الأقباط متحدون - المصريون علموا الجميع قراءة القرآن
  • ٠٢:١٢
  • السبت , ١٩ مايو ٢٠١٨
English version

المصريون علموا الجميع قراءة القرآن

أخبار مصرية | الأهرام

٢٥: ٠١ م +03:00 EEST

السبت ١٩ مايو ٢٠١٨

الشيخ الطبلاوى
الشيخ الطبلاوى

الطبلاوى: لابد أن يلمس القرآن قلب القارئ والمستمع فالخشوع شرط التلاوة والإنصات
    حصلت على الإجازة فى رواية «حفص عن عاصم» والإجازة العالية فى «القراءات العشر »

    أول شخص شجعنى هو الشيخ «غُنيم الزاوي»  الذى علمنى فى الكُتّاب، وأولانى اهتماما كبيرا وشجعنى على الالتحاق بمعهد القراءات
    والدى ـ رحمه الله ـ كان تاجرا ولم تكن له علاقة بمهنة المقرئين لكنه تمنى من الله أن يرزقه بولد ويكون حاملا لكتاب الله و استجاب الله دعوته بأكثر مما كان يحلم

الشيخ « محمد محمود الطبلاوي» هو آخر المقرئين المصريين العظام، وآخر من جلجل بصوته الرصين فى «حرم القرآن الكريم»، وأحد الذين منحوا الناس متعة الإنصات لآيات الله، ومسّت حناجرهم قلوب المستمعين، وملأتها بالخشية والخشوع والرجاء، وعلّقت النفوس برحمة الله، وشجعها على تأمل معانى القرآن وجلاله.

وذات يوم دعاه «حامل مفتاح الكعبة» لقراءة القرآن فى جوفها، فشعر وكأنه فى الجنة، وتلا القرآن فى عمق بيت الله بما ينبغى له من جلال ورهبة، وصلّى فى أركانها بفرح، وأهدوه قطعة كبيرة من كسوة الكعبة مازال يحتفظ بها بإعزاز، مع شعور عميق بأن القرآن هو الذى منحه هذا التكريم النادر.

واليوم بعدما وصل إلى مُرتقى الحكمة فى حرفته، يطل على مشواره من فوق ثمانية عقود، يحكى لنا خبراته، وذكرياته، منذ حفظ القرآن فى طفولته، وقرأ «الراتب» فى البيوت والمحال، حتى عرفه الناس واستحسنوا صوته، وشجّعوه إلى أن ذاع صيته، وبات صاحب الصوت الرخيم، والنفس العميق الطويل، والنغم الخاص، والتحق بالإذاعة المصرية في1970، وانتشر فى البلاد العربية والإسلامية، وبات الناس فى الدول العربية يترقبون الاستمتاع بقراءته خلال رمضان.

والآن. آثر الشيخ أن يلتقط أنفاسه، ويستريح بعد رحلة طويلة كلها إخلاص ودأب، وقلبه ممتلئ بالامتنان للقرآن، وتجلياته فى حياته العامرة، ويكفيه شرفا ما ورد فى قول الرسول الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران». وهو عند جمهور المستمعين من «الكرام البررة». وهو ما يدعونا لشكره، والدعاء له بطول العمر والعافية.


فضيلة الشيخ الطبلاوى فى أثناء الحوار مع هبة بشير

ربما يحتاج البعض من أجيال الشباب الحالية إلى التعرف عليكم، فأين ولدت، وما ذكرياتك عن نشأتك وتكوينك، وكيف بدأت علاقتك بكتاب الله؟

ولدت فى حى ميت عقبة عام 1934، و منذ ذلك الحين أعيش فيه، وحولى أولادى وأحفادى الآن، ونعيش معا جميعا هنا. أما بداية علاقتى بالقرآن الكريم، فقد اصطحبنى والدى وأنا فى الخامسة إلى أحد الكتاتيب حيث كان مصراّ أن أكون من حفظة القرآن الكريم, وبالفعل أتممت حفظ القرآن فى سن تسع سنوات على يد الشيخ «غُنيم الزاوي» رحمه الله الذى أبدى اهتماما كبيرا بي، وشجعنى على الاجتهاد فى الحفظ, وبعدها بحثت عن مصدر للرزق, وكان هناك ما يسمى «الرواتب»، أى قراءة القرآن فى المنازل والمحلات مقابل أجر، وواظبت على القراءة فى المنازل والمحلات تبركا بالقرآن الكريم, وانتشرت فى محيط الجيرة، وذاع صيتي، وبدأوا يطلبوننى بالاسم، وعرف الكثيرون صوتى وأعجبوا به، ومن هنا كانت البداية.

وماذا تذكر عن دور والدكم رحمه الله فى تنشئتك، والدور الذى لعبه حتى أصبحت واحدا من أهم المقرئين فى العالم العربي؟

والدى رحمه الله كان يعمل بالتجارة, ولم تكن له علاقة بمهنة المقرئين، لكنه كان يتمنى من الله أن يرزقه بولد، وأن يكون حاملا لكتاب الله. واستجاب الله لدعوته و تحققت أمنيته أكثر مما كان يحلم، وعندما أتم الله علىّ حفظ القرآن الكريم اشترى خروفا بجنيهين وذبحه وأطعم الأهل والأحباب.

هل تذكر أول أجر حصلت عليه؟

أول أجر أخذته كان «خمسة قروش»، من عمدة ميت عقبة فى ذكرى وفاة والدته وكنت واحدا من المقرئين. وبهذه الخمسة قروش وفرت مصروف بيتى لمدة أربعة أيام. وكان ذلك فى الأربعينيات من القرن الماضي.

(وطالبنى الشيخ الطبلاوى مبتسما بعدم السؤال عن آخر أجر!).

هل كنت تقوم بتدريبات أو تمارين حتى تصل لهذه الدرجة من قوة الأداء وحلاوة الصوت وجمال التلاوة؟

على الإطلاق.. لم أفعل أى شىء سوى أننى حفظت القرآن الكريم فقط، فلم أقم بأى تدريبات ولا تمارين ولا أى شئ نهائياً، فما أنا عليه هبة من الله سبحانه وتعالى، واستشهد بالآية الكريمة «وما توفيقى إلا بالله».

ما الدراسات والشهادة التى حصلت عليها؟

حصلت بفضل الله تعالى على شهادة التخصص فى القراءات من معهد القراءات فى الرواق العباسى بالجامع الأزهر الشريف، على يد الشيخ «عبدالفتاح القاضي»، رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف سابقاً، وكان شيخاً لهذا المعهد، وحصلت على الإجازة فى رواية «حفص عن عاصم»، والإجازة العالية فى «القراءات العشر »، ثم التخصص فى «القراءات العشر إلى جانب القراءات الأربع الشاذة»، ولم أحصل على أي دراسات خارج القرآن الكريم لانشغالى به منذ الصغر.

وكيف بدأت علاقتك بالإذاعة المصرية؟ ومن هو أول من سمعك وشجعك فيها؟

بدأت العمل بالإذاعة عام 1970، وكنت قد تقدمت إليها قبلها بسنوات, لكنى تعثرت فى الالتحاق بها، وقامت لجنة الاستماع بتأجيلى عاما بعد عام بحجة افتقادى لما سموه «الانتقال النغمي»، لأنى لم أدرس علم الصوتيات، لكن لدى موهبة من الله تعالى، وعلى الرغم من هذه الإحباطات، صبرت، ولم أيأس وفى عام 1970 تم اعتمادى فى الإذاعة المصرية بعد نجاحى وموافقة لجنة من كبار القراء, وبعدها اتسعت دائرة الانتشار وعرف عدد أكبر من الناس أن هناك مقرئا حسن الصوت اسمه الشيخ «محمد محمود الطبلاوي»، ومهم هنا أن أشير إلى من حفظنى القرآن، أول شخص شجعنى هو الشيخ «غُنيم الزاوي» الذى علمنى فى الكُتّاب، وأولانى اهتماما كبيرا بعد الانتهاء وشجعنى على الالتحاق بمعهد القراءات.. فالصوت الجيد دائما ما يفرض نفسه.

هل ما زلت تقرأ فى الإذاعة إلى الآن؟

اعتزلت العمل بالإذاعة بحكم سنِّى وحالتى الصحية, ولأحافظ على المستوى الذى حققته ويشهد عليه تاريخي.

متى كانت بداية تعرفك على كبار القراء، مثل الشيوخ أبوالعينين شعيشع، وصديق المنشاوي، وعبدالباسط عبدالصمد، ومحمود الحصري، ومن أقربهم إليك، ومن تحب سماعه أكثر؟ ومن تسمعه كأنك تلميذ؟

كان أبوالعينين شعيشع، والحصري، ويوسف كامل البهتيمي، وعبدالباسط، والمنشاوى زملائي, وكنا نقرأ القرآن معا، وكان لهم كيان كبير، وأخلاق رفيعة فهم فعلا أهل قرآن. وكان الشيخ عبدالباسط أقربهم إلي، كان صديقي، وكنا نجلس معا بالساعات، كان طيب القلب، وسافرنا كثيرا إلى المملكة العربية السعودية، وأحب سماع شيخ يقرأ فى الإذاعة لكنه غير مشهور وهو الشيخ «منصور الشامى الدمنهوري، ولا يوجد من استمع له وكأنى تلميذ، فلكل شيخ طريقة تختلف عن الآخر.

لأى مدى كنت ترى نفسك مختلفا عن المقرئين عموما؟

كل واحد منا له مدرسته الخاصة، فالطبلاوى يختلف عن مصطفى إسماعيل، ويختلف عن أبوالعينين شعيشع، أو غيرهما، فكل منا له ذائقته، وصوته الذى يتفرد به عن الآخر، وهذا من عند الله، ليتعدد مذاق كل صوت، ويكون لكل منا ميزته أمام مستمعيه، وهذه حكمة من عند الله ليستمتع الناس.

هل شرط أن يلمس القرآن الكريم قلب القارئ فى أثناء التلاوة كما يلمس قلب المستمع؟ وهل يختلف وقع الآيات فى صوت القارئ، وعلى قلب المتلقي؟

طبعا لابد أن يلمس القرآن قلب القارئ, وقلب المستمع، فالخشوع شرط التلاوة والاستماع، ووقع الآيات يختلف حسب معناها، فآية الرحمة لها تصوير صوتى حميم ومحبب، ووقعها يكون لطيفا ورقيقا على قلب المتلقي، والعكس فى آيات العذاب التى لها تصوير مختلف تماما، يمكن أن يكون مخيفا للمستمع، ويضع فى قلبه خشية من العذاب، وكل هذا بإيحاءات الصوت.

وهل تستمع لصوتك فى أثناء التلاوة، وتستمتع به؟

نعم أستمع لصوتى فى أثناء قراءتى القرآن الكريم، وأستمتع به.

هل تحب التنقل بين قراءات القرآن؟ وما أفضل قراءة بالنسبة لك؟

أحب التنقل بين القراءات السبع, ولابد من التنقل بينهم. فهذا أمر ضرورى لكل مقريء ليتمكن من أدواته و يطور مهاراته، وأحب قراءة «قالون» و«ورش عن نافع».

ما رأيك فى القراءة الخليجية فى ظل الجدل الذى دار لفترة طويلة حولها، و المقارنة الدائمة بينها و بين القراءة المصرية؟ وهل تحب سماع أحد من القراء الخليجيين؟

الملك خالد فى السبعينيات قال لى «القرآن نزل فى الجزيرة العربية وطبع فى اسطنبول وقرئ فى مصر»، ولم أفهم معنى جملته، فقال إن القرآن نزل فى الجزيرة العربية, وأحلى طبعة للمصحف كانت فى اسطنبول, وأحسن من تلوا القرآن الكريم هم القراء المصريون وهى شهادة كبيرة لنا ولكل القراء المصريين، وأحب سماع الشيخ «ماهر المعيقلي» والشيخ «مشارى راشد».

ما تفسير فضيلتكم لظاهرة سماع بعض الناس للقراء السعوديين، وابتعادهم عن القراء المصريين؟

أعتقد أنهم يفعلون ذلك تبركا لأنهم يعيشون فى جو هؤلاء المشايخ فمثلا عندما يكون القارئ أمام الحرم المكي، يعيشون جو الحرم المكي، والمصريون هم الأساس فى قراءة القرآن، وهم من علموا السعوديين قراءة القرآن، وهم أصحاب الأصوات التى لاقت شهرة عالمية.

وما الهموم التى تواجهها نقابة قراء القرآن الكريم؟

حفظة القرآن هم أهل الله وخاصته. من أكرمهم أكرمه الله، ومن أهانهم أهانه الله، فلابد أن يكونوا فى عزّة, وأتمنى أن نحسن أوضاع المقرئين المالية, فمعاش القارئ عند وصوله الستين يبلغ الآن 40 جنيها, وهو مبلغ ضئيل جدا, خاصة لمن لديه التزامات ويحتاجون للعلاج فأرى أنه على الأقل يجب رفع المعاش إلى 300 جنيه ليتحسن وضعهم.

ما الدعم الذى يمكن أن تقدمه الدولة للنقابة لضمان حياة كريمة للقراء؟

أن يكون للنقابة مقر، فليس لها مقر رسمي إلى الآن, وأن تقدم الدولة الدعم لزيادة معاش المقرئين. فيجب على الدولة وأجهزتها المختلفة أن تحتضنهم، وتكفل لهم الرعاية والأجر الذى يكفيهم ويكفى عائلاتهم، فى ظل نقابة لا تملك الموارد الكافية.


الشيخ الطبلاوى

كنت قد أعلنت استقالتك من منصب نقيب القراء.. ما الذى دفعك لذلك؟ ولم تراجعت عنها؟

أعلنت استقالتى من المنصب لأن الوضع لم يعجبنى فى النقابة, فبعض أعضاء النقابة يعقدون اجتماعات ويتخذون قرارات دون علمي. لكنى تراجعت عنها عندما بدأ الوضع فى التحسن.

ما شروط النقابة لاكتساب المقرئين عضويتها؟

لا بد أن يكون المتقدم لنيل عضوية نقابة المقرئين حافظًا للقرآن الكريم، وهذا أول وأهم الشروط، وأيضا أن يكون ملماً بالأحكام الشرعية، وشروط أخرى مثل صحيفة الحالة الجنائية الـ «فيش والتشبيه»، فيجب أن تكون صحيفة المقرئ نظيفة تماما، إضافة إلى قيمة الاشتراك كفعل إدارى بعد استحقاق العضوية.

شرفت بقراءة القرآن الكريم داخل الكعبة.. فما كان شعورك فى تلك اللحظة؟

كنت مشاركاً فى لجنة تحكيم مسابقة القرآن الكريم فى مكة المكرمة، وكان موجودا معنا من يحمل مفتاح الكعبة من آل شيبة، وكنا فى رمضان، وجاء وقت غسل الكعبة المشرفة، وكنت موجودا وقتها فقدمنى من يحمل مفتاح الكعبة، ودخلتها بفرح كبير، ورهبة، وطلب منى أن أقرأ قول الله تعالى: «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل». ولا أنسى هذا فى حياتى أبدا، كان فى أواخر السبعينيات، بحضور سفراء الدول الإسلامية، وأمير مكة المكرمة، وتم غسل الكعبة المشرفة وتطييبها بالعطر، وأهدونى قطعة من كسوة الكعبة، وشعرت حينها كأننى فى الجنة، فالكعبة قبلة المسلمين، ورمز من رموز التوحيد، وهو مشهد لا يمكن أن يُمحى من ذاكرتي.

خلال أدائك فريضة الحج، ما هى السُور التى قرأتها داخل الحرمين المكى والنبوي؟

لا أنسى أبدًا حينما كنت أقرأ سورة «الشورى» داخل الحرم المكي، والتف حولي كثير من الحجاج العرب، وغير العرب رغم عدم إلمامهم باللغة العربية، إلَّا أنى شعرت بحبهم الشديد للقرآن الكريم وارتباطهم وشغفهم به . وأذكر أنهم حينها أثنوا على صوتى وقراءتي. وكذلك قرأت داخل الحرم النبوى سورتى «الزُّمَر والأنبياء»، وكان لهما مردود إيجابي من بعض الحجاج اللبنانيين والأردنيين.

هل أنت راض عن التقدير الشعبى والرسمى لك فى مصر؟

نعم راض وسعيد الحمد لله، ويكفينى حب الناس، وأشعر أن الله دائمًا كان عوناً لي، ومعظم المشايخ يأتون لزيارتي، ونجتمع دائمًا لعرض مشاكل النقابة.

ما ذكرياتك مع شهر رمضان الكريم؟

حبى لشهر رمضان يرتبط بحبى للقرآن الكريم الذى نُزّل فيه، وهو شهر الصوم والعبادة، وفيه يقبل الناس على قراءة القرآن. وتزاد أعمال الخير, لكنى لا استمتع بشهر رمضان إلا بوجودى فى الدول العربية فقط.

كيف كان أول رمضان قمت فيه بتلاوة القرآن؟

قمت بقراءة القرآن فى شهر رمضان وأنا عندى تسع سنوات، وأدركت الصيام وفوائده وأنا صغير، لأننى تربيت على القرآن.

ما أغرب المواقف التى تعرضت لها فى رمضان؟

أغرب موقف تعرضت له عندما كنت ذاهبا إلى الدنمارك، والمشرفة على الرحلة قالت لى ادخل من باب 7، وهو مخرج خطأ، فنزلت فى مكان آخر غير ما أريد أن أذهب إليه، وضللت الطريق لمدة يومين، لولا أن واحدا كان معى على الطائرة أبلغ من قدموا لى الدعوة، وكنت وقتها مترددا فى الرجوع إلى مصر أو الاستمرار، لكنهم وجدوني، وأكملت مدتي.

أيهما أقرب إليك. التلاوة فى الإذاعة أم فى المناسبات الرسمية؟

تلاوة القرآن تستوى فى أى مكان، فهى متعة ونعمة عظيمة على كل حال، لكن القراءة بحضور الجمهور يكون بها تشجيع كبير للمقرئ.

هل تلاوتك للقرآن تغيرت باختلاف المراحل السنية التى مررت بها؟ وأى مرحلة سنية تفضل؟

طبعا تتغير تلاوتى باختلاف المرحلة السنية التى أعيشها, فكلما ازداد العمر تزداد الخبرة والنضوج، وأفضل صوتى فى مرحلة الوسط حيث اكتمل فيها كل شىء.

ما أهم الدول والرؤساء الذين طلبوا منك القراءة لديهم ؟

سافرت معظم دول العالم، و الحمد لله كنت أقابل بحفاوة فى كل دولة أذهب إليها و أرى أن ذلك فضل عظيم منّ به الله سبحانه و تعالى عليّ. كما تلوت القرآن فى عزاء «الشيخ زايد آل نهيان» حاكم الإمارات رحمه الله، وقمت بإحياء مأتم والدة «الملك حسين»، الملكة «زين الشريف»، وأقمت وقتها فى قصر «رغدان» لمدة أسبوع, وكنت أقرأ القرآن لمدة ساعتين يومياً، وكنت أول من قرأ القرآن أمام جموع المسلمين فى اليونان بدعوة من الملياردير اليونانى «جون لاتسيس»، وكنت أول من قرأ القرآن فى روما أمام الجاليات العربية والإسلامية هناك، بدعوة من المسئولين بإيطاليا, وقمت أيضا بزيارة المسجد الأقصى وقرأت القرآن داخله فى سبعينيات القرن الماضي.

ما أهم التكريمات التى حصلت عليها من الدول العربية؟

حصلت على وسام لبنان خلال الاحتفال بليلة القدر تقديرا لجهودى فى خدمة القرآن الكريم, كما تم تكريمى من السعودية والإمارات، والأردن من الملك الحسين بن طلال، ودول أخرى كثيرة، وأهم جائزة أخذتها كانت من حاكم إمارة دبى بالإمارات فى مسابقة القرآن الكريم للمشايخ.

كيف كانت علاقتك بالحكام فى مصر أو خارجها؟

كانت علاقتى بالرؤساء تقتصر على الأحاديث الودية..وكنت أحب الشيخ زايد لأنه محب لأهل القرآن, وكان دائما يدعونى للإفطار معه فى شهر رمضان ثلاث مرات, ويعطينا منحاً معنوية ومالية وهدايا.

حدثنا عن تسجيلات فضيلتك للقرآن الكريم؟

بفضل الله سجلت القرآن الكريم كاملاً مرتين: مجوداً، ومرتلاً، وهذا هو الرصيد وثروتى الحقيقية فى الحياة، حيث يذاع المصحف المرتل بصوتى فى دول الخليج، بناءً على رغبة إذاعاتهم، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من التسجيلات التى سجلتها فى السبعينيات، وذلك فى المساجد الكبرى بمصر وبعض الدول العربية والإسلامية والأجنبية، وهى تلاوات نادرة، وحفلات خارجية.

كيف تم اختيار فضيلتك لشيخ عموم المقارئ المصرية؟

فى بداية الثمانينيات تقريبًا سافرت إلى الهند؛ من خلال وفد رسمى يرأسه وزير الأوقاف المصرى حينذاك الدكتور «زكريا البري» للمشاركة فى أحد المؤتمرات الرسمية التى أقامتها إحدى جامعات نيودلهى، وتأخرنا عن المؤتمر لمدة تزيد على نصف ساعة، وكنا قد نسينا ان المنظمين دعونا للمشاركة فى الجلسة الافتتاحية، ولما يئس المنظمون من حضورنا بدأوا الحفل، رغم وضعهم اسمى فى ورقة المؤتمر لقراءة القرآن فى بداية جلسة الافتتاح، وهنا شعرنا بالإحراج، واقترح الدكتور «البري» فكرة للتأثير على مشاعر الهنود المعروفين بحبهم للقرآن ولِي، وطلب وساطتى لدى رئيس المؤتمر وهو ما تحقق فما أنْ رآنى رئيس المؤتمر مرتديا الزى الأزهرى حتى رحب بى وقبل وساطتي، وأعاد افتتاح المؤتمر مجدَّدًا، وشعرنا بسعادة بالغة بمدى تقدير الهنود لقرَّاء القرآن الكريم ولي، فضلًا عن الدكتور «البري» قد قدر قيمتى وبعد عودتنا للقاهرة قرر اختيارى «شيخا لعموم المقارئ المصرية».

كان للكٌتّاب دور مهم فى إخراج جيل من القراء.. فى رأيك كيف يستعيد دوره وتأثيره مرة أخرى؟

لا بد من عودة الكتاتيب مرة أخرى، و بكل الوسائل الممكنة، فهى التى خرجّت جيلا من عمالقة كبار ومشاهير القراء أمثال الشيخ محمد رفعت، والشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ مصطفى إسماعيل والمنشاوى والحصرى رحمهم الله جميعا. ففى الكتاب يلقن القارئ أصول حفظ القرآن والقراءات فى سن صغيرة بحيث يستطيع أن يواصل مسيرة العظماء.

ما أغرب المفارقات التى تعرضت لها فى أثناء التلاوة؟

كنت أُحْيى مأتمًا كبيرًا فى أحد أحياء القاهرة، وقدَّم لى الشخص المكلَّف بإعداد المشروبات للموجودين «فنجانًا» من القهوة وسط زحام كثيف داخل السرادق الضخم، والرُّواد بالآلاف بينهم شخصيات مشهورة، وقد مَنَّ الله عليَّ بتجليات ونفحات مباركة جعلتنى لا ألتفت لـ «فنجان القهوة»، وبعد أنْ أنهيت التلاوة وكنت موفَّقًا - بفضل الله - عزمت على تناول «الفنجان»، وعندما هممت بشرب القهوة فاجأنى أحد الأصدقاء وبدلًا منْ أنْ أمسك الفنجان إذا به يسلم عليَّ ويُقبِّلني، ودخلت معه فى حوار ساخن أنسانى القهوة فإذا بأحد الجالسين- وقد شعر بإعراضى عنها- تناولها، وإذا به يصاب بغثيان شديد! وبعد لحظات علمتُ أنَّه انتقل بسيارة الإسعاف لـ «قصر العيني»، وتم إسعافه ونَجَا، وكان ذلك بعد التحاقى بالإذاعة مباشرة نهاية 1970.

ماذا عن أبنائك هل امتهن أحدهم هذه المهنة؟

لدى 13 ابنا, ثمانية ذكور وخمس إناث, لكن لم يسلك أحد طريقى سوى ابنى محمد الذى برع فى قراءة القرآن منذ نعومة أظافره..وتجلت موهبته مبكرا.

هل حفظ القرآن كفيل بتقويم الأطفال منذ الصغر أم لابد من التربية بجانبه؟

التربية فى الصغر مهمة جدا فوالدى كان حريصا على تربيتى على القيم منذ صغري, فلابد أن يربي الصغار على القيم والتفريق بين الحلال والحرام فالأب له دور مهم فى تربية أبنائه، فأبى كان دائم الصلاة، وكذلك أمي، فمن الطبيعى أن يتجه الابن إلى الصلاة والى القران والى الطريق الصحيح..

ما سبب تراجع أعداد المقرئين حاليا؟

رغم التراجع الكبير فإن المواهب لم تنضب بشكل تام؛ مصداقًا لقوله تعالى «وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ».

بما تنصح المقرئين الجدد؟

أنصحهم بتقوى الله، فى جميع أقوالهم وأفعالهم، وفى مهنتهم، فالقرآن هو كلام الله، فكيف ننقل كلام الله لعباده ونحن لا نخشاه، تقوى الله أهم سمة يجب أن يتحلى بها قراء القرآن, وأنصحهم أيضا أن يبتعدوا عن التقليد، وأن يحاولوا أن يصنعوا لأنفسهم شخصية مستقلة بعيدة عن المشايخ الكبار، وهنا بداية النجاح لكل من يريد أن يعيش خادماً لكتاب الله،وكذلك أن يطيعوا والديهم.

تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.