خواطر العرضحالجي المصري*د. ميشيل فهمي
******************************************
** للوطن وللتاريخ بالعقل .. لا بالعاطفة ،
** المؤسسة الكنسية تنظيمياً في القرن الــ ٢١ .. لا يجب أن تكون كما في الماضيي لكن الكنيسة من الثوابت التي لا تتغير ،
** خَطْفّ بناتّ الأقباط وَقٓتْلّ الجيش لمجنديه المسيحيين .... بين الواقع وبين الفِتْنةٌ والإشــــــاعةّ ،
** الصمت والتكتيم والتعتيم خـــــطأ جــسيم وخطــــــير من الحكومة ، والصمت التــام الزؤام خـطأ جسيم من الكنيسة لعدم وجود هيئة عِلْمانية بها متخصصون للتعامــلّ مع مثل هذه الأزمـات مَنْعـــــــاً لإحراج الكهنوت ورِجاله ، لذلك ...
نظم القانون تأسيس ثلاث منظمات كنسية وهي :
أ - ( مجمع الأساقفة - أو ما يطلقون عليه المقدس ) وهو الهيئة العُلْيا للكنيسة لمناقشة ودراسة الأوضاع والأمــور التشريعية واللاهوتيــة والكهنوتـــية ، وجوهــر عمله غير سيـــــاسي علي الإطــلاق ، ويضع القواعـــد والأنـــظمة المتعلقة بمسائل الكنيسة وأمور الخدمة ،
ب - ( المجلس المِـــلي العــِام ) ويكون أعضاؤه بالإنــتخاب من العِلمانيين المصريين المسيحيين ، والناخبين لهم شروط خاصة وضعها رجال الكنيسة ، ويختص بكافة الأمور الإدارية والمالية وغــير الدينية بالكنيسة ، وكان أول مجلس في فبراير ١٨٧٤ بأمر عالي من الخديوي إسماعيل ،
ج - ( هيئة الأوقاف القبطية ) صدر قرار جمهوري بتكويـــنها رقم ٢٣٢٦ لسنة ١٩٦٧ وتُكَوَنّ من المختصين العلمانيين لإدارة الأوقاف القبطية من مباني وعقارات واراضي زراعية وأموال سائلة ، وإستثمار الأمــوال في إقامــة مشاريع مثل المدارس والمستشفيات والشركات ... الخ ،
وهذه المجالس الثلاث يترأسها الأب البطريرك ....وقَدّ وُضـع هذا الهـيــــكل التنظيمي للمـؤسسة الكنسية بحكمـــة سمائية وإرادة إلهـية ، لتنفيذ وصـــيـةّ رب المجد وصاحـب الكنيسة الواضحة والصريحة والذي أمر بــها ، وهي :
(( لا يقدر أحد أن يخدم سيدين ، لإنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر ، أو يُلازمّ الواحد ويْحْتقِّر الآخر ، " لا " تَقْدرون أن تخدِمـــــــوا الله والمــــال )) ،
فما هو حال الكنيسة اليوم ؟
أولاً : هل نَفَذَ رجال الكنيسة وصيةّ رب المَجدّ وبغضوا ( تَرَكُوا ) المال وخدمته ، وأحبوا الله وَخِدمةّ كهنوتهُ ؟
ثانياً : هل الهيكل التنظيمي للمؤسسة الكنسية بأضلاعه الثلاث مُنَفَذّ ؟
ثالثاً : هل يعمل المجلس الملي العام وهيئة الأوقاف القبطية فيما أُسسو له ؟
طبعاً وبالقطع لا هذا ولا ذاك بإستثناء مجمع الأساقفة الكهنوتي ، لأنه بدأ تهميش ثم تجميد أعمال المجلس الملي والهيئة ببدايات حبرية البابا شنوده الثالث الذي وضع كل المسؤليات والصلاحيات في يد قداسته وحده مُبْعِداً ومُقْصياً كافة العِلْمانيين وقد رأينا ذلك وعشناه وعايشناه ، وكما قلنا آنفاً أن المسيحيين يعيشون في وسط طائفي مُحْتقِنّ ، مِمَـــا يجعلهم دائماً يعانون ويُقاسون من الأزمات والإضطهادات ، فكان الوحيد الذي له التدخل باسم المسيحيين المصريين هو قداسة البابا شــنوده ، وكان أبرز مثال علي ذلك كواليس الأحداث الطائفية الشهيرة بالخانكة في ١٩٧٢ وأدي مُعالجتها من جانب الكنيسة إلي صدام عنيف بين رئيس الدولة وبابا الكنيسة ، وقد حـــصر ذلك مسيحيي مصر داخل عباءة رجال كهنوت الكنيسة وأبعــــدهم تمامـــــاً عن العمل السياســـي بالوطن ، واستمر ذلك الحال عقوداً ، مما أدي إلي إنعــــدام المسيحيين لخبرة العمل السياسي حتي الآن .
فنري اليوم أن مجتمع العشرين مليون مسيحي لا يُمثلهم ولا يتحدث بإسمهم إلا قيادات الكنيسة ، وهذا خــطأ جسيم لأنه من غير المعــقول بل من غير المقــبول أن يٓقْتـــصِرّ العمل السياسي والتحدث بإسـم وعن الأقباط علي رجال خدمة الكهنوت فقط ، دون أن يكون بجوارهم رجال المجتمع المدني المسيحيي من خبراء في السياسية والقانون والدستور والتاريخ والتفاوض ... الخ
مـــا الأسباب وراء ذلك ؟
علامــات الإستفهام بالآلاف وتتطاير هــنا وهُناك ... مُشَكِلة حَاجِزّ جَبَلّي عالي من الصخور يحول دون الإلتحام الروحي الكامل بين رجال الكنيسة ورِعايــــة الرعية من ناحية ، وعدم إدراك وفهم أن إمتزاج خدمة الكهنوت بالعمل السياسي وبخدمة المال والإدارة تُوْقِفٌ وتُجَمِدّ أي حلول لأزمات ومشاكل المسيحيين بمصر ، لأنهم كرجال كهنوت لا يجرؤن علي مواجهة المسؤلين بها لحساسية مناصبهم الدينية ولعدم خِبرتهم في مواجهة الأزمات والمفاوضات ، لِذا كانت ضرورة ووجوب وجود المجلس الملي العام وفروعهُ بالمحافظات للتصدي ومواجهة مشاكل وقضايا وأزمات أقباط مصر أهم من ضرورية ، والذي يُقَدرّ تعدادهم اليوم بــ ٢٥ مليون نسمة ، مجتمع بهذه الضخامة العددية أي ما يُماثِلّ ٢٥% من تعداد سكان جمهورية مصر ، لابد من أن يكون حافــــل بمشاكل وأزمات وحتي صراعات لأن هذا العدد من أقباط مصر يعيش وسط موروثات طائفية إضطهادية مُتَجَذِرةّ من عشرات العقود عملت عِــِدة دِولّ وجهات ومؤسسات ومنظمات وجمعيات وجماعـــات علي تأسيسها وتأجيجهــــا لتظل علي الــــدوام شوكـــــة ضِمْنّ الشوكات في جسدمصر وإستقرارها ، خاصة مع بدايات كارثة ٢٥ يناير ٢٠١١ فرأينا ما رأينا من :
حَرْقّ وهـــدم كنائس وتدمير أديره - تفجير كنائس بِمُصليهاً - نَهْب وسَلْبّ وحرق أمــــلاك وممتلكات أقباط وتهجيرهم من بيوتهم وقُراهم - قـتْل المسيحيين ومنعهم تماماً من بناء كنائس جديدة أو حتي ترميم ما هو آيل للسقوط منها - غلق عدد من الكنائس القائمة بالفعل وإنحـــياز بعض الجهات الأمنـية لمــــوالاة ألمتطرفيـــين علي حساب حقوق الأقباط ، وَوَصل هذا الشحن الطائفي قمته بتولي جماعة الإخوان المسلمين حُكْـــمّ مصــــر ، وللحق وللتاريخ عند هذا لم يكن مسيحيي مصــــر وحدهم هم الذين يُعانون ، بل المصريون كافة يعانون ، إلي أن جاءت أول ثورة من نوعها في التاريخ البشري حَشْداً وعدداً وإرادة وعزيمة للتخلص من كوارث وتَبعاتّ هذا الحكم وكان مُشاركة مسيحيي مصــــر في هذه الثورة ملحوظــــــاً ومؤثراً .... وجديربالذكر أن الدولة المصرية وقواتها المسلحة قد أعادت بناء وترميم كل ما تم تدميره من كنائس وأديرة ،
ورويداً رويداً بدأ يعود الإستقرار الأمني والإجتماعي لمصر مما أشعل حفيظة المتآمرين فازدادت حمــلات الفتنة الطائفــــية وقيام حوادث طائفية فردية إما مدفوعة من عملاء الخارج أو نتيجة بموروثاته طائفية لضرب مصر وتقسيمها كما هو مُخْطَطّ لذلك ، وسادت موجات من الإشاعات لتثبيت الفتنة وهذا ما أشعل مواقع وصفحات التواصل الإجتماعي :
بحوادث إختـــطاف بنات وسيدات مسيحيات ( أرثوذكس فقـــط ) ، وَقَتْلّ مجندين مسيحيين في وحداتهم بالقوات المُسلحة المصرية ، ولا يُمْكنٌ أن أُنْفي أو أُثْبٍتّ وقوع ذلك ووقوع ضحايا له ، بل تقع الحوادث بين دائرة التصديق وهشاشة النَفْيٌ ، نظراً لأن كل هذا مُغلَفٌ بالصمت المُطْبقّ من الجهتين المسؤلتين :
* الحكومة والتي لديها جهاز ضخم لنفي الشائعات أو ما يُسيئ للوطن ، وهو : ( مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار ) والذي صَمَتَ وْبَكَمّ أمام تلك الحوادث ولم يَشِرّ إليها لا من قريب ولا من بعيد ، فوقع المواطن بين فريسة التصديق والبُعْدّ عن الواقع
* الكنيسة الصامتـــة والمٌحْتكرة العمل السياسي والتحدث باسم الضحايا لاستشعارها الحَرج الكهنوتي ولعدم خبرة رجالها في التداخل والتدخل في الأزمات .
وبين الحكومـــة والكنيســـة ضاعــــت الحقيقــــة وضاع الضخ ايـــن،
الحل : يتطلب مرحلتان فوري وآجـــلّ
أولاً : العاجِلّ يتشكل مجلس أستشاري من آراخنة المجتمع المسيحي والمتخصصين في التعامل مع الأزمات والتفاوض والإتصال بالجهات المسؤلة بِدءً من النائب العام ووزارة الداخلية والشؤون المعنوية للقوات المسلحة ... الخ لإجلاء وإستجلاء الموقف من أزمات خطف البنات المسيحيات وقتل المجندين المسيحيين بالقوات المسلحة ، وإعلان نتيجة ذلك بصفة علنية وببيانات رســـــمية ، لقطع الطريق علي العملاء وأعداء الوطن ،
ثانياً : الآجل ، يبدأ قداسة البابا من اليوم إجراءات وخطوات إنتخابات المجلس الملي العام .
لأن السكوت والصمت والتعتيم والتكتيم علي مثل هذه الأمور الجِسام يُشَــكل أخطر الأضرار علي مصر في الداخل والخــارج ويُعْطي الفُرص علي طبق من فضة لأعداء مصر والمُنفذينّ لِمُخططات التآمر عليها للعمل بكل همة ونشـاظ وســـط صٓمْت مصــــري رســـــــمي غريـــب ومُـريـــب .