في مثل هذا اليوم .. زكريا أحمد ينصح أم كلثوم بالوفاء بعهودها قبل تسجيلها القرآن الكريم
سامح جميل
٠٣:
١٠
ص +02:00 EET
الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٨
سعيد الشحات يكتب : ذات يوم ..19 يونيو 1951 ..
نصح الموسيقار زكريا أحمد، كوكب الشرق أم كلثوم بأن تفى بتعهداتها والتزاماتها نحو الآخرين، إن كنت تريد «التقرب إلى الله بتسجيل آيات كتابه الكريم».
جاءت النصيحة فى ختام رسالة بعث بها إلى مجلة «روز اليوسف»، ونشرتها فى عددها يوم 19 يونيو «مثل هذا اليوم» عام 1951، وكانت ردا على حديث لأم كلثوم نشرته المجلة فى الأسبوع السابق، وتحدثت فيه عن «استعدادها لتسجيل القرآن الكريم كله بلا مقابل»، مما آثار غضب «زكريا» ليس بسبب الفكرة، وإنما لأسباب أخرى، فحسب كتاب «معارك فنية» للدكتور نبيل حنفى محمود «كتاب الهلال - القاهرة»: «شهدت العلاقة بينهما خلافًا بسبب رفض زكريا لتعاملاتها المادية مع الملحنين والمؤلفين، وتطور الأمر إلى رفعه دعوى قضائية فى النصف الثانى من عام 1948، اختصم فيها كلا من الإذاعة وشركة «كايروفون» مطالبًا بحقوقه المتأخرة فيما بين عامى 1934 و1947 عن إذاعة وتداول ألحانه لأم كلثوم وبعض المطربين والمطربات، وكان معنى قبول المحكمة لهذه الدعوى وتحويلها إلى خبير أن علاقة أم كلثوم بالإذاعة ستتأثر بشكل أو بآخر، أو بمعنى آخر، فإن نهر النقود المتدفق من الإذاعة إلى حساب أم كلثوم قد وجد أخيرا من يعترض مجراه ويحاول الانتقاص منه».
يؤكد «حنفى» أنه كان طبيعيًا أن تغضب أم كلثوم من زكريا ويحل بينهما الجفاء والخصام، غير أن المساعى أثمرت عن الصلح بينهما، ونشرت «روز اليوسف» فى عددها الصادر يوم 3 أبريل عام 1951 خبرًا بهذا، بالإضافة إلى خبر عن صلحها مع الموسيقار رياض السنباطى بعد جفوة استمرت بينهما عامًا، بسبب ما تردد فى الوسط الفنى من هجومه على أم كلثوم وتأييده لزكريا فى دعواه القضائية، غير أن هذا الصلح وحسب «حنفى»: «لم يتطرق إلى أساس المشكلة»، مما وفر مناخا خصبا للمعركة التى نشبت بينهما على صفحات «روز اليوسف» حول تسجيل القرآن الكريم، وينقلها «فيكتور سحاب» فى كتابه «السبعة الكبار فى الموسيقى العربية المعاصرة» عن «دار العلم للملايين - بيروت».
سخر الشيخ زكريا مما ذكرته أم كلثوم قائلًا: «عندما التقيت أنا وأم كلثوم لأول مرة بعد خصامنا الطويل، خيل إلى أن أم كلثوم قد وصلت إلى السن التى يتصوف فيها الإنسان ويتقرب إلى الله، فلم أحادثها بطبيعة الحال عن موضوع الخلاف، الذى كان قائما بيننا، والذى يرجع إلى سوء معاملتها المادية والمعنوية لى، ورأيت وقتها أن أسدل الستار على الماضى، وأوقف حديثى معها على أنه من واجبنا، وقد تجاوزنا الخمسين من عمرنا، أن نختم حياتنا الفنية ختاما رائعا، بتسجيل القرآن الكريم كله، وكان قد شاع آنئذ أننى لحنت القرآن كما هو الحال فى الأغانى، بل أننى لحنته بطريقة تعبيرية فى الإلقاء، كما هو الحال فى الآيتين اللتين حفظتها لها فى فيلم «سلامة».
«وقصصت على أم كلثوم كيف أننى حاولت منذ عشرين عامًا تسجيل القرآن كله على أسطوانات أوديون بالطريقة التعبيرية لا طريقة التطريب والتنغيم المعروفة الآن، ولكن فضيلة المفتى فى ذلك الوقت أفتى بعدم شرعية تسجيل القرآن على الأقراص المتكلمة، وبدأت أم كلثوم تنصت إلى فى دهشة، ثم اقتنعت بعد ذلك بأن نسجل السور الصغيرة لا القرآن كله، فوافقتها على أساس أن نتنازل عن حقوقنا كافة لإحدى الجمعيات الخيرية، ولم توافق أم كلثوم طبعا إلا بعدما أقنعتها بأن عملنا هذا هو خير ختام لحياتنا الفنية، وهكذا اتفقنا منذ شهرين على أن نتكتم على هذا الأمر حتى نشرع فى تنفيذه، لكننى فوجئت هذا الأسبوع بحديثها فى «روز اليوسف»، الذى قالت فيه إنها على استعداد لتسجيل القرآن كله بلا مقابل، هدية منها لمسلمى الأرض جميعًا، ومع كل فبالرغم من أنها أخلت باتفاقنا فإننى أتمنى لها التوفيق فى تنفيذ فكرتى هذه، وأرجو من الله أن يكتب لها النجاح، كما نجحت فى فليم «سلامة»، وأخيرًا أحب أن أهمس لأم كلثوم بكلمة صغيرة، وهى أنها أرادت أن تعود عليها بركة القرآن وحدها، ولكن عليها أن تتذكر أن وراءها تعهدات والتزامات أخلت بها نحوى ونحو غيرى، وأن عليها أن تفى بكل ذلك، مادامت تريد أن تتقرب إلى الله بتسجيل آيات كتابه الكريم»...!!