* أرفض زيارة قيادات دينية ورموز سياسية للقدس في ظل الاحتلال
* التطبيع كلمة تعني أن كل شيء مع إسرائيل بات طبيعيا.
* أحترم كل المسيحيين الموجودين في الأرض المقدسة من يونانيين وغير يونانيين.
* للقضية الفلسطينية بعد إنساني وأخر أخلاقي.
* رسالة كنيستنا الحفاظ على الحضور المسيحي بفلسطين .
أجرى الحوار: نادية عيلبوني (صحافية فلسطينية مقيمة في فيينا)
على هامش أعمال مؤتمر الجاليات والفعاليات الفلسطينية في أوربا والذي انعقد في 30-5-2009 في فيينا، التقينا بسيادة المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرذوكس. .وبصعوبة بالغة تمكنّا من اقتطاع 39 دقيقة من وقته الموزع بين أعمال المؤتمر وبين الكثير من المنظمات والفعاليات والشخصيات التي أصرت على لقائه ودعوته.
دماثته الطبيعية وتلقائيته ومهابته ، طغت على كل أعمال المؤتمر .كما أن حضوره المتألق كان له كبير الأثر في التخفيف من حدة العصبية الفلسطينية التي تظهر لدى مناقشة الملفات الساخنة.
أن تعثر على الأب عطا الله حنا ، معناه أن تبحث عن رفيق دربه الشيخ تيسير التميمي قاضي القضاة في القدس . هذان التوأمان اللذان يكادان لا يفترقان، وكأنهما أرادا من خلال تلازمهما هذا، إعطاء صورة عملية وحقيقية عن وحدة الشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحيه.
- أين وصلت جهود كم من أجل تعريب الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين؟
المطران: بداية أود أن أوضح المقصود بعبارة التعريب . وأنا أتحدث معك عن هذا الموضوع بصفتي أرثوذكسي، وبصفتي مسيحي ،وبصفتي قومي عربي ، وأنا من أولئك المتمسكين بالقومية العربية وبالحضارة العربية وبالثقافة العربية ، وأنا عضو في المؤتمر القومي العربي على مستوى الوطن العربي . القومية العربية بالنسبة إلينا ، ليست شيئا منعزلا أو متقوقعا ، و القومية العربية بالنسبة إلينا ليست فكرة عنصرية ، بل هي شيء منفتح ، وهي شيء ثقافي . وهي شيء حضاري و إنساني ومن هذا المنطلق ، وفي الوقت الذي نؤكد فيه على عروبتنا وعلى انتمائنا للأمة العربية، نؤكد أننا منفتحون على كل الثقافات ،وعلى كل الحضارات ،وعلى كل الشعوب، وعلى كل الديانات وبدون أي استثناء . وعندما نتحدث عن تعريب الكنيسة ، أنا لا أقصد بذلك أن تكون الكنيسة للعرب دون سواهم ولا أقصد بذلك أيضا ، أن نكون متقوقعين في قالب نسميه القالب العربي أو أن نرفض الآخر ، ولكن المقصود بتعريب الكنيسة هو ألا ينظر إلينا نحن العرب المسيحيون وكأننا شيء على الهامش ، أنا أحترم كل المسيحيين الموجودين في الأرض المقدسة من يونانيين وغير يونانيين . القدس كانت دائما مفتوحة لكل مسيحيي العالم . القدس لم تكن يوما حكرا على الجماعة المسيحية التي كانت فيها ، بل هي محج لكل مسيحيي العالم ، وعندما نتحدث عن التعريب لا نقصد بذلك أننا نريدها لنا وليست لسوانا، إلا أن المقصود من التعريب هو أن يكون لنا حضورنا ، أن يكون لنا دورنا، وألا نعامل كغرباء، وألا نعامل وكأننا مسيحيون من الدرجة العاشرة في كنسيتنا ، في حين أننا أصحاب هذه الكنيسة وأصحاب هذه المقدسات ، والحقيقة أن المشكلة بالنسبة لي لا تكمن في قومية البطريرك ، وليس لدي مشكلة أن يكون البطريرك يوناني أو غير يوناني ، ولكنني أريده أن يكون أرثوذكسيا ، وكلمة أرثوذكسي تعني الاستقامة ، استقامة الإيمان ،واستقامة الفكر ،واستقامة السلوك . وهذا لا يعني أنني أقبل أن يكون البطريرك عربيا حتى وإن لم يكن مستقيما ، هذا أيضا لا أريده . أنا أريد بطريركا راعيا أمينا مؤتمنا يؤدي رسالته الإنسانية والروحية ويخدم المقدسات ويحافظ عليها، ويحافظ على الحضور المسيحي . أنا لست عربيا أصوليا ومتزمتا ، أو لا أقبل الآخر ، ولا توجد مشكلة عندي أن يكون البطريرك يوناني ، ولكن أريده أن يكون مخلصا لرسالة الكنيسة . مخلصا للأمانة التي أأتمن عليها ويؤدي هذه الأمانة كما يجب .
- يقال أن الفتوى التي أطلقها رجال الدين المسلمين بتحريم الحج إلى القدس على إثر احتلاها في عام 1967 وكذلك تحريم البابا شنودة حج الأقباط إلى بيت المقدس ،طالما هي تحت الاحتلال الإسرائيلي ،هي من الأمور التي ساهمت بصورة مباشرة في إطلاق يد إسرائيل للقيام باجراءاتها الرامية إلى تهويد القدس، في ظل غياب الوجود الإسلامي والمسيحي العربي، ما رأي غبطتكم في هذا القول؟
المطران: أنا أعتقد أن زيارة القدس في ظل الاحتلال الإسرائيلي هو أمر مرفوض .
- لماذا؟
سيادة المطران: لأن الذي يستفيد من زيارة القدس وهي في ظل الاحتلال هو إسرائيل. وهذا يعتبر تطبيع مع الاحتلال. أنا أرفض التطبيع لأن كلمة التطبيع تعني أن كل شيء مع إسرائيل بات طبيعيا.
- ولكن كيف يمكن أن يستفيد الاحتلال في ظل وجود إسلامي ومسيحي عربي مكثف ودائم في القدس من خلال مناسك الحج المتواصلة إليها ، ألا ترى أن مثل هذا الحج الإسلامي والمسيحي هو ما كان سيعطي للقدس طابعها العربي والمسيحي والإسلامي ، وأن هذا الحج كان كفيلا بتكذيب ادعاءات إسرائيل بأحقية اتباع الديانة اليهودية في احتكار القدس على حساب أتباع الديانات الأخرى، وكيف للعالم أن يأخذ بوجهة العرب والفلسطينيين حول هوية القدس في الوقت الذي يقاطعها العرب والمسلمون والمسيحيون.؟
سيادة المطران: هنالك من يقول أن زيارة الأسير ليست اعترافا بالسجان ، وإنما هي للتضامن مع الأسير وهذا كلام صحيح. ولكن من ناحية أخرى فإن زيارة القدس في ظل الاحتلال الإسرائيلي وبتأشيرة دخول إسرائيلية ، لها أبعاد سياسية لا يمكن تجاهلها ، وبالتالي أنا أتمنى من كل العقلاء، ومن كل المفكرين ،ومن كل رجال الدين التداول في هذا الموضوع واتخاذ مواقف تخدم القضية الفلسطينية، وتخدم القدس دون أن المساس بهذه الثوابت. فمثلا أنا أرفض زيارة قيادات دينية ورموز سياسية للقدس في ظل الاحتلال، ولكن زيارة وفود على مستوى معين شعبي أو حقوقي، فإن هذا ممكن . ولكن هذا أيضا يجب أن يتم بالتنسيق مع المؤسسات الوطنية في القدس.
- هل يعني هذا أن على أهل القدس أن يغادروها لأنها وقعت تحت الاحتلال؟ثم ألا ترى أنه من الأفضل للقدس والمقدسين أن لا يعيشوا مثل تلك العزلة عن امتداداتهم العربية والإسلامية وأن يتمكنوا بدلا من انتظار المعونات من العيش بكرامة من ما قد تدره ظاهرة الحج الإسلامي والمسيحي إلى القدس من مداخيل وانتعاش اقتصادي تنتفع منه القدس والمقدسيين ؟
هذا السؤال يحتاج إلى المزيد من الوقت،ولكن وفي كل الأحوال فإن أية خطوة ، وأي توجه من هذا القبيل، ينبغي أن يتم بالتنسيق مع المؤسسات الوطنية في القدس ، وذلك لكي نضمن أن لا تقوم إسرائيل باستغلاله من أجل إقامة علاقات طبيعية تتوق إليها.
أجرت اللقاء نادية عيلبوني صحافية فلسطينية مقيمة في فيينا
لقاء مع سيادة المطران عطا لله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرذوكس1-2 |