انتخابات حرجة.. أردوغان "غير الواثق" أمام معارضة منظمة
أخبار عالمية | سكاي نيوز عربية
الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٨
رغم إمساك الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان بكل مفاصل السلطة، تحت مظلة الطوارئ، فإن الرجل الطامح في تعزيز سلطة رئاسية مطلقة يجد نفسه أكثر ضعفا من أي وقت مضى أمام انتخابات تأتي في مشهد مليء بالتحديات وتخوضها معارضة أكثر تصميما وتنظيما.
فلم يعهد أحد الرجل الذي يهيمن على السلطة منذ عام 2002، أن يتحدث بنبرة أقل ثقة مما هو عليه الآن، عندما ألمح في تصريح صحفي أن حزب العدالة والتنمية الحاكم قد يسعى إلى تشكيل ائتلاف إذا أخفق في الحصول على أغلبية برلمانية في الانتخابات المقررة، الأحد.
وأوضح الرئيس التركي في مقابلة مع إذاعة "كرال إف.إم" أجريت في وقت متأخر من مساء الأربعاء: "إذا كان العدد أقل من 300 (مقعد) فقد نسعى لائتلاف". وشكل حزب العدالة والتنمية تحالفا مع حزب الحركة القومية قبل الانتخابات.
ويبدو ذلك تماما عكس ما أراده أردوغان عندما دعا بشكل مفاجئ إلى انتخابات مبكرة قبل شهرين على أمل أن يتحرك قبل أن تطفو العديد من المشاكل الاقتصادية على السطح، وأيضا لأخذ المعارضة على حين غرة.
أي شيء ممكن
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن منافسي أردوغان يمكن أن يمنعوه في الواقع من الفوز بأغلبية في البرلمان - وربما يدفعوه إلى جولة ثانية في السباق الرئاسي.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية عن المرشح البرلماني عن حزب الشعب الديمقراطي المعارض هسيار أوزوي قوله إن "أي شيء ممكن"، مشيرا إلى أن أردوغان هذه المرة لن ينافس نفسه كالعادة.
ولا يمكن أن يأتي التصويت في وقت أكثر حرجًا من الآن، حيث خسر الاقتصاد المثقل بالديون ثقة العديد من المستثمرين وتهاوت العملة المحلية، بينما تشهد العلاقات بين أردوغان وكل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي توترا متصاعدا وغير مسبوقا.
من ناحية أخرى، فإن التدخلات العسكرية في العراق وسوريا وضعت قدمي الرئيس في مستنقع لا يتوقع أحد عواقبه، في وقت يخوض الجيش التركي بالفعل صراعا مع المسلحين الأكراد داخليا.
وقال ريان غينغيراس، الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا البحرية في كاليفورنيا لفاينانشال تايمز "إن تركيا أصبحت كتابا غير مستقر، فلا نعرف كيف سيكون رد فعل المجتمع، سواء فازت المعارضة أو فاز أردوغان. . . كل شيء معلق في الهواء ".
وكانت الانقسامات الاجتماعية قد ساعدت أردوغان في الماضي، فقد كانت الأمة منقسمة تقريبا بين أولئك الذين يؤيدون الرئيس وأولئك الذين يعارضونه، كما كان النصف المناهض له منقسما على الدوام.
لكن الآن، أدرك منافسوه أن اتحادهم هو الفرصة الأخيرة لوقف العملية التي بدأها أردوغان لترسيخ كافة السلطات في يده.
تسرب في الخزان الانتخابي
وبموازاة ذلك، فإن شعبية الرئيس تراجعت بفعل حملة "تطهير" قوية ضد مئات الآلاف من الموظفين في كافة القطاعات، إضافة إلى اعتقالات طالت عشرات الآلاف بعد محاولة انقلاب فاشلة في يوليو 2016، اتهم أردوغان حركة فتح الله غولن حليفه السابق في تدبيرها.
وإذا كانت الإجراءات الأمنية قد استهدفت شريحة أخرى، فربما لم يكن لذلك وقع هام. لكن استهداف ذات الشريحة المحافظة التي طالما دعمته واعتبرت يوما ما خزانا انتخابيا له، قد عمل على تآكل القاعدة الشعبية له، وهو ما يجعل ملايين الأتراك يتجهون بشكل تلقائي إلى تأييد أي مرشح غير أردوغان.
وأعلنت المعارضة عن ائتلاف "الأمة" الذي يضم علمانيين وإسلاميين وأكرادا وقوميين، لمواجهة حزبه في الانتخابات البرلمانية.
بينما ترشح أمامه رئاسيا، وجوه لديها صدى في الشارع، من بينهم محرم إينجه السياسي الشعبوي عن حزب الشعب الديمقراطي، أكبر أحزاب المعارضة، وميرال أكشنار الملقبة بالسيدة الحديدية زعيمة حزب الخير، والتي كانت من مؤسسي حزب العدالة والتنمية، وصلاح الدين دميرتاش زعيم حزب الشعوب المؤيد للأكراد والمسجون حاليا، إضافة إلى تميل كرم الله أوغلو زعيم حزب السعادة الذي كان حليفا لأردوغان في السابق.
وتتوقع الأوساط السياسية قدرة هذا التحالف على تفتيت الأصوات وحرمان أردوغان من الفوز بالجولة الأولى، وإذا حدث ذلك، فسنشهد مرشحا مدعوما من كافة الأطياف المعارضة لينافس أردوغان بقوة في الجولة الثانية.
هل سيقبل بالهزيمة؟
ويتساءل كثيرون عما إذا كان أردوغان سيقبل بالهزيمة، وهو سؤال غير مسبوق أصبح يتردد في الآونة الأخيرة.
وقال سوات كينيكلي أوغلو، العضو السابق في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية، الذي ترك الحزب عام 2012، لفاينانشال تايمز: "أعتقد أنه (أردوغان) مدفوع في المقام الأول بالاحتفاظ بالسلطة وتشكيل البلاد وفق نظرته للعالم.. إلى أجل غير مسمى ".
لكن المعارضة ترى أنه مدفوع بشيء آخر، وهو "الخوف". ففي عام 2014، كشفت تسجيلات هاتفية مسربة عن تورط أردوغان في محاولة لإخفاء ملايين من اليورو في منزل العائلة، وقد نفى الرئيس ذلك بشدة.
لكن قضايا أخرى طفت إلى السطح، وتورط بها مقربون من أردوغان، إضافة إلى فضيحة دولية لمساعدة إيران على تجاوز العقوبات الأميركية، صعد فيها اسم أردوغان مباشرة. ويرى البعض أن الرئيس يخشى فتح ملفات قضائية وملاحقته إذا ترك السلطة.
وفي اجتماع لنواب الحزب الحاكم، أعلن أردوغان أنه سيترك السلطة إذا طلب الشعب ذلك، وقال: "إذا كانت الأمة تقول لي كفى، سأتنحى جانباً".
لكن بعد أسبوع، سئل عما سيحدث إذا فاز بالرئاسة ولكن ليس البرلمان، قال إنه "لن يسمح" بتطور من شأنه أن يمنع النظام من العمل، وأخبر وكالة بلومبرغ أن لديه "الخطة أ ، الخطة ب وخطة ج ".
وقد أوضح أحد مستشاري أردوغان ما قد يعنيه ذلك، بأنه يمكن أن يدعو إلى انتخابات جديدة كما فعل عام 2015 عندما فقد أغلبيته للمرة الأولى. وقد فاز بها بعد خمسة أشهر وسط تصاعد في أعمال العنف، بحسب فاينانشال تايمز.
وقال دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية يوم الاثنين الماضي إن من الممكن إجراء انتخابات أخرى إذا فشل تحالفه مع حزب العدالة والتنمية في الفوز بأغلبية برلمانية.