ربيع الغضب
بقلم نسيم عبيد عوض
يأتينا ربيع الأيام عادة برحيق الورود والزهور وخضرة الأرض وما عليها , ولكننا نحن نعيش
فى بلدنا مصر ربيع نستنشق فيه مرارة العلقم والحنظل , وحتى الغضب الذى يملأنا كلمة لا تعبر عما بداخلنا , غضب ممزوج باليأس , مغلف بالإحباط , وملفوف بالرعب من مستقبل بلدنا مصر , ومن الواضح أنهم سيلغون فصل الربيع من قاموس حياتنا , ليجعلوها خريف غضب دائم, ورئاسة البلد أو الذين تسيطروا عليها بقوة العسكر , ينعمون فوق فى العلالى , ينتعشون بتكييف ممزوج بالراحة والهدوء , وخارج الأسوار وفى شوارع مصر , الغضب والغليان والقتل والبلطجة والخطف والإغتصاب وكل مبوقات الجرائم , فالناس اللى فوق يعيشون ربيع أيامهم , ولا أحد يعلم مدى الغنيمة التى سيخرجون بها , أما الناس اللى تحت , فياويل الناظر , سيغتم ويهرب من الصورة القاتمة المظلمة الكربونية التى تصدمنا بحائط صلد مسدود فى وجوه الشعب , مطروحين بلا عائل ولا مورد , مقتولين بلا سبب ولا هوية , مخطوفين ومغتصبين من مجهولين , ولا أمل فى الأفق لحل وارد ولا ربيع حقيقى قادم.
* كيف يكون هناك ربيعا وهناك أم تبكى على ضناها , وإبنها الوحيد , الذى خرج عائدا لبيته
فتلاحقه رصاصات الغدر وترديه قتيلا , ولا منقذ ولا مغيث ,ومئات الأمهات مثلها يصرخون ويولولون والجانى مجهول , والحاكم يغض النظر عن محاسبة المسئول.
* كيف يكون نهارا فى وسط الظلمة والبغضة والكراهية التى يروج لها السلفيون فى الشوارع , يخطفون البنات وليس مهما أعمارهن , ويجبرهن على الأسلمة , ليزداد عدد المسلمين فى ديار مصر , يهاجم السلفيين الكنائس ويحرقونها , ويغلقون الطريق أمام كهنتها لدخول بيوت العبادة , وهم يشرعون أن يكون تعيين الكهنة المسيحيين بمعرفة مشايخ السلفيين , ولسان حالهم البلد بلدنا , والحاكم معنا , وليس فى يدكم شئ غير الإلتزام بأوامرنا , فالغاب هو مجتمع هؤلاء الغوغاء بلا رقيب ولا حسيب , فلا محافظ ولا رئيس مدينة , ولا أمن أو أمناء , ولا ملة ولا دين , وأولى الأمر هانئون , غافلون عن مايحدث لأقباط وكنائس مصر , ويظنون ان هذا هوالحل فى دولة الإسلام, فعلينا أن نبحث عن الحاكم العادل فى دنيا الظلم .
* وكيف يكون للعدل إسما فى مصر , وحسبى الله ونعم الوكيل أصبح النداء اليومى للمظلومين , والمقهورين , نسمعه من أم وقفت على سلالم رجال الأمن تشكوا من إغتصاب إبنتها فى وضح النهار ولا أحد يرحمها , ويشفى غليلها بالقبض على الفاعل , أو حتى المساعدة , وأم أخرى تبكى إبنتيها القاصرتين , خطفوا من أمام بيتها , وأسبوعين كاملين يفتقدهم حضنها , ثم بعد ذلك يعلنونها أن طفلتيها تحولتا لدين الإسلام , ولا أمل فى رؤيتهم مرة أخرى , هذا فى المنيا , وفى سوهاج تحرق بيوت الأقباط وتهاجم كنيستهم , ويطلقون الرصاص على كل من يعترضهم , فى أولاد خلف وفى دار السلام , وأصبح العنف سمة التصرف اليومى لكل صاحب حاجة , يدخل أربعة طلبه من كلية الشرطة فى وضح النهار وبأسلحة بيضاء وسوداء , ويهاجمون لجنة إمتحانات كلية حقوق عين شمس ليضربوا طالبا وسط زملائه , لشبهة معاكسة طالبة أخرى , وهذا لا يحدث إلا فى شوارع مصر , لأنه كما قلت ليس للعدل مكانا فى بلد سماؤها ملغمة بكل أعاصير الغضب والهمجية والسلفية.
فأحداث الأربعة الأيام فقط الماضية تكفيك غما وهما يأسا وغضبا وقد يكون إنفجارا, لأن ألأمر قد زاد عن حدوده , ولا بارقة أمل فى الأفق تبشر بوضع العدل فى الشوارع والقرى والنجوع والمدن .
* وكيف يكون للحرية والديمقراطية أرضية نتبارى فيها فى ربيع الأيام فى مصر , وهاهو الكل مخنوق بقرارات تعسفية , تعديلات دستورية هوجائية , نظام منشأ للإحزاب يفتح الطريق لجماعة الإخوان المسلمين ليخرج بها من تحت الأرض الى فوق فى العلالى بتكوين حزب تحت مسمى الحرية والعدالة فى بلد ليس فيها حرية ولا عدالة , وحتى هذا الحزب إذا تمكن سيسحب من تحت أقدامنا بساط الحرية ويغلفنا بقيود الظلم والظلمة, إصرار على الرأى ولا يهم رأى الشعب , يقررون إنتخابات برلمانية قبل وضع الدستور , كل الشعب يرفض وقادة الحكم يصرون على أن يضع رجال الإخوان لدستور مصر القادم , يقولون حرية الرأىللشعب وللإعلام حرية التعبير , وهاهو الإعلام يقتل مصر قتلا , ويشوش أفكارها , لينقلها الى عالم الغيبوبة واللحى والنقاب, ولا رؤية أمل فى إصلاح المسار.
* وهانحن فى ربيع الغضب واليأس والإحباط والعنف والتخريب وتغييب للحرية والعدالة والديمقراطية , فهل سيستمر الحال حتى تدخلونا فى خريف (الغضب) والغضب فى الخريف يبشر بالإنفجار , وحسبى الله ونعم الوكيل فى شعبك يامصر, فلنرفع أيدينا صارخين لرب العباد , ملك الملوك ورب الأرباب ليحلها من عنده , لأنه هو وحده الأمل والرجاء.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :