الأفاعى تغزو منازل وزراعات "منية السعيد".. "البيض السام" لم ينقذ الأهالى.. والأزمة تتفاقم | صور
أخبار مصرية | الأهرام
السبت ٧ يوليو ٢٠١٨
يقولون إن لكل صاحب اسم، نصيب من اسمه، ولكن في البحيرة، لم تنطبق على قرية "منية السعيد" تلك المقولة، فالقرية الآمنة التي تقع بمركز المحمودية، لم تعد مصدرا للسعادة، أو مبتغا للوصول إليها، بل أصبحت مصدرا للحزن والخوف، ومصدرا لطرد أهلها، بعد انتشار الأفاعى بها، وفشل مواجهتها من قبل الأهالي وكذلك الأجهزة الحكومية بالمحافظة.
عبد الباسط شلبي، أحد أبناء القرية، التي تسري فيها الأفاعي مسرى السم في اللديغ، قد أعياه التفكير في مواجهتها، ولم يأت قلقه وحزنه من فراغ، ففي جلسة تفكيره تلك، تذكر شقيقه عبد العزيز الذى توفى إثر لدغة ثعبان، وهو في عمر الـ 45 عاما، وترك أبناءه الأربعة أيتام، بسبب الأفاعى التى عرفت طريقها للقرية الآمنة.
يقول عبد الباسط لـ"بوابة الأهرام": العام الماضى وفى نفس التوقيت تقريبا صلى أخى عبد العزيز العصر، ونزل للعمل بالأرض، وبعد قليل سمع الناس صراخه، بعد أن لدغته أفعى، وتم نقله إلى مستشفى المحمودية، ونظرا لقلة خبرة الأطباء فى التعامل مع حالات اللدغ، توفى أخى رغم حقنه بالمصل، تاركا وراءه 4 أطفال.
زاد انتشار الأفاعى خلال هذه الفترة، بسبب عدم وجود صرف صحي داخل القرية- يؤكد عبدالباسط- مما دفع الأهالى للصرف فى الترع والمصارف المجاورة مباشرة، وهو ما أدى إلى توحش الأفاعى السامة؛ نظرا لتغذيها على مخلفات الصرف، بدلا من التغذى على بيضها، متابعا أنه بسبب وجود مواسير الصرف داخل الترع، تتسلل الأفاعى من خلالها لدورات مياه ومطابخ المنازل فى الطوابق الأرضية، متابعا التأكيد "حدث ذلك مرات كثيرة".
مدحت البنا -أحد شباب القرية المنكوبة- حكى لـ"بوابة الأهرام" ما حدث خلال الأيام الماضية، حيث شكل مع عدد من الشباب رابطة أطلقوا عليها "اتحاد شباب منية السعيد"، يقومون من خلالها بتقديم الخدمات لأهالى القرية، وتولت الرابطة خلال الفترة الماضية عملية مكافحة الأفاعي، وتوثيق هذه العملية من خلال صفحتهم على مواقع التواصل الاجتماعى.
وقال "البنا"، بدأت المشكلة يوم الأربعاء قبل الماضي، بعد إصابة صبرى سعيد بدوى (17 عاما) بلدغة أفعى، فى أثناء وجوده فى الأرض الزراعية، وتم نقله بسرعة إلى المستشفى، وفشلت طبيبة الاستقبال فى التعامل مع الحالة بسرعة، مما أدى إلى وفاته، وفى اليوم التالى لدغت أفعى ضياء شرشيرة، وتم نقله إلى المستشفى الجامعى بالإسكندرية، ثم حالة أخرى حيث لدغت أفعى دنيا الجزيري، فى أثناء وجودها داخل منزل بجوار منزل أسرتها، وهو ما أثار غضب الأهالى وخوفهم، ودفعهم لمخاطبة المسئولين فى المحافظة.
يتابع البنا، استجابة مسئولي المحافظة كانت عبارة عن إحضار 5 آلاف بيضة تم حقنها بمادة سامة، ووزعوها بطريقة عشوائية داخل الأراضى الزراعية، وعلى الترع والمصارف، رغم علمهم بعدم جدوى هذه الطريقة، ومعللا عدم جدواها بأن الشباب والأهالي جربوها العام الماضى، ولم تحقق نتائج إيجابية.
وطالب البنا، بتشكيل لجنة علمية للقضاء على الأفاعى، واعتبار منية السعيد منطقة موبوءة، وتوصيل الصرف الصحى للقرية، وإنشاء وحدة صحية، وتطهير الترع والمصارف؛ لأنها المصدر الرئيس لظهور الأفاعي، التى تسببت فى وفاة 4 أشخاص وإصابة 10 خلال العامين الماضيين، مشيرا إلى أن الأهالى يتقاعسون عن تحرير محاضر فى الشرطة؛ لخوفهم من تشريح الجثة.
محمد الشورى -محام وأحد أبناء قرية منية السعيد- قال إن الخطوات التى اتخذتها الأجهزة الحكومية في المحافظة لمواجهة الأزمة غير كافية، وما زاد من غضب الأهالى خروج مسئولين فى المحافظة يعلنون عن انتهاء الأزمة والقضاء على الأفاعى، مؤكدا قتل 6 أفاعى في يومين عقب تصريحات المسئولين، وتم وضعها فى الفورمالين لحفظها حتى يراها المسئولون عند زيارتهم للقرية.
وأكد الشورى، أن الأهالى منعوا أطفالهم من الذهاب إلى الحضانات والكتاتيب، وترك عدد من أهالى القرية منازلهم خوفا من اللدغ، خاصة بعد ظهور الأفاعى أمام المنازل، وداخل بعض المنازل بعد دخولها من مواسير الصرف إلى الحمامات والمطابخ فى الدور الأرضى، وهو ما أوقف الحياة فى القرية.
على مستوى التحرك الحكومي، قررت المهندسة نادية عبده تشكيل غرفة عمليات لمتابعة أزمة الأفاعى بمنية السعيد، وشكلت لجنة تضم رئيس المدينة، ووكيل وزارة الصحة والطب البيطرى والزراعة والبيئة، ومتخصصين من كلية الزراعة بجامعة دمنهور، ووزعت اللجنة 5 آلاف بيضة محقونة بمادة سمية على شوارع القرية.
وأكد الدكتور علاء عثمان، وكيل وزارة الصحة، توفير 325 مصلا، وتوزيعها على المستشفيات الحكومية، مشيرا إلى أن إجمالى الحالات التى تم رصدها 5 حالات، توفيت حالة واحدة بسبب التأخر فى نقلها للمستشفى، وتمت معالجة 4 حالات.
التحركات الحكومية لم ترض الأهالي، الذين تقدموا ببلاغ إلى المستشار محمد أبو ثريا المحامى العام لنيابات شمال البحيرة، اتهموا فيه قيادات المحافظة ووزارات الصحة والبيئة والزراعة بالتقاعس عن حل مشكلة الأفاعى.