الأقباط متحدون - باقى زكى.. مفتاح كسر صهيون
  • ١٦:٠٦
  • الخميس , ٢٨ يونيو ٢٠١٨
English version

باقى زكى.. مفتاح كسر صهيون

مقالات مختارة | بقلم : فاطمة ناعوت

٥٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٨

فاطمة ناعوت
فاطمة ناعوت

 أقفُ أمام نعشِه الأبيض، لأودّع فارسًا عظيمًا ترجّل عن صهوة جوادِه؛ مُغادرًا أرضَنا الطيبة، ليدخلَ كتابَ الخلود. عاش عمرَه المديدَ يعطى وطنَه، غير عابئ بحصد الأوسمة وأنواط التكريم. منح مصرَ مفتاحَ كسر شوكة العدو، غير مكترث بأن يشغلَ صفحةً فى دفتر الشرف. لكنه، إن لم يكترث ولم يعبأ بأن يُحفَر اسمُه فى سجّل النبلاء، فإننا،نحن المصريين، نعبأ ونكترث. ليس من أجل تخليد اسمِه، فاسمُه خالدٌبأعمال صاحبه، بل من أجل أبنائنا نهتمُّ ونُصِرُّ أن يتعلّم أبناؤنا صحيحَ تاريخ بلادهم، ويعرفوا مَن جاءهم بالنصر ومَن منح وطنهم مفتاح العزّة والكرامة.

 
رحل الفارسُ العبقرى اللواء أركان حرب مهندسباقى زكى يوسف ياقوت، صاحب فكرة تصديع الساتر الترابى لخط بارليف فى حرب ٧٣، وابن الكلية الجميلة، التى أتشرّف بالتخرج فيها: هندسة عين شمس. رحل فى هدوء تاركًا مصرَ وقد حطّمت أسطورةً نسجها صهيونُ أمام العالم عن حصن منيع لا يسقط، فأسقطته فكرةٌ نيّرة أشرقت فى عقل ذلك المهندس اللامع. تصدّع الساترُ الترابيّ أمام شلالات المياه الهادرة من المضخّات، كما تتصدّع ورقةُ شجر يابسة تحت أقدام الفرسان، وعبر جيشُنا الباسل إلى حيث ثكنات العدو، ودحرناه، ليرتفع علمُ مصر زاهيًا، وتصدح أغنياتُ العبور من مذاييع البيوت فى كل أرجاء الوطن.
 
كلُّ ما سبق جميلٌ وماجدٌ وفاخر. ولكن، من غير الجميل ألا يعرفَ صغارُنا ذلك الجمالَ وألا يعرفوا صُنّاعَه. ليس جميلا ألا يعرفَالنشءُ المصريُّ الجديد اسمَ ذلك الضابط العظيم الذى كسر أنفَ صهيون: اللواء «باقى زكى يوسف ياقوت”! ليس جميلاً ألا يعرف النشءُ المصريُّ الصغيرُ اسمَ العميد: «شفيق مترى سدراك»، والرقيب: «محمد حسين محمود»، أول شهيدين فى حرب أكتوبر الشريفة! وكأن اللهَ تعالى قد شاءت حكمتُه أن ترتوى أرضُ مصرَ، فى أولى ساعات الحرب، بدماء رجليننبيلين تنوّعا فى العقيدة، واختلفا فى الرتب العسكرية، واتفقا فى حب مصر. شهيدان كريمان، ينظران إلى الله الواحد الأحد من زوايا مختلفة، وينظران إلى الوطن العزيز من زاوية مشتركة. 
 
لو تعلّم صغارُنامبكرًا، درسَ الوطنية الرفيع هذا، فى سنوات أعمارهم الأولى، أُجزمُ مطمئنةً أن فيروس الطائفية الكريه لن يقدرَ على إصابتهم فى مقبل أيامهم، فيكونون رجالا نبلاء صالحين مُشرّفين لأوطانهم نافعين للإنسانية. 
 
لكل ما سبق، كتبتُ هنا فى زاويتى بجريدة المصرى اليوم، منذسبع سنوات، فى مايو ٢٠١١، مقالا ناشدتُ فيه وزيرَ التعليم آنذاك بأن يُدرج اسمُ هذا الباسل القبطى العظيم باقى زكى يوسف فى مناهج التعليم ليعرف النشءُ الصغير عظماءَ بلادهم العظيمة. وها أنا أعيدُ طلبى اليومَ للدكتور المثقف الصديق طارق شوقى، وزير التعليم، مضيفةًاسمى الشهيدين البطلين، وأنا واثقة أنه لن يرد رجائى. كما أتمنى من دولة رئيس الوزراء، الصديق وزميل الدراسة مهندس مصطفى مدبولى، أنيأمر بإقامة تماثيل شرفية فى ميادين الوطن، لأولئك العظماء الذين صنعوا مجد مصر بعقولهم ودمائهم. تعليم النشء الصغير أول دروس الوطنية هو الضامن، لأن ينشأ هذا الصغير غير متطرف.
 
أؤمن أن إضافة مثل تلك الرموز الناصعة إلى الوعى الجمعى، ليس وحسب إضاءة مناطقَ مشرقةٍمن تاريخنا المصرى المشرّف أمام عيون الصغار، بل أيضًا تعليمهم درسًا مهمًّا فى المواطَنة. كونها علاقةً بين مواطن شريف، ووطن يحتضنالجميع، من دون أن يسأل عن عقائدهم. ذاك أن العقيدةَ شأنٌ فرديٌّ بين الإنسان وبين السماء، بينما الهويةُ المجتمعية والمواطَنهُ شأنٌ جمعيّ يُتوّجُ الجميعََ بهالة من نور تقول بصوتٍ عال وفخور: هذا المواطنُ، مصريّ.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع