الأقباط متحدون - خذ «التابلت» وامنحنى مدرسة ومعلماً!
  • ١٤:٥٣
  • الاربعاء , ٩ مايو ٢٠١٨
English version

خذ «التابلت» وامنحنى مدرسة ومعلماً!

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٣١: ٠٦ ص +02:00 EET

الاربعاء ٩ مايو ٢٠١٨

سحر الجعارة
سحر الجعارة

لا أزال أتذكر أننى دخلت «مستوى رفيع» فى اللغة العربية عندما كنت فى الثانوية العامة، لم تكن هناك -آنذاك- مدارس تجريبية، ولا كان ببلدتى «مدارس أجنبية».. وربما كان حبى للغة العربية هو سبب دخولى مجال الصحافة.. ولهذا كنت أتعجب من الأجيال الجديدة فى عائلتى الذين تربوا فى «مدارس أجنبية» وهم يكتبون العربية بصعوبة بالغة!.

هذا الجيل الذى تخرج من الجامعة الآن هو من اخترع لغة «العربيزى» على الفيس بوك، الذى علمنا، (باعتبار أننا دقة قديمة)، أن رقم 3 فى قاموسهم يرمز لحرف العين وأن رقم 7 يرمز لحرف الحاء.. إلخ.

ربما لهذا لم أكن ضمن الثائرين على ما سمى إعلامياً بـ«تعريب المناهج»، لأن «الثورة التعليمية» من وجهة نظرى تبدأ بما قاله وزير التربية والتعليم الدكتور «طارق شوقى».. بتنمية العقل النقدى والإبداع بدلاً من «النقل»، وتربية العقول على الابتكار.. ورغم أن هذا مطلب ونموذج عالمى للتعليم القائم على البحث والمعرفة إلا أن الدكتور «شوقى» لم يطرح السؤال المهم: هل لدينا كوادر بشرية من المعلمين مؤهلة لإحداث هذه النقلة؟!.. يعلم الوزير كما تعلمون جميعاً أننا لا نملك للأسف!.

لكن الوزير أصر على إدخال التكنولوجيا فى التعليم وتسليم الطالب «تابلت» وإدخال الإنترنت فى المدارس.. دون أن ينظر الوزير إلى حالة المدارس المتهالكة، وتكدس نحو مائة طالب فى فصل واحد.. مكتفياً بتحديث المناهج.

هنا لا بد أن أشير إلى أنى تعلمت فى مدارس حكومية، بينما أبناء أخوتى جميعاً تعلموا فى مدارس أجنبية وبعضهم فى جامعات خاصة، وأؤكد على أن «مجانية التعليم» حتى فيما يتعلق بالمدارس التجريبية مجرد «خدعة»، لأنها تنمى بيزنس «الدروس الخصوصة» لتقع الطبقة المتوسطة تحديداً بين أنياب وحوش بشرية استبدلوا شعار: (قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا).. بشعار: (أبجنى تجدنى).. فأصبحت الدروس الخصوصية ثمناً لشراء أعمال السنة.. ولافتة أجيال تتغنى بعد التخرج وهى تقف فى طابور البطالة قائلة: (زى ما رحنا زى ما جينا.. لا اتعلمنا ولا اتربينا)!.

نعم يا سيادة الوزير، كل الأجيال الجديدة التى أعرفها من أبناء أصدقائى يتعلمون فى كندا وأمريكا.. وفى أقل الأحوال يكتفون بالجامعة الأمريكية.. وجميعهم ليسوا من «الأثرياء» ولا «محدثى النعمة».. بل على العكس بعضهم تغرب لينفق على تعليم الابن أو الابنة فى الخارج.. ودخلوا فى حالة «اكتئاب» بعد تحرير سعر الصرف لأن مصاريف المدارس بالدولار أو الإسترلينى!!.

هل هؤلاء من هواة الشقاء أو الوجاهة الاجتماعية؟.. إطلاقاً، لقد أدركوا أن «سوق العمل» لا تقبل بخريجى الجامعات المصرية التى أصبحت فى ذيل قائمة التصنيف العالمى للجامعات.. والبداية من «كى جى».. تلك التى قامت ثورة أولياء الأمور لترفض «تعريب المناهج» فيها.

يقول الوزير إن النظام الجديد يقضى بتعليم اللغة الإنجليزية من مرحلة رياض الأطفال كمادة منفصلة، بينما يتم تدريس مواد «اللغة العربية، والتاريخ، والجغرافيا، والعلوم، والرياضيات» فى باقة متعددة، وبحسب وزير التعليم فإن الطفل سيدرس اللغة الإنجليزية منذ اليوم الأول فى كافة مدارس الدولة حسب هذا النظام الجديد، أما «اللغة الأم» أو العربية فسيتم دراسة بقية المواد بها، على عكس ما كان معمولاً به فى المدارس التجريبية والقومية.

ويؤكد الوزير أنه سيتم إضافة المصطلحات العلمية والرياضية لتدريس اللغة الإنجليزية من رياض الأطفال حتى الصف السادس الابتدائى، وبذلك سيكون الطفل عالماً بالمصطلحات باللغة العربية وما يعادلها فى اللغة الإنجليزية.. فإن كان هذا إجماع الخبراء الدوليين كما أكد الوزير فلا اعتراض لى.. لأننا لطالما أخضعنا الطالب المصرى للتجارب، (عفواً مثل فئران التجارب)، فنلغى السادسة ابتدائى ثم نعيدها أو نلغى نظام امتحانات الثانوية العامة على عامين ثم نعود إليه.. فلا داعى لأن يكون «التطوير» مدخلاً للتخبط والتجريب فى العقل البشرى مرة أخرى.

سيادة الوزير: أعلم أن القيادة السياسية حريصة على تصحيح منظومة التعليم، وأنكم تملكون «رؤية واضحة» لتغيير مسار التعليم.. لكن الاكتفاء بتغيير المناهج واستبدال لغة بأخرى.. وترحيل تعليم الإنجليزية إلى المرحلة الإعدادية لتعميق الهوية كما يقال ليس حلاً.

انتماء الطالب لمدرسة حكومية ليس بمصطلحات العلوم والرياضيات، بل بتوافر مكان «آدمى» للدراسة بداية.. ووجود «مدرس كفء»، مدرس يتقاضى راتباً عادلاً ويخوض امتحانات قاسية قبل أن يربى الطالب على تشكيل العقلية النقدية وهو أصلاً لا يعرف معنى المصطلح!.

معلم يجيد التعامل مع الكمبيوتر وإجراء التجارب المعملية (إن كان لدينا معامل أصلاً).. ولا يبتز الطالب بدرس خصوصى!.

إن ظل الحال كما هو عليه.. فعليكم أن تخضعوا الدروس الخصوصية للضرائب وتقننوها.. وتوجهوا حصيلة الضرائب لإصلاح المبانى المدرسية.. أما إن كان القصة فى «استيراد» نموذج عالمى للتدريس: استوردوا معها مدرسين ومهندسين لإنشاء مدارس جديدة.. أعتقد أن «كلامى واضح وباللغة العربية»!!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع