كتب / ماريو منير قلادة
طفولة بريئة ظلمها الزمان والفقر، هى طفلة تتحدي ظروف الحياة، حيث أجبرت علي تحمل مسؤولية العائلة في سن صغيرة، فهي المسؤلة عن "البيت" رغم صغر سنها.
هي "هند حسنين مجاهد"، الفتاة التي تبلغ من العمر 12 عاما ، والتي تدرس بالصف الأول الإعدادي، بمدرسة "عبد الصبور الجبلاوي", والمقيمة بحي المحمودية بأسوان.
تعيش"هند" مع أسرة مكونة من 4 أفراد، هي ووالديها وأخيها الصغير الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، وتبيع "هند" المناديل لتعيش وأهلها من رزق ذلك البيع، و تعول أم وأب مريض طريح الفراش وأخ صغير، وبالرغم من هذه المسؤلية الكبيرة لم تمنعها من استمرار تعليمها فهي أيضًا متفوقة دراسيًا.
بدأت القصة قبل 3 سنوات، عندما تعرض والد "هند" لحادث سير، مما أدى لإصابته بشلل نصفي، ما جعله طريح الفراش، وبعد الحادث تخلي عنهم جميع أقاربهم، لتبدأ حيرة الأم وابنتها.فكيف تسطيع الأم رعاية الأب وأبنائها وهم في هذا الوضع المادي الفقير.
من جهة هي لا تسطيع العمل وترك زوجها المريض وأولادها في البيت وحدهم، ومن جهه أخرى تريد العمل لشراء الدواء لزوجها وإطعام أسرتها، هنا قررت "هند" أن تواجه الفقر وأن تنزل الشارع لبيع المناديل وكسب الرزق من أجل عائلتها، ولكن الجميع يعرف معامله الشارع وقسوته .
"تحملت كثير من الأهانات" هكذا تقول"هند"، لتستكمل قائلة :تعرضا لكثير من المشاكل في الشارع، حيث حاول بعض ضباط الشرطة القبض علي بتهمة التسول، و بعض الناس في الشارع كانوا يوجهون لي كثير من الكلام السئ، ولكني لم أهتم بهم وواصلت البيع، ولم أتخلي عن دراستي.
وأكدت "هند" أن العمل لا يؤثر علي دراستها، حيث تذهب إلى المدرسة في الصباح، وتعود إلى المنزل وقت الظهيرة ثم تساعد أمها في أعمال البيت، ثم ترتاح قليلًا ثم تنزل إلي الشارع لكسب الرزق، وبجانب العمل توفر بعض الوقت للدراسة وهكذا كان هو اليوم بالنسبة لها.
تملك "هند" حلمًا كبيرًا، فتريد أن تصبح طبيبة كي تساعد كل مريض على الحياة، وهي ترى أن الصحة أهم شئ في هذه الدنيا، وأن من حق الجميع أن يعيش.
وبجانب دراستها وحلمها، تحب "هند" كتابة الشعر، وفي سطور إحدى قصائدها، قالت : "بيت من أربع حيطان أطفال من نفس الأعمار عايزين يعيشوا في سلام طب حد يقول أي كلام وأنا عادي ياسيدي دلوقتي هارتاح وأنام وأحنا محتاجين السلام ما تقول يا سيدي أي كلام”.
"تتميز "هند" بأخلاق عالية وروح جميلة، تنشر الفرحة في كل مكان تتواجد فيه"، هكذا قال "مصطفي" ، طبيب وأحد زبائن "هند" والذي أضاف قائلًا: "تعرفت علي هند من مدة قصيرة جدًا لا تتجاوز 3 أسابيع، وفي هذه المدة القصيرة عرفت إنها بنت بمليون راجل، وإنها لازم تكون قدوة لكل بنت لإنها مثال للشجاعة والقوة".
واستطرد قائلا: بعض الرجال في مجتمعنا لا يستطعون تحمل مسؤلية أنفسهم، فكيف لفتاة في هذا السن أن تتحمل مسؤلية بيت كامل، "تبقي البنت دي أكيد ينطبق عليها مثال البنت الجدعة بمليون راجل".
وعندما طلب من "د.مصطفى" وصف "هند" بكلمه قال عنها أنها "أية"، لأنها كاملة متكاملة من أخلاق وشجاعة وقوة، واختتم حديثه بأنه يتمنى أن تحقق جميع أحلامها.
وقال "م. ع"، ضابط شرطة: "أتمني يكون ليا بنت زي "هند"، هي مثال للبنت الجدعة والشجاعة اللي تقدر تواجه كل مصاعب الحياة، ورغم كل الظلم اللي تتعرض له لم تتخلي عن دراستها"
وأضاف قائلاً: دائمًا ما أحييها علي كل شيء قامت به، لأن "الشغل مش عيب طول ماهو حلال "، وتمني"م.ع" أن تعطي الحياة فرصة ثانية لـ"هند" لتعيش حياة جميلة.
وقالت "نجلاء" ، أستاذة بكلية الهندسة بأسوان، : "أنا أول مرة شوفت فيها هند كانت لسه جايه من المدرسة، وفجأة لقيت بنت لابسة زي مدرسي، وواقفه بتبيع مناديل في الشارع، أنا استغربت وحاولت أساعدها ماديًا لكن رفضت، وقالت لي أنا بكسب رزقي بنفسي مش بفلوس الناس.
وتضيف "نجلاء" قائلة : أكدت "هند" لي أيضًا أنها فخورة بعملها، وأنا بصراحة "كبرت في نظري أوي واحترمتها اكتر من الأول"، وأراها هدية من عند الله لعائلتها، وأتمني البنات ياخدوا "هند" قدوة ليهم ،والحمدلله إن فيه في بلدنا بنات زى هند”.