الأقباط متحدون | قانون دور العبادة الموحد والحوار المجتمعي
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٢٨ | الأحد ٢٦ يونيو ٢٠١١ | ١٩ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٣٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

قانون دور العبادة الموحد والحوار المجتمعي

الأحد ٢٦ يونيو ٢٠١١ - ٣٢: ٠٤ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.عايدة نصيف

إن مناقشة مشروع قانون دور العبادة الموحد هو أحد إشكاليات الحوار والتى طُرحت للحوار المجتمعى لمناقشة بنود قانون لدور العبادة تتوافق عليه إطياف المجتمع بجميع مذاهبه دون إقصاء لأحد ودون الوقوع فى جدل الطائفية وهو ما رأيته مطروحا للنقاش فى برامج الفضائيات دون وعى بالحوار السليم الذى يتخلله النقد الموضوعى والذى إذا تحقق يمثل جسرًا للتفكير مع الآخر وتنشأ أرضية مشتركة ويتغير مفهوم الحوار مع الآخر إلى تفكير مشترك مع الآخر وليس مناظرة جدلية حول بنود القانون الذى وجدت اختلاف عليه من الجانبين الإسلامى والمسيحى، وهذا أمر طبيعى فالاختلاف من سمة البشر ومسألة وجود قانون موحد لدور العبادة أمر لا جدال فيه وإنما الجدال ظهر من بنود هذا القانون الذى يُرجعنا إلى المعاناة فى ظل النظام السابق ولم نتخلص منه فقد تأثرت نصوص قانون لدور العبادة من الثقافة الذهنية لحكومات مبارك ولا أدرى إن كان ذلك بقصد أو بغير قصد، فقد توقفت عند المادة الأولى لنص هذا القانون وهو "تفويض المحافظون فى مباشرة الاختصاص بالترخيص لبناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو إجراء تعديلات لها"

وأرى فى هذا الأمر وضع سلطة تقديرية مطلقة فى يد شخص قد تحكمه ثقافة معينة ومفاهيم خاصة يفرضها من خلال قراراته بشأن بناء دور العبادة، وهذا أمر لم يُغير شىء من النظام القديم بل يطرح القضية للجدل الطائفى فى ظل فترة حساسة فى تاريخ الوطن، فنحن كأبناء للوطن نريد قانون موحد لدور العبادة يؤسس ويقيم مفهوم المواطنة بدلاً من الانقسام، أما عن المادة الثانية من القانون المقترح والتى تتضمن"يجب إصدار التراخيص بالبناء لدور حديث للعبادة مراعاة عدد من الشروط وهى أن يقدم طلب مشفوعا من وزارة الأوقاف، اومن مسئولى الطائفة الدينية المختصة، وأن يتناسب عدد دور العبادة لكل ديانة من الديانات فى مصر مع عدد وكثافة السكان المقيمين بالفعل فى القسم أو المدينة أو المركز لتلك المحافظة والمُنتمين للديانة المطلوب بناء دور عبادة فيها وبما يفى حاجتهم العملية لممارسة شعائرهم الدينية"

إن هذه المادة لا تحتكم إلى أرقام صحيحة لعدد كل من المسلمين والمسيحين فى كل محافظة وقرية وحى ، فالأمر يحتاج إلى دراسة احصائية سكانية دقيقة فلا يجب أن نضع بندًا فى قانون دون الاحتكام إلى أرقام دقيقة بدلاً من الاحتكام إلى إحصائيات عائمة غير محددة ، فالأمر يبدو ملتبسًا وغامضًا بل ومتعارضًا مع حرية العقيدة وممارسة الطقوس الدينية التى يقرها الدستور.


وفى الواقع أرى أن بنود هذا القانون وطرحه للمناقشة على الفضائيات يثير جدلاً يكون بمثابة بث فتن طائفية، فنحن أمام تحدى لبناء الوطن فى المرحلة الراهنة وعند وضع أى قانون وخاصة قانون يخص دور العبادة وممارسة الشعائر الدينية يجب أن يكون موضوعى ولا يحتكم إلى أحكام فضفاضة ولا توضع فى يد شخص ما، ولا يميل إلى اتجاه دينى عن آخر أو إلى اتجاه سياسى معين، فالمجتمع المصرى فى حالة رائعة من الحراك السياسى والثقافى ينعكسان بدورهما على الحراك الاقتصادى، لتسير مصر فى اتجاه نهضوى يشهد له العالم ، فنحن نريد المجتمع فى حالة من الحوار المجتمعى البنَّاء يُرسى قواعد الديمقراطية والحرية وليس الرجوع إلى الديكتاتورية مرة أخرى، فصياغة قانون يحكم جانب من جوانب المجتمع يجب أن يراعى الاطياف المختلفة بما يتفق مع العدالة الإنسانية والحرية المسئولة وقبول الآخر والتعددية وأنا أرى أن بنود هذا القانون ليست في صورة نهائية وإنما هى محاولة لطرحه للمناقشة والتعديل بما يتفق مع روح القانون والعدالة الإنسانية ومع روح الشعب المصرى الذى خرج وكسر قيود الديكتاتورية ليعبُر بمصر لمرحلة متقدمة وليس بأن يقع بها فى اتجاه دينى متطرف أو اتجاه ذات مصالح اوأجندة خارجية أو داخلية، فيجب الوعى بوجود افتراضات مختلفة لا بُد من طرحها والإفصاح عنها والتوقف بالنقد عند الأحكام المسبقة وتمحيص الآراء فى ضوء المعرفة والقانون لدى الفرد والمجتمع دون التأثر بالمتواتر من القول إن تعارض مع هذه المعرفة وهذا القانون، ونطرح دائمًا التساؤل لصياغة مستقبل مصر ونقول هل يناسب هذا قيمنا؟ وهل يناسب هذا تربيتنا؟ وهل يناسب هذا اهدافنا؟ وهل يناسب هذا الإطار المجتمعى الذى نعيش فيه؟ فثقافة المجتمع الذى نعيش فيه هى نتاج من الثقافات والحضارات بداية من الفرعونية، والهيلنية، والهلينسية، فالمسيحية، والإسلامية العربية؛ ومن ثم لا بد من آليات متنوعة للحوار المجتمعى،لنصل إلى صياغة سليمة، والتفكير الموضوعى النقدى يدخل ضمن هذه الآليات لأنه ذو قدرة وفاعلية إذ يقوم بعملية مصالحة بين الأنا والآخر، وعملية تكامل بين الفرد والجماعة؛ ومن ثم تغيير السلوك فى التصرف إزاء العالم والناس؛ حيث يشعر الإنسان أنه لم يعد وحده فى المجتمع بل يطغى عليه شعور يقيني لتقبل الآخر والحوار معه.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :