الأقباط متحدون - قلب صديقى سيمون خورى
  • ٠٦:٢٠
  • الاثنين , ٢ يوليو ٢٠١٨
English version

قلب صديقى سيمون خورى

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٣٦: ٠٢ م +02:00 EET

الاثنين ٢ يوليو ٢٠١٨

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

الأب أثناسيوس حنين
قلب صديقى ’ ظاهريا ’ مريض كلينيكيا ’ هكذا يقول الأطباء ’ بينما قلب صديقى ’ وجوديا ’ مريض حبا ’ هكذا يرى الشعراء والشرفاء والذين قرروا ان لا يجعلوا من قلوبهم شقة مفروشة يدوسها كل عاهر وكل كاذب وكل وصولى مهما كانت ركائبهم ومقاماتهم رفيعة ام خسيسة وقد عاشرهم وعايشهم صديقى جميعا وبدون استثناء والذين يمارسون مهنه التسول السياسى باسم القضية ! قلب صديقى وسريرته ليست من تلك القلوب والأفئدة التى يسكن فيها كل هاوى وعابر سبيل فى دروب الدنيا (مش عارف وين اهى حاطه ! كما يقول السوريون ) ويستأجره مفروشا (من الباطن) مش يدعون أنهم أصدقاء والصداقة منهم ومنهن براء بل هو قلب جامع وشامل وكونى فى ثوب فلسطينى قشيب وقلب وتقرا فيه الكثير من أسرار الدنيا والأخرة ! فاتنى أن أوثق حديثى وصديقى من رواد التوثيق ’ وأقول مع النحويين العرب من أن القلب :"هو عضو عضلى أجوف يستقبل الدم من الأوردة ويدفعه الى الشرايين ’ قاعدته الى أعلى معلقة بنياط فى الجهة اليسرى من التجويف الصدرى ’ وبه تجويفان : يسارى به الدم الاحمر ’ ويمينى به الدم الأزرق المحتاج الى التنقية ’ وبكل تجويف تجويفان فرعيان يفصل بينهما صمام ’ ويسمى التجويف العلوى :الأذين :و والتجويف السفلى: البطين " المعجم الوسيط ص 753 . هل يعقل أن ينحشر وينحصر القلب ’ هذا الكون الجميل والرائع والمذهل

The Amazing world of the heart
كما يقول الامريكيون فقط فى هذه الرؤية اللحمية الضيقة ؟ قلب صديقى ليس من تلك القلوب الزائلة والتى اشتكى منها يوما مفكر عربى وهبته الحياة أن يفهم فى القلوب ويستشرف الافئدة ويستشرق النوايا و يكتشف السرائر فى (نظراته ) الثاقبة :

"... وأنك لترى الصديق فيعجبك منه حديثه الحلو وثغره المبتسم ’ ويروقك من وده كلفه بك ’ واعظامه لك ’ واجابه بشمائلك ومحاسنك ’ وتشيعه لارائك ومذهبك ’ ولو كشف لك من نفسه (قلبه) ما كشف (بضم الميم وكسر الشين ) له ’ من حقيقة نفسه ’ و منها لوددت لو أنك أستطعت أن تبتاع أقدام عداء ماهر بجميع ما تملك يمينك ففررت من وجهه فرارك من وجه الاسد السالخ والزائر والخائن ’ وودت بجدع الانف أن لا يصافح وجهك وجهه من بعدها حتى فى جنة النعيم ". حسبى أن هذا ’ هذا هو الأخر الذى رأى فيه الفيلسوف الفرنسى الجحيم عينه !

L,autre , c,est l,Enfer !

قلب صديقى من القلوب التى تحولت الى جنات نعيم ومراعى خضر ومياه راحة وسبيل هداية ومطرح ثقافة ! مسكين الانسان الذى يختصر القلب فى تلك القطعة اللحمية المثلثة الاضلاع ’ والتى تكلمت منها المعاجم وشرحتها القواميس ’ والتى اذا سكتت ’ سكت معها كل شئ ! مسكين الانسان الذى يسلم قلبه ’ أثمن عطية فى الوجود ’ الى أشراك الوطنية وحبائل الدين ! ولو علم تجار السياسة وجهلة الدين أن رؤساء هذه الدنيا (من التدنى والدناوة وليرى اللغويون ما يرون !) كثيرا ما يشترون عقول الناس ’ وليس قلوبهم ’ بالقليل التافه من المدهشات الدينية والاحلام النفسية والطموحات السياسية ’ بل وهولاء وأولئك ’ يملاؤن قلوبهم بالمخاوف والمزعجات والمدهشات ! صديقى قلب من لون جديد ! قلب صديقى مريض عشقا ! ألم يدهشك يا صديقى أن الطابة المستديرة فى عرس المونديال قد خلبت قلوب العالم ولمست قلوبهم وجمعتهم فى عرس حب قلبى حقيقى فشل فى صنعه تجار الدين وزبانية السياسة وكذابين الزفة ممن يسيرون فى ركابهم ! حينما صادقته ’ وهذا اعتراف قلبى ’ ظننت أننى سأعلمه مبادئ الدين ’ فعلمنى هو أصول الدنيا ! ألعله يحمل قلب فيلسوف يبحث عن الاسباب الحقيقة للاشياء وما يمكن الوصل اليه عن طريق العقل المنكسب فى القلب كما يقول أجدادنا . صديقى جاحظ عربى جديد مع الفارق أنه أجمل وجها وأرق اطلالة من جاحظ العرب والذى أدى قبح منظره الى أن يصرفه المتوكل بعد ان كان قد دعاه لتعليم اولاده ! صديقى يعيش فى شمول الألوهية الذى بشر به الحلاج ’ أعظم صوفى شهيد ’ على خطى المسيح المصلوب ’ وتظهر نظريته الصوفية فى رؤيته :

أنا من أهوى ومن أهوى أنا ....نحن قلبان (روحان) حللنا بدنا
فاذا أبصرتنى أبصرته .........واذا ابصرته ابصرتنا
قلب صديقى عاشق عشقا وعشيقته وان كانت على مرمى البصر ’ الا أنه لا يقدر ان يقبل وجنتيها وينام على ترابها ويلاطف ضفافها ويتغزل فى زيتونها ويحلم بها فتاة جميلة’ أخذوا منه فتاته عنوة فأنوجع قلبه حزنا ! ’ فتاته أجمل نساء الدنيا ’ ممشوقة القوام تخلب الالباب وتركض ورائها الأمم ويرتل على أنقاضها حسالة أهل الدنيا ’ قال فيها قديما الكبار شعرا وترجتها الصغار خلاصا وملاذا ! أن نستك يا اورشليم القدس تنسى يمينى ويلتصق لسانى بحلقى ! عشيقة صديقى فلسطين ومربض فرسه القدس وكم غازلها وراقصها فى مقالاته وكتبه وأشعاره ! أظن أنه قد انوجع قلبه بعد أن تم بيع القدس’ فى سوق النخاسة الكونى ’ تلك العفيفة والشريفة والثمينة ’ فى سوق دعارة كبار هذه الدنيا والتى يظن المخدعون منا أنها دنيا حضارة ! عجقة بلا قلب ! ما زاد فى وجع قلب صديقى أن مسيحيين هذه الدنيا ’ بل ومسلموها ’ وخاصة الشرقيون منهم ’ لم توجعهم قلوبهم على القدس أم المدائن ! ولم تتحرك السنتهم ولم تمتد اياديهم ’ ليس للشجب من مكاتبهم وسياراتهم المكيفة ومضاجهم المعطرة بأثمن العطور الباريزية ومعاصمهم المزينة بأغلى الساعات السويسرية (قرأت فى صحيفة يونانية أن ثريا عربيا جاء للسياحة فى جزيرة العراة اليونانية ميكونوس ! وتم سرقة ساعته وثمنها 200 الف يوروا فقط !!!) ! بل ’ نقول ’ نريد أن نراهم فى تحرك حقيقى يقف لهذه المذبحة التاريخية والتى قام بعضهم بتمويلها خانعا وغير مشكورا ! ولكن اين لهم من قلب صديقى الذى تحول الى ذاكرة تاريخية ’ صديقى يقتدى بيسوع الذى قرر أن يصنع كل شئ للذكرى ! والذكرى عند الناصرى ’ كما هى عند صديقى ’ هى حضور فى القلب العاقل والعقل المتقولب ! حضور يصنع الحدث ويتحدى التفاهة ويفضح ألتافهين .

لا تحزن يا صديقى فقلبك الذى يقطر دموعا مخلوطة بدماء ’ كما يقول الشاعر المعتمد ’ هو أكبر من تلك القطعة اللحمية التى تسكن بين عظامك ’ هو رؤية ’ هو اطلالة ’ هو نبوة ’ هو روشتة لامراض واقع مريض ! أنا أعلم أن قلبك موجوع لأن فلسطين مغتصبة ويسكنها كل من هب ودب من تجار الرقيق ومرتزقة هذا الدهر وبعد أن أنطوت أو كادت الارستقراطية الفلسطينية وظهرت فى بلادك طبقة من الموظفين المرتزقة من مختلف الجنسيات وأنت ’ ولا شك ’ تشارك الشاعر العربى ’ شعوره القومى واستنكاره حين يقول :

ان اولاد السرارى .............قد كثروا بارب فينا
رب أدخلنى بلادا .............لا أرى فيها هجينا !!!

ربما لهذا السبب أنت ممنون لسكناك بلاد الأغريق وأن كان قلبك موجوع بسبب الهجرات العشوائية وغرق الناس فى بحور الظلم ودروب الكبت واللصوصية السياسية والكأبة الاجتماعية ’ بينما بلادهم ’ هى من خير البلاد التى أخرجتها السماء للناس !

يا صديقى لقد كثر عدد ومكر اليهوذيين ولكن اليوحانيؤن يمتلكون العدة والعتاد والصدق لفضح كل يهوذى النية والمقصد وهى نعمة الحياة فى قلوبهم والتى كانت كنت البدء فى قلوبهم ’ والتى شاهدوها بامهات عيونهم ولمستها ايديهم وها هى تنسكب حبرا على اقلامهم فتشفى جراح الناس وتضمد قياح التاريخ وتعيد تسطير قصة الحب العجيب .

قلبك ’ صديقى ’ هو شاهد على العصر ولقد كان لنا خلوات أبحت لى فيها اسرار كثيرة من رحلة و قصة حبك لفتاتك القدس ’وامها فلسطين ’ ولا يسعها هذه العجالة .

ثق صديقى أن لك من من قلوب الاصدقاء والأحباء والأهل ممن يفهمون قلبك أكثر كثيرا من أدمغة الأغبياء الذين يتوارون عنك . سلامتك هى سلامتنا . تحياتى القلبية يا صديقى الألصق من الأخ .‍

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع