الأقباط متحدون - د. محمد سليم العوا.. هل يمكن أن يصبح رئيسًا لـمصر؟!
  • ١٥:٥٦
  • الخميس , ١٦ يونيو ٢٠١١
English version

د. "محمد سليم العوا".. هل يمكن أن يصبح رئيسًا لـ"مصر"؟!

جرجس بشرى

في دائرة الضوء

٠٤: ١٠ م +02:00 EET

الخميس ١٦ يونيو ٢٠١١

بقلم: جرجس بشرى
نشرت صحيفة "المصري اليوم" وبعض وسائل الإعلام، خبرًا صحفيًا يؤكد أن المفكر الإسلامي وعضو اتحاد علماء المسلمين، د. "محمد سليم العوا"، قد قرَّر بالفعل الترشُّح لرئاسة الجمهورية. ونقلت الصحيفة عن منسق الحملة الانتخابية لـ"العوا" قوله إن "العوا" قرَّر الترشُح فعليًا للرئاسة، وسيعلن ذلك بالتفصيل في لقائه بجمعية مصر للثقافة والحوار السبت المقبل، نظرًا لسفره خارج البلاد حاليًا.

ومن المؤكَّد أنه في ظل المناخ الديمقراطي الذي تعيشه "مصر" بعد ثورة 25 يناير، ووفقًا للدستور المصري، فإنه من حق "العوا" وغيره من المصريين الترشًّح لهذا المنصب الرفيع، بشرط أن تنطبق عليهم شروط الترشح. أما بالنسبة للدكتور "العوا" العالم الإسلامي المثير للجدل، فمن حق الرأي العام أن يعرف أكثر عنه وعن مواقفه السابقة تجاه القضايا المصرية المهمة، خاصة القضايا التي تتعلق بوحدة النسيج المصري بسلبياتها وايجابياتها، ولا يمكن لأي مصري أن ينسىـ أبدًاـ أو يتجاهل، تصريحات المفكر الإسلامي "محمد سليم العوا" على قناة "الجزيرة" العام الماضي لبرنامج "بلا حدود"، والتي أشار فيها إلى أن الأقباط يخزنون الأسلحة في الأديرة والكنائس! والذي تساءل فيه قائلًا: "لماذا يخزن الأقباط هذه الأسلحة داخل الأديرة والكنائس، إلا إذا كانوا سيستخدمونها ضد المسلمين؟!! وهو الأمر الذي قوبل بانتقادات شديدة من مسلمين ومسيحيين، لأنه لم يقدِّم دليلًا على كلامه، بل ساق كلامًا غير مدلَّل عن ابن لأحد الكهنة بـ"بور سعيد" قال إنه استقدم شحنة بها متفجرات من "إسرائيل"، وهو ما نفته مصادر رسمية بالدولة. وقد كان لهذا التصريح أثره البالغ في إثارة البلبلة لدى الرأي العام، بل واعتبره البعض بمثابة مبرر كاف للهجوم على الأقباط وكنائسهم..

ومن التصريحات الغريبة وغير المقبولة لـ"العوا" في ذات الحوار، إنه إتهم قداسة البابا "شنودة الثالث" شخصيًا بتحدي أحكام القضاء، برفضه الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا بإلزام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالزواج الثاني للمطلق، وكأن "العوا" يريد من البابا أن يخالف تعاليم الكتاب المقدس!! لدرجة أن وصل الأمر في ذات الحوار إلى الذروة بالتشكيك في وطنية البابا نفسه والتلميح إلى استقواء الأقباط بالخارج!!!

ومن التصريحات المثيرة للدهشة التي أطلقها الدكتور "العوا"، قوله بأن الرئيس المصري القادم يجب أن يكون لدية كرامة وألا يتحدث الإنجليزية!!! وهو كلام له مدلولات خطيرة تتعلق بالوضع العلمي والاقتصادي والسياسي لـ"مصر"، كما أشار إلى أن هناك ستة أقباط من الصحابة شاركوا في فتح "مصر"!!! وهو ما نفاه المؤرِّخ "عبد العزيز جمال الدين" وغيره.

وبرغم المآخذ على شخصية "العوا"، إلا أنه لا يمكن لعاقل أو منصف أن ينكر تصريحاته الواضحة والقاطعة بشان إسلام "كاميليا شحاتة"- زوجة كاهن "دير مواس"- والتي أثير عليها كثير من الجدل داخل "مصر" وخارجها، حيث قالها صراحةً، عكس ما يردده السلفيون والمتشددون، إن "كاميليا شحاتة" لم تشهر إسلامها، مؤكِّدًا أنه يمتلك ما يثبت عدم صحة مقاطع الفيديو التي تم بثها على موقع اليوتيوب وعلى موقع الـ"فيس بوك"، والتي تظهر "كاميليا" وهي ترتدي النقاب وتعلن إسلامها.

وعن قضية "القدس" والقضية الفلسطينية، يرى "العوا" أن حجر المسجد الأقصى لا يعنيه؛ لأن القدسية ستظل موجودة بالمكان حتى لو هُدم المسجد الأقصى، ولكن ما يحزنه أن القوات الإسرائيلية تجبر المواطنين على دفع أموال مقابل هدم بيوتهم، إضافة إلى أن الجدار الذي أقامته "إسرائيل" عزل أكثر من (55) ألفًا من المقدسيين، ففرَّق بين الرجل وزوجته ومحل عمله وأرضه. وأشار "العوا"- خلال اللقاء المفتوح الذي عقدته معه مكتبة "ألف" بـ"مصر الجديدة" وسط حشد جماهيري وإعلامي كبير خلال شهر أكتوبر من العام الماضي- إلى أن أعداد المسيحيين في "القدس" انخفضت لتصل إلى (8000) نسمة فقط، مؤكدًا أنه لولا دفاع بعض القساوسة هناك عن القضية الفلسطينية وإصرارهم على عدم مغادرة أراضيهم لاختفى المسيحيون تمامًا من "فلسطين". وأضاف: "إن قضية حماية فلسطين لا تقع على عاتق المسلمين وحدهم ولكن المسيحيين أيضًا"، لافتًا إلى المواقع الأثرية الدينية المسيحية التي تصل إلى (500) موقع، مقابل (199) فقط للمسلمين.

ويُذكر لـ"العوا" أيضًا أنه عقب تهديدات القاعدة في "العراق" باستهداف الكنائس في "مصر"، صرَّح لوسائل الإعلام قائلًا: "من واجبنا أن نحمي المسيحيين، فنحن أبناء وطن واحد، والقاعدة إن كانت مشغولة بتلك المواضيع فإنها تكون قد بلغت من التفاهة أن تهدِّد الكنيسة".

ومع ذلك، فإن "العوا" في كتاباته ينظر دائمًا للأقباط كأهل ذمة، وإنهم يجب أن يُعاملوا وفقًا لهذا المنظور الإسلامي، كما أنه يرى أن الأقباط غير مضطهدين في "مصر"، ويستحوذون على 60% من حجم الاقتصاد، رغم أن تعدادهم، من وجهة نظره، لا يتعدى الـ 6 % من السكان، وأن الدولة إذا كانت متعصبة فأنها متعصبة للأقباط، فالكنائس ليس عليها رقابة ويقوم الأمن بحمايتها، بينما المساجد يؤمها في كل صلاة رجال من الأمن.. ناهيك عن الشروط العشرة التي تفرضها الأوقاف على بناء المساجد.

ويقول الدكتور "العوا" في احدى كتبه: "الواقع أن الأقباط يتمتعون في مصر مبارك بمقادير من النفوذ والقوة والسلطان السياسي والاقتصادي والاجتماعي لم يسبق أن تمتعوا بمثلها.وإذا كان الإسلام قد غزا مصر فإن المسيحية هي الأخرى غزت مصر".

إنني ومن هنا، أطالب د. "محمد سليم العوا" أن يكشف للرأي العام المصري في برنامجه الانتخابي المرتقب، موقفه الواضح من الدولة المدنية والديمقراطية، وتعدد الأحزاب، وحق المرأة في الترشح للوظائف القضائية وغيرها، وحق الأقباط في الترشح للمناصب العليا كالمخابرات والجيش ورئاسة الجامعات ووزارة الخارجية وغيرها؛ لكي يعرف الرأي العام رؤية الدكتور "محمد سليم العوا" حول مدنية الدولة، وحقوق كافة مكونات الشعب المصري فيها. وكذا موقفه من البهائيين المصريين والشيعة، ورؤيته حول إتفاقية "كامب ديفيد"، والعلاقة بـ"إيران"، وبرنامجه المتعلق بالعدالة الاجتماعية في "مصر"، وكذلك الحريات الدينية في مصر.

وبناء على هذا البرنامج، سيقرِّر المصريون قبول "العوا" أو رفضه كمرشح مرتقب للرئاسة.