الأقباط متحدون | انتظارًا لفجر يوم جديد
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٧:٥٩ | الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠١١ | ١٤ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٣١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

انتظارًا لفجر يوم جديد

الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠١١ - ٤٩: ٠٦ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: نسيم عبيد عوض
عندما أشرق فجر يوم 25 يناير، بدأ يوم من أزهى أيام حياتنا، الشعب يثور، فجر حقيقي ليوم طال انتظاره لأكثر من ستين عامًا، وكان هذا يومًا طويلًا استمر 18 يومًا حتى يشرق فجره الجديد، وقد أشرق فجر يوم 11 فبراير، وكان فجر الثورة الحقيقية لشعب "مصر"، ليعلن في ضوء قرص الشمس سقوط رئيس النظام الفاسد وبيته وكبار من أعوانه. وبدأ اليوم أزهى مما تعودناه، فأشرقت الابتسامة على وجوه المصريين جميعًا، وتنفسوا رحيق هواء جديد طال انتظاره، وبدأ الأمل يشرق في القلوب، حتى التفت نفوس البشر في كل العالم تراقب فجر يوم جديد على أرض "مصر".

وبغروب شمس يوم 11 فبراير، دخلت "مصر" في ظلام الليل. لم يشرق فجر يوم جديد حتى الآن، ونحن جميعًا في ظلام هذا الليل، وإن كان قد طال انتظاره، وقد يطول لزمن غير محدود؛ لأنه في ليل هذا اليوم تشقَّقت الجحور وخرج المستور وطار وطواط الليل وسمع نعيق البوم، ومازالت "مصر" تخرج من جوفها الكثير والغريب:

* تسلَّمت السلطة والمسئولية مجموعة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى رأسها وزير الدفاع، وهم جميعهم قد ترعرعت خدمتهم طوال الثلاثين سنة الماضية، ومن عصب النظام البائد، حلفوا اليمين أمام الرئيس الذي مضى، وقد وجدوا أنفسهم بدل أن يجتمعوا لبحث أمور الجيش وحماية حدود "مصر"، أصبحوا مسئولين عن حماية "مصر" من داخلها وحرب أهلية بين شعبها، وجاءت الملفات التي تعرض عليهم بما لم يشتهوا.

* سقوط القتلى بالمئات والجرحى بالألوف من رصاصات وخناجر حماة الدولة وقواتها، وبدل الزهور والورد يقدمها الشعب للمجلس، وضعوا أمامهم جثث القتلى وأشلائهم، ودماء تسيل على تراب "مصر"، والدموع أنهار من العيون الحزينة على قتلاهم وفقدانهم الأمن والأمان، وعاد الخوف والرعب من شارع غير محمي، وبدل جيش يحميهم وجدوا أنفسهم أمام قوات لا تحميهم.

* خروج جماعة الإخون المسلمين والسلفيين من قبضة مباحث أمن الدولة ومن الجحور والشقوق والمنفى القريب والبعيد، ليخرجوا على أقباط "مصر" ويهدموا ويحرقوا كنائسهم، ويقتلوا ويخطفوا بناتهم وسيداتهم ليجبروهم على الأسلمة. وخرجت جيوش في الشوارع تهاجم المسيحية والكنيسة والكهنة بشكل سافر، ولا يعوقهم عائق، حتى أن حوادث الفتنة الطائفية وجملة الاعتداءات التي وقعت على الأقباط في أقل من 3 شهور فاقت ما تم ضدهم لسنوات عديدة، حتى خرج البعض يتشدق على نار "حبيب العادلي" ولا جنة "الطنطاوي"، ويترحَّم على النظام البوليسي السابق.

* وجدت القيادات العسكرية أنفسها أمام واجب ثقيل، أن تنقل خنادق القتال والدفاع عن حدود "مصر" ضد أي اعتداءات خارجية، لتنصبها في شوارع "مصر". فالشارع يحكمه البلطجية والخارجون من سجون "مصر" كلها، يفرضون السيطرة على الشعب، والقتل والاغتصاب والسرقة بالإكراه، والمخدرات وكل المبوءات الإجرامية لها السطوة في الشوارع ولا أحد يتصدى لها. أصبح أمن الوطن في النجوع والقرى وربوع "مصر" الداخلية مسئولية جيش "مصر"، بل أن بناء الكنائس المهدَّمة والمحترقة أصبح أيضًا من مهامها، ولكنها لا تستطيع إصلاح الإحباط ورعب النفوس من المجهول، فهذا لا يدخل في سلطانها؛ لأن العلاج طويل وليس بالأمر العسكري يمكن معالجته. فلابد من علاج الفكر البشري، وترميم الكسور، وتطبيب الجراح قبل كل شئ، وهو الأمر الأصعب.

* وزاد من حلكة ظلام هذا الليل، عندما بدأ المجلس العسكري يستعين بقادة الإخوان المسلمين وقادة الفتن الطائفية، ويضعهم على رأس المسئولين لإصلاح مستقبل "مصر"! ووجد الشعب نفسه أمام "طارق البشري" و"عوض صالح" يخططون للتعديلات الدستورية، ونظام الأحزاب، وقوانين مجلس الشعب، وما يُستجد. فدخل الشارع المصري في صراع ومازال حول هذ النهج الملتوي. فهناك أغلبية تنادى بالدستور ثم انتخاب الرئيس الجديد، وأقلية تتمثَّل في الإخوان المسلمين يطالبون بسرعة الانتخابات البرلمانية حتى يضعوا يدهم على كراسيه، ويضعوا دستورًا لـ"مصر" حسب هواهم. ووجدنا أنفسنا أمام سلفيين ظهروا في "مصر" عام 1926، وزادت قوتهم بأموال البترول السعودية والوهابية وجماعة الإخوان المسلمين من عام 1928 والملغاة. وقد استفحلت قوتها خلال السنين الماضية حتى أصبحت جماعة منظَّمة لها فروعها في كل دول العالم، وفي حماية أموال بالبلايين خرجوا هؤلاء يطمعون في السيطرة على "مصر"، ويريدون لفها داخل شباك الطاعة العمياء، ويحجمون ويخنقون شعب حضاري تحت جحور الظلمة العتيقة، حتى أصبحت غالبية الشعب المصري ومثقفيها وعلمائها وقادة فكرها في كفة وغربان التقهقر في كفة أخرى، فأصبح التفكير في الخلاص أمر صعب النوال..

ورغم طول هذا الليل، وثقل ظلمته، والانتظار الطويل للفجر الجديد، فأنا أؤمن بأن فجر هذا اليوم الجديد سيشرق على شعب "مصر"؛ لأنه دائمًا وأبدًا يجئ النور بعد الظلام، ولا شركة بين النور والظلمة، وأيضًا لابد من شروق فجر جديد، وبالفعل بدأت شعاعات تظهر في الأفق:

* أصبحت الجماعة المخفية تحت الأرض لها حزب سياسي يتحدث عنها، وواجب عليها أن تعلن على الملأ خطتها وسياستها وفكرها في شتى أمور ومستقبل "مصر"، وكذلك الجماعة التي خرجت من سجون الأمن وبكل اللحى شكلت حزبًا سياسيًا آخر، والمهم انكشف المستور وافتضحت أمورهم أمام شعب ومفكري "مصر". وها هو الشارع المصري يهاجمهم ويرفض سيطرتهم على أعتاب الطريق، والصورة التي كانت محتجبة نُشرت على الجمهور، وعرف الناس مدى تخلُّف هؤلاء القوم القادمين من كهوف معتمة، وبدأ صوت المعارضة لهؤلاء في ازدياد حتى داخل صفوفهم ليأكلوا بعضهم البعض، ومع استمرارية وبداية سيادة القانون سيختفون من الصورة تمامًا، ولا يبقى لهم إلا أضواء باهتة لا تؤثر في ظلال الواقع المصري، ومع فرض رأي الشارع وحرية تعبيره، وكلنا أمل أن يتطهر الطريق من عوالق ومطبات مصطنعة تسيِّرنا بسرعة نحو تقدُّم حضاري منشود.

* ومع عرض المجلس العسكري لأسماء خمسة عشر مرشحًا لرئاسة الجمهورية، وعلى صفحة الفيس بوك، وهذا في حد ذاته تبشيرًا بالأخذ بوسائل الإتصال الحديثة، وأخذ رأي متحرِّر في انتخاب الرئيس المقبل، بداية ولكن ليست المرجوة. فنحن كنا نرغب في عرض أسماء مرشحين أعمارهم لا تتعدى الخمسين، ووجدنا اللستة كلها لنادي الأعمار ما يعلوا الخمسة وستين، والسؤال كيف نرقع أو نرمم الثوب الجديد برقعة عتيقة؟ ومازال أملنا أن يدخل من شباب الثورة مرشحون لرئاسة جمهورية بلدنا. فما المانع من ترشيح كل من "نبيل شرف الدين" و"إبراهيم عيسى" و"بلال فضل"، ومثلهم وغيرهم كثيرين. نترك الحكم للشارع المصري والناخب الحر، ومع ذلك فهي خطوة على طريق الديمقراطية.

* ومن شعاعات الفجر المأمول، ما أعلنه فضيلة شيخ الأزهر بما يسمَّى "وثيقة الأزهر"، وباشتراك مجموعة ونخبة من المثقففين المصريين من مختلف الطوائف والمدارس الفكرية لمقتضيات ما يمر به الوطن، وهي الوثيقة التي تبلور مستقبل "مصر" بالتزام المنهج الوسطي السديد للأزهر. وكل ما ورد بالوثيقة التي ستناقش على الساحة المصرية وستحظى بالاهتمام، وستلاقي القبول، لو أضفنا عليها الإصرار على سيادة القانون وتسييد العدالة في جهات الأمن والقضاء، لخرج لنا دستور يغطي كل مطالب الثورة المصرية التي ينشدها كل مصري حر.

ومع هذه الشعاعات التي بدأت تظهر في الأفق، ولو أن الطريق مازال طويلًا ومتوقع له ضحايا وشظايا، وبكل الأمل والرجاء، أقول نعم سيشرق فجر يوم جديد، سينعم فيه المجتمع بشمس الحرية والعدالة والمساواة، ويرفع الشعب رأسه عاليًا مزهوًا بكل أبنائه الذين استشهدوا من أجل حريته.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :