمنع أبناء الطبقة الوسطى من تعلم اللغات، النظام المقترح سوف يخلق مشكلة لم تكن موجودة.
الأمر الرابع: هو إدخال نظام التعليم بالتابلت وهو أمر نظرياً جيد ولكننى كنت أود أن يجرب فى عدد محدود من المدارس قبل التطبيق العام لأننا لا نعلم هل الإنترنت متاح وبسرعة كافية حتى يتم تنزيل المناهج والصور والخرائط ذات الأحمال الكبيرة فى جميع مدارس مصر. هل تم تدريب المدرسين على استخدام التابلت وهل بطارية التابلت جيدة تعيش أعواماً؟ وهل يوجد فى جميع الفصول فى كل القرى عدد كاف من الوصلات الكهربائية حتى يتم شحن التابلت. استخدام التابلت أمر ثبت نجاحه فى الخارج، وفى مصر حفيدى فى المدرسة الأجنبية يدرس به من أولى ابتدائى بدون مشاكل ولكن فى مدارس الحكومة الأمر سيكون مختلفاً.
الأمر الأخير: التعليم أولوية كبرى فى جميع العائلات المصرية بغض النظر عن مستواهم الاقتصادى ويدفعون الغالى والرخيص فى محاولات مختلفة لإعطاء أولادهم الفرصة فى تعليم جيد. ألم يكن ضرورياُ أن يكون هناك حوار مجتمعى مع الناس فى أكثر الأمور أهمية بالنسبة لهم؟ ربما كانت هناك فرصة أن يكتشف الوزير أن هناك أخطاء جوهرية فى برنامجه وربما يساعده أن يطور ويغير حتى يصل إلى أحسن ما هو ممكن ولكن واضح أن رأى الناس ليس له أهمية ولماذا يقول الأغلبية إن الوزير يتحدث بعجرفة غير عادية، وفى النهاية أود أن أقول إن هذا النظام سوف يطبق على الغلابة أما التعليم الدينى فله ناسه والتعليم الأجنبى له طبقته ولا يستطيع الوزير أن يقترب منهما وكل سنة وأنتم طيبون.. قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.
نقلا عن المصري اليوم