- الحكومة الكندية تعتزم منع طلبات اللجوء غير الحقيقية
- رابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري تطالب مجلس الشعب بعودة جلسات النصح والإرشاد
- "6 أبريل" تهاجم في بيان استنكاري مبادرة الشيخ "حسان" لوقف المعونة الأمريكية
- "عمرو موسى" يناقش دعم "القدس" مع مفتي "فلسطين" وممثل الكنيسة الفلسطينية
- "الاتحاد الحر لمصريي الخارج" يتبني حملة لنشر الوعي بانتخابات الرئاسة والتعريف بالمرشحين
د. سيد القمني: الديموقراطية ليست هي الشورى، ولا يوجد ما يسمى "حضارة إسلامية" (2-2)
• أسأل من يزعمون بوجود دولة إسلامية.. حددوا لنا ملامح الدولة المزعومة.. ما هو نظام الحكم فيها وكيف يتم تداول السلطات فيها وهل هي ملكية أم جمهورية؟
• الاخوان المسلمين طوال تاريخهم لا يعترفون بولاية القبطي أو المرأة، والآن يغيرون أفكارهم!! إذن هم يستغفلون المصريين.
• السلفيون يتهمون العلمانية بالكفر لأنها تنتقص من سيادتهم على أخوانهم في الوطن ولسان حالهم يقول كيف يأخذ النصراني أو البهائي أو الشيعي أو القدياني نفس حقي؟
• لماذا لا يتقدم زغلول النجار و لديه القراّن الكريم، ويخترع لنا علاجًا أو فاكسينا يرفع عنا البلاء والأمراض؟
حوار: مايكل فارس
* أعلن الدكتور محمد سليم العوا عن ترشحه للرئاسة، وأكد أنه سيتبنى المشروع الحضاري الإسلامي المصري.. كيف ترى ذلك المشروع خاصة تشابك المصطلحات بين طياته؟
- أولًا جملة "الحضاري المصري" تعني تاريخ مصر، وهي عربية ورومانية وقبطية ويونانية وفرعونية، وهذا تاريخها وحضارتها، بما فيها من معابد وتماثيل، والتي يطلق عليها البعض منهم "أوثان"، وتعتمد على أرض جغرافية ذات حدود واضحة منذ فجر التاريخ، وإلى الآن أغلب المفرادات العامية هي من اللغة المصرية القديمة، والمقامات الموسيقية عند قُراء القرآن مثل الشيخ "عبد الباسط" و"مصطفي إسماعيل" و"البنا" هي مقامات الكنيسة القبطية في التراتيل، وأصلها مقامات مصرية قديمة.
أما كلمة "الإسلامي"، فالإسلام دين بعض المصريين، وهو جزء من الشخصية المصرية، ولا يوجد ما يسمى الحضارة الإسلامية، لأن أساس الحضارة أرض وفعل مادي للإنسان فيها، وثقافة تكونت عبر ألوف السنين، وفيما يسمونه حضارة إسلامية ستجد علماء مسلمين واّخرين يهود مثل "ابن ميمون" اليهودي الذي قام بترجمة أمهات الكتب اليونانية للخليفة "المأمون"، وكذلك التراجمة المسيحيين والمزدكيين وهم سبب النهضة الخلافة العباسية، فعندما يكون هناك مهندس نقول المهندس الإسلامي أم المهندس المسلم؟ فمعنى أنه مسلم لا ينسب هذا الإسلام إلى الهندسة ولا العكس.
وهناك فرق بين الحضارة والدين، فالإسلام دين؛ أما الحضارة هي صنع البشر، فمثلًا الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء كلها منجزات بشرية، ولو هناك تلميذ دخل امتحان كيمياء وحصل على درجة الامتياز، فلن يدخله الله الجنة لأنه حصل على تلك الدرجة، وإن رسب فلن يدخل النار لرسوبه، لأن الدين شغل الله أما الحضارة فهي شغل الإنسان.
* الأخوان أعلنوا عن تأسيس حزب "العدالة والحرية" ورفعوا شعار "دولة مدنية ذات مرجعية دينية"، والسلفيون يؤسسون "حزب النور"، والجماعات الإسلامية حزب "البناء والتنمية"... والأخيرين رفعا شعار الدولة الإسلامية ورفض ولاية المرأه والقبطي. كيف ترى تلك الأحزاب؟
- دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية كلام يُقال للأطفال والذين لايملكون فهمًا سياسيًا ولو متواضع، لأن الدولة المدنية تعني أننا نحن من سيشرع لنفسه الشرائع عبر مجلس نيابي منتخب بانتخابات حرة نزيهة، أما الدولة الإسلامية المفترض أنها ستطبق الشريعة الإسلامية وهي حكم الله، إذن لا داعي لعمل مجلس ولا داعي لانتخابات، فبهذا هم ينصبون علينا بل ينكرون معلومًا من الدين بالضرورة، فهناك آيات قطعية تقول من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون والفاسقون، فلماذا يكذبون على الشعب ويقولون دولة مدنية بمرجعية إسلامية!
* قال عبد "المنعم أبو الفتوح" ردًا على ذلك أن الدولة مدنية لأنه سيتم إدارة مصر عن طريق المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والمجالس النيابية والصندوق الانتخابي.. وهكذا؟- عندما يقول صندوق انتخابي فيجب ألا يقول إسلام أو مرجعية إسلامية، حيث لا يوجد بتلك المرجعية أي صندوق انتخابي ولا مؤسسات، حتى لا يُبدل المصطلحات ببعضها ليغرر بالمواطنين البسطاء، فالإسلام دين محترم كريم لا يصح أن نقحمه في السياسة، ثم من عمل هذه المؤسسات هل الدين أم البشر؟ فمثلًا "عمرو بن العاص" عندما جاء "مصر" هل هو من أنشأ مؤسسات الدولة أم كانت قائمة منذ خمسة آلاف عام بحضارتها قبل مجيئه، وكذلك الحضارة في "سوريا" و"العراق"، فهو جاء ووضع رايته عليها ليس أكثر.. جاء "قمبيز" و"الاسكندر" و"الرومان" إلى مصر وتركوها وكانت مصر آلة شغالة دون توقف، ثم يأتي الفاتحون ليقولوا دولة إسلامية، وكأنها لم تكن دولة موجودة، فهذه دُعابة!.
غير ذلك حدد لي ملامح الدولة الإسلامية المزعومة! قل لي ما هو نظام الحكم فيها، وكيف يتم تداول السلطات، وهل هي ملكية أم جمهورية؟؟ فالإسلام ترك لنا أشياءً كثيرة لم يتحدث عنها، ولكن عندما كان يتحدث عن شيء يتكلم عنه باستفاضة في التفاصيل مثل "سورة البقرة" وقصتها، و"قصة الفيل"، وأيضًا "سورة النمل"، فأين سورة الدولة؟ وأين آيات نظام الحكم؟ وأين حديث الإرادة الشعبية؟ وهل حدد الإسلام كم عدد أعضاء مجلس الشعب في البرلمان مثلًا؟
* أعلن الأخوان المسلمون أنهم يتبنون "الاقتصاد الإسلامي" في حزبهم الجديد، فما هو مفهوم الاقتصاد الإسلامي؟
- الاقتصاد الإسلامي هو اقتصاد ريعي خراجي غير إنتاجي، يقوم على أخذ الجباية والمكوس من الناس فقط دون إنتاج، وليس به تصنيع، إلا جندي محارب للحرب وأخذ غنائم الحروب لتضاف لبيت المال، وإن قال أحد أنه اقتصاد إنتاجي فليرني القوانين الإسلامية التي تحدد ذلك، وكيفية الإنتاج، وورقة حسابية لأي مرحلة خلال تاريخ الخلافة الإسلامية. هو اقتصاد يقوم على ما يأتيه من أموال الناس، وتذهب إلى دار الخلافة وكأنهم ليسوا رعايا للدولة المزعومة، فعمر بن الخطاب لم يعتبر المصريين رعايا، فعندما حدثت المجاعة في "مكة" ارسل لعمرو بن العاص يقول له "الغوث الغوث" يطلب الطعام من مصر، فأرسل له قائلًا ستصلك قافلة أولها عندك وآخرها عندي، فأخذوا الأبقار والبهائم من الفلاحين وأرسلوها عبر الصحراء، فانتهت أغلب القافلة قبل وصولها "مكة"، فأرسله له ثانية، فسأل بن العاص المصريين عن كيفية نقل البضائع، فارشدوه لقناة "سيزوستريس" التي كانت موجوده قديمًا، ولكن أفهموه أن إعادة حفرها سيتطلب سخرة للشعب الأمر الذي سيجعلهم يتركون زراعتهم، وبالتالي ينكسر الخراج السنة القادمة، فأرسل بذلك لعمر بن الخطاب، فلأرسل له الأخير (ولا يوجد مصدر إسلامي يخلو من هذه الرواية) ليقول له اعمل فيها وعجل أخرب الله مصر في عمار مدينة رسول الله، فأين هنا الاقتصاد الإسلامي المزعوم منذ عهد الخلافة الراشدة؟.
* قال سلفيون مثل الشيخ "عبد المنعم الشحات"، والشيخ "حسن أبوالأشبال" أن العلمانية كفر وضد شريعة الله، وطالبوا بعدم اختيار أي مرشح ليبرالي؟- هذا الكلام فارغ يذكرنا بالمرحوم أحمد لطفي السيد عندما تحدث عن الديموقراطية فهاجموه قائلين الديموقراطية هي أن ينام الرجل مع أختة ووالدتة وضربوه، واليوم يروجون تلك الأحاديث عن العلمانية والسبب في ذلك لأنها تنتقص من سيادتهم علي إخوانهم في الوطن وعلى أرواح المسلمين لذلك يرفضون أي بند دستوري أو قانوني لا يؤيد هذه السياسة، فهم الأعلى ولسان حالهم يقول كيف يأخذ النصراني أو البهائي أو الشيعي أو القدياني نفس حقي، فمشكلتهم أنهم يعتقدون أنهم مخلوقون سادة للعالم دون دليل على ذلك، ولا أعلم ما الذي قدموه للبشرية؟ فهم خارج سياق التاريخ، فهل مثلًا اخترعوا شيئًا نفتخر به، أو صنعوا دواءً للأمراض المستعصية مثلما فعل كفار الغرب؟ فلماذا لا يتقدم "زغلول النجار" ولديه القرآن الكريم، ويخترع لنا علاجًا أو فاكسينا يرفع عنا البلاء والأمراض؟ فدائمًا يتحدث عن الإعجاز العلمي، فليرينا أي اختراع أو اكتشاف.. هؤلاء الكذبة مفترون، يبحثون عن مصالحهم الشخصية ونفوذهم فقط ولا اعتبار للوطن ولا المواطن، بينما العلمانية تضع كل المواطنين في مساواة تامة علي قدم وساق.
* ولكن الإسلام أيضًا يقول ذلك؟
- هم يرون أن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، ويقولون لا ولاية لكافر على مسلم، فالأخوان المسلمون طوال تاريخهم لا يعترفون بولاية القبطي أو المرأة، والآن يغيرون أفكارهم!! إذن هم يستغفلون المصريين، خاصة وأن ذلك يتعارض مع النصوص الإسلامية الصريحة، مثل تصريحات "عصام العريان" الذي يقول الآن يجوز ولاية المرأة والقبطي، وأنا أقول يجب أن تقام عليه حدود الإسلام التي كان يريد تطبيقها علينا، لأنه أنكر معلومًا من الدين بالضرورة.
* ولكنهم يقولون أن مصر دولة إسلامية والرسول (ص) هو أول من أسسها؟
- هناك أشياء من خصوصيات الرسول فقط لا تعَمَم، مثل أن يقيم شبه كونفدرالية لقبائل العرب برئاسته ورئاسة "قريش"، ولكن لم ينشئ دولة، بدليل أن نظام الحكم ظل قبليًا في عهده حتي بدأت الفتوحات، وعندما فتحوا البلدان لم يكن لديهم نظام حكم، فقرروا أن يحكموها وفق نظامها السابق فظل نظام الوزارات والدواوين كما هي في مصر وفارس والعراق، ولم يقل الرسول أو القرآن شيئًا عن كيفية إدارة الدولة، فلا نظام حكم واضح، فطريقة تولي الحكم اختلفت ما بين الخلفاء الراشدين فأبي بكر الصديق تولى الخلافة بعد تأويل أمر الرسول أن يصلي بالمسلمين أثناء مرضه إلى خلافة، و أبو بكر عند موته أحضر عثمان بن عفان وكتب له توصية بخلافة عمر بن الخطاب للولاية، وهذه طريقة أخرى للولاية؛ أما عمر بن الخطاب فاختار ستة من المرشحين للولاية ووضع معهم ابنه عبد الله، واتفقوا على عثمان بن عفان وهذه طريقة ثالثة، وبعد أن قتل أبناء الصحابة عثمان ودفنوه في مقابر اليهود، وبعد ذلك أصبحت الخلافة إما بالسم أو بالخنجر أو بالسيف، فهل سنقبل أن يحكمونا بهذه الطرق؟ نقول لهم آسفون لن نقبل ذلك.
و أؤكد أن الإسلام دين كريم وعظيم بمفرده، وليس له أي وظائف سياسية ولا علمية ولاحضارية،هو تنسيق لعلاقة الإنسان بخالقه، وعندما كان الرسول (ص) يتلقى الوحي كانت هناك ديموقراطية أثينا وكان الدستور بروما وقوانين حمورابي وقوانين المصريين قبلها بقرون، ولم يتم الإشارة إلى أي منها، لأن الإسلام دين فقط، عندما أرسل الرسول (ص) لهرقل ملك الروم لم يقل له من محمد بن عبد الله ملك العرب، إلى هرقل ملك الروم، بل قال من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم: "إسلم تسلم.. فإن توليت فعليك إثم الأريسيين" ولم يعتبر نفسه ملكًا يخاطب ملكا اّخر، و لم يطلب منه تغيير نظام حكمه لحكم إسلامي، أو أن تكون بلاده ديموقراطية بمرجعية إسلامية، بل دعاه للإسلام فقط. وكانت صيغة الحكم في عهد الرسول هي الملكية، وعندما عرضت عليه قريش تنصيبة ملكًا رفض، ومرة أخرى قال القرآن أن الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوا فيها وجعلوا أعزة أهلها أذلة.
* عرف "عبد المنعم أبو الفتوح" الدولة الإسلامية بأنها الدولة التي أغلب سكانها من المسلمين حسب المبدأ الديموقراطي.. وبالتالي مصر دولة إسلامية؟
- أولًا، يقولون أن مصر دولة إسلامية منذ دخول العرب مصر، وهنا إذا كانت الأغلبية إسلامية في بلد ما تعني ان الدولة إسلامية، فمعني ذلك ان مصر منذ دخلها العرب و حتى القرن الثاني عشر الميلادي ظلت غير إسلامية، حيث كانت الأغلبية غير مسلمة، فكان الحكام والسادة فقط من العرب الفاتحين وقليل من المواطنين.
ثانيًا، عندما يتحدث عن مصطلح أغلبية أو أقلية فهذه مصطلحات سياسية وليست دينية، لم تظهر في عهد الرسول بل ظهرت في العصر الحديث بعد الثورة الفرنسية، علي أيدي "جان جاك روسو" و"فولتير" و"مونتسكيو" ولها تعريفاتها الخاصة، فهذه المصطلحات هي منتجهم الفكري فلا يصح أن نقوم نحن بإعادة تعريفها بما يتوافق مع أفكارنا.
فوفق النصاب السياسي فإن الأغلبية قد تتحول إلى أقلية و قد يحدث العكس، ولكن هذا لا يجوز في الدين؛ وفي السياسة ينتقل المواطن من الأغلبية إلى الأقلية أو العكس دون غضاضة، و هو غير مسموح في أي دين.
* إن لم يكن هناك نظام الأغلبية والأقلية في عصر الخلافات الإسلامية، فما كان البديل أو مرادفات تلك المصطلحات؟
- كان نظام الحكم العربي هو الخليفة من قريش، وهو حديث صحيح عن أبي بكر الصديق، والذي قال أن الخلافة في قريش لا أقلية ولا أغلبية ولاانتخابات، وهناك فرقة واحدة ناجية، وإذا بويع لخليفتين فاقتلوا أحدهما (حديث صحيح).
* دعى "صفوت حجازي" وكثيرون من السلفيين لإقامة الخلافة الإسلامية مرة أخرى.. هل تعقتد أن الحديث عن ذلك في عام 2011 منطقيًا أم درب من الخيال؟
- لإقامة الخلافة لابد أن يكون الخليفة من قريش، والسؤال أين ستكون دولة الخلافة؟ هل في مصر أم في السعودية أم في أندونيسيا؟ وهل ستكون خلافات متعددة تتحد معًا في دولة الخلافات المتحدة؟ وهل ستتحد بالاتفاق أم بالصراع والقتال لتحدث تصفيات حتي يُحسم الأمر للدولة الأقوى؟ وإذا افترضنا أن توحد الخلافات سيحدث بالاتفاق، فهل ستقبل السعودية بدمج ميزانيتها في ميزانية مصر؟ وأن تتساوى دخول المسلمين في البلدين في ظل نظام الخلافة؟
* يقول أنصار قيام الخلافة والدولة الإسلامية أن الديموقراطية والمواطنة هي مبادئ إسلامية بالأساس، وسبقوا الغرب في تطبيقها ولذلك يطالبوا بتطبيقها؟ ويفسرون الديموقراطية على أنها " الشوري" التي كانت عهد الرسول (ص) والخلافات المتعاقبة؟
- الشورى هي طلب النصيحة، وغير ملزمة للحاكم الذي يحكم مدي الحياة في الإسلام، والخروج على الحاكم هو خروج على الدين، وحكم سلطان غشوم خير من فتنة تدوم، وأطع الأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك، وإذا بويع لخليفتين فاقتلوا أحدهما، فليس في الشورى انتخابات ولا ديمقراطية، وعندما رفض بعض المسلمين دفع الزكاه لأبي بكر الصديق بعد وفاة النبي طلب أبو بكر المشورة، فرفض كل الصحابة قتالهم لأنهم مسلمين، وعمر بن الخطاب قال له أنقتل أُناسًا يقولون لا إله إلا الله و محمد رسول الله؟ فقال لهم: "والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه"، ولم يأخذ بالمشورة وحارب مانعي الزكاة، والخليفة عمر بن الخطاب كان من المفترض أن يخرج علي رأس الجيش لقتال الروم فاجتمع بعشرة من الصحابة لأخذ المشورة، تسعة منهم طالبوه بالخروج على رأس الجيش وعبد الرحمن بن عوف فقط قال له لا تذهب، فأخذ برأي ابن مسعود ورفض رأي التسعة، وهذه هي الشورى وما أبعدها عما نفهمه من الديمقراطية، ومنهم من يقول "البيعة" هي الديموقراطية في اختيار الحاكم وقولهم كاذب، لأن الحاكم كان يجلس أولًا على الكرسي بالسيف والقهر والغلبة، وبعدها تتم مبايعته، فالبيعة كانت عقد إذعان من المواطنين للملك الجديد، فمعاوية مثلًا أخذ ابنه يزيد بعد أن استباح مدينة الرسول، وتمت البيعة بخطاب خير الخطباء في مسجد المدينة، والذي نادى قائلًا: "الخلافة لهذا وأشار إلي معاوية، فإن هلك فلهذا وأشار إلي يزيد، ومن أبى فله هذا وأشار إلى السيف"، ولعل سبب انهيارنا الفادح بين الأمم يرجع إلى التجارة بالإسلام، فعندما تاجرت الكنيسة بالدين وأقحمته بالسياسة، دخلت أوروبا العصور الوسطى وعاشوا أسود عصور البشرية.
* ماذا عن المواطنة؟
- سأذكر فقط قول آخِر فقيه معاصر لهم وهو الشيخ يوسف القرضاوي الذي قال أن المواطنة هي رابطة الطين والتراب تحقيرًا لها، وأنها ماذا تكون بجوار رابطة الإسلام العظيم. فهم لا يعترفون بالوطن ولا بالأرض ولا بحدود لدولة الإسلام، هم يعرفون فقط إسلامًا عالميًا هو الوطن.
* أعلن الدكتور "عبد المنعم أبو الفتوح" ترشحه للرئاسة وفصله مكتب الإرشاد، وأعلن الدكتور "محمد سليم العوا" ترشحه وكذلك "حازم صلاح أبو إسماعيل" عن السلفيين نفهل هذا سيؤدي إلى تفتيت أصوات الأخوان السلفيين، الأمر الذي يعني سقوط سيناريو صعود تيار ديني لسُدة الرئاسة؟
- بالتأكيد، فحتى لو اتحدوا مؤقتًا سيقضون علي بعضهم بعدها، وأنا شديد التفاؤل، فلازلت أؤمن بمعجزات يصنعها واقع الأحداث والناس ليشكلوا بها التاريخ.
* طالبت لجنة الوفاق القومي في اجتماعها الاخير بإضافة مادة تنص على الهوية الأفريقية بالدستور الجديد.. فهل تعتقد أن الهوية المصرية واضحة بالأساس في الدستور المصري حتي يتم إضافة هوية جديدة؟
-الهوية المصرية غير واضحة بالدستور المصري، وتم محوها من الذهن المصري، فتجد أن من ينتقد فكرة الأمة العربية أو الخلافة أو الإسلام السياسي فهو غير وطني وليس مصريًا، فاعتدنا أن نربط المواطنة بفكرة أيديولوجية، فمثلًا في عهد الملكية كان الترتيب (الله-الوطن-الملك) وفي عهد عبد الناصر كانت الاشتراكية هي الوطنية وغيرها خيانة، وفي عهد السادات أصبح الإسلام السياسي هو الوطن، واعتاد الإسلاميون التراجع عن كلامهم، فقالوا سابقًا بدولة دينية كاملة ويقولون اليوم بدولة مدنية ذات مرجعية دينية، وظلوا يرفضون تولي المرأة أو غير المسلم للإمامة الكبرى، واليوم يسمحون بذلك، بينما هم يُضمرون قانون العقوبات الإسلامي و الحدود و فقه العبودية و عقد الذمة، وهو ما يؤكده قول صبحي صالح في جلسة خاصة أن الله وفقه وجهزه و هيأه من أجل المسلمين جميعًا، لتطبيق الحدود الإسلامية في قانون العقوبات المصرية، وسعد الكتاتني عندما سُئل عن الحدود قال ليس وقتها الآن (بمعنى أنها مرحلة قادمة لا محالة).
* كيف تري تحفظ كل المرشحين للرئاسة من الاقتراب من المادة الثانية من الدستور بل الخوف من حرفي (ال) اللذان وضعهما السادات، وأصبحت الشريعة الإسلامية "المصدر الرئيسي" للتشريع.. حتى لم يجازف أحد لتكون مصدر من مصادر التشريع كما كانت قبل دستور 1971؟
- الثورة التي يخشى رجالها من طائفة من مجتمع ويستثمروا هذا الخوف ضد طائفة أخرى، تكون ثورة ناقصة وأي مرشح لا يعلن رسميا طلبًا واضحًا بحذف المادة الثانية من الدستور تأكيدًا لمدنية الدولة المصرية، يجب حذفه من قائمة المرشحين و عدم انتخابه، لأن المادة الثانية تحدد نوع الرعوية في دساتير العالم،وعندما تنص في مصر علي أن دين الدولة هو الإسلام، بينما الدولة كيان معنوي أما الدين فهو للبشر، ثم تقول الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وهنا حددت رعيتك بالمسلمين فقط، بينما العدل أن تقف الدولة موقف الحياد بين كل أديان رعاياها، فكيف تنحاز لفئة من المواطنين ضد فئة أخرى؟ بل هي تسلب المواطن المسلم غير السني حقه في المواطنة بدليل أن الشيعة في مصر يدخلون السجون لأنهم ليسوا من الرعية السنية، والقبطي تُهدم كنيسته ولا يقدم أحد للمحاكمة، لأن الاقباط ليسوا أيضًا من رعايا مصر حسب هذه المادة.
* ولكنهم يقولون أن هناك دول متقدمة تنص دساتيرها على دين الدولة؟
- يوجد ذلك في الدول الدينية مثل الفاتيكان وباقي الدول بها أحزاب تحمل مسمي دينى ولكنه تاريخي، ويقصد به التمسك بالفضائل المسيحية وليس تطبيق الدين في الحياة السياسية، فالدولة المدنية لا يوجد بها ماده ذات نص ديني وأي شخص يتحدث عن دولة مدنية ولا يطالب بحذفها، فكلامه باطل أو رعديد.
* يردون على ذلك بأن حذفها ينتقص من الهوية الإسلامية لمصر؟
- نحن هويتنا مصريون وليس مسلمون، فالهوية وطن بأرض وحدود وتاريخ وثقافة، وجزء من هويتي الثقافة الإسلامية وليست كلها، فلدينا روافد ثقافية عديدة إفريقية وشرق متوسطية وفرعونية وقبطية ويونانية ورومانية وعربية، وهي الروافد التي شكلت الشخصية المصرية بالإضافة للثقافة العالمية.
* كيف ترى مدى إمكانية تحالف الولايات المتحدة الأمريكية مع الأخوان المسلمين خاصة أنهم رفضوا تأييد أي تيار إسلامي في بداية الثورة وبعدها بدأوا التنسيق معهم؟
- يجب أن نفرق بين السياسة الخارجية لأمريكا وبين الديموقراطية الأمريكية التي تقوم علي المصالح، لو الأخوان هيحكموا البلد، فأمريكا لن تعارض ولن يشغلها الشعب المصري، ولن تدعم الليبراليين مادامت مصالحها محققة عبر الأخوان المسلمين أو السلفيين.
* بالنهاية ما أمنية الدكتور "سيد القمني"؟
- أطالب بتأسيس هيئة لوضع الدستور من 15 شخصية من الفقهاء والمثقفين مشهود لهم بالكفاءة، ولا يتم اختيارهم من المجلس العسكري، وبعدها انتخابات لاخيار رئيس الجمهورية وبعدها انتخابات برلمانية.
و أتمنى في نهاية العمر أن أُدفن بجوار حبيب قلبي وصديقي فرج فودة، الذي وضع أول بذرة لليبراليين في مصر، ودفع أول دم لهم في مصر، والذي أهديت له الجائزة التي حصلت عليها، وقلت آنذاك "جاتلك جايزتك" وقلت "نم يا فرج مطمئنًا واهدأ نفسًا وطب بالًا فها بذارك قد أنبت حقولًا من الزهور".
لقراءة الجزء الأول من الحوار انقر هنا
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :