تعطيل الفكر
أوليفر
٣٦:
١٢
م +02:00 EET
الاثنين ١٤ مايو ٢٠١٨
Oliverكتبها
- إن خلاف القديسين بولس و برنابا على القديس مرقس يعد من أبرز الدروس في المعرفة الروحية لنتعلم من خلافهم قيمة الخلاف.الثلاثة أسماء هم من عظماء القديسين.عمل بهم الروح القدس الكثير . كرز بهم و علمنا من خلال ما كتبوه بوحي الروح القدس.إستخدمهم في معجزات و مواهب و تأسيس كنائس.فلا يجب أن نختلف علي قداستهم لكن من خلافهم نتعلم.
- بكل تأكيد لم يكن خلاف القديسين حول مرقس خلافاً أوحي به الروح القدس.بل كان خلافاً إنسانياً فكرياً أو رؤية شخصية ليست نازلة من السماء.فلم يطلب الله من بولس الرسول أن يتشاجر علي مارمرقس و يحتج علي إستمراره معه.و لا كان هناك إلهاماً لبرنابا الرسول من السماء لكي يأخذ مرقس الرسول إلى قبرص حتي يعود بولس و يعتبره نافعاً للخدمة.الخلاف بشرى تماماً حتي و إن إستخدمه الروح القدس للخير فهذه عادة الله معنا أن يجعل كل الأشياء تعمل معاً للخير بما في ذلك الخلافات البشرية.أع15.
- هذا الخلاف درس كي لا نؤله القديسين.و بالأولي لا نؤله أنفسنا أو ننادي بعصمة أراءنا و لا نؤمن بعصمة آراء الآخرين و لا أعظم المعلمين أو نرفض فحص رأي إنسان مهما علا صيته و إرتفع إسمه في مجال التعليم.فالوحي المقدس ذكر هذه المشاجرة ليقول أنه لم يلغ إنسانية الرسل و لم يكونوا تروس يتحركون و يتكلمون دون إرادة. ليس كل ما فعلوه موحى به بل فقط كل ما كتبوه.هذه المشاجرة درس يدعونا لتقييم طرق التفكير عندنا.لكي نتعلم إستخدام الحكمة الإنسانية المملحة بحكمة الروح القدس مع البحث العلمى لكي نقبل أو لا نقبل ما كتبه هذا أو ما قاله ذاك.
- من كان علي صواب؟ هل بولس الرسول ؟ ربما.فلولا أنه رفض أن يأخذ مارمرقس ما كان قد فكر في كرازة الشرق .هل كان برنابا الرسول علي حق؟ ربما.فلولا إحتضانه لمرقس الرسول كان يمكن أن تفقد الكنيسة هذه الطاقة الروحية التي في القديس العظيم مرقس و كذلك هذا التميز لكونه كاتب الإنجيل.و من الواضح في الخلاف أنه لم يكن علي تعليم و لا علي تقييم لمرقس القديس بل كان خلاف على تصرف فقط.لهذا نقف بإحترام قدام هذا الخلاف و نعترف أن الكتاب المقدس ذاته لم يجزم برأي عمن هو المخطئ و من المصيب في ذلك الموقف.لكنه ذكر الخلاف بصورة عابرة دون مناقشته بإستفاضة.لكي نتعلم كيف نتجاوز الخلاف إلي ما بعد الخلاف.لقد كان خلافاً إيجابياً من أجل خدمة الرب و ليس ضده.كان خلافاً بمحبة فلم يهدم أحداً و هذا هو الأهم.
- لقد إختلف قديسون و معلمون كبار في التاريخ المسيحي و بقيوا يحبون بعضهم بعضاً و صفحوا عن خلافاتهم و نتائجها لاحقاً.لقد إختلف القديس يوحنا ذهبي الفم مع القديس تيموثاؤس البابا ال22 .كان هذا بشأن كتابات أوريجانوس.ثم إختلف مع القديس الأنبا إبيفانيوس أسقف قبرص لنفس السبب.و بقيت الكنيسة تحتفي بالثلاثة القديسين و بقي أوريجانوس لغزاً تاريخياً و خلافاً لم يحسم بعد.كان هذا ثاني اشهر خلاف في تاريخ المسيحية.لكن أطراف الخلاف تشعبت و صارت تاريخاً لم نستطع أن ننسلخ من شرنقته و أصبح البعض يستسهل التمسك بالأمر الواقع دون الخوض في بحث عميق ليكون له رأي مستقل سواء مؤيد لهذا أو لذاك المهم أن يكون مستند على بحث علمي محايد حسب ما يتوفر لكل جيل من الباحثين من أدوات للمعرفة.
- بكل تأكيد كل طرف لديه جزء من الحقيقة و لديه جزء من الخطأ. لقد إختلف القديسون في تعليمهم مع أنهم جميعاً حافظوا علي الإيمان و قداستهم مشهود بها.التعليم ليس هو الإيمان دائماً فبعض التعليم عن حقائق تاريخية أو تفسير روحي أو نسكى أو مفاهيم طقسية أو غيره .فلا يوجد تعليم معصوم سوي الكتاب المقدس.بهذا الفكر نقرأ للمعلمين في الكنيسة بعيداً عن النزعات الشخصية.و التفتيش في النوايا.البحث العلمي ليست مهمته أن يأتي علي هوى المغردين في مواقع التواصل الإجتماعى.
- لو وضعنا هذا التصور في قلبنا و كيف نقرأ الرأي و الرأي الآخر في التعليم الروحى دون التهاون في الإيمان سنكون أكثر تقارباً و لا نسمح لأحد بتقسيمنا إلى فريق ضد فريق,لا نقبل أن ينسبنا أحد إلى شخص لأننا نحب تعليمه و يصنفنا أننا أعداء للآخر لأنه لا يحب تعليمه.نحن في المسيح نعلو على تحويل الخلاف الفكرى إلى حرب شخصية و تجريح و تحزب.نحن ننسب للمسيح له المجد و نتعلم من كل معلم في الكنيسة.نأخذ ما ينفعنا دون أن يمنعنا ذلك من ترك ما لا ينفعنا لنفس المعلم.نحن لا نعبد تعليماً و لا معلم.لله وحده نسجد أما المعلمين فهم خدام نبجلهم دون أن ننفي عنهم إحتمالية الخطأ في بعض تعاليمهم.و دون أن ننسف كل ما علموه لأن جزءا من تعاليمهم غير مقبول عندنا.
- الحيادية مبدأ رئيسي من مبادئ البحث العلمي.يهدف إلى الإتفاق مع ما يثبت صوابه مهما كنت لا تنسجم مع قائله و يهدف إلى القدرة علي إنتقاد ما لا يثبت صوابه مهما كنت حبيباً لقائله.الحيادية تجعلك حراً في الخلاف و حراً في تكوين قناعاتك ما دمت مؤهلاً لهذا المستوى من المعرفة.نريد أن نتعلم هذه الحيادية في حياتنا .يسميها الكتاب المقدس ( عدم المحاباة) .الله لا يأخذ بالوجوه.