السلام لكِ يا مريم
جاكلين جرجس
الخميس ٢٤ مايو ٢٠١٨
جاكلين جرجس
تحتفل كنيستنا القبطية و المجتمع المصرى بجميع فئاته وأطيافه بذكرى اليوبيل الذهبى لظهور كلية النعمة والكرامة ؛ فكما كان إلتفاف الشعب المصرى منذ 50 عاما لمشاهدة تجلى السيدة العذراء ، و منذ أن اعلن البابا كيرلس السادس ظهورها المتكرر الذى تجلت فيه فى ظهورات نورانية باهرة على قباب الكنيسة المدشنة بإسمها فى الزيتون بصورة لم تتكرر كثيراً فى الشرق أو الغرب ، و شاهدها عشرات الألوف من الناس مصريين و أجانب ، مسيحيين وغير مسيحيين ، رجالاً وسيدات وأطفالاً لم تُميز لجنس أو طائفة فكانت تهب لمسات الشفاء و المحبة للجميع ،تتقبل دموع وترتيل وابتهال وتهليل وصلاة الجماهير بنظراتها الحانية ، ترفع أحيانا كلتا يديها لتبارك البشر من جميع الاتجاهات من مشارق الأرض إلى مغاربها.
وعليه ، لم تحرم باقى الشعوب و الطوائف الأخرى من ظهوراتها وتجلياتها ، فظهرت للشعب الفرنسى فى لورد عام 1858 وهو الظهور الأشهر لها فى دول غربية و قد وثقت الكنيسة الكاثوليكية حوالى 7000 حالة من الشفاءات الغير طبيعية بعد هذا الظهور ، و ظهرت أيضاً للشعب المكسيكى و الايرلندى والبرتغالى و البلجيكى لتحثهم على الصلاة وبناء الكنائس والتقرب إلى الله و تعطى لمسات النجاة والأمل .
ومنذ قرون عديدة خصصت الكنيسة الكاثوليكية شهر كامل للسيدة العذراء و أسموه (الشهر المريمى ) لتكريمها و مارس فيه أجدادنا وأبائنا عبر هذه القرون صلوات وتعابير وممارسات مختلفة لتكريم أمنا العذراء مريم منها : (صلاة المسبحة الوردية، قراءة الطلبات الخاصة بمريم العذراء، صلاة السهرانة، قراءات وتأملات الشهر المريمي ) ، مؤكدين أن مريم هي خليقة من خلائق الله ولكنها خليقة فريدة نالت رضى الله بأمانتها وإخلاصها وأخلاقها وإلتزامها بكل ما يرضي الله .
وبينما أكدت الكنائس ظهور السيدة العذراء المعروف بـ" سيدة الصوفانية " بسوريا عام 1982 لدعوة المسيحيين من مختلف الطوائف إلى وحدتهم وعلى الرغم ما تلقيناه ( وفق ما ذكروه آنئذ ) لعشرات الرسائل التى كانت تصل من السيدة العذراء ؛ لكننا لم ننصت بإمعان و لم ننفذ وصيتها فى الوحدة و المحبة ففى غمرة انشغال كنيستنا القبطية بالأحتفال باليوبيل الذهبى لظهورها على قباب كنيستها بالزيتون ، أصر أن يطل علينا شبح التفرقة و وصاحب محبة الأنا و الترفع الاستعلائي ، تابعنا جميعاً تصريح الأنبا بيشوى : " أن كنيستنا الارثوذكسية هى الكنيسة "الصح " لأن العذراء ظهرت فى كنائس ارثوذكسية متعددة و لم تظهر فى أى كنيسة من أى طائفة أخرى ،و أنها تعتبر أن الكنيسة الحقيقة فى مصر " ؛ فأبادر بسؤال نيافته لعلك أخذت تصريح خاص وحصرى من فم كلية الطهارة السيدة العذراء مريم ، أفلا تعلنه علينا ؟ !! .
فى حقيقة الأمر وكما أكد البابا تواضروس: «إن الوحدة بين الكنائس تحتاج إلى أبطال فى الإيمان»، و إلى الفكر المنفتح وليس الفكر الضيق المنغلق تعلّو صلوات الكنائس رافعة شعارًا واحدًا وحُلمًا منتظرًا، هو «الصلاة من أجل الوحدة».
و فيما أصر البابا فرنسيس على أن "وحدة الكنيسة هي نعمة من الله وجهاد في مسيرتنا على الأرض " قالها ؛ ولكن على ما يبدو إن وحدتنا لن تتم فما أصعب الدخول من الباب الضيق بينما نظل نمجد ونتباهى بكنيسة كلٌ منا على حدة .
و لأجل قساوة قلوبنا نتناسى أن الكنيسة التي تبناها يسوع كنيسة واحدة؛ لأن يسوع واحد و من قسمها فقد أخطأ؛ ومن فرح بتقسيمها فقد أخطأ أيضاً ، كانت صغيرة وعندما كبرت إنقسمت، ومن قسمها ليس فيه محبة، فلتفتح الكنائس أبوابها ليجتمع الأخوة معاً لتمتد جسور القبول و التوافق بين الطوائف بكل المحبة ؛ لنحتفل معاً بظهور العذراء على قباب كنيستها بالزيتون خلال الشهر المريمى مرددين بصوت واحد " السلام لكِ يا مريم ...... ".