الأقباط متحدون - إفقار المواطن والإصلاح الاقتصادي
  • ١١:٤٤
  • الأحد , ٣ يونيو ٢٠١٨
English version

إفقار المواطن والإصلاح الاقتصادي

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٢١: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ٣ يونيو ٢٠١٨

  المحروقات
المحروقات
د. مينا ملاك عازر
 
لا أعرف سر العداء القاطن في قلوب الحكومات العربية تجاه شعوبها، لا أعرف من الذي قال أن الإصلاح الاقتصادي يبدأ من إفقار المواطن ويرتكز على جيبه وما فيه، بلاد العالم التي تقدمت اقتصادياً تقدمت مرتكزة على موارد البلاد والاستثمار بها والاتجار في منتجاتها وتقديم خدمات وغيره، أما البلدان العربية فمعظمها تسعى للرخاء الاقتصادي من جيب المواطن العربي.
 
الفرق كل الفرق بين حكومة وأخرى مدى استجابة الحكومة ودرجة المشاعر الإنسانية التي بقلبها، فمثلاً في الأردن حين احتج الناس على زيادة سعر المحروقات استجاب الملك، وجمد القرار، وها هو الشعب الأردني يحتج مرة أخرى بسبب قانون ضريبة الدخل، أما في بلاد أخرى حين احتج الشعب على زيادة تذاكر المترو زيادة غير منطقية ولا مقبولة وبلا أسس اقتصادية ولا عقلانية، اعتقل عشرين من هؤلاء المحتجين، واستمر القرار سارياً، طبعاً أتفهم أن إنسانية الحكام والحكومات تتحكم في درجة شعورهم بشعوبهم خاصةً في العالم العربي حيث لا مجال للمسائل العملية والقياسية التي يعمل بها العالم المتقدم، لذا هم يتقدمون، لكن بالعودة للمسائل الإنسانية تجد حكام وحكومات تستجيب لشعوبها في احتجاجهم، فيعبر الشعب عن رفضه بأرتياحية وحكومات أخرى تعتقل وتنكل بشعوبها وتتوعدهم بالمزيد من الارتفاعات في الأسعار واعدة إياهم برخاء اقتصادي يؤجل حلوله وقدومه عام تلو الآخر معتمدين على قوة وبطش شرطتهم وضعف ذاكرة شعوبهم وطيبة قلبهم.
 
تعمل الحكومات في الدنيا كلها على إراحة المواطن وسعادته أما في معظم البلاد العربية تعمل على الخلاص منه بدفعه للانتحار أو السرقة فيسجن أو القتل فيعدم أو  الموت جوعا وكله في سبيل مكافحة الزيادة السكانية التي تستفيد منها دول العالم الناجح بالاستثمار في ثروتهم السكانية في حين أن حكوماتنا تعتبره عبء.
 
إفقار المواطن ليس من مصلحة الوطن، فالوطن بلا مواطن أرض قاحلة غير مأهولة، والمواطن بدون وطن لاجئ تعوله الحكومات المتقدمة، فلماذا تفرقون بين المواطن ووطنه، لماذا تكرهون هذا في ذاك؟ ولماذا تشعرون الوطن أن المواطن عبء عليه مع أن المواطن يحب وطنه ويعمل لأجله لكن هذا لا يعني أن الوطن يعيش على قفا المواطن لماذا تستسهلون وتلجئون للضرائب مع أنه لو حللتم القرشين إللي بتأخدوهم في آخر كل شهر كراتب لكم واشتغلتم بما يرضي الله لاغتنى المواطن وسعد الوطن.
 
الشكر كل الشكر لملك الأردن الذي احترم شعبه وقدر غضبهم واحتجاجهم وعدل عن قرار حكومته بزياد أسعار المحروقات، الشكر له لأنه احترم الشعب وقدرهم وراعاهم ولم يضغط عليهم ولم يبطش بهم ولم يعتقلهم، بل قدر رغباتهم ورفضهم ونفذ مطالبهم، ولم يحث الحكومة على المزيد من الإجراءات التعسفية القمعية حيال المواطن طبعاً قمعية هنا قمع اقتصادي بالدرجة الأولى قمع لموارد المواطن في مصلحة الحكومات الفاشلة التي تحكمه للأسف، قدر ملك الأردن أن الشعب هو الذي يحبه ويسعد بحكمه ويؤمنه ويشاركه النجاح والفشل، وقرر ألا يضيق عليهم بعكس الكثيرين..
 
المختصر المفيد اعملوا لأجل شعوبكم ووطنكم، فالاثنين مصلحتهم واحدة ولا تعارض بينهم، وإذا ظننتم أن ثمة تعارض بين المصلحتين فأنتم ظلمة وفشلة.