ما الذى قدّمته جامعة الأزهر للإسلام؟
مقالات مختارة | صفاء النجار
الثلاثاء ١٢ يونيو ٢٠١٨
ما الذى فكر فيه مَنْ وضع قانون تطوير الأزهر عام ١٩٦١؟ ما التصور الذى كان فى ذهنه؟ ما الذى كان يريده من هذا التطوير؟ وهل تحقق على أرض الواقع أم أنه تم تحريفه؟
ما الذى أضافه إنشاء كليات للهندسة والطب والصيدلة فى جامعة الأزهر؟
هل كان القصد أن يدرس طلبة جامعة الأزهر العلوم الجديدة كى يُخرج دعاة وشيوخًا وفقهاء على علم ومعرفة بالعلوم الحديثة وأساليبها فى التفكير، أم أن يتخرج أطباء أو مهندسون، يحفظون القرآن والحديث ويعرفون علوم القراءات واللغة العربية؟ أعتقد أن هذه المعرفة لن تفيد الطبيب مهنيًا وعلميًا، فهى معرفة منقولة ليس فيها مجال للإبداع، كما أنها معرفة متاحة ومقررة بالفعل على جميع الطلاب فى مراحل التعليم المدنى من خلال مادة التربية الدينية، وإلا فإننا نتهم كل خريجى المدارس والتعليم غير الأزهرى فى دينهم.
أعتقد أن القصد من تطوير الأزهر كان تخريج رجال دين يتبعون المنهج العلمى فى التفكير الذى يعتمد على التجريب والاحتمالات وليس على الحفظ والتلقين، وأن تتم الاستفادة من مناهج العلوم العملية والتجريبية لتطوير طريقة تفكير الطلاب والخريجين، بما يتيح لهم تقديم تفسيرات وشروحات عصرية لنصوص القرآن الكريم وتنقيح الأحاديث الشريفة التى يتنافى متنها مع العقل والمنطق، وكذلك التصدى للقضايا الجديدة مثل البنوك، وعمليات نقل الأعضاء، وولاية المرأة.. إلخ، بعقول منفتحة على العصر الذى نعيش فيه، عقول قادرة على الاجتهاد، على تطويع تفسير النصوص لما فيه مصلحة الناس، وأن يكون لديها من المرونة ما يجعلها تتقبل فكرة السياق التاريخى والمجتمعى، سواء للنصوص المقدسة أو للشريعة التى هى تفسيرات وفتاوى واجتهادات لفقهاء تناسبت مع عصرهم وأدت غرضها لمصلحة الناس فى زمانهم، وأنه ليس شرطًا أن تناسب هذه التفسيرات الإنسان المعاصر.
أعتقد أن الهدف أيضًا كان تخريج رجال دين لديهم قدرة على التذوق الفنى والأدبى، ويستطيعون أن يساعدوا فى النهوض بالذوق العام من خلال تهذيب نفوس بالاستماع للموسيقى ومشاهدة أعمال الفن التشكيلى وقراءة الأدب العالمى.
الآن، بعد حوالى ستين عامًا من التجربة، ما الذى استفاده الإسلام من تحويل الأزهر لجامعة تدرس علوم المعقول إلى جانب علوم المنقول؟
لا أرى فى الصورة غير أرقام من المهندسين والأطباء والمحاسبين و...، ومدرسين بالجامعة يشرحون للطلبة حكم إرضاع الكبير، وجواز مفاخدة الطفلة.
وفى الواقع، تدير «أنجيلا ميركل» دولة من أقوى دول العالم، ولا يتورع الأزهريون عن تقبّل ما قد تقدمه حكومتها من دعم لجامعتهم، بينما يتلجلجون أمام حكم بجواز الولاية الكبرى للمرأة.
نقلا عن الدستور