الأقباط متحدون - جريمة الانتصار للعقل
  • ٠١:٥٢
  • السبت , ٢٣ يونيو ٢٠١٨
English version

جريمة الانتصار للعقل

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٤٧: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٨

سحر الجعارة
سحر الجعارة

للأسف، لم يعاقب «سالم عبدالجليل» أو «عبدالله رشدى» بتهمة ازدراء الدين المسيحى وتكفير الأقباط، لم يعاقب من أساءوا للدين الإسلامى وأفتوا بفتاوى شاذة مثل: (سبى النساء، معاملة الزوجة المسيحية كالمغتصبة، ترك الزوجة للاغتصاب خشية الهلاك، مفاخذة الصغيرة، إرضاع الكبير، وطء البهيمة، جماع الوداع للزوجة المتوفاة، أكل لحم الأسير.. إلخ).. فمعظم هذه الفتاوى موجودة فى كتب التراث، ولو بأسانيد ضعيفة!.

ولم تخرج المؤسسة الدينية الرسمية لنفيها، بل اكتفت بتحويل من رددوها إلى التحقيق، لأنهم نشروها على «العامة»، وقيل إنها يجب أن تقتصر على «مجالس العلماء»!.

لكن المادة «98» من قانون العقوبات، والمسماة «ازدراء الأديان»، أصبحت مصيدة للمفكرين والمجتهدين.. فكان الدكتور «نصر حامد أبوزيد» أول ضحية لـ «كتائب الحسبة» التى تستغل القانون لتعليق المشانق لكل من يطالب بإعمال العقل، ثم سُجن الباحث «إسلام البحيرى» بسبب نقده وهجومه على «البخارى».. وحوكمت الشاعرة «فاطمة ناعوت» بسبب بوست كتبته على فيسبوك.. إلخ.. دعاوى الحسبة التى طالت الفنانين والمشاهير لدرجة أن بعض المحامين تخصص فيها، «نبيه الوحش»، حتى حكم عليه بالسجن بتهمة التحريض على هتك أعراض نساء مصر.

نحن أمام حالة غريبة ليس لها مثيل فى المجتمعات العربية والإسلامية، فالمادة «98» التى وضعها «السادات» فى القانون بعدما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحى أصبحت تشرعن الهجوم على المسيحيين!.

وفى الوقت الذى تتنكر فيه السعودية، على لسان الأمير «محمد بن سلمان»، من «الفكر الوهابى» وتؤسس «هيئة» للتدقيق فى استخدامات الأحاديث النبوية و(القضاء على أى «نصوص» تتعارض مع تعاليم الإسلام، وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب).. يخرج من بيننا من يُرهب مفكرا مثل الدكتور «خالد منتصر»، لأنه يهاجم العلاج ببول الإبل والحجامة، وعلاج فيروس C بالأعشاب، ويحرض الناس على إعمال العقل، ومراجعة ما يسمى «البديهيات الدينية» فى كتابه الأخير «هل هذه حقا بديهيات دينية؟».. ولهذا أصبح «منتصر» هدفا لكل من يتشبث بمقولة مثل «لحوم العلماء مسمومة» لتحصين مشايخ يلقبون أنفسهم خطأ بالعلماء وترهيب الجميع.

«خالد منتصر» آخر من تعرض لتهمة «ازدراء الدين الإسلامى»، فى بلاغ إلى النائب العام، وكان يجب أن يُتهم بجريمة «الانتصار للعقل».. لأنه أصر على دخول حقل الألغام، وفتح الملفات المسكوت عنها فى وقتٍ يتآكل فيه تيار الاستنارة، وقرر أن يواجه دعاة الجهل والخرافة رغم أن خلفهم منظمات سخية وهو لا يملك إلا كتبه وبرامجه التليفزيونية.

«منتصر» يحاكم لأنه لم يركع لأوثان التراث، ولم يقبل بتقديس «الأشخاص» مهما كان جهدهم البحثى، لأنه لا يعترف إلا بالمنهج العلمى.. ولهذا أصبح «منتصر» هدفا لكل متعصب ومتطرف، لكل من يرفض تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة ويصر على أن يقمعنا ويقهرنا بالمادة 98.. وأن يعود بنا للعصور الوسطى ليصبح العلماء من السحرة والزنادقة والمهرطقين!!.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع