الأقباط متحدون - عن أي انتماء تتحدثون؟
  • ٠٢:٢٨
  • الاربعاء , ١١ يوليو ٢٠١٨
English version

عن أي انتماء تتحدثون؟

أماني موسى

مساحة رأي

٢٦: ١١ ص +02:00 EET

الاربعاء ١١ يوليو ٢٠١٨

تعبيرية
تعبيرية

 بقلم – أماني موسى

أثار قرار السيدة وزيرة الصحة بإذاعة السلام الوطني يوميًا وتعميم هذا القرار بجميع المستشفيات سخرية الكثيرين، ولكنها السخرية المبكية، عن أي وطنية وانتماء يتحدثون؟ هل الانتماء يُخلَق لدى المواطن بأغاني وكلمات رنانة؟ ما كان حد غلب.
 
ما كان حدث ما حولنا من دمار وتآمر الشعوب على أراضيها وتسليمها للمحتل، ما كان حدث ما حدث بسوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرهم، وكان جميع المسؤولين في هذه الدول شغلوا أغاني وطنية لإثارة الحماس الوطني، تاهت ولقيناها.. لو كانت الوطنية هكذا ما رأينا هذا الكم من الخراب والدم والموت حولنا.
 
الشعور بالانتماء لدى المواطن يُخلَق من أمور عدة، تراكمية وليس وليد اللحظة وانفعال المشاعر بأناشيد مع تكرارها تفقد قيمتها وتأثيرها أيضًا، كأن يجد خدمة طبية آدمية ولن نقول مميزة، حين يمرض هو أو أحد أفراد أسرته، أن يجد طاقم تمريض يقوم بواجبه الإنساني قبل المهني، وتخفيف العبء على أهل المرضى، لا أن يكونوا مثل البلاعة كل خطوة بفلوس وإلا مالناش دعوة، لا أن يكونوا غير مبالين بالمريض كحادثة طفلة "الكانيولا" التي فقدت ذراعها نتيجة إهمال التمريض ووضع الكانيولا بشكل خاطئ.
 
الانتماء يخلق من الشعور بأنه مواطن فعال ومؤثر وليس على الهامش، لا يلجأوا إليه إلا قبل الانتخابات أو ما شابه.
 
الانتماء يخلق من المساواة وحصول كافة المواطنين على فرص جيدة للحياة، المسيحي كالمسلم، صاحب الإعاقة كما السليم، الإنثى كما الذكر، الفقير كما الغني، وغيرهم.
 
مؤخرًا شاهدت فيديو لفتاة تدعى ريم يحيى، يطلق عليها المجتمع المعاق أنها معاقة، وهي في حقيقة الأمر صاحبة قدرات خاصة، مقبلة على الحياة ولديها أحلام وطموحات تسعى لتحقيقها، لكن هذه الطموحات تصطدم بالواقع المؤسف والرفض حتى من قبل مؤسسات وزارة التضامن الاجتماعي، فهي لا تصلح إلا لأن تعيش وتموت كما هي دون أن تصدع أحد بمشاكلها أو مشاكل من هم على شاكلتها.
 
ظهرت في فيديو لا يتعدى الدقيقتين بدت فيه بيأس واضح، متساءلة عن 15 مليون مواطن لديهم ذات الظروف، دون أي اهتمام من الدولة، وتوجهت بسؤالها للرئيس: أين عام 2018 الذي أطلق عليه أنه لذوي القدرات الخاصة؟


 كما شاهدت فيديو لرجل يقوم بقتل كلب صغير "جرو" دهسًا بسيارته بمنتهى الوحشية والإجرام واللا ضمير، وبقدر ألمي على ما شعرت به هذه الروح المسكينة البائسة، بقدر ألمي على هذا المجتمع الذي بات العنف والوحشية جزءًا طبيعيًا من سلوكه، وباتت الرحمة هي الاستثناء، ولكن المجتمعات تدار بالقانون وليس بالمشاعر الحب والكراهية، وتساءلت إن أردت أن أقاضي هذا الرجل هل هناك قانون يقر بحماية الحيوان في مصر؟ الإجابة لا ، هل هناك عقوبة مقررة على هذا الفعل اللا إنساني واللا أخلاقي؟ الإجابة أيضًا لا، بل المدهش أن المحافظين وهيئة الطب البيطري تقوم بنفسها بهذه المهمة بطرق مختلفة، من خلال سم الكلاب بسم محرم استخدامه دوليًا، ويمكن أن يؤدي إلى وفاة البشر بالإضافة إلى تأثيره الضار على التربة، فإن كان رب البيت بالسم ضاربًا فشيمة أهل البيت هي القتل.
 
استغاثات للرئيس ومجلس الوزراء والبرلمان دون أي جدوى.. لا قانون، لا عقوبة لمن يسم، لا عقوبة لمن يدهس، بل أن كل هذا يتم برعاية المسؤولين. 
 
وبعد أن يقتلوا أرواح الأبرياء يغسلوا أيديهم ويتجهوا للصلاة طالبين من الله الرحمة!
 
أذكر موقف أثناء إطعامي لكلاب الشوارع، ظهر شيخ يرتدي عباءة بيضاء قصيرة ونهرني على ما أفعل صارخًا، الكلاب بتنجس المكان والملايكة بتهرب من المكان اللي هي فيه.
 
لأجد في الصباح التالي الكلبة التي كنت أطعمها وأطفالها الصغار جدًا غير موجودين، قام الشيخ الطيب بقتلهم، ثم توجه للصلاة.
 
والسؤال: إن كانت هذه هي الشعوب المؤمنة التي تحيطها الملائكة ولا يوجد بها نجاسة ولا تعرف غير الإيمان والتدين، وبها هذا الكم من الحروب والدمار والدم والقتل والتشريد والاغتصاب، والدول الكافرة بها هذا الرخاء والآدمية، فعلينا مراجعة مفاهيمنا عن الكفر والإيمان.
 
نظل ندور في دائرة مفرغة، نلف لنعود لذات النقطة بل نتراجع، ثم يسألوننا عن الانتماء والوطنية.. على رأي أحدهم "الوطن للأغنياء والوطنية للفقراء".
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع