الأحزاب لا تملك ترف إهدار الوقت
يوسف سيدهم
الاثنين ٢٨ مايو ٢٠١٨
يوسف سيدهم
قراءة في ملف الأمور المسكوت عنها (684)
تفعيلا لاهتمام وطني بملف الإصلاح الحزبي واستكمالا لسلسلة المقالات التي كتبتها في هذا المكان وآخرها بتاريخ 22 أبريل الماضي تحت عنوان دقت ساعة الإصلاح الحزبي, استضاف صالون وطني منتصف هذا الشهر أول لقاء في سلسلة لقاءات مزمع عقدها مع ممثلي الأحزاب المصرية لرصد الواقع الحزبي وبلورة الرؤي المستقبلية نحو إصلاح وتقوية هذا الواقع.
واعترافا منا بصعوبة دعوة سائر الأحزاب المسجلة علي الخريطة الحزبية حيث يربو عددها علي ما يتجاوز بقليل المائة حزب بدأنا بدعوة مجموعة الأحزاب التي تشغل مقاعد برلمانية, ونجح في الحضور ممثلو أحزاب المصريين الأحرار والتجمع والوفد ومستقبل وطن… ودارت مناقشات ومصارحات جادة حول مناخ العمل الحزبي والمعوقات التي تحول دون انطلاقه ورؤية الأحزاب للمستقبل في ظل التحديات الماثلة أمامها سواء بالنسبة للتفاعل مع المواطن أو التواجد في الشارع أو إعداد الكوادر والقيادات المهيأة لخوض انتخابات المحليات المقبلة ومن بعدها الانتخابات البرلمانية وصولا إلي الانتخابات الرئاسية عام 2022.
انقسمت المناقشات إلي محورين: المحور الأول كان بطبيعة الحال تحميل الدولة وزر الواقع الحزبي المشرذم حيث سمحت التشريعات بتأسيس الأحزاب بالإخطار دون التدقيق في هوياتها السياسية أو برامجها أو عدد أعضائها ودون الرقابة والتفتيش الدوري علي الأحزاب التي تأهلت بعد تأسيسها للتحقق من استمرار نشاطها الحزبي وحجم العضوية بها وسائر معايير تأهلها للخريطة الحزبية… فكانت النتيجة ثراء شكليا خادعا يوحي بحرية الممارسة الحزبية وتنوعها بينما الواقع يكشف عن جسد حزبي مريض وعاجز ولا يضيف شيئا ملموسا للعمل الحزبي أو السياسي.
أما المحور الثاني فكان نقد الذات حيث وافق الحاضرون علي أن ترك الواقع الحزبي المبعثر للدولة لتعالجه هو إهانة للأحزاب الفاعلة علي الساحة حتي وإن كان عددها محدودا, فعليها مسئولية التواصل مع المواطن وربطه بها عن طريق التصدي لعلاج مشكلاته الحياتية وتنمية وعيه السياسي, وذلك بالتناغم مع المصادر الخدمية مثل النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني, علاوة علي دفع النشاط الشبابي والتواجد في الشارع لتنشيط العضوية وتنمية الوعي السياسي.
أفرزت المناقشات اعترافا من الجميع بأن الوضع الحالي للخريطة الحزبية ضعيف ومبعثر ويعوزه العلاج السياسي بمختلف أشكاله: فهناك سبيل التحالفات السياسية بين الأحزاب سواء قبل خوض الانتخابات بتوحيد قواعدها أو بعد خوض الانتخابات بتكوين أغلبية قادرة علي العمل, وهناك سبيل الاندماج بين الأحزاب المتماثلة في توجهاتها السياسية وأيديولوجياتها للوصول إلي تكتلات قوية وهذا السبيل يتناسب مع الأحزاب الحديثة التأسيس والتي لا تمتلك تاريخا حزبيا أو قيادات راسخة تحول دون اندماجها وذوبانها في تكتلات.
هذا الاعتراف وضع الأحزاب الممثلة في الصالون في مفترق طرق مهم جدا: هل يكون التغيير المنشود طوعيا بحيث تأخذ الأحزاب القوية الفاعلة زمام المبادرة بالدعوة للاصطفاف وجمع شمل الفرقاء المتماثلين في توجهاتهم السياسية وبلورة كيفية اندماجهم معا أو ائتلافهم أو تحالفهم؟… أو أن تتبني هذه الأحزاب -وهي الممثلة في البرلمان- الدعوة لسن تشريع ملزم لجميع الأحزاب المسجلة حاليا أو القادمة مستقبلا بالانضمام لكتل سياسية محددة لا تتجاوز خمس كتل هي اليمين ويمين الوسط والوسط ويسار الوسط واليسار, وعلي أن ينص التشريع المأمول علي معايير واضحة لإدراك الاستحقاق الحزبي من حيث حجم العضوية الحزبية ومستوي شغل المقاعد في المجالس المنتخبة وغيرها من المعايير التي يتم تقييمها دوريا وتضمن عدم العودة لحالة التبعثر والعجز السائدة حاليا.
انفض الصالون علي قناعة من الجميع بجدوي استمراره وتعدد وتنوع الأحزاب المشاركة فيه, وبقي الوضع عند مفترق الطرق ينتظر حسمه بناء علي اتفاق الأغلبية, لكن كان هناك اتفاق آخر علي جانب كبير من الأهمية: أننا لا نملك ترف إضاعة الوقت وعلينا التحرك في الاتجاه الصحيح استعدادا لانتخابات المحليات, ومن بعدها الانتخابات البرلمانية, سعيا نحو الانتخابات الرئاسية عام 2022.
** تصويب:
جاء ضمن ما نشر في تغطية صالون وطني في العدد الماضي بأنه في معرض تقوية السوق المصرفية صدر منذ نحو عشر سنوات قرار يلزم البنوك المسجلة بأن ترفع رأسمالها إلا ما لا يقل عن خمسمائة ألف جنيه… وصحة الرقم هو ما لا يقل عن خمسمائة مليون جنيه.. لذا لزم التصويب.. وربنا يسامح المحررين!!