الأقباط متحدون - إفطار جمعية النهضة فى حب الوطن والمحبة
  • ١٢:٥٥
  • الخميس , ٧ يونيو ٢٠١٨
English version

إفطار جمعية النهضة فى حب الوطن والمحبة

مقالات مختارة | بقلم :سليمان شفيق

٥٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ٧ يونيو ٢٠١٨

سليمان شفيق
سليمان شفيق

 دعيت لأكثر من إفطار فى رمضان، حضرت ما أستطيع، ولكن يظل إفطار جمعية النهضة العلمية والثقافية «جزويت القاهرة» هو الإفطار العائلى الذى أفرح لدعوتى له كل رمضان، جمعية الجزويت، «الآباء اليسوعيين»، الرهبنة التى أسسها القديس أغناطيوس «1540» وهى تنتشر فى «112» دولة، وتهتم بالتربية والتعليم والعمل الفكرى والثقافة وتعزيز العدالة الاجتماعية، ولها فى مصر المدارس والجمعيات والأندية الثقافية، منها جمعية النهضة العلمية والثقافية «المركز الثقافى لجزويت القاهرة»، تأسست بالفجالة سنة  1998على يد الآباء والإخوة اليسوعيين «الجزويت»، وعدد من المصريين المهتمين بالقــضايا الفنــية والثقافــية، وأكاديمية النهضة للفنون والآداب تضم عدة مدارس، وهى: مدرسة السينما، مدرسة الرسوم المتحركة، مدرسة النهضة لفنون المسرح الاجتماعى «ناس»، ومدرسة العلوم الإنسانية، بالإضافة إلى عدة أنشطة تقوم بها جمعية النهضة جزويت القاهرة، مثل نادى السينما، مجلة الفيلم، نادى كتاب الطفل، الاستديو، مسرح ناصيبيان، والورش الحرة، مكان الجمعية الحالى كان استوديو ناصيبيان التاريخى.

مؤسس الجمعية الأب وليم سيدهم اليسوعى، وهو راهب ثائر من رهبان لاهوت التحرير، ومثقف عضوى، زاهد، فليسوف ليس بما أنتج من كتابات  فحسب، بل ومن ممارسات تجسيد المحبة والإخاء والمساواة، تعرفت عليه بعد عام من تأسيس الجمعية التى تضم مجلس إدارة ومستشارين وعاملين متطوعين من المسلمين والمسيحيين، شباب وشابات، منقبات ومحجبات وسافرات، يساريين وليبراليين ووطنيين، يقتسمون الخبز والثقافة وحب الوطن، أرى فيهم دائما محمية وطنية ثقافية فى حب الوطن، تدق لهم الأجراس مع أذان المغرب، ومن خلال ابتسامة الأب وليم نعبر إلى طعام الإفطار، يتقدمهم الأخت الكاتبة هناء ثروت والرفيق القديم حسن شعراوى  منسق نادى السينما الذى يقدم عروضه الأسبوعية منذ أكثر من «25» عاما بمسرح مدرسة الجزويت، وفى سنة 2000 بدأ نادى السينما يقدم عروضه بقاعة الجمعية فى الفجالة كل سبت، بعد الفيلم تنظم مجموعة أعضاء النادى مناقشة، ويدير حسن تحرير مجلة السينما مع تلميذى الناقد الموهوب سامح سامى، تهتم المجلة بالثقافة السينمائية المصرية، والسينما العالمية وآفاق تطورها، إضافة إلى اهتمامها بالتجارب الرائدة لسينما الحضارات الإنسانية المختلفة، خاصة تجارب الشعوب التى تسعى للخروج من هيمنة هوليوود، كما تهتم المجلة بالسينما منخفضة التكاليف، والتقنيات الحديثة والفقيرة، والفيلم التسجيلى الذى أصبح سجل التاريخ الحى للحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية، والفيلم الروائى، إضافة إلى ورشة السينما، وهى ورشة تدريب ودعم إنتاج أفلام مجانية تستهدف تدريب صناع الأفلام المبتدئين من فئات المجتمع الأكثر احتياجا لتمكينهم من أدوات التعبير بثقافة الصورة، عبر تعلم صناعة أفلام منخفضة التكلفة، لأن تعلم السينما كان ينحصر فى الفئات التى تمتلك القدرة المالية والنفوذ وشبكة العلاقات والمصالح.

كل ذلك مع مهرجان الجزويت للفيلم الذى يقدم لغة بصرية شابة تتواصل مع تجارب جيل رواد الثمانينيات فى مصر فى ذات الوقت الذى تصنع فيه لغتها الخاصة، النابعة من التغيرات الهائلة التى أدخلتها الثورة المصرية على مفهوم الصورة واستخدامها، والنابعة كذلك من دخول التكنولوجيا الرقميه وشبكات التواصل الاجتماعى والإنترنت، ويعمل المهرجان على أن يكون السند والشرارة الأولى للسينمائيين المبتدئين فى محافظات الصعيد، لحصول تلك المناطق على قدر عادل من ثقافة الصورة، وإتاحتها بعيدا عن مركزية المعرفة.  
 
جنبا إلى جنب مع الموهوب مصطفى وافى، فنان المسرح ومؤسس مدرسة «ناس» وهى مبادرة لخلق تيار مسرحى يتفاعل مع القضايا المصرية، يقدم عروضه حيث يتواجد الناس فى الشوارع، الميادين، والمساحات العامة فى القرى والمدن، وهى مساحة لتدريب العارضين والعارضات على مختلف فنون الأداء، ومدارس المسرح التى تعمل على تجاوز المسافة بين المسرح والمجتمع، بدأت المدرسة عام «2013»، يدرب فى المدرسة مدربين محترفين مصريين وأجانب على مختلف فنون المسرح الجسدى والاجتماعى ومسرح الشارع، تستقبل المدرسة «25» متدربا لمدة سنتين، وتشارك معه الابنة الباحثة المتفردة ريهام رمزى والفنانة ايرينى شوقى، ولا ننسى أن أكاديمية الفنون تضم مدرسة للرسوم المتحركة يقودها الفنان إبراهيم سعد والفنانة مريم، ومدرسة للعلوم الإنسانية يشرف عليها الباحث المرموق يوسف رامز، ونادى كتاب الطفل فى المكتبة التى كانت أول نشاط للجمعية فى الفجالة والضاهر، ولذلك أهالى الضاهر تسمى الجمعية حتى الآن «المكتبة»، ومن خمس سنين بدأت المكتبة تعمل نشاطا مع الأطفال يحكون حكايات ويتعلمون شعر صلاح جاهين ويشوفوا أفلام مختلفة، وفى المكتبة يرسم الأطفال ويتعلمون أشغالا فنية وطباعة، نشاط نادى كتاب الطفل كل يوم خميس، وفيه حوالى «25» طفلا، وتفتح المكتبة أيضا أبوابها لكل من يريد القراءة والاستعارة، كما تضم المكتبة صالونا شهريا «صالون الجزويت الثقافى» الذى أتشرف بتأسيسه وإدارته يناقش مع المفكرين والكتاب قضايا ثقافية.
 
انتهى الأذان وبدأ الضيوف فى تناول طعام الإفطار ودقات أجراس كنيسة العائلة المقدسة تدق، وابتسامة الأب وليم ندخل من خلالها إلى تذوق المحبة، هكذا تقاسمنا الخبز والمحبة والثقافة، وأثبتوا لى كما يقول المصريين «على الأصل دور» فى تلك الجمعية التى لا تنسى مؤسسيها ومن لعبوا دورا فيها حتى لو طالهم الكبر ولم يعدوا يقدمون ما يذكر.. كما تثبت تلك الجمعية أنها تحترم كل مؤسسى الجمعية، ولذلك دعوهم إلى الإفطار ومنهم الفنان محمد عبدالدايم والمفكر نبيل مرقص وشخصى.
 
لكل تلك الأصالة التى عبر عنها التلاميذ لأساتذتهم، أعتز بالجمعية ليس لأننى أحد مؤسسيها، ولكن لأنها كانت وستظل رمزا ونبراسا لمصر التى سنظل نحلم بها، معظم أبناء الجمعية من تلاميذى ورفاقى وأعتبرهم عائلتى وبطاقة حزبى ورمز للوطن القادم من أعماق الجرح وأحلام الشعراء والفنانين العشاق لمصر والحرية. 
نقلا عن اليوم السابع
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع