الأقباط متحدون - تعرف على محطات بحياة الصيدلي يوسف إسكندر الذي صار متى المسكين علامة فارقة بتاريخ الكنيسة
  • ١١:٠٨
  • الخميس , ٧ يونيو ٢٠١٨
English version

تعرف على محطات بحياة الصيدلي يوسف إسكندر الذي صار متى المسكين علامة فارقة بتاريخ الكنيسة

٤٥: ٠١ م +02:00 EET

الخميس ٧ يونيو ٢٠١٨

 الأب متى المسكين
الأب متى المسكين
كتبت – أماني موسى
يوافق اليوم الذكرى الثانية عشر لرحيل الأب متى المسكين، الذي مثّل علامة فارقة في تاريخ الكنيسة والرهبنة المصرية، وصارت حياته وتراثه ملكًا للكنيسة والعالم، وتم ترجمة كتبه لأكثر من 14 لغة أجنبية.
 
نشأة يوسف إسكندر الصيدلي الذي صار "متى المسكين"
ولد يوسف إسكندر "الأب متى المسكين" عام 1919 بمدينة بنها بمحافظة القليوبية، وكانت طفولته قريبة من الكنيسة وإقامة الصلوات والطقوس، وفي عام 1943 تخرج من كلية الصيدلة، وأفتتح صيدليته الخاصة به في دمنهور وكانت ناجحة جدًا إلى أن باعها في عام 1948، كما باع كل ما يمتلكه ووزعه على الفقراء ولم يحتفظ إلا بثمن التذكرة. 
باع صيدليته وكل ما يمتلكه ووزعه على الفقراء ولم يبق إلا ثمن التذكرة
وتوجه إلى الرهبنة بدير الأنبا صموئيل بجبل القلمون وكان الدير آنذاك هو الأفقر والأبعد عن العمران، وفي عام 1950 ترك الدير وتوجه إلى وادي الريان للتوحد، وانضم إليه 7 رهبان آخرين في عام 1960، وزاد العدد إلى 12 راهب في عام 1964.
كان للأب متى المسكين نهجًا خاصًا في الرهبنة من حيث النسك والتوحد، فأحيا من جديد روح الآباء النساك الأوائل، مما جمع الشباب المسيحي حوله وجعله رائد في الرهبنة الحديثة.
 
كتب على جدران قلايته "علينا واجبات وليس لنا حقوق"
على الرغم مما تعرض له الأب متى المسكين من حروب ومتاعب إلا أنه كان غير صداميًا وكان يوصي أبنائه الرهبان بذات المنهج، كان يركز جهده وطاقته في الإعمار والكتابة.
 
وقد كتب على جدار قلايته منذ اليوم الأول لرهبنته "علينا واجبات وليس لنا حقوق".
 
مذكراته وكيف كانت والدته تصلي لساعات!
وصف الأب متى المسكين والدته في مذكراته التي نشرتها الأهرام بـ القدوة والأم المنحنية الساجدة بالصلاة، قائلاً: كانت والدتي متدينة جدًا بصورة لا يصدقها عقل‏،‏ فكانت وقبل أن تمرض تدخل غرفة خاصة‏ وكنت أتمسك بملابسها بإصرار حتى تسمح لي بالدخول معها‏، وكانت تظل واقفة لعدة ساعات تصلي وتسجد، ولا تكف عن السجود مئات المرات‏‏ وكنت أحاول أن أسجد معها تقليدًا، ولكن قواي كانت تخونني فأقف صامتًا أتأملها وهي تقوم وتسجد كالساقية دون أن تكل‏‏ لعدة ساعات‏ وفي يدها سبحة وصليب‏.
‏ 
وتابع، ماتت والدتي سنة ‏1934‏ بعد سفري للإسكندرية بعد مرض عضال فالج ـ شلل نصفي ـ دام معها ‏7‏ سنوات. 
 
مؤلفاته:
له أكثر من 180 كتابًا بخلاف المقالات التي كتبها في جرائد عدة، هذا وقد ترجمت كتبه إلى لغات عدة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية واليونانية والإسبانية والهولندية والبولندية.
 
كتاب: تمتع بذكاء شديد ومثابرة وصار عالم لاهوتي فخر لمصر والكنيسة القبطية
يصفه بعض الكتاب بأن سر نجاحه يرجع إلى إخلاصه إلى  فكرة الرهبنة، التي أحبها فعاش راهبًا بالصحاري والجبال، لم ينزل للخدمة في الأوساط الكنسية إلا قليلا، وربما دفعته الظروف إلى العودة للأديرة أو اضطر إلى ذلك ، الأمر الذي كان في صالحه وفي صالح الرهبنة.   
 
وتمتع الأب متى المسكين، بذكاء شديد ومثابرة كبيرة وإمكانات بحثية عالية، ثقف نفسه بنفسه، لم يدرس الفكر اللاهوتي في أكاديميات بل بين جدران الأديرة وفي بطون الصحراء وعلى سطح الرمال، فتفوق على أقوى خريجي كليات اللاهوت، الذين يرجعون لمؤلفاته للاستعانة بها في قضايا مختلفة.
كما أنه انفتح على فكر مفسري الكتاب المقدس الغربيين في مؤلفاته التفسيرية، الأمر الذي  يؤكد سعة أفقه ومنهجيته العلمية. 
 
ويضيف محبو الأب الراحل، أن ترجمة مؤلفاته للغات عدة ومرجعيتها العلمية تجعل منه عالمًا مصريًا خالصًا تفتخر به مصر والكنيسة القبطية في زمن ندرت فيه الجودة و كثر فيه الركاكة والضعف وانتشر فيه التكرار والسطحية. 
 
د. عايدة نصيف: الأب متى المسكين يرى أن تقليد الكنيسة الأرثوذكسية ليس جامدًا 
من جانبها تقول د. عايدة نصيف، أستاذ الكلية الإكليريكية، في مقال منشور لها بموقع الأقباط متحدون، أن الأب متى المسكين، يرى في كتاباته أن الكنيسة تواجه اليوم تحديات قوية على المستوى الروحي والعملي، ومواجهة هذه التحديات لا تكون بالاجتهاد الفكري الشخصي؛ لأن ذلك يتعلق بتقليد الكنيسة. 
 
وإن تقليد الكنيسة الأرثوذكسية ليس جامدًا كما تصفه بعض الطوائف الأخرى التي تحررت منه، بل هو تقليد حي متحرك يمكن الامتداد به والإضافة إليه. 
 
فعند الأب متى المسكين أن الكنيسة تستمد التعليم الكنسي من جهة الروح القدس فمن التقليد الآبائي نستمد تعاليم المسيحية، التزامًا بكلمة الإنجيل واستعلان الروح القدس، فتقليد الكنيسة هو الذي يحدد صحة الشرح سواء في اللاهوت العقيدي النظري، أو في اللاهوت الروحي النسكي العملي.  
 
وتؤكد في كتاباتها أن الأب متى المسكين يرى أي خروج عن اتجاه الآباء العام يُخرجنا عن مفهوم الأرثوذكسية وعن حياة الكنيسة بوجه عام، فالإيمان مرتبط بالعمل، وكلاهما تسليم من الله، ومن الرسل، واستعلان الروح القدس. 
 
جامعة ألمانية تخصص السيمنار الصيفى لدراسة الفكر اللاهوتي عند الأب متى المسكين
 
احتفاءًا بتاريخ عطاء الأب متى المسكين، خصصت كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية الألمانية في آيشتيت- إنغولشتات، وبالتحديد قسم تاريخ الكنيسة القديمة والباترولوچي، سيمنار الفصل الدراسي الصيفي إبريل 2018م وحتى يوليو 2018م، لدراسة الفكر اللاهوتي عند الأب المستنير متى المسكين.
يقوم بتدريس هذا السيمنار البروفيسور الدكتور/ أندرياس فيكفيرت، الذي صرح بأن القمص متى المسكين هو من أعاد من جديد بناء دير الأنبا مقار في صحراء الأسقيط، كما أنه من أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية القبطية في القرن العشرين، وهو أب رهبان برية شيهيت، متساءلاً: من هذا الأب المستنير الذي يقتبس منه البابا فرانسيس بابا الفاتيكان في عظة عيد  الميلاد عام 2016م.
حقيقة خلافه مع مثلث الرحمات البابا شنوده
مذكرات الأب متى تكشف حقيقة خلافه مع مثلث الرحمات البابا شنوده، والذي أثير حوله جدل كبير خاصة عندما جلس مع الرئيس السادات في سبتمبر ‏1981‏ وقت خلافه مع البابا شنودة إلا أن الرجل ظل صامتًا لم يدافع عن نفسه ولم يتحدث عن هذه الواقعة أو غيرها‏، ولكنه ترك لتلاميذه سيرته التي كتبها بقلمه سنة ‏1978‏ وطلب عدم نشرها في حياته‏.
 
وعندما رحل في ‏8‏ يونيو ‏2006‏ ابتدأ تلاميذه بنشر وطباعة مذكراته. 
 
قال الأب متى في مذكراته: "حدثت الأزمة فجأة بإعلان الكنيسة القبطية يوم ‏26‏ مارس‏1980‏ إلغاء الاحتفالات بعيد القيامة الموافق ‏6‏ أبريل‏1980 وبرفضها لأول مرة في التاريخ بروتوكول الحكومة الخاص بالمندوبين المرسلين من قبل رئيس الدولة للتعييد على الأقباط داخل الكنائس سواء في القاهرة أو الإسكندرية أو سائر المحافظات،‏‏ وتطبيق ذلك أيضًا علي كل الكنائس القبطية في كل بلاد العالم بمنع السفراء والقناصل من دخول الكنائس القبطية لتقديم تحية العيد للأقباط‏. 
 
كان هذا في نظر بعض السياسيين بمثابة تحد شخصي للرئيس أنور السادات خاصة أن توقيته جاء متزامنًا تمامًا مع استعداده للسفر إلي أمريكا للتفاوض في مشروع‏‏ الحكم الذاتي للفلسطينيين‏.‏ 
 
وقد أجبرني بعض أراخنة الأقباط على التدخل لحل الأزمة‏،‏ ولكن بعد فوات الوقت‏، فقابلت الرئيس السادات مساء السبت ‏5‏ ابريل‏1980‏ قبل سفره بيوم واحد إلي الولايات المتحدة‏، وذلك بعلم ورأي قداسة البابا شنودة والمجمع الموسع الذي انعقد في دير الأنبا بيشوي كمحاولة لحل الأزمة في آخر لحظة‏.‏
 
فأخبرني الرئيس في هذه المقابلة بأنه مستاء من تصرف الكنيسة‏، ثم أقنعني بعض الأساقفة بضرورة مقابلة الرئيس بعد عودته لتقديم مذكرة توضيحية من اللجنة البرلمانية المقترحة لمتابعة شئون الأقباط لتكون بمثابة قناة شرعية بين الكنيسة والدولة‏، وقابلته بالفعل بعد أخذ البابا علمًا بالمقابلة‏.‏ 
 
وقدمت له المذكرة فقبلها ووعد بدراستها‏، ولكن مظاهرات أقباط المهجر ضد الرئيس في أمريكا أمام البيت الأبيض وأمام الفندق الذي سينزل فيه الرئيس بلير هاوس‏، صاعدت الموقف وأعتبر السادات أن الكنيسة أدخلت نفسها كطرف صراع ضد الدولة‏.‏ 
 
ثم قابل المسكين الرئيس السادات، وطلب منه الأخير إبداء الرأي فاقترح المسكين إجراء مصالحة مع البابا، لكنه رفض رفضًا باتًا، فاقترح تعيين هيئة علمانية من المسئولين الأقباط للتعامل مع الدولة وبقاء الكنيسة بعيدة‏،‏ فرفض أيضًا‏.‏ 
 
ولما علمت بالنية القاطعة لتوقيف البابا البطريرك وإبعاده‏،‏ جاهدت ألا يمس هذا الإجراء الوضع الديني وهو الشق الأول من تنصيبه وهو وضع اليد والصلاة واستدعاء الروح القدس للتقديس‏،‏ فهذا ليس من اختصاص الدولة‏.‏ 
 
وفي الحال نشأت الحاجة إلي لجنة أساقفة مؤقتة للقيام بمهام البابوية‏،‏ وطلب مني الرئيس اقتراح أسمائها لأنه كانت قد أعدت أسماء أخري غير لائقة قد اقترحت‏، فقدمت أسماء آباء أساقفة ـ تحت ضمانتي ـ إذ أكدت حكمتهم واعتدالهم‏، وإن كان يحسب هذا اليوم هو اليوم الأسود في حياتي‏.‏ 
 
ولفت الأب متى في مذكراته في ملاحظة قال فيها: طلب مني الرئيس في البداية‏‏ وبإلحاح شديد أن أكون مسئولاً فرفضت‏، قائلاً‏:‏ إذا ألححت عليّ فسوف تفقدني نهائيًا‏ ولن تعثر لي على أثر في أي مكان فيما بعد.
 
كما طلب الأب متى من السادات ألا يناديه في خطاباته شنودة بل البابا شنودة، كما أنه قال له ليس من حقك عزل البابا، وبالفعل لم يستخدم الرئيس كلمة عزل بل استخدم القرار الجمهوري الذي في سلطته فقط‏،‏ فألغاه‏، ثم أعاده الرئيس حسني مبارك بعد ذلك عام ‏1984.‏ 
 
وفي مايو 2005 توجه البابا شنوده لدير أبو مقار بعد فترة من القطيعة، وأستقبله جميع رهبان الدير آنذاك بالألحان الكنسية. 
 
وفاته:
في فجر يوم 8 يونيو ‏2006‏ م‏ أنتقل الأب متى المسكين عن هذا العالم عن عمر يناهز الـ 87 بعد مرض قصير الأجل، وأوصى أن يدفن في الدير بعيدًا عن أي مظاهر ثرية، في مدفن بسيط جدًا. 

لا يتوفر نص بديل تلقائي.


 

 

الكلمات المتعلقة