ميشيل حنا الحاج
أهمية الاتحاد الشرق أوسطي
يرى البعض، بل الكثيرون منهم، أن الاتحاد الشرق اوسطي يبدو احتمالا ضعيفا نتيجة الخلافات الطائفية والقومية، وما اثارته تلك الخلافات من حروب دامية بين بعض شعوب المنطقة، ومنها معركة القادسية ومعركة كربلاء، وحرب عراق ايران في ثمانينات القرن الماضي...هذا اضافة الى الخلاف على موقع القيادة في منطة الشرق الأوسط. ومع ذلك فاني أرى ضوءا في أخر النفق، كما ظل الرئيس الراحل ياسر عرفات يقول عن القضية الفلسطينيىة ، ومع ذلك لم ير الفلسطينيون حتى الآن، هذا الضوء في نهاية النفق الذي بات يبدو وكأنه نفق يبعد الضوء الذي في نهايته أميالا وأميال، بل وقد يكون لأجيال وربما أجيال نتيجة الجشع الاسرائيلي ومؤازرة الولايات المتحدة لتلك الدولة الجشعة والمغتصبة.
غير أني لست على هذه الدرجة من التشاؤم بالنسبة للاتحاد الشرق أوسطي، الذي كتبت عنه حتى الآن وخلال الخمسة او الستة اعواما الماضية، عدة مقالات أدعو فيها وبحرارة للبدء بالعمل على تفعيل التوجه التدريجي نحو الاتحاد الشرق اوسطي، باعتباره الحل الوحيد لكل مشاكل المنطقة من طائقية وقومية، علما أن المنطقة التي تضم الآن القومية العربية والايرانية الفارسية اصلا، والتركية العثمانية اصلا، ستضم قريبا مزيدا من القوميات على ضوء التفعيل الأميركي للشرق الأوسط الجديد بثوبه الجديد، وهي القوميات التي سوف تتبلور وتظهر نتيجة مشروع الشرق الأوسط الجديد الأميركي بصياغته الجديدة والمعدلة، والذي يسعى تدربيجيا لاستفتاء تلك القوميات على رغبتها بالاستقلال رغم كونها متعايشة حاليا مع القومية العربية والشعوب العربية. وسيكون ذلك بدءا بالعمل على ظهور الدولة الكردية الذي بات قريبا والذي تعمل الآن الولايات المتحدة عليه حثيثا وخصوصا في سوريا والعراق، مع انتظار مزيد من القوميات المتوقع ظهورها لاحقا أو بعد حين، في صيغة دول مستقلة كالأماريغية والطوارق والبوليساريو وقومية أخرى أو أكثر.
والسبب الأهم لوجوب التوجه نحو الاتحاد الشرق أوسطي، هو كون العالم كله يتوجه نحو الاتحادات الاقتصادية على الأقل، وبعضها بلغ مرحلة الاتحادات السياسية مع حفاظ كل دولة على كيانها السياسي الخاص، لكن مع الانخراط لاحقا وتدريجحيا في الدولة الاتحادية كدولة الاتحاد الأوروبي التي تجاوزت كل الخلافات بينها، ومنها الخلافات الطائقية (وهي عديدة)، والقومية (وهي كثيرة لا تحصى)، بل والخلافات التي بلغت حد الحروب وامثلتها كثيرة وكان آخرها الحرب العالمية الثانية، كما كان من أبرزها سابقا ضمن الحروب المتعددة التي جرت بين تلك الدول، معركة واترلو عندما اغرق الانجليز أسطول نابليون في معركة واترلو.
واذا كان الاتحاد الاوروبي من امثلة الاتحادات السياسية، فان من أمثلة الاتحادات الاقتصادية بل ومن ابرزها ، الاتحاد الاقتصادي المسمى BRIC والذي يضم البرازيل وروسيا والصين وجنوب افريقيا والذي تأسس متذ عام 2006 . وهناك اتحاد اميركا الشمالية NAFTA والذي يضم كندا والولايات المتحدة والمكسيك... وهو الاتحاد الذي يهدد الآن الرئيس ترامب بالتخلي عن الالتزام به، لكونه لا يفيد الولايات المتحدة اقتصاديا. فاميركا اولا ثم اولا وينبغي أن تبقى أولا. وهناك اتحاد اقتصادي اوسع نطاقا عقد منذ عام 1975 وسمي ياتفاق بانكوك حيث وقعت عليه الاطراف المشاركة على ذاك الاتفاق. وطور ذاك الاتفاق في عام 2005 ، بحيث اصبحت الدول المشاركة في الاتفاق الموسع هي الصين وبنغلادش والهند وكوريا الجنوبية وسيريلانكا. وهناك الكثبر من الاتفاقات والاتحادات الاقتصادية الأخرى منها اتحاد ضم استراليا و نيوزؤيلاندا، كما يوجد اتحاد اسمه American central intigration system يضم ثماني دول منها السلفادور وغواتيمالا ودولا أخرى في اميركا اللاتينية. وهذا كله يعزز توجه الدول المتناغمة نوعا فيما بينها، في تأسيس الاتحادات الاقتصادية والتعاونية فيما بينها باعتبارها خطوة نحو الاقتراب من الاتحاد السياسي او التنسيق السياسي في ادنى حل في وقت لاحق.
وهذا ما ينبغي ان تتجه اليه دول الشرق الأوسط الحالية والقادمة لاحقا، باعتبار تلك الخطوة المباركة ستستاعد على حل كل مشاكلهم بما فيها مشكلة التعنت الاسرائيلي التي يمكن ضمها للاتحاد لاحقاد اذا عقلت واعطت للشعب الفلسطيني حقوقه.
والواقع ان الاتحاد الشرق اوسطي، بدءا بالخطوة ـالأولى وهي اتحاد اقتصادي، سيقود الى حل المعضلة الفلسطينية، لأنه اذا ما تشكل الاتحاد الشرق أوسطي من الدول الأربعة وعشرين ومنها 22 دولة عربية عضوة في الجامعة العربية التي لم تعد تشكل كيانا جديا وسليما، بل كيانا ضعيفا ومريضا... يضاف اليها ايران وتركيا والدول الأخرى التي ستنشاء لاحقا وتدريجيا كالدولة الكردية والأمازيغية ودولة القبائل ودولة البوليساريو وغيرها من الدول التي تشكل قومية او هوية مختلفة عن محورها العربي. فاذا تحقق ذلك الاتحاد وبقيت اسرائيل خارجة عنه، فانها ستشعر عندئذ بخطئها في عزل نفسها عن تلك الدول، وهو عزل ناتج عن مطامعها في الهيمنة والسيطرة على المنطقة الساعية لتشكيل اتحاد شرق اوسطي يدور في فلكها... الفلك الاسرائيلي ...كما تخطط اسرائيل مع بعض الاكراد، وربما مع بعض المنتمين لقوميات اخرى. فازاء نشوء الاتحاد الشرق اوسطيء قبل استقلال تلك الدول، أي تشكيله من الدول القائمة حاليا، وبالتالي تنامي وتزايد قوة ذاك الاتحاد وفعاليته قبل ظهور الدول الجديدة التي تحاول كلا من اسرائل واميركا احتواءها، ستجد اسرائيل نفسها متواجدة في وسط اتحاد لا يكن الود لها، أو يخشاها على الأقل، وبالتالي تصبح مضطرة للتخلي عن الكثير من احلامها ومنها حلم من النيل والفرات، بل والتخلي عن أصغر احلامها، وهو ابتلاع ما تبقى من فلسطين... اي الضفة الغربية وباقي الاراضي الفلسطينية، وسيتناقص حلمها تدريجيا لتفادي عزلتها عن ذاك الاتحاد القالئم مع السعي للانضمام له في مسعى اقله يشكل محاولة اكتساب مكاسب اقتصادية من ورالئه في ادنى الحالات.
وانا اعتقد ان التلكوء في بناء الاتحاد الشرق اوسطي، يضر بكافة القضايا في المنطقة والتي تقف حائلا دون نشوئه، ومنها الخلاف السعودي الايراني سواء كان طائفيا أو قوميا، مع ظهور خلافات جديدة مفاجئة بين السعودية وتركيا (التي كانت الى حين متحالفة مع تركيا ضد سوريا) لكنها باتت الآن عدوا للسعودية وعلى خلاف معها بعد تحالفها الغامض مع روسيا الاتحادية، علما أن قوميات أخرى ستنشأ في المنطقة خلال الربع قرن القادم. وهذه الدول التي تمثل قوميات جديدة قد لا تكن ودا كبيرا للمملكة السعودية، التي تحاول الهيمنة على موقع القيادة نتيجة امتلاكها مخزونا نفطيا كبيرا، لكنه قد لا يدوم طويلا، او يخسر اهميته مقابل النفط الصخري الأميركي، وبذا تتعرى السعودية مما يستر عورتها في نهاية الأمر، والذي قد لا يمتد زمنيا الى ابعد من ربع قرن قادم.
فالتأخير في الشروع بالتوجه نحو الاتحاد الشرق أوسطي، سيضر بدول المنطقة، وقد تكون اكثر الدول معاناة من الضرر الذي سيلحق بدول المنطقة هي المملكة السعودية التي تعرقل التوجه نحو ذاك الاتحاد، بل تتشبث بالتشجيع على حرب ضد ايران، علما أن تشبثها بموقع القيادة وخصوصا في الاتحاد المنتظر، على غرار الاتحاد الاوروبي، سوف يكون تشبثا غير مبرر، لكون الرئالسة في اتحاد كهذا، ستكون دورية متداولة سنويا بين الدول الاعضاء في الاتحاد، سواء كانت صغيرة او كبيرة ، يتناولها بالتناوب رئس واحد من تلك الدول، كبر حجمها او صغر. فليس هناك تفوق دولة على أخرى من الدول المنخرطة في ذاك الاتحاد. فهذا ما يجري في الاتحاد الاوروبي، وكان هناك، رغم الانضواء تحت راية الاتحاد، بعض الفتور في العلاقة بين دول غرب اوروبا ودول أوروبا المنتمية لدول البلقان الأوروبية، ولكن تم مؤخرا التخلص منه باذابة الجليد بين الفريقين عندما عقدا اجتماعهما الأخير في صوفيا، عاصمة احدى الدول البلقانية. وبذلك أنهوا مرحلة الفتور بين الطرفين.
وجوبية الاتحاد رغم تعنت بعض الدول
التوجه نحو الاتحاد الشرق اوسطي بات ضرورة وحتمية ولو بعد حين. فهذا هو التوجه الطبيعي بين الدول التي يجمعها جوار أو منطقة واحدة. وذلك يشمل حتى الدول التي يوجد خلافات بينها، حتى وان قادت الخلافات الى وقوع حروب فيما بينها.
وعلى ضوء سلوك الرئيس ترامب الذي بات يتجه نحو الهيمنة والسيطرة على دول العالم باعلانه المتكرر أن اميركا اولا، وأن الولايات المتحدة لن تنفق اموالها على حماية الآخرين، بل على الدول المحمية، رغم كونها محمية بطلب ـأميركي، برغبة اميركية،... عليها ان تدفع للولايات المتحدة كلفة حمايتها،. فكأننا قد عدنا الى عصر الجزية، والولايات المتحدة التي هي ـأميركا أولا ، باتت الراعي الأهم لدول العالم التي ينبغي ان تطيعها الدول الأخرى طاعة عمياء. فاذا انسحبت من الاتفاق الدولي النووي مع ايران، بات على الدول الأخرى الموقعة عليه ومنها فرنسا والمانيا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، أن تنسحب هي أيضا من الاتفاق تنفيذا للطاعة العمياء التي بات ترامب يتوقعها. لكن هذه الدول رفضت الانصياع للرغبة الاميركية لكونهم ليسوا مجرد تابعين لها. وهكذا رفضوا الاستجابة لمطلب ترامب، واصروا على الاحتفاظ بعلاقتهم الاقتصادية مع ايران لكونهم غير تابعين لهذا الرئيس المثير للجدل في قرارته.
لكن الأمر الم يتوقف لدى دول اوروبا الغربية، اذ انه قد امتد كما يلاحط البعض، ليطال دولا كبرى كالصين والهند مثلا. فقد لاحظ مراقبون حصول زيارات متكررة للصين وخلال اسبوع واحد، من قبل رئيس وزراء الهند. وبعدها تلاها وعد من الرئيس الصيني بزيارة قريبة للهند. وبعد ذلك كله جاءت زيارة رئيس وزراء الهند لروسيا الاتحادية واجتماعه مطولا مع الرئيس بوتين، ربما ليشرح له ما يجري طبخه بين الهند والصين، ردا على عنجهية الرئيس ترامب واصراره عالى أن اميركا اولا.
فما يجري سرا بين الهند والصين حتى الآن، مع الاعتراف بعدم وجود معلومات مؤكدة، فكلها تدور في مدار التكهنات والاحتمالات... قد يشكل مسعى لابلاغ الولايات المتحدة ولو تلميحا وتحذيرا، بأن أميركا ليست اولا، وأنها باتت على الارجح ثانيا، بل وربما ثالثا، وقفد تصبح رابعا في وقت قريب اذا ما نجح ما تسعى اليه كل من الهند والصين. فهذا الرجل الموصوف من البعض بالمغرور وذو الجذور الرأسمالية، والذي يعتقد انه بوسعه التعامل مع كل الدول والشعوب بأسلوب الرجل الرأسمالي الذي يعتقد أن المال وحده هو محور الحلول لكل القضايا، والذي في خضم اندماجه في مرحلة تلو مرحلة متسمة ببعض الغرور، يوقع امرا تنفيذيا بعد آخر، ولكنه على أرض الواقع لا يضع توقيعه في ذيل الامر التنفيذي، بل يرسمه رسما على صفحة خاصة منفردة، فكأنه رمبرانت أو ليوناردو دي فينشي يرسم جيوكندا أخرى، ويقوم بعد اكتمال رسمها، يعرض لوحته أي توقيعه-اللوحة على الحضور.
فقد مل الصينيون تهديداته المتواصلة والتي جاملوه في بعضها بتخفيضهم الرسوم على استيراد السيارات الاميركية من 25 الى 15 بالمائة. ولكن ترامب بات يطالب بالأكثر فالأكثر. ومما طالب به مؤخرا اعادة النظر في كل الاتفاقات المبرمة بين بكين وواشنطن، مما أدى الى تململ واضح في بكين، أنتج دعوة رئيس وزراء الهند للقيام بزيارات متكررة للصين في فترة قصيرة ، وبعدها لروسيا... وموضوعها مناقشة الوحدة الاقتصادية بين الصين والهند، تمهيدا لاعلان التحالف الجديد واسمه المتوقع Indo - China الذي سيبلغ الرئيس ترامب بأن أميركا ام تعد ـأولا بل باتت ثانيا وثالثا او رابعا، لان الاتحاد الاقتصادي بين الصين والهند في مراحله الاولى، تمهيدا لتحوله لاحقا الى تنسيق سياسي، سيصبح هو الكيان األأقوى في العالم. فهو يضم ثلاث مليارات من السكان، قياسا بثلاثمائة مليون فقط في الولابات المتحدة، عشرة ملايين منهم مهاجرين غر شرعيين ويسعى ترامب لاخراجهم من البلاد عوضا عن فتح الحدود كليا أمام المهاجرين سعيا لزيادة عدد السكان في الدولة الآخذة في التآكل قوة، وفي حجم السكان العددي.
فنموذج الاتحاد الاقتصادي الهندي الصيني اذا ما تحقق، سيصبح هو الاقوى عالميا، خصوصا وأن الصين وحدها، كانت تنافس اميركا في القوة الاقتصادية، ومثلها الهند. وهذا يفسر النتيجة الواضحة المترتبة على اتحاد قوتين عالميتين اقتصاديا، وهي اندحار القوة الاميركية الى ثانيا او ثالثتا وربما رابعا. وقد تقف بعض مخاوف الولايات المتحدة من الصين، وراء سحبها دعوتها للصين مؤخرا، للمشاكة في مناورات بحرية سنوية تشارك فيها 27 دولة وتجري في مياه المحيط الهادىء. وادعت الولابات المتحدة بأن سحب تلك الدعوة، مرده محاولة الصين المتواصلة لعسكرة بحر الصين الجنوبي الذي لا يعتبر بحرا صينيا، بل بحرا تطل عليه عدة دول.
فالمستقبل اذن قد يحمل مفاجاآت ومفاجاآت خصوصا اذا بقي الرئيس ترامب في موقع القيادة رغم تخبطه فيها . فسلوكه المستفز والمستنضعف للدول الكبيرة قبل الصغيرة، يضطرها للتمحور في اتحادات لمواجهة جبروت ترامب. ودول الشرق الأوسط هي ـأكثر دول المنطقة حاجة للاتحاد، ليس خوفا من ترامب فحسب، فهذه مرحلة قد تمر، ولكن نتيجة حاجة ضروربية وملحة رغم كل الخلافات بين السعودية وايران فهي الخلافات الوحيدة التي تعيق الوصول الى هذه النتيجة المرتقبة. فلا توجد مؤشرات على أن دولا كمصر ـأو سوريا والأردن ولبنان، بل وحتى العراق التي دخلت في حرب ضد ايران قبل بضعة عقود،،ستعارض نشوء اتحاد كهذا. ومثلها دول الشمال الافريقي، فلن يعارض أيا منهم اتحادا شرق اوسطي. فالمعارضة الوحيدة قد تاتي من بعض دول الخليج... من بعضها فحسب، أي من الدول المتأثرة بالهيمنة السعودية. ويرجح الكثبرون بأن ايران سوف ترحب به بحرارة، ومثلها تركيا التي لم تستنطع كسب العضوية في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي سيصبح انضمامها الى الاتحاد الشرق اوسطي امرا مرحبا به في حرارة، بل ومرغوبا به لانه في ادنى الحالات سيعوضها عن خسارة الانضمام للاتحاد الاوروبي.
الفوائد الناتجة عن الاتحاد الشرق اوسطي
هذه الفوائد اشرت اليها في أكثر من مقال سابق لي يحث على اعتماد الاتحاد الشرق أوسطي كوسيلة لحل مشاكل المنطقة اضافة الى الانخراط في مقتضيات العصر الحديث من التوجه نحو الاتحاد في المنطقة عوضا عن البقاء في حالة التفكك. وأنا أقتبس هنا ما ورد في مقال سابق لي عن الاتحاد الشرق أوسطي، ونشر منذ عام 2015. وجاء حينئذ في المقال:
"اتفاق كهذا بين الدول الشرق أوسطية يضم العرب والايرانيين والأتراك والأكراد (وقوميات اخرى)، سيؤدي الى ظهور قوة كبرى، قد تضع المنطقة في مستوى كونها قطبا سادسا ينافس الأقطاب الخمسة الكبرى، بل وقد يؤدي الى تفوق هذا التجمع على منافسيه الأقطاب الخمسة منفردة أو مجتمعة، حتى ولو لم يمتلك تجمع الدول الشرق أوسطية قنبلة نووية، لأنه يمتلك قنبلة أقوى من القنبلة النووية هي قنبلة النفط. فاذا تجمعت دول الخليج مع العراق وليبيا والجزائر وايران، (وكلها دول نفطية) اضافة الى مصر واليمن والسودان والصومال وجيبوتي والمغرب العربي وتركيا وكردستان (المقبلة على الحصول على استقلالها)، فان ذلك سوف يؤدي الى السيطرة على قرابة ثمانين بالمائة من مصادر النفط العالمية التي لا يستطيع الغرب الحياة بدونها، اضافة الى السيطرة على الموقع الاستراتيجي الذي يضم مضائق ثيران وباب المندب ومضيق هرمز، اضافة الى الممرات المائية الحيوية كقناة السويس ومضيق البوسفور والدردنيل".
اذن تظل الأضرار الناشئة عن الاتحاد، هي اضرار قليلة وهامشية قياسا بالنتائج الايجابية التي سيحققها اتحاد كهذا. ومن هنا يتوجب توجه العديد من دول المنطقة بالرجاء الى السعودية للتخلي عن عدائها غير المبرر لايران والذي من اجله تسعى الآن لاستبدال عدائها لاسرائيل، العدو المشترك، بالعداء لايران. فهذا وضع لا يستند الى نتائج وأسباب منطقية، وبات من الضروري رفع الصوت بالرفض والمجابهة دون خجل. اذ لا يجوز لدولة واحدة أن تعيق العديد من الدول في المنطقة من التوجه نحو الأفضل....نحو الاتحاد الشرق أوسطي.