لويس عوض ومعاركة الأدبية
نسيم مجلي
٥٦:
٠٥
م +02:00 EET
الثلاثاء ١٥ مايو ٢٠١٨
إعداد وتقديم – نسيم مجلي
قال نسيم مجلي، أستاذ الأدب المسرحي، يعد الدكتور لويس عوض نموذجًا فذًا فى ثقافتنا المعاصرة، فهو كاتب عزيز الإنتاج قدم للمكتبة العربية نحو خمسين كتابًا فى النقد والإبداع، وهو شخصية متعددة الجوانب.
وأضاف "مجلي" خلال برنامج "أحاديث أدبية" المذاع على شاشة الأقباط متحدون، فهو معلم من طراز نادر يربط بين المعرفة والحياة، كما يربط بين التعليم وبين تحرير العقل من الخرافة وتحرير الفرد من التسلط والقهر شديد الحضور فى أذهان تلاميذه ومريديه، يتصارع فى داخله المفكر العقلاني الباحث عن الحقيقة والأديب الفنان الجانح إلي الحرية والتجديد، لكنه يظل دومًا رائدًا من أكبر رواد التنوير في تاريخنا الحديث.
لقد ذاع صيته حتى شمل المنطقة العربية كلها، وتعداها إلى آفاق عالمية فى الشرق والغرب، وذلك نتيجة لانتشار مقالاته عن طريق الصحافة المصرية، خصوصًا بعد ثورة يوليو 1952 إذ أخذ ينشر مقالاته بجريدة الجمهورية، ثم الشعب وأخيرا الأهرام، مما جعل لأرائه وأفكاره أصداء واسعة، لأن أفكاره غالبًا ما تكون جديدة وثورية ومفاجئة فتقلق أوساط الرجعيين والتقليديين الذين كانوا يناصبونه العداء.
كانت دعوته لتحطيم عمود الشعر والكتابة بالعامية فى الأربعينيات ثورة أطلقت مواهب كثيرة فكانت مدرسة الشعر الحديث وكانت دعوته لأدب الحياة أو الأدب فى سبيل الحياة، ثورة تجديدية أخرى، فجرت كل قضايا الحرية السياسية والثورة الاجتماعية فى بداية ثورة يوليو عام 53/ 1954 وقد احتضنت هذه الثورة وساندت كل سلالات الأدب الجديد فى القصة والشعر والمسرح التى ازدهرت فى أوائل الستينيات.
وكانت أبحاثه عن المعري ورسالة الغفران فى عام 1964 سببا فى تفجير معركة عنيفة من جانب الأستاذ محمود محمد شاكر وهي من أشرس المعارك أو الهجمات التي شنت علي لويس عوض وأعادت كل أعماله السابقة إلي دائرة الضوء من جديد بدءا من ديوانه "بلوتولاند" الذي دعا فيه إلي الكتابة باللغة العامية سنة 1947 أي قبل ذلك بثماني عشرة سنة تجاوزت فيها الحياة الثقافية كثيرا من أفكاره.وفى عام 1978 دعا توفيق الحكيم إلي حياد مصر وطالب بأن تنفض يدها من مشاكل الأمة العربية وتعيش على الحياد كسويسرا وأيده في هذه الدعوة الدكتور حسين فوزي واختلف معهما الدكتور لويس عوض داعيا إلي مناقشة الأمر من خلال نظرة واقعية تضع في حسابها امن المنطقة كلها كوحدة جيوبوليتكية لا ينفصل أمن دولة فيها عن الأخرى، ونشر مقالا بعنوان "الأساطير السياسية" يقول فيه: إن أسطورة الدعوة الانعزالية لا تقل شططا عن الدعوة إلي الوحدة الاندماجية القائمة علي العروبة العرقية أو العنصرية الملتهمة لكافة ما في المنطقة من قوميات.
وأغضب هذا الرأي بعض المتعصبين فكتبوا إليه يتهمونه بأنه يتكلم كالمبشرين الذين يسعون لنسف كياننا القومي والديني، وكان رد لويس عوض "أن التفتيش في ضمائر الناس عن دوافع خفية تدفعهم إلي اعتناق المبادئ والتعبير عنها بدلا من التركيز علي الحوار العلمي الموضوعي يضعف الحجة ولا يقويها، وهو خليق بمحاكم التفتيش التي انطوت فيما انطوي من تاريخ الإنسانية الحزين ثم سجل علي هؤلاء أنهم تركوا الفاعل الأصلي في دعوة العزلة المصرية عن العرب وهو ثنائي توفيق الحكيم وحسين فوزي، وامسكوا بتلابيب المتوسط المعتدل الذي يرفض الاعتزال والاندماج جميعًا.