الأقباط متحدون - السياسة والمواطنة
  • ٠٢:٤٨
  • الجمعة , ٢٥ مايو ٢٠١٨
English version

السياسة والمواطنة

مقالات مختارة | الأب رفيق جريش

٥٧: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٨

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

قد نظن أن «السياسة» هى فقط إبراز مظاهر القوة والصراع على السلطة أو إثارة الصراعات هنا وهناك، أو كما تقول العامة «ألاعيب السياسة»، أو هناك مَن يرى السياسة مجرد سفريات ومباحثات ومؤتمرات للوزراء والمسؤولين أمام الكاميرات، بينما السياسة أعمق من ذلك بكثير، فالمفهوم الأوسع للسياسة هو إدارة الشأن العام «للخير العام»، أى لخير المجتمع والوطن، ومن هنا لابد من استقرار مفهوم المواطنة، حيث إن جميع المشروعات والمشاكل المجتمعية تُناقش وتُحل من خلال زاوية استفادة المواطن وخير المجتمع، وليس فقط فى إطار «السياسة»، حيث تُتخذ أغلب القرارات على مستوى السلطة المركزية، فمفهوم دولة ديمقراطية يتطلب مواطنة نشطة من خلال المجتمع المدنى ومعارضة مسؤولة وفعالة، لا تعارض لمجرد المعارضة، ولكن تقدم البديل بعد دراسات متأنية، ولكن عندما تنتقل المشاكل إلى الحقل السياسى وحسب تكون النتيجة انسداداً للحلول، ونأخذ مثالاً على ذلك:

إن أراد مجلس قرية زراعة شجرة فقد يستطيع أن يفعل ذلك بمفرده، ولكن عندما يرفع المشروع إلى المجلس المحلى سيتطلب ذلك عدة قرارات، وسيتدخل أصحاب المصالح فتتوقف الفكرة، وإذا رُفع إلى مستوى المحافظة فسيكون أصعب وأصعب وأكثر تعقيداً، وسيتطلب تدخل المحافظ، وربما الوزير فى الحكومة المركزية، فتموت الفكرة بعد استنزاف الوقت والجهد، وإذا وجدت الفكرة طريقها للتنفيذ فستصطدم بالمعوقات البيروقراطية، لن يضمن معها أن الشجرة ستُغرس بطريقة جيدة ولا مَن سيصونها ويسقيها، ناهيك عن ضرورة عمل المناقصات اللازمة لتبرير صرف المال من الميزانية، بينما إذا أنجز مجلس القرية القرار منذ البدء- بعد حوار مجتمعى مع مواطنى القرية- لكانت الشجرة قد زُرعت ووجدت مَن يعتنى بها من أهل القرية.

تتطلب المواطنة مساندة كبيرة من قِبَل القانون حتى لا يكون تفاعل المواطنين قاصراً أو ضعيفاً أو محدوداً، بل تكون مواطنة يقظة تمارس عملها بإيجابية، فتتفاعل وتراقب وترفع عن كاهل الحكومة كثيراً من التفاصيل المحلية وخطوات بيروقراطية ومصاريف لا لزوم لها، وتتفرغ الحكومة لوضع رؤية عامة والعمل على تنفيذها، وهذا ما يسمى «السياسة العامة للدولة».

إن ضعف النقابات والأحزاب والمجتمع المدنى والمؤسسات الثقافية والإعلامية والاقتصادية يؤدى إلى ضعف فى المواطنة، وتكون نتيجته الوقوع تحت نير السياسة المركزية والبيروقراطية، ما يعطى مساحة للفساد والفاسدين، ويؤدى إلى عجز الرقابة الشعبية أو غيرها.

المطلوب هو العمل على إيجاد مواطنة إيجابية وواعية ونشطة وخلاقة، دون تفريق فى إطار القانون، لظهور طبقة سياسية واعية ومتمرسة لتفعيل دورها فى وطنها الإقليمى والدولى.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع