الظريف المرعب.. «كيم» الذي لا نعرفه
أخبار عالمية | الدستور
الاثنين ٢٨ مايو ٢٠١٨
- ورث الحكم بعد وفاة أبيه رغم كونه الأصغر سنًا.. وتزوج من مغنية وله منها 3 أبناء
- أسرار من الملف الشخصى لزعيم كوريا الشمالية
- درس فى سويسرا.. يتحدث 4 لغات.. طوله 170 سنتيمترًا.. ووزنه 130 كيلوجرامًا
حتى كتابة هذه السطور، لا يزال العالم يقف مترقبًا ومتسائلًا حول إمكانية اجتماع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، بعد قمة كورية - كورية، فى المنطقة منزوعة السلاح بقرية «بان مون جوم»، نهاية أبريل الماضى، ولقاءات مع قيادات صينية، وزيارة من وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو إلى «بيونج يانج». التوتر بدأ مع مناورات «ثاندر ماكس» الجوية، بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، وتصاعد بإعلان الأولى إلغاء قمة سنغافورة، المقررة مع الزعيم الكورى الشمالى، ثم تراجع بعد أقل من ٢٤ ساعة، بإعلان احتمالية الانعقاد من جديد، وتأكد عقب التقاء الزعيمين الكوريين الشمالى والجنوبى بشكل مفاجئ منذ أيام.
ووسط كل هذا التوتر، يقف الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون كمحور رئيسى ومحرك للأحداث، فى شبه الجزيرة الكورية، وتظل عائلته التى حكمت الدولة الشيوعية بالوراثة منذ أربعينيات القرن العشرين، بؤرة البحث، ما يستدعى التعرف عليها بشكل أدق، من أجل فهم طبيعة العلاقات والمؤثرات التى تتحكم فى قراراتها وتوجهاتها الحالية والمستقبلية، بجانب توضيح جوانب خفية من حياة «كيم الذى لا نعرفه».
أمه يابانية.. تجاوز شقيقه الأكبر فى وراثة الحكم.. ويحب كرة السلة ويعشق أفلام الكارتون
رغم كونه الأصغر بين أشقائه الذكور، يتمتع الزعيم الكورى الشمالى الحالى بقوة الشخصية مقارنة بهؤلاء الأشقاء الذين يكبرونه، كما ورد فى مذكرات طباخ «السوشى» الخاص بوالده الزعيم الراحل كيم جونج إل، التى وقعها باسم مستعار هو اليابانى كينجى فومجى موتو.
ووفقًا للمذكرات، يتسم الزعيم كيم جونج أون، بأسلوب يميل إلى الحسم، كما بدا فى إدارته للبلاد منذ مطلع ٢٠١٢، رغم أن لديه جانبًا آخر، يظهر فيه أكثر لطفًا ولينًا، إذ يحب لعبة كرة السلة، ويتابع أعمال «ديزنى»، كما حرص على استضافة لاعب دورى السلة الأمريكى دينيس رودمان فى بلاده ٣ مرات، منذ ٢٠١٣.
وتمثل الطفولة عاملًا مهمًا فى تكوين شخصية كيم جونج أون، فهو الابن الأوسط بين شقيقين من الزوجة الثالثة للزعيم الراحل كيم جونج إل، ووالدته التى تدعى كو يونج هى، من مواليد مدينة أوساكا اليابانية عام ١٩٥٣، قبل انتقالها إلى كوريا الشمالية.
ووفقًا لموقع «نورث كوريا ليدرشيب»، كانت أم الزعيم هى الأقرب لوالده الراحل، كما كانت تصحبه معها أثناء زياراتها إلى اليابان، قبل أن يسافر لاستكمال دراسته فى سويسرا، فى المدرسة الدولية، بالعاصمة برن.
ويذكر الموقع نقلًا عن أحد المصادر، أن الزعيم واجه صعوبة فى بداية حياته فى أوروبا، لمعاناته فى تعلم الألمانية، إلا أنه استكمل تعليمه الثانوى بعد ذلك، كما يتحدث الإنجليزية والفرنسية والألمانية، بالإضافة إلى لغته الكورية.
ومع بدايات الألفية الثالثة، عاد الزعيم ليدرس علم القيادة فى جامعة كيم إل سونج العسكرية، مع شقيقه الأكبر جونج تشول، بتشجيع من والدته، التى توفيت عام ٢٠٠٤ بسرطان الثدى، بعدما بدأت حملة قصيرة لتوريث أحد ولديها الحكم.
وبعد إكمال دراسته الجامعية عام ٢٠٠٧، بدأ نجم الزعيم الصغير فى الظهور، ومع ٢٠٠٩ ظهر أكثر من مرة بصحبة والده فى الزيارات الميدانية، وفى نفس العام، تؤكد المصادر أنه تزوج من مغنية تدعى رى سول جو، التى تلعب دورًا مهمًا فى حياته، ثم ترقى سريعًا داخل المكتب السياسى للحزب، ليخلف والده بعد وفاته فى ديسمبر ٢٠١١.
وحسب صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، ظهرت الزوجة إلى جانبه لأول مرة عام ٢٠١٢، بعد أن أرسلت إلى الجامعة لمدة ٦ أشهر، لتأهيلها كى تكون زوجة للزعيم، وبعدما أنجبت منه طفلهما الأول فى ٢٠١٠، وهى معلومة تشكك بها بعض المصادر التى ترى أنها لم تنجب إلا عام ٢٠١٣، بعدما اختفت لفترة طويلة عن الظهور.
ولا يعرف كثيرون أى تفاصيل عن حياة الزوجة قبل ظهورها إلى جوار الزعيم الحالى لكوريا الشمالية، حتى أن البعض يشكك فى اسمها الحقيقى، ويذكرون أنها ظهرت كمطربة، عام ٢٠٠٥، فى إحدى البطولات الرياضية، التى أقيمت فى كوريا الشمالية، تحت اسم هيونج سونج، بينما يرى آخرون أنها كانت إحدى أفراد أوركسترا غنائى، قدم حفلًا أمام الزعيم الراحل، بحضور نجله، عام ٢٠١٠، ما أثارت إعجابه، ليتزوجها بعد ذلك. ووفقًا لنجم السلة الأمريكى دينيس رودمان، الذى استضافه الزعيم الكورى أكثر من مرة فى بلاده، فإن الزعيم الكورى الحالى أنجب من زوجته أكثر من ولد، ويدعى الأوسط بينهما هو جو إيه.
مصاب بـ«النرجسية».. وانكماش الرئتين بسبب التدخين والسمنة
منذ ظهوره على الساحة إلى جوار والده، ووضوح سيناريو التوريث، اهتمت مراكز الدراسات بتحليل الحالة النفسية والعقلية للزعيم الكورى الشمالى، للتعرف على أبعاد شخصيته فى ظل الغموض الذى يحيط بحياته وأسرته، وعلاقاته الاجتماعية، فى الدولة المغلقة.
ووفقًا لتحليل صوتى، نشره «راديو آسيا الحرة»، التابع للولايات المتحدة الأمريكية فى نسخته الكورية، حول أحد خطاباته فى ٢٠١٣، لإحياء ذكرى جده، «كيم إل سونج»، مؤسس الجمهورية فى كوريا الشمالية، فإن طريقة حديثه أظهرت حالة نفسية مستقرة، وتحسنًا فى طريقة التفكير، بالإضافة إلى انخفاض ملحوظ فى مؤشرات المخاطر العقلية.
وفى الخطاب، تحدث زعيم الدولة المغلقة عن توليه السلطة عقب وفاة والده، وتعهد باستكمال الطريق، والحفاظ على شعلة الثورة، كما احتفى بإطلاق قمر صناعى فى ديسمبر من عام ٢٠١٢، فى الذكرى المئوية لميلاد جده.
كما تناول فى حديثه، العلاقات مع الجنوب، وأعرب عن الرغبة فى الوحدة وإنهاء النزاع بين الكوريتين، بقوله: «إزالة المواجهة بين الشمال والجنوب، مسألة مهمة لوضع نهاية لتقسيم البلد وإعادة توحيده»، مشيرًا إلى أهمية حل هذه القضية بصورة قومية مستقلة، رغم أن هذا العام شهد توترًا كبيرًا مع إجراء بلاده للتجربة النووية الأولى فى عهده.
وبعد سنوات من توليه الحكم، خلفًا لأبيه، واشتعال الأحداث فى ٢٠١٧، بعد إجراء ١٦ تجربة صاروخية، بالإضافة إلى التجربة الأولى لقنبلة هيدروجينية، أجرى «راديو صوت أمريكا»، تحليلًا جديدًا للحالة النفسية للزعيم الكورى، عبر لقاءات مع ٤ من علماء النفس، ذكر بعضهم أنه يعانى من النرجسية والميكيافيللية، رغم تأكيدهم عدم القدرة على الحديث عن تفاصيل حالته بدقة، نظرًا لحاجتهم إلى لقائه وتوقيع الكشف على حالته الصحية عن قرب.
وفى التحليل، ذكر البروفيسور فريدريك كوليدج، أستاذ الاضطرابات الشخصية فى جامعة كولورادو، أن الزعيم الكورى، وصل إلى مرحلة متقدمة من النرجسية، كما يظهر كشخص مصاب بداء العظمة «البارانويا»، مشيرًا إلى أن اضطرابه من نوع خاص جدًا، يجعله يستجيب بسرعة لأصغر التهديدات ولا يشعر بمعاناة الآخرين.
ومثّل العام الحالى فرصة استثنائية للتعرف على الزعيم الكورى الشمالى، أثناء زيارته للمنطقة منزوعة السلاح، للقاء الرئيس الكورى الجنوبى مون جيه إن، ما منح الوقت الكافى لوسائل الإعلام من أجل تصويره بالصوت والصورة لمدة تتيح إجراء بعض التحليلات عن أبعاد شخصيته وحالته الصحية.
ووفقًا لصحيفة «دونج آه إلبو» الكورية الجنوبية، فإن الزعيم الكورى الشمالى، تصل قامته إلى حوالى ١٧٠ سنتيمترًا، كما يبلغ وزنه ما بين ١٢٥ إلى ١٣٠ كيلوجرامًا.
وذكرت الصحيفة أن المسافة التى قطعها كيم جونج أون، سيرًا على الأقدام، من الشطر الشمالى للمنطقة منزوعة السلاح، وحتى دار السلام، الواقعة فى الشطر الجنوبى من المنطقة، بلغت حوالى ٢٠٠ متر، إلا أنه اضطر للتنفس بعمق شديد، أثناء توقيعه فى سجل الحضور. وأرجعت الصحيفة ذلك إلى معاناة الزعيم الشمالى من السمنة، وعدم ممارسته للرياضة، بالإضافة إلى تأثير التدخين، كما ذكر «جو جون سونج»، مدير المركز الوطنى للجهاز التنفسى فى كوريا الجنوبية، أن هذه الأعراض، تشير إلى معاناته من انكماش فى الرئتين، ما يفقده القدرة على التنفس بشكل طبيعى، ويدفعه للتنفس بشكل لاهث.
متهم باغتيال أخيه غير الشقيق.. وشقيقته الصغرى أكثر أفراد العائلة نفوذًا فى عهده
بالبحث فى عائلة الزعيم الكورى الحالى، نجده أصغر الأبناء الذكور للزعيم الراحل كيم جونج إل، كما يأتى فى الترتيب قبل الأخير بين إخوته من الأشقاء وغير الأشقاء، فلا تصغره سوى الأخت كيم يو جونج، نائب رئيس اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم، والتى تلعب دورًا رئيسًا فى تحسين الصورة الذهنية لأخيها.
وظهرت الأخت كشخصية رئيسية فى بعثة بيونج يانج للأوليمبياد الشتوية، التى عقدت فى كوريا الجنوبية فى فبراير الماضى، كما ظهرت بشكل لصيق بشقيقها طوال القمة الكورية - الكورية، فى ٢٧ أبريل الماضى، كما تحظى بنفوذ متزايد فى كوريا الشمالية.
ففى ٩ فبراير ٢٠١٨، دخلت التاريخ كأول عضو فى الأسرة الحاكمة لكوريا الشمالية، يزور الجنوب، منذ توقف الحرب فى شبه الجزيرة الكورية، فى ١٩٥٣، ومنذ الهدنة التى جعلت الكوريتين فى حالة حرب، مع غياب أى اتفاق نهائى للسلام.
ورغم عدم توافر المعلومات الدقيقة، يعتقد أن هذه الأخت تبلغ من العمر ٣٠ عامًا، كما تلقت تعليمها فى سويسرا، وهى إحدى الأبناء الثلاثة للزعيم الكورى الشمالى السابق، من زوجته الثالثة، الراقصة كو يونج هوى، بما يعنى أنها الأخت الشقيقة للزعيم الحالى.
وظلت الأخت الصغرى للزعيم الكورى، بعيدة عن الأضواء حتى جنازة والدها، التى شوهدت فيها عبر شاشة التليفزيون الرسمى، وهى تقف خلف شقيقها مباشرة، وهى تبكى شاحبة الوجه، وسريعًا، ارتقت الأخت التى تتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية بعد تولى أخيها الحكم، لتصبح واحدة من أوسع النساء نفوذًا فى كوريا الشمالية.
وعن أخت الزعيم الشمالى، يقول يانج مو جين، البروفيسور فى جامعة دراسات كوريا الشمالية، فى سيول، إنها من القلائل الذين يمكنهم التحدث بحرية فى أى موضوع مع أخيها، كما أن قدراتها تفوق أى مسئول كورى شمالى، عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار، وتنسيق السياسات مع الزعيم. ويرى محللون أن شقيقها يجهزها لتولى مناصب أعلى فى الدولة، كما أنها خطت أولى خطواتها الدبلوماسية الدولية، عبر مشاركتها فى الوفد الدبلوماسى الكورى الشمالى، المشارك فى حفل افتتاح الألعاب الأوليمبية الشتوية فى الجنوب، فى فبراير الماضى، بالإضافة إلى كونها عضوًا مناوبًا فى المكتب السياسى، التابع للجنة المركزية للحزب الحاكم، وهى هيئة مسئولة عن اتخاذ القرارات الحزبية، كما تلعب دورًا أساسيًا فى الدعاية للحزب.
أما عن حياتها الشخصية، فتشير التقارير إلى أنها تزوجت عام ٢٠١٥، من نجل أحد كبار المسئولين فى الدولة، ويدعى تشوى يونج هاى، الذى يعد الرجل الثانى فى لجنة الدفاع الوطنية، وأنجبت طفلًا من زوجها، كما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية اسمها على قائمة العقوبات عام ٢٠١٧، متهمة إياها بالضلوع فى انتهاكات حقوق الإنسان فى كوريا الشمالية.
أما عن باقى أفراد عائلته من الذكور، فمن المعروف أن الزعيم الكورى الشمالى، كان لديه اثنان من الإخوة، أحدهما هو شقيقه الأكبر كيم جونج تشول، الذى ولد عام ١٩٨١، ودرس معه علم القيادة فى الجامعة، إلا أنه استبعد من خلافة أبيه لكونه عاشقًا للموسيقى، ومن معجبى مغنى البوب البريطانى إريك كلابتون، ويحرص على متابعته أينما ذهب، كما أنه يحمل قلب فتاة، كما توضح مذكرات طباخ السوشى الخاص بوالده.
أما الأخ الثانى، فهو كيم جونج نام، غير الشقيق، الذى ولد عام ١٩٧١، واغتيل عام ٢٠١٧ فى ماليزيا، وهو ابن للزوجة الأولى للزعيم الراحل، لذا تدور الشائعات حول وقوف الزعيم الحالى صاحب الـ٣٤ عامًا، خلف الأمر.
ويذكر أن الأخ غير الشقيق حاول فى ٢٠٠١ الدخول بجواز سفر مزور إلى العاصمة اليابانية طوكيو، بحجة رغبته فى زيارة «ديزنى لاند»، وهو الحادث الذى جعل أباه يتراجع عن فكرة توريثه للحكم، رغم كونه الأكبر سنًا.
ويرى كثيرون أن هذه الحادثة تزامنت مع ازدياد التكهنات حول التخطيط لصعود الابن الأصغر بدلًا من أخيه الأكبر غير الشقيق، ما دفع كيم جونج نام إلى محاولة الهروب ليس من الحياة السياسية فقط، وإنما من الدولة نفسها، لذا عاش بعدها متنقلًا بين عدة دول آسيوية، منها الصين وماكاو، وغيرهما، إلى أن تم اغتياله فى ماليزيا.
ويستدل المحللون على أن حادثة «ديزنى لاند»، كانت محاولة للهروب، بحديث نادر لـ«جونج نام»، مع تليفزيون «آساهى» اليابانى، عام ٢٠١٠، ذكر فيه أنه يعارض توريث القيادة فى بلاده، التى تحكمها عائلته، منذ تأسيس الدولة عام ١٩٤٨، وذلك بعد الإعلان عن اسم أخيه الأصغر كوريث للحكم.