الأقباط متحدون - هل تثمر دعوة الرئيس لإحياء التعددية الحزبية؟!
  • ١٧:٠٨
  • الاربعاء , ١٣ يونيو ٢٠١٨
English version

هل تثمر دعوة الرئيس لإحياء التعددية الحزبية؟!

مقالات مختارة | بقلم : منى مكرم عبيد

١٠: ١٠ م +02:00 EET

الاربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٨

منى مكرم عبيد
منى مكرم عبيد

 لا ترف فى الوقت أمام الأحزاب إن كانت هناك رغبة جادة لتنشيط الحياة الحزبية، وأعتقد أن «مستقبل وطن» التقط رسالة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حواره مع الشباب مؤخرا بضرورة وجود معارضة قوية ودعوته المتكررة لتفعيل دور الأحزاب السياسية، وهو ما أسفر عن اندماج «مستقبل وطن» مع جمعية «من أجل مصر»، وانضمام عدد من النواب من حزب «المصريين الأحرار» إليهم، وهو ما يعنى تشكيل أكبر نواة حزبية فى مجلس النواب.

 
وأثق أن رئاسة المستشار بهاء أبوشقة لحزب الوفد العريق سيكون علامة واضحة فى العمل الحزبى والسياسى، لما للوفد من تاريخ وعراقة وقواعد جماهيرية ربما تفتقدها الأحزاب الأخرى الموجودة بالساحة حاليا، ومع عودة المستبعدين إلى الحزب سيكون رقما مهما فى المعادلة، وتكون له مشاركة واضحة لا تتوفر لغيره، طالما تؤكد الدولة على دعمها للأحزاب، وتأكيدها على تذليل أى عقبات سببت عرقلة للعمل السياسى فى الفترة الماضية.
 
كما يملك الوفد مركزا للدراسات السياسية والاستراتيجة، وهو ما يعنى أن الحزب لا يكتفى فقط بتأهيل المرشحين لخوض الانتخابات فحسب، بل يعمل على رفع قدرات وتثقيف المواطنين سياسيا لخوض غمار المجال العام.
 
ولكن التحدى الأكبر هو كيفية قيام الأحزاب بالتواصل مع الجماهير بشكل مباشر، وعدم انتظار هدايا من أى طرف، وأهمية الاستعداد لانتخابات المحليات المقرر عقدها نهاية العام الجارى، وما هى خطة الأحزاب للمنافسة فى هذه الانتخابات التى ستجرى لأول مرة بعد ثورة 25 يناير 2011، وكيفية اختيار المرشحين والأسس التى سيتم النظر إليها فى مرحلة اختيار المرشح وتلبية مطالب الناخبين.
 
التحدى الآخر هو هل هناك مبادرات من أحزاب أخرى للاندماج وتشكيل أحزاب قوية بدلا من التشرذم الذى ضرب العشرات منهم والتى أصبحت أسماء على ورق دون أن يشعر بها المواطن خلال الفترة الماضية، أم تنتصر العشوائية ويتمسك أصحابها بالوضع الحالى الذى يشبه الأكشاك التجارية. والتحدى الأهم، ماذا عن مساحة الحرية فى المجال العام، فى ضوء إغلاق المنظمات غير الحكومية وتسييس العمل الحقوقى، والاكتفاء بدور الجمعيات الخيرية، فهل يسمح الوضع الراهن بتأسيس أحزاب جديدة وتنظيم فعاليات سياسية دون ملاحقات، وخلق صورة سلبية عن العمل الحزبى أمام الجماهير؟
 
فى الماضى كان لحزب الوفد كلمة مسموعة ونافذة، والشارع كان يدرك قوته وسمعته خلال الحقبة الليبرالية، وكانت لحزب التجمع فى السبعينيات أيضا بصمة واضحة، بينما مع تغول الحزب الوطنى فى التسعينيات وحتى ثورة ٢٥ يناير، تسبب فى عرقلة التعددية السياسية والحزبية بشكل قاتل، ولكن الآن رجل الشارع لا يعرف الحزب الأكثر تأثيرا، نتيجة ظهور حالة من العزوف السياسى، والشعور باللامبالاة نتيجة سياسات متراكمة وفعاليات عديدة، واستحقاقات انتخابية عديدة شارك فيها بحماس، ولكن لم تلمسه هو بشكل خاص، من خلال تحسين الأحوال المعيشية ورفع الأجور والمرتبات، والحصول على خدمات مناسبة، وإن كان تطوير البنة التحتية للدولة هو السمة الأبرز حتى الآن.
 
وأذكر أن علاقتى بالراحل خالد محيى الدين زعيم حزب التجمع جعلتنى شاهدة على دور الحزب فى الدفاع عن البسطاء والطبقة الكادحة، وارتباط الحزب بالفقراء وقضايا محدودى الدخل، وأهمية توفير حماية اجتماعية ضد تقلبات السوق.
 
وهو شخصيا له معزة عندى، وحزنت كثيرا لرحيله، فقد خسرت مصر رجلا مناضلا قويا، وسياسيا بارعا، وبرلمانيا مشاغبا، وشخصية حزبية من الطراز الأول، وله إنسانية واضحة على كل من حوله، فكان يرحب بى كثيرا فى أى مناسبة نلتقى بها، ويحرص على أن أكون بجانبه بالرغم من خلفيتى الليبرالية وانتمائى لحزب الوفد، ولكنه انتصر للمبادئ والاحترام للمرأة ودعمه غير المحدود لإنعاش التعددية الحزبية.
 
نحن الآن بحاجة إلى تعددية حقيقية وليست على ورق، بحاجة إلى أحزاب متنافسة جادة وليس الحزب الأوحد، وبالطبع إحياء بريق الصحف الحزبية وإعادة التوهج الذى كانت عليه من قبل ودورها فى تشجيع المواطنين على الانضمام للأحزاب، فمن منا ينسى تأثير صحف الوفد والأهالى والعربى، حيث كانت أبرز الصحف الحزبية فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، كما أننا بحاجة لشخصيات سياسية عديدة وليس الشخص الأوحد، بحاجة إلى مجتمع متنوع منفتح وليس مجتمعا منغلقا على ذاته، والرئيس السيسى بنفسه دعا لذلك أكثر من مرة، فهل وصلتنا رسالته أم أن هناك عراقيل تمنع ذلك؟!.. وهل الدولة مع التعددية الحزبية أم تنتصر القبضة الأمنية على رسالة الرئيس؟
 
* برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع