الثورة والبلطجة و الروتين وأشياء أخرى
بقلم: زكريا رمزي
قال لى أحد سائقى الميكروباص أنه ذهب لإستخراج رخصة القيادة ، فقالوا لهم من يريد إستلام الرخصة بعد نصف ساعة بدون إمتحانات أو كشف طبى يدفع 450 جنيها ، أما من لا يريد يأتى بعد شهر ، وإستطرد السائق قائلا فأثرت على نفسى اللف والدوران وتوقف العربة لمدة شهر وهى عليها أقساط فدفعت وإستلمت الرخصة بعد نصف ساعة كما وعدوا بدون أى كشوفات . فكل شىء مجهز لديهم ، فسألته شامخا هذا قبل الثورة طبعا ؟ فاجابنى ثورة إيه ياعم ، الثورة دى اللى إستفاد منها البلطجية أما الناس المحترمة خسرت وإتبهدلت ، فأدرت بوجهى بعيدا عنه وأنا ألمم ما تبقى لدى من شموخ وكبرياء حيث أنه انهار أمام هذا السائق البسيط ولم أجرأ أن أتحدث معه بعد ذلك بكلمة حيث نعتبر أنفسنا نحن الشباب مفجرى الثورة والمسئولين عنها ، وسألت نفسى هل مازالت ثمار الثورة يجنيها البلطجية ؟ والى متى ؟ وتذكرت الأيام الأولى للثورة ليلة 29 و30 يناير وما تم فيها من انهيار كلى للأمن مما أصبح الشارع مرتعا للبلطجية يفعلون مايشاءون فإستباحوا كل شىء أمامهم دون رادع أو خوف من أحد ، فظننا أنه كابوس سرعان ماسيعبر لكن يبدو أن الكابوس تحول الى مرض نفسى ، فأعمال البلطجة هى الحاكمة والمسيطرة للمشهد الآن بالرغم من مرور خمسة شهور على الثورة ومن يمتلك القوة يستطيع أن يفعل ما يشاء ينهب ويسرق ويخطف ويدمر ويحرق ، حتى أن بسطاء الناس اعتبروا أن الثورة خربت البلد وهى السبب فى كل ذلك بالرغم من براءة الثورة من كل مايحدث ، وأن ما يحدث الآن هو بسبب الإنفلات الأمنى الذى لا نعرف له مبرر حتى الآن فالشرطة لاتعمل بكامل قوتها بحيث أنك لو ترجلت فى شوارع القاهرة بعد منتصف الليل لن تجدى شرطى واحد فى الشارع ويستمر هذا الوضع حتى الساعة الثامنة صباحا ، فهنا يجد البلطجية الفرصة سانحة لهم لتحقيق مآربهم . أما المحور الثانى فهو موظفى المصالح الحكومية فبالرغم من اجتهاد الحكومة لتحسين أوضاع موظفى الدولة إلا أنك إذا دخلت أى هيئة حكومية تجد نفس فكر ما قبل الثورة هو السائد حيث البيروقراطية القاتلة والرشوة والفساد مازالا يعشعشن بين مكاتب الموظفين ، لإنه باختصار تغيير رئيس الجمهورية والوزراء لن يغير منظومة الجهاز الادارى للدولة مع استمرار نفس طاقم الإدارة القديم بنفس الفكر والعقلية التى أرخت لسنين من الفشل والفساد ، فتشعر وأنت داخل الأجهزة الحكومية بأنه لا يوجد رائحة للثورة وكأنك فى بلد آخر بلد الموظفين الذين يطالبون بين لحظة وأخرى بتحسين أجورهم ولا يطالبون بتحسين أدائهم . ننتقل الى محور ثالث أن النظام السابق رسخ فى العقول الرأى الواحد وإحتقار الآراء الأخرى فكان من أسباب الثورة العيش فى جزر منعزلة وعدم حرية الرأى للشعب ، فبعد الثورة من المفترض أننا إنتقلنا الى حرية الرأى فتعالوا لنرى هذه الحرية ولك أن تشاهد أحد البرامج الحوارية وستستنتج مدى حرية الرأى التى وصلنا اليها ، مثقفون لا يستمعون الى بعضهم ومن يترك البرنامج ويرحل على الهواء ومن يسب ويلعن معارضيه ، إن كانت هذه هى حرية الرأى التى تنادون بها فلنرجع الى زمن الرأى الواحد
وإذا إنتقلت الى الإنترنت والفيس بوك مفجر الثورة ستجد معارك من نوع آخر ، معارك لا يوجد عليها رقابة ، لا يحتمل الشخص رأيا مخالفا لرأيه ويثور ويغضب ويشتم فتشعر وكأنك فى ثورة من الطرشان الذين لا يسمعون بعضهم . تحدثت عن ثلاثة محاور تفقد الثورة رونقها وتجعل الناس تشعر وكأن الثورة غيرت المجتمع الى الأسوأ على العكس من السائد لأن الثورات تغير نحو الأصلح . فهل يمكننا أن نصحح مسار ثورتنا ونقودها الى الطريق الصحيح لكى تقودنا الى بر الأمان
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :