الأقباط متحدون - لماذا خسرنا في كأس العالم..؟!
  • ٠٢:٢٣
  • الخميس , ٢١ يونيو ٢٠١٨
English version

لماذا خسرنا في كأس العالم..؟!

مقالات مختارة | مجدي الجلاد

٥١: ٠٩ م +02:00 EET

الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٨

مجدي الجلاد
مجدي الجلاد

أنت حزين جداً لأن منتخب بلادك خرج من كأس العالم "فعلياً وبالحسابات" في الدور الأول، ما لم تحدث معجزة كروية ورقمية في المباريات الأخيرة.. ولأننا لسنا في عصر المعجزات.. لذا دعني أخفف عنك حزنك بالمنطق وليس بالطبطبة...!

تعرفون أنني من المتفائلين ودعاة التفاؤل دائماً.. لذلك أطلب منكم أن تنظروا معي في الأمر بتحليل عقلي منطقي بعيداً عن العواطف.. فما أسهل أن أداعب عواطفكم وأحلامكم.. فأخدع نفسي وأخدعكم..!هكذا نحن.. وهذا هو واقعنا دون تجميل أو رتوش.. ماذا كنت تنتظر من منتخب مصر أكثر من التمثيل الضعيف في أقوى بطولة كروية في العالم؟!.. أكنت تحلم بالانتصارات والوصول للدور الثاني.. أو على الأقل ألا نكون أول منتخب يخرج من البطولة؟!.. ليه وبأمارة إيه.. وعلى حساب مين..؟!

دعنا نتفق أن منتخبنا من أفضل 32 منتخباً في العالم وفقاً للبطولة.. وربما نتفق أو نختلف أن لاعبينا لم يقصروا في الروح القتالية والأداء الرجولي.. ولكن هذه هي إمكانياتهم الفنية والبدنية والحضارية والثقافية.. والأهم العلمية والإدارية.. الواقع يقول إن مصر متفوقة كروياً عنها في كل مجالات الحياة.. فكيف نتوقع من منتخبنا تفوقاً على تفوق بالشعارات والأمنيات و"تي شيرتات" الفنانين والإعلاميين ونواب البرلمان في فندق ومدرجات كأس العالم..؟!

    نحن في ذيل القائمة بين الأمم في كل التصنيفات.. فلماذا ننتظر من لاعبين واتحاد كرة وجهاز فني أن ينتصروا في البطولة

يا سادة.. نحن في ذيل القائمة بين الأمم في كل التصنيفات.. فلماذا ننتظر من لاعبين واتحاد كرة وجهاز فني أن ينتصروا في البطولة، مع أنهم نتاج مجتمعنا المتخلف في كل شيء.. علماً وتعليماً وابتكاراً وإنتاجاً وتحضراً وأخلاقاً..؟ لقد حمل المنتخب على ذات الطائرة "بنفسجية اللون" عقولنا الخاملة، وجهلنا وتكاسلنا وسلبيتنا وسوء الإدارة لكل شيء وأي شيء.. بل إن طائرتهم وحقائبهم حملت مشاكلنا وأزماتنا وفسادنا وتراجعنا الدائم.. ألم تسأل نفسك: هل تحتل مصر موقعاً متقدماً عن موقعها في كرة القدم في أي تصنيف أو مؤشر عالمي..؟! أجب أنت.. ولا تغضب.!

لا تغضب من منتخب بلدك لأننا نحتل المركز 129 في جودة التعليم من بين 137 دولة وفقاً لمؤشر التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2017/2018.. ليس هذا فقط، بل إننا في المركز 130 في جودة تعليم الرياضيات والعلوم، و124 في جودة إدارة المدارس، والمركز 100 في التعليم الجامعي والتدريب.. فلماذا نهاجم منتخبنا وهو يلعب بين أقوى 32 منتخباً في العالم؟!.. ثم إنه يا أخي اسمه "منتخب".. لا يتشكل من انتخاب واختيار لاعبين فحسب.. وإنما هو "تمثيل" لمجتمع وأمة وابن شرعي لدولة كاملة..!

لا تغضب وكفكف دموعك وحزن أولادك.. ده آخرنا وتمامنا في كأس العالم.. زي بالضبط تمامنا في معظم مناحي الحياة.. ويكفي أن نعرف أن التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2017 صنف مصر ضمن مجموعة الدول النامية والتي تضم 79 دولة، وجاءت في المركز 73 ضمن المجموعة.. كما حلت ضمن مجموعة الشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل، وعددها 37 دولة.. وبصرف النظر عن دهشتي الدائمة من دولة مصنفة "نامية" منذ أكثر من نصف قرن، ولا تنمو وكأن النمو جاء عندنا و"مااشتغلش"، فإننا في كرة القدم يأتي ترتيبنا في أغلب الفترات ضمن أقوى 40 دولة في العالم..!

يمكنك أن تقيس على ذلك ترتيبنا وتصنيفنا في كافة المؤشرات ومجالات الحياة.. في الشفافية وتراجع الفساد نحتل المركز 117.. في البحث العلمي والتطوير مركزنا 52 والابتكار 105.. وحقوق الإنسان 112 والرعاية الصحية 97.. إذن فنحن لا ننافس أحداً في أي مجال.. فكيف ننافس أباطرة كرة القدم في الكرة؟!.. وتخيل معي كيف سيكون حال مصر إن هي تقدمت في التعليم وأصبحت ضمن أفضل 32 دولة في العالم.. وكيف سيكون حالنا إن كسبنا دول أوروبا في العلم والتعليم والصحة والإدارة والأخلاق والضمير؟!!

لا تغضب.. لأننا أصل المشكلة.. فأنا وأنت نأكل ما لا نزرع، ونستخدم ما لا ننتج، ولا يطرف لنا جفن حين نرى العالم يحلّق في السماء، ونحن ننظر له مندهشين في انتظار "الفتات" يتساقط علينا.. حتى النعم التي حبانها بها الله عز وجل لا نجيد استثمارها وتوظيفها.. انظر تحت قدميك وسترى ثروة أثرية نادرة وضخمة، ومع ذلك لا نحقق من السياحة ما تحققه أمة بلا تاريخ.. وإن أردت واقعية أكثر إنصافاً لمنتخبنا ضع الإنسان المصري في مواجهة بسيطة مع مواطن آخر في أوروبا وآسيا، وقارن بين ما يحصل عليه الاثنان منذ ولادتهما، ستجد أن الخامة البشرية مختلفة علمياً وثقافياً وإبداعياً وأخلاقياً.. فلماذا تقسو على لاعبينا مع أن الواقع يؤكد أنهم لم يلعبوا وحدهم في روسيا.. أنا وأنت وكلنا كنا في الملعب.. فجاء أداؤنا مثل أدائنا في كل شيء.. وربما أفضل..!

    كرة القدم- يا سادة- علم، والاحتراف إدارة.. ونحن ليس لنا في العلم ولا في الإدارة

كرة القدم- يا سادة- علم، والاحتراف إدارة.. ونحن ليس لنا في العلم ولا في الإدارة.. وإن أردنا المنافسة في الكرة، فلابد أن ننافس أولاً في الإبداع والعلوم والثقافة والإنتاج والشفافية وحقوق الإنسان.. ودون ذلك سنفرح كل 20 أو 30 سنة بصعودنا لكأس العالم.. ثم نحزن لخروجنا المبكر من كأس العالم..!

نصيحة مخلصة: افرح بمنتخبك لأنه في روسيا، ولأنه أفضل ما فينا.. فليس بالإمكان أبدع مما كان.. ثم إنك يا أخي لا تصل لـ"العالمية" إلا في كرة القدم.. نعمة واللي يكرهها يعمى..!
نقلا عن مصراوى

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع